مؤمن الجندي يكتب: الهروب العظيم

مؤمن الجندي يكتب: الهروب العظيم

في عالم يتنفس الرتابة، ويمضي على عكاز العادة، يولد أشخاص لا يطيقون السكون في قفص المألوف، ولا يرضون بأن يكونوا نقطة في بحر التقليد.. هؤلاء لا يكسرون القواعد عبثًا، ولا يتمردون لمجرد التمرد، بل هم عازفون منفردون في أوركسترا الحياة، يعزفون لحنًا مختلفًا، قد لا يفهمه الجميع، لكنه يوقظ شيئًا خامدًا في أعماق من يصغي إليه.

إنه الذي يفكر خارج الصندوق، ذلك الشخص الذي يرى في كل عائق فرصة، وفي كل قاعدة احتمالًا للخرق، وفي كل خط مستقيم إمكانية للانحناء.. لا يهاب نظرات الدهشة حين يختار طريقًا لم يسلكه أحد، ولا يكترث للأصوات التي تهمس “لماذا لا تفعل كما يفعل الآخرون؟” فهو لم يُخلق ليكون رقمًا في معادلة محفوظة، بل ليكون هو المعادلة ذاتها.

الروتين قاتل صامت، يسرق من الإنسان شغفه قطرة قطرة، حتى يصبح جزءًا من آلة تدور بلا غاية! لكن المفكر خارج الصندوق يدرك أن الخطر الحقيقي ليس في الفشل، بل في الرضا بالمألوف، والاستسلام للطرق التي شُقت من قبله دون أن يسأل هل هذا هو السبيل الوحيد؟

وفي مشهد يعكس قدرة الإعلام الرياضي المصري على الوصول إلى القامات الكروية العالمية، شاهدت استضافة الإعلامي كريم رمزي، عبر شاشات ماسبيرو بالقناة الأولى، الرئيس السابق لنادي ريال مدريد، رامون كالديرون، في لقاء حمل بين طياته الكثير من الكواليس والرؤى حول أحد أعظم أندية العالم، لم تكن هذه المرة الأولى التي ينجح فيها رمزي وفريق عمله “المختلف” خاصة الزميل العزيز أحمد عبد العال، في جذب الأسماء اللامعة من الملاعب الأوروبية إلى الإعلام المصري، إذ عوّد جمهوره على استضافة نخبة من النجوم والمسؤولين البارزين، مقدمًا محتوى يربط بين الشغف المحلي وكواليس الكرة العالمية، ليؤكد أن ماسبيرو لا يزال نافذة قادرة على التواصل مع كبار اللعبة على الساحة الدولية.

الهروب من دوائر التكرار

حين اخترع إديسون المصباح، لم يكن يبحث عن بديل للشمعة، بل كان يبحث عن فكرة لم تُخلق بعد.. حين قرر ستيف جوبز أن الهاتف ليس مجرد جهاز للاتصال، بل نافذة على العالم، لم يكن يُقلد من قبله، بل كان يخطو إلى المجهول، المفكر خارج الصندوق هو الذي يرى أبعد مما تراه العيون، ويفكر فيما لم يخطر على البال، وهذا ما أحبه وهو ما يرهقني في حياتي.

يعتقد البعض أن التفكير خارج الصندوق موهبة فطرية، لكنه في الحقيقة قرار واعٍ يتخذه الشخص كل يوم.. هو اختيار أن تتحدى المألوف بدلًا من أن تستكين له، أن تخاطر بأفكار جديدة بدلًا من أن تستنسخ أفكار غيرك، أن تكون أنت، لا انعكاسًا لمن سبقوك.

هل ترضى بأن تكون ترسًا في آلة، أم أن لديك الشجاعة لتحطم الصندوق وتخرج إلى فضاءٍ أوسع؟ لأن التفكير خارج الصندوق ليس رفاهية، بل هو الفرق بين أن تعيش حياة تقودها، أو أن تعيش حياة تقودك.

Source: الفجر الرياضي