ترامب يلغي حق الجنسية بالولادة والقضاء يوقفه
سئل الفيلسوف أرسطو ذات يوم: من يصنع الطعاة؟ فأجاب علي الفور قائلا: ضعف المظلومين, والمظلوم هو كل من ينتهي حقه القانوني والدستوري
والإنساني ولا يجد من يرده, بين أولئك المظلومين عشرات الآلاف الذين عشش الحلم الأمريكي في قلوبهم, شددوا الرحال وهاجروا, ومازالت أوضاعهم غير قانونية إذ تستغرق سنوات من الجهد والكفاح, لكن برجماتية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حينما تزاوجت مع سلطة العرش الأمريكي أنجبت إنتهاكا صارخا للدستور الأمريكي بإلغاء حق الجنسية بالولادة,الذي كانت تمنحه أمريكا لأي طفل يولد علي أرضها حتي لو صدفة.
طالما آمن الأمريكيون بأن الأطفال يحملون براءة لا تعرف الحدود أو القوانين, تلك البراءة باتت مهددة بشهوة ترامب في إرضاء قاعدته السياسية من متشددي الرؤي, والذين لا يرون في الإنسان سوي جنسيته أو وضع والديه القانوني, لذلك أثار قرار ترامب بإلغاء حق الجنسية بالولادة موجة من الغضب والجدل,لأنه لا يمس فقط أحلام الآلاف من الأطفال الأبرياء, بل يهز الأسس الإنسانية والدستورية التي قامت عليها الولايات المتحدة, كيف يمكن لبلد بني تاريخه علي احتضان المهاجرين أن يتحول إلي منبر للتمييز والإقصاء.
ترامب يريد إلغاء حق نيل الجنسية بالولادة للأطفال المولودين علي الأراضي الأمريكية لأبوين مهاجرين غير شرعيين أو زوار مؤقتين, هذا القرار الذي ولد في اليوم الأول لرئاسته أثار موجة من الغضب والانتقادات, وأدي إلي مواجهات قانونية حادة انتهت بتعليق مؤقت للقرار من قبل قاض فيدرالي.
منذ توقيعه, وصف هذا القرار بأنه صفعة للدستور الأمريكي وتحديدا للتعديل الرابع عشر, الذي ينص بوضوح علي منح الجنسية لأي شخص يولد في الولايات المتحدة, التعديل, الذي أقر عقب الحرب الأهلية لترسيخ حقوق المواطنة, يمثل حجر الزاوية للعدالة والمساواة في الولايات المتحدة. تصريحات قاضي المحكمة الجزئية, جون كوفنور,بأن الأمر التنفيذيمخالف للدستور علي نحو صارخ ليست مجرد كلمات بل إدانة لحجم التجاوز القانوني الذي حاول ترامب فرضه علي نظام ديموقراطي متجذر في حماية الحقوق الأساسية.
الأمر لم يقتصر علي استهداف أطفال المهاجرين غير الشرعيين, بل تجاوز ذلك ليشمل المواليد من زوار مؤقتين دخلوا الولايات المتحدة بشكل قانوني, مثل الطلاب, والسياح, والعمال المؤقتين.هل يعقل أن يحرم طفل برئ, لايملك الخيار في مكان ولادته, من حقوقه الدستورية فقط لأن والديه لم يكونا مواطنين دائمين؟ هذا القرار لا يعكس فقط غياب الإنسانية,بل يشوه أيضا صورة أمريكا كأرض للفرص والمساواة, ويعكس مدي التناقض بين أجندات النظام الأمريكي خارج حدوده والتي تستند إلي الدعوة للعدالة والمساواة والحرية وبين ما يتم تطبيقه علي أرض أمريكا علي يد ترامب.
ترامب, الذي جعل الهجرة محورا لحملاته الانتخابية, استخدم هذه القرارات لإرضاء قاعدته السياسية دون أي اعتبار للآثار طويلة المدي, ودون اعتبار لأن استهداف المهاجرين ومحاولة تقويض حقوقهم الدستورية يعزز الانقسامات لكونه سياسة تمييزية تهدد النسيج الاجتماعي الأمريكي, ترامب ومن يؤيدونه يتناسون أن أمريكا بنيت علي أكتاف مهاجرين من جميع أنحاء العالم لحسن الحظ, كان هناك رد فعل حاسم من النظام القضائي وعدة ولايات بقيادة ديموقراطية, حيث رفعت 22 ولاية دعاوي قضائية لمنع تطبيق القرار. هذه الجهود أظهرت أن هناك من لايزال يؤمن بالدستور ويرفض تحويله إلي أداة سياسية.
ورغم أن قرار ترامب بإلغاء حق نيل الجنسية بالولادة تم إيقافه, إلا إنه يعكس شكل المرحلة القادمة من تاريخ أمريكا تحت حكم ترامب, الذي يسعي بكل قوة لتقويض المبادئ الأساسية التي تجعل أمريكا ما هي عليه حتي الآن, وتحميها من الدخول في دائرة الصراع والانقسامات الداخلية, كأي دولة شرق أوسطية.
Source: Upload One