أوكسفام: الآن فقط نكتشف حجم الدمار في غزة
قالت منظمة أوكسفام البريطانية إن إسرائيل دمرت أكثر من 80% من شبكات المياه والصرف الصحي في قطاع غزة، مما أدى إلى ظروف صحية كارثية.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية لدى أوكسفام في قطاع غزة كليمنس لاغواردا في بيان أمس الثلاثاء “الآن وقد توقفت القنابل بدأنا فقط للتو ندرك حجم الدمار الهائل”.
وأوضحت المنظمة أن إسرائيل دمرت 1650 كيلومترا من شبكات المياه والصرف الصحي.
وأشارت إلى أن السكان في شمال غزة وفي مدينة رفح جنوبي القطاع يعيشون على 5.7 لترات من المياه فقط يوميا، أي أقل من 7% من معدلات ما قبل الحرب. وقالت إن هذا لا يكاد يكفي لدفقة واحدة لتنظيف المرحاض.
وأعربت أوكسفام عن تطلعها إلى استمرار وقف إطلاق النار وتدفق الوقود والمساعدات حتى يتمكن الفلسطينيون من إعادة بناء حياتهم.
🚨 BREAKING: People in North Gaza and Rafah are surviving on just 5.7 litres per day – less than 7% of pre-conflict levels. That’s barely enough for a single toilet flush.
Read our full release: https://t.co/dLzGLFE1E8 pic.twitter.com/qOYNIx7OCc
— Oxfam International Media Team (@newsfromoxfam) February 18, 2025
في السياق نفسه، قالت المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية ليلى بكر إن مستوى الدمار بسبب الحرب على غزة على امتداد البصر.
ودعت بكر في مقابلة مع الجزيرة إلى تأهيل الظروف المعيشية لمساعدة أهل غزة على إعادة الإعمار وإعادة بناء حياتهم الطبيعية.
وأشارت إلى أن ارتباط الناس بالأرض ما زال قويا، رغم كمية الأنقاض والركام واحتشاد السكان في أماكن غير صالحة للعيش.
وقد أظهر تقييم أصدرته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي أن إعادة بناء غزة والضفة الغربية تتطلب 53.2 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، منها 20 مليارا خلال السنوات الثلاث الأولى.
وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، دخل اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل حيز التنفيذ بمرحلته الأولى التي تمتد 6 أسابيع، وذلك بعد حرب إبادة ضد قطاع غزة على مدى 15 شهرا أدت إلى استشهاد وإصابة أكثر من 160 ألف شخص، جلهم أطفال ونساء، ودمار هائل لم يعرفه العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
Source: Apps Support
منظمة: حرب إسرائيل على غزة تؤجج كراهية المسلمين في بريطانيا
ارتفع عدد الحوادث المناهضة للمسلمين في بريطانيا إلى مستوى قياسي جديد في 2024، وفقا لبيانات جمعتها منظمة “تيل ماما” التي قالت إن الحرب في غزة “أججت” الكراهية على شبكة الإنترنت.
وأضافت المنظمة أنها تحققت من 5837 حالة كراهية بحق مسلمين، وهي مزيج من الحوادث عبر الإنترنت والاستهداف الشخصي، العام الماضي، مقارنة مع 3767 في 2023، و2201 حالة في 2022.
وبدأت المنظمة جمع بياناتها عام 2012 باستخدام اتفاقيات تبادل البيانات مع قوات الشرطة في إنجلترا وويلز.
وقالت المنظمة في بيان “لقد أجج الصراع في الشرق الأوسط كراهية المسلمين على الإنترنت”، مضيفة أن “حرب إسرائيل وغزة وجرائم القتل وأعمال الشغب في ساوثبورت… خلقت زيادة في حالات كراهية المسلمين التي تلقت “تيل ماما” بلاغات عنها من 2023-2024″.
ووصفت مديرتها إيمان عطا الزيادة بأنها غير مقبولة ومثيرة للقلق العميق للمستقبل.
وتصف “تيل ماما” نفسها بأنها منظمة مستقلة غير حكومية تعمل على معالجة كراهية المسلمين.
وقد أظهرت بيانات منفصلة الأسبوع الماضي أن مستويات الكراهية تجاه اليهود في جميع أنحاء بريطانيا ارتفعت أيضا إلى مستويات قياسية في أعقاب حرب غزة التي شنتها إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقالت “تيل ماما” إن الزيادة في حوادث الكراهية التي استهدفت المسلمين ارتبطت أيضا بمقتل 3 فتيات صغيرات في بلدة ساوثبورت بشمال إنجلترا الصيف الماضي.
وانتشرت تقارير كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن القاتل، الذي حُكم عليه منذ ذلك الحين بالسجن لمدة 52 عاما على الأقل، كان مهاجرا مسلما “متطرفا”، مما أدى إلى أعمال شغب عنصرية شملت جماعات اليمين المتطرف والمناهضة للهجرة في جميع أنحاء بريطانيا.
واتضح لاحقا أن المتهم بطعن الفتيات فتى مسيحي مولود في بريطانيا ويبلغ من العمر 17 عاما، ويقيم في المدينة ذاتها، في حين لم تتعامل الشرطة مع الجريمة على أنها “عمل إرهابي”.
وقالت إيمان عطا “نحث المواطنين على الوقوف معا ضد الكراهية والتطرف، ونحث أصحاب النفوذ والسلطة العامة على التفكير في كيفية تأثير لغتهم على المجتمعات”، داعية إلى اتخاذ إجراءات حكومية منسقة لمعالجة كراهية المسلمين.
Source: Apps Support
ما أسباب ارتفاع أسعار الذهب؟ وهل ينصح بالاستثمار فيه حاليا؟
لقد كانت أسواق الذهب في عام 2024 محط أنظار العالم، حيث ارتفعت بنسبة 24%، وحقق المعدن الأصفر بداية استثنائية لعام 2025، ففي حين أن التوقعات العالمية كانت تشير إلى أن الذهب قد يصل إلى 3000 دولار للأوقية بنهاية العام الجاري، فاجأ الذهب الجميع باقترابه من هذا المستوى في فبراير/شباط 2025، متجاوزًا التوقعات وأصبح واحدًا من الأصول الأكثر طلبًا في العالم.
سجل الذهب في عام 2024 متوسط سعر للربع الرابع بلغ 2663 دولارًا للأوقية، ليصل متوسط السعر السنوي إلى 2386 دولارًا للأوقية وما لفت الانتباه خاصة هو ارتفاع الطلب على الذهب من حيث القيمة، إذ قفزت التداولات العالمية إلى مستويات تاريخية، مسجلةً قيمة ربع سنوية بلغت 111 مليار دولار، لتصل القيمة الإجمالية للتداولات في عام 2024 إلى 382 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ السوق.
المعدن الثمين، الذي لطالما اعتُبر ملاذًا آمنًا في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي، استمر في مسار صعودي لم يكن متوقعًا. ومع كل قمة جديدة يصل إليها، يتوقع العديد من المستثمرين والمتداولين حدوث تصحيح أو هبوط كبير، ولكن الذهب يثبت للجميع أنه لا يزال يواصل طريقه بثبات، مسجلًا قممًا جديدة في أسواقه.
في هذا المقال، سنناقش مجموعة من النقاط المهمة للمستثمرين والمستهلكين:
أسباب ارتفاع الذهب: سنستعرض العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي أدت إلى الارتفاع الملحوظ في أسعار الذهب، وتأثير هذه العوامل على أسواق المعادن النفيسة.
هل سيكمل الذهب رحلته؟
ماذا يفعل المستثمر والمستهلك في الشرق الأوسط تجاه الذهب؟
كما نلقي الضوء على دور الذهب في الثقافة الاستثمارية العربية ومدى فعاليته كوسيلة للحفاظ على الثروة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.
أولًا: أسباب ارتفاع الذهب
شهدت أسعار الذهب أخيرًا ارتفاعًا غير مسبوق، ما جعله محط أنظار المستثمرين والمستهلكين في العالم.
لكن، ما الأسباب وراء هذه الزيادة الكبيرة؟
الحقيقة أن صعود الذهب لا يمكن ربطه بعامل واحد فقط، بل هو نتيجة لتشابك عدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية تؤثر على الأسواق المالية.
من تصاعد التوترات السياسية العالمية إلى التقلبات الاقتصادية الإقليمية والدولية، يمر الذهب بفترات من التقلب مدفوعة بحالة عدم الاستقرار التي تسيطر على المشهد المالي العالمي.
وفي هذا الجزء، سنتناول أبرز العوامل التي أسهمت في ارتفاع أسعار الذهب، مع تحليل تأثير كل منها على مسار هذا المعدن النفيس في الوقت الحالي.
1- الأسباب الجيوسياسية
في عالم تتزايد فيه التوترات الجيوسياسية، يبرز الذهب كملاذ آمن للمستثمرين الذين يسعون للحفاظ على ثرواتهم من التقلبات العالمية ولعل أبرز العوامل التي أسهمت في هذا الارتفاع المتواصل في أسعار الذهب هي العقوبات الغربية على روسيا، وتداعياتها اللاحقة على الأسواق الدولية، إضافة إلى التحركات الإستراتيجية لبعض القوى الكبرى مثل الصين وعدم الاستقرار في مناطق جغرافية مختلفة سياسيا وعسكريا .
تجميد الأصول الروسية.. نقطة التحول
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 2022، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي سلسلة من العقوبات القاسية على روسيا، بما فيها تجميد جزء كبير من احتياطاتها النقدية المستثمرة في البنوك الأوروبية.
فقد بلغت الأصول المجمدة نحو 400 مليار دولار من أصل 624 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 65% من إجمالي الاحتياطي الروسي الخارجي. هذا التجميد كان له آثار كبيرة في إشعال موجة عالمية من القلق بشأن الاستثمارات في الأصول التي تخضع لسيطرة الغرب، مما دفع العديد من الدول إلى إعادة النظر في إستراتيجياتها الاستثمارية والاتجاه نحو ملاذات آمنه متعددة ومنها الذهب.
رد الفعل الصيني.. التحوط الذكي
في الوقت الذي أدت فيه العقوبات المفروضة على روسيا إلى توجيه رسائل تحذير واضحة إلى الاقتصادات الكبرى الأخرى، لم يكن بإمكان الصين تجاهل المخاطر المحتملة على استثماراتها الخارجية.
الصين، التي كانت تمتلك استثمارات ضخمة في السندات الأميركية تصل إلى تريليون دولار قبل بداية الأزمة الروسية الأوكرانية، بدأت منذ عام 2022 في تقليص هذه الاستثمارات تدريجيا.
وفي إطار سعيّها إلى التحوط من المخاطر الجيوسياسية، اتجهت الصين بشكل متزايد نحو شراء الذهب كوسيلة لتقليل تعرضها للضغوط الناتجة عن السياسات الأميركية.
وبحلول منتصف 2024، انخفض حجم استثمارات الصين في السندات الأميركية إلى 782 مليار دولار بنسبة تراجع بلغت قرابة 21% مما يعكس تحولًا إستراتيجيًا نحو الأصول ذات القيمة الثابتة مثل الذهب حيث ارتفعت احتياطات الذهب بمقدار 330 طنا (16.9% ارتفاع في حجم الاحتياطات) تقريباً في الفترة ما بين 2022 و2024.
هذه التحركات لم تقتصر على الصين فحسب، بل تبعتها العديد من الدول.
عدم الاستقرار السياسي الأوروبي
تعيش أوروبا منذ سنوات تحولات سياسية هامة ومن أبرزها ارتفاع النفوذ اليميني في العديد من العواصم الأوروبية، و”السلوك الترامبي” في الحكم الذي يهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي في القارة إضافة إلى فشل التعامل مع ملف الحرب الروسية الأوكرانية، مما جعل الوضع أكثر تعقيدًا.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه التحولات إلى تصاعد التوترات في السياسات الداخلية والخارجية ورفع حالة عدم اليقين السياسي، وعلى سبيل المثال ألمانيا، التي يتوقع دخول حزب البديل إلى الحكومة (في الانتخابات القادمة)، أو في رومانيا وبولندا، إضافة إلى التراجع السياسي والاقتصادي في فرنسا وإيطاليا.
لقد عززت التقلبات السياسية والاقتصادية في القارة الأوربية المخاوف بشأن استقرار النظام المالي الأوروبي، مما دفع المستثمرين إلى زيادة الطلب على الذهب كأداة للتحوط من المخاطر. إضافة إلى أن تلك التوترات قد أدت إلى تراجع قيمة العملات الأوروبية وتصاعد الضغوط على الأسواق المالية فيها.
العقوبات الأميركية وسلاح الدولار
تستخدم الولايات المتحدة الدولار الأميركي كأداة رئيسية للهيمنة على النظام المالي العالمي، مما يمنحها قدرة كبيرة على فرض عقوبات اقتصادية على الدول والشركات.
ويشكل الدولار أكثر من 60% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية كما يسيطر سيطرة شبه تامة على سوق التحويلات البنكية، مما يعزز قوة الولايات المتحدة في توجيه ضربات اقتصادية مباشرة للدول التي تتعارض مع مصالحها السياسية أو الاقتصادية.
ومن خلال هذه الهيمنة، تستطيع واشنطن تجميد الأصول الخارجية لدول معينة أو منعها من الوصول إلى النظام المالي الدولي، مما يؤثر تأثيرا كبيرا على اقتصاداتها وتجارتها. ولذلك، اتخذت العديد من الدول تدابير تحوط ضد العقوبات الأميركية، مثل بناء احتياطات ذهبية لتقليل الاعتماد على الدولار.
أزمة الديون الأميركية
رغم قوة الاقتصاد الأميركي، فإنه لا يزال عالقًا في دوامة خطر الديون التي تضخمت تضخما غير مسبوق، فتجاوزت 36 تريليون دولار في ديسمبر/كانون الأول الماضي. ومع وصول إدارة جديدة تتبنى شعار ضبط الإنفاق وتقليص العجز، يبدو أن السيطرة على الدين أصبحت أولوية، لكن حتى أكثر التوقعات تفاؤلًا تشير إلى تباطؤ نمو الدين العام وليس خفضه.
وفي ظل تقليص الإنفاق الحكومي وتسريح الموظفين، تواجه الإدارة تحديات إضافية قد تؤثر على استقرار الاقتصاد. ومع استمرار تراكم الديون بوتيرة قياسية، تزداد المخاوف بشأن التصنيف الائتماني الأميركي، خاصة بعد خفضه في النصف الثاني من 2023.
هذا الوضع قد يدفع المستثمرين إلى العزوف عن أدوات الدين الأميركية، والبحث عن ملاذات آمنة مثل الذهب، المعادن النادرة، والعقارات، في ظل تصاعد المخاطر الاقتصادية.
توترات الشرق الأوسط
تُعتبر منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق تأثيرًا في الاقتصاد العالمي، حيث يمر عبرها نحو 35% من النفط العالمي، كما أنها تُعد ممرًا حيويًا لـ 60% من تجارة النفط الدولية.
هذه المنطقة تتمتع بأهمية كبيرة في حركة التجارة العالمية عبر ممرات مائية إستراتيجية مثل مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس، حيث يمر منها نحو 40% من حركة التجارة العالمية.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع انطلاق عملية “طوفان الأقصى” وقيام إسرائيل بهجوم على غزة، شهدت المنطقة تصعيدًا كبيرًا في المواجهات بين المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. إضافة إلى التصعيد الأكبر بين إيران وإسرائيل، وظهور تدخلات غربية أميركية في المنطقة لدعم الكيان الإسرائيلي في مواجهته مع أصحاب الأرض.
توقف حركة ملاحة جميع أنواع السفن في البحر الأحمر بفعل المواجهات المتزايدة في المنطقة، أثار قلقًا دوليًا عميقًا بشأن استمرارية تدفق التجارة والسلع الأساسية. هذا الاضطراب في حركة الملاحة أصبح أحد العوامل التي دفعت المستثمرين إلى التحوط، مما ساهم في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن.
التوترات في شرق آسيا
ارتفاع المخاطر الجيوسياسية بسبب النزاعات المستمرة بين الصين وتايوان والصين والفلبين والاحتكاك غير المباشر بين الكوريتين والتوتر السياسي الذي شهدته كوريا الجنوبية زاد من القلق والتوتر في الأسواق الآسيوية مثل البورصات الصينية والأسواق الأخرى مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن أصول مستقرة مثل الذهب، الذي يحافظ على قيمته في الأوقات الصعبة.
مشتريات البنوك المركزية الآسيوية:
ارتفعت مشتريات البنوك المركزية في آسيا إلى مستويات 394 طنا في عام 2024 منها 100 طن للصين فقط.
2- الأسباب الاقتصادية
هناك أسباب اقتصادية أدت إلى زيادة الطلب على الذهب بعضها يتعلق بسلوك الدول ومخاوفها الاقتصادية المستقبلية وأخرى تتعلق بسلوك المستثمرين ورؤيتهم المستقبلية وثالثة ترتبط بنمو صناعات يزداد فيها الطلب على الذهب وسوف استعرض أهمها:
الحرب التجارية
تمثل السياسات الاقتصادية العالمية، وخاصة نهج التعريفات الجمركية الذي تبنّاه الرئيس الأميركي ضد الدول التي تحقق فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة أو تمتلك موارد طبيعية يسعى لاستغلالها، (تمثل) حالة من الاضطراب الاقتصادي.
وهذه السياسات لا تؤدي فقط إلى زيادة التوتر بين الدول، بل تؤثر أيضًا على استقرار كبرى الشركات العالمية، كما أن استمرار هذه السياسات دون ضبط قد ينعكس سلبًا على الاقتصاد العالمي بأسره، بما فيها الاقتصاد الأميركي نفسه، مما سيؤدي في النهاية إلى تداعيات خطِرة على الأسواق الدولية ومزيد من التوجه إلى الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب.
التوقعات بارتفاع التضخم
من المتوقع أن تؤدي سياسات ترامب التجارية في نهاية المطاف إلى ارتفاع أسعار السلع والمنتجات داخل الاقتصاد الأميركي والعالمي. وكما هو معروف، فإن التضخم يُعدّ من أكبر العوامل التي تؤدي إلى تآكل الثروات والقوة الشرائية، مما يدفع المستهلكين والمستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة للحفاظ على قيمة أموالهم، مثل الذهب والعقارات وغيرها من الأصول ذات القيمة المستقرة.
ومع التوقعات الحالية التي تشير إلى أن هذه الرسوم ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، بدأ العديد من المستثمرين في التحوط ضد هذه الارتفاعات بزيادة الطلب على الذهب.
مسار خفض الفائدة
في نهاية فترة رئاسة جو بايدن، بدأ الاحتياطي الفدرالي الأميركي في مسار خفض أسعار الفائدة استجابةً لمؤشرات اقتصادية متعددة وتأثير هذا الخفض على أسعار الذهب كان ملحوظًا.
وعادةً يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تقليل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب، مما يزيد من جاذبيته كملاذ آمن. وفعلا، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا، إذ وصلت إلى مستويات قياسية جديدة بعد هذا القرار.
وعلى الرغم من التوقعات بارتفاع التضخم وتصريحات رئيس الفدرالي الأميركي جيروم باول بأنه “لا يحتاج إلى التسرع في تعديل أسعار الفائدة” إلا أن الأسواق لا تزال متفائلة بعض الشيء باستمرار هذا النهج حتى ولو بوتيرة متباطئة مقارنة بما كان متوقعا سابقا، ما قد يدفع باتجاه مزيد من انخفاض قيمة الدولار واتجاه المستثمرين إلى زيادة حيازتهم الذهب.
مشتريات البنوك المركزية والاستثمارات
تقود البنوك المركزية، ومستثمرو صناديق الاستثمار المتداولة، الطلب العالمي على الذهب، وحسب توقعات مجلس الذهب العالمي فإن البنوك المركزية واصلت قيادة السوق، وجمعت الذهب بوتيرة قياسية في الأعوام الأخيرة، حيث تجاوز حجم الشراء 1000 طن للعام الثالث على التوالي (1044.63 طنا)، مع تسارع الشراء بشكل حاد في الربع الرابع من 2024 إلى 333 طنًا إضافة إلى أن الاستثمار في الذهب وصل في 2024 إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات عند 1180 طنًا بزيادة بنسبة 25%.
وبناء على تقرير لمجلس الذهب العالمي ارتفع إجمالي الطلب على الذهب إلى 4974.5 طنا في عام 2024 مقابل 4945.9 طنا في عام 2023 وبمقدار زيادة بلغ 28.6 طنا من الذهب خلال عام.
زيادة الإنفاق على المجوهرات
بلغ الطلب على المجوهرات 1877 طناً، إذ لم يتمكن المستهلكون من شراء سوى كميات أقل نظرا لارتفاع الأسعار، ومع ذلك، قفز الإنفاق على المجوهرات الذهبية بنسبة 9% إلى 144 مليار دولار وفقا لمجلس الذهب العالمي.
الطلب من قطاع التكنولوجيا
بفعل النمو المتصاعد في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بدأ استخدام الذهب بكثافة في العديد من الصناعات المختلفة المرتبطة بالتكنولوجيا سواء الهواتف المحمولة أو غيرها.
ووفقا لمجلس الذهب العالمي فقد جاء الطلب السنوي على الذهب من التكنولوجيا مرتفعاً حيث نما بمقدار 21 طناً بنسبة 7% في عام 2024، مدفوعاً إلى حد كبير بالنمو المستمر في تبني الذكاء الاصطناعي.
وبعد استعراض أهم الأسباب الجيوسياسية والاقتصادية لارتفاع الذهب.
سنتطرق إلى الإجابة عن السؤال الثاني:
ثانيا: هل سيكمل الذهب رحلته؟
حتى كتابة هذا التقرير لم تختفِ أي من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الذهب، لذلك سيظل الذهب رهينة المستجدات والتطورات المستقبلية، ومع اعتلاء البيت الأبيض إدارة أميركية جديدة أكثر شعبوية نتوقع أن تؤثر على الاقتصاد العالمي مما يزيد من حجم التقلبات وهذا يدفع المستثمر والمستهلك إلى التحوط إلى حين الاستقرار.
وفي ظل التطورات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية، من المتوقع أن يظل الذهب محور اهتمام المستثمرين، حيث تتأثر تحركاته بعدة عوامل رئيسية، مثل التوترات الجيوسياسية والسياسات النقدية للبنوك المركزية، ومعدلات التضخم في مناطق مختلفة من العالم.
وقد يظل الذهب أداة جذب رئيسية للتحوط ضد التقلبات الاقتصادية، ولهذا يبقى المشهد العام مرهونًا بالتطورات العالمية، مما يجعل الذهب في مركز اهتمام المستثمرين الذين يسعون إلى تحقيق التوازن بين المخاطر والعوائد في ظل بيئة اقتصادية متغيرة.
ثالثا: ماذا يفعل المستثمر والمستهلك في الشرق الأوسط تجاه الذهب؟
تختلف طبيعة المستثمر في المنطقة العربية والشرق الأوسط وفقًا لعدة عوامل رئيسية، منها الوضع الاقتصادي الشخصي، وحجم السيولة المتاحة، ومصدر الأموال -سواء كانت مدخرات شخصية أم تمويلًا خارجيًا- ومدى تقبله للمخاطر الاقتصادية والتقلبات الجيوسياسية في بلاده.
وفي نهاية المطاف، يبقى المستثمر رهينة للبيئة الاقتصادية التي يتحرك فيها، حيث تؤثر الأوضاع الداخلية والخارجية مباشرة على قراراته الاستثمارية.
وهنا نستعرض بعض الحقائق المؤثرة:
تراجع الإقبال على الذهب في 2024
تشير البيانات إلى أن المستهلك العربي تأثر بوضوح بالارتفاع الحاد في أسعار الذهب، ما انعكس على انخفاض الطلب على الحُلي والمصوغات الذهبية خلال عام 2024.
فقد بلغ حجم الطلب على الذهب المستخدم في المجوهرات نحو 157 طنًا، مقارنة بـ 171.5 طنًا في عام 2023، أي بتراجع نسبته 8% تقريبًا.
ولم يكن المستثمر العربي في العملات والسبائك الذهبية بعيدًا عن هذا الاتجاه، حيث انخفض حجم الطلب من 114.1 طنًا في 2023 إلى 109.5 أطنان في 2024، وهو انخفاض مماثل بنسبة 8% تقريبًا.
التفاوت الإقليمي في الطلب على الذهب
من الضروري الإشارة إلى أن هذا الاتجاه لا يسري بالتساوي في جميع أنحاء المنطقة، إذ تختلف أنماط الطلب بين دول الخليج، التي تتمتع بوفرة السيولة وسهولة الوصول إلى الاستثمارات الذهبية، ودول أخرى تواجه ضغوطًا اقتصادية تحدّ من قدرة مواطنيها على الاستثمار في الذهب. فعلى سبيل المثال، يبلغ المتوسط السنوي للطلب في دولة الإمارات 4.36 غرامات للفرد، ولا يتجاوز 0.8 غراما في بعض الدول الأخرى داخل الإقليم.
الذهب بين العقوبات والضغوط الاقتصادية
تلعب الأوضاع السياسية دورًا محوريًا في تحديد مستويات الطلب، إذ تدفع العقوبات الاقتصادية بعض الدول إلى زيادة الإقبال على الذهب كملاذ آمن، كما هو الحال في إيران التي قد تكون مسرحَ موجة قوية لشراء الذهب تحوطا من المخاطر. في المقابل، تواجه دول أخرى ضغوطًا اقتصادية تقلل من قدرة الأفراد والمستثمرين من شراء الذهب، مما يؤدي إلى تراجع الطلب في السوق المحلية.
الحذر والتحوط.. الإستراتيجية الأفضل
في ظل هذه المتغيرات، يبقى التحوط هو الإستراتيجية الأفضل، ومن الضروري توخي الحذر في طرق الاستثمار:
فمن غير الحكمة الدخول في استثمارات ذهبية باستخدام أموال مقترضة، إذ يؤدي ذلك إلى زيادة المخاطر بشكل كبير، خاصة في ظل التقلبات الحالية التي تجعل الأسواق غير مستقرة.
الاستثمار في الذهب يجب أن يكون قرارًا مبنيًا على إمكانيات مالية حقيقية، وليس على رهانات قد تكون مكلفة في حال حدوث أي تغيرات غير متوقعة.
الذهب يظل أداة رئيسية للتحوط وحفظ الثروة، لكن توقيت الاستثمار وآلياته يجب أن يُحددا بدقة، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية.
وبالنسبة للمستثمر العربي، فإن الموازنة بين التحوط من التقلبات وتجنب المجازفات غير المحسوبة تبقى مفتاحًا أساسيًا لاتخاذ قرارات استثمارية ناجحة.
Source: Apps Support
خطة ترامب مشوهة حتى في نظر إسرائيليين
ما إن أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب العنان للسانه حتى دخلت حلبة الصراع العربي الإسرائيلي مفاهيم ومصطلحات جديدة قديمة، أهمها خطة ترحيل سكان قطاع غزة وتعابير الجحيم المقبل.
ورغم أن هذه التعابير أبهجت قلوب وأسماع اليمين المتطرف في إسرائيل لأنها ذكرته بترانسفير الحاخام مئير كهانا وأطروحات الجنرال رحبعام زئيفي، فإنها أثارت قلق كثيرين لكونها إما غير واقعية وإما أنها تزعزع أركان المنطقة.
ومع ذلك وجدت حكومة نتنياهو نفسها في سباق مع الزمن للإفادة من هذه التعابير، وتحويل بعضها إلى خطة عمل. وهذا ما حاول فعله وزير الحرب المتطرف إسرائيل كاتس، الذي أعلن عن تكليف الجيش بمهمة تشكيل إدارة لتنفيذ خطة “الترحيل الطوعي” للفلسطينيين من غزة.
وواضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن ترامب استغل الأسابيع الثلاثة الأولى من رئاسته لإطلاق أفكار صدمت العالم بأسره لأنها لم تستند إلى وقائع ودراسات بقدر ما استندت إلى أهواء ونزعات. وحدث هذا في ما يتعلق بأوروبا وكندا والصين وأميركا اللاتينية.
وحسب محليين سياسيين، فإن ترامب أطلق سلسلة لا نهاية لها من الكرات المتدحرجة التي لا يرى أحد أن بوسعه ملاحقتها بشكل متوازن. بل إن بعضهم رأى أن مفاهيم وتعابير ترامب ليست مشتقة من عالم السياسة وإنما من عالم المياه والطوفانات. وقال هؤلاء إن أسلوب ترامب أقرب إلى استخدام الطوفان لما فيه من تأثير نفسي يشل حركة من يحاول إيقافه.
وهذا ما يلمسه العالم من كثرة العناوين الرئيسية الصادرة عن البيت الأبيض والتي تحتل الصدارة في وسائل الإعلام العالمية، وفي مقدمتها العناوين المتصلة بغزة. فمثل هذه العناوين في الغالب تشل الأصدقاء وتربك الخصوم، ويصعب على العاقل قراءة دوافعها ومدى جديتها.
وكان نتنياهو أول المستفيدين من هذا المنهج عند استقباله كأول زعيم أجنبي في البيت الأبيض. إذ ربما لم يخطر ببال نتنياهو أن ترامب بمشاريعه وأقواله ينقل الصراع العربي الإسرائيلي إلى فضاء لم يسبق أن بلغه، وأن ذلك يزعزع كل عوامل الاستقرار في الشرق الأوسط.
فخطة ترامب لترحيل الفلسطينيين كشفت للعالم بأسره عمق هذه الرغبة ليس في قلب اليمين وحسب، وإنما في صفوف الجمهور الإسرائيلي برمته. فالاستطلاع الذي نشرته القناة 12 بعد أيام من عرض الفكرة أظهر أن 69% من الإسرائيليين يؤيدون خطة ترامب.
وهذا يعني فعليا أن خطة ترامب أنهت عقودا من إنكار إسرائيل سعيها للطرد الجماعي للفلسطينيين، في الماضي من مناطق 48 واليوم من غزة وغدا من الضفة الغربية وبعدها من داخل إسرائيل نفسها. وطبيعي أن هذا ليس أبدا تفكيرا خارج الصندوق وإنما تفكير خارج العقل أصلا.
والواقع أن خطة ترامب أثارت حنق كل من يعتبر عاقلا في إسرائيل لأنها في نظرهم -عدا كونها جريمة حرب في نظر القانون الدولي- وصفة لتوحيد الصف العربي ضد إسرائيل. كما أنها مقدمة لصراع ليس هناك أفق البتة لإيقافه على المدى البعيد.
وقد حذر من عواقب الخطة رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الجنرال شلومي بيندر، مما أثار ضجة في الحلبة السياسية. ورغم أن التحذير من مهام رئيس الاستخبارات العسكرية، فإن وزير الحرب كاتس حذر ضباط الجيش من التحدث ضد الخطة “العظيمة التي عرضها الرئيس الأميركي ترامب”.
ومع ذلك حاول نتنياهو تلطيف خطة ترامب بأن أعلنها خطة للترحيل الطوعي. إذ قال في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى في الولايات المتحدة إن “الرئيس ترامب قدّم رؤية جديدة جريئة والخطة الوحيدة التي أعتقد أنها يمكن أن تنجح في تمكين مستقبل مختلف لشعب غزة ولشعب إسرائيل، وللمناطق المحيطة بها. لماذا لا نمنح شعب غزة خيارا؟ الجميع قال إنها أكبر سجن مفتوح في العالم؟ ليس بسببنا. نحن نسمح للناس بالمغادرة. (..) ليس الترحيل القسري، وليس التطهير العرقي. في الحروب يغادر الناس”.
واضحٌ أن تهديدات ترامب ومطالباته بالاستيلاء على غزة وتهجير شعبها وإنشاء “ريفيرا” باتت قضية بالغة السخونة في إسرائيل وهي تمس في ترجمتها التطبيق النهائي لاتفاق وقف النار بمرحلتيه الأولى والثانية. وثمة في إسرائيل من باتوا يعتقدون أن تلكؤ حكومة نتنياهو في إنجاز الاتفاق يدفع إدارة ترامب لاتخاذ قرارات بهذا الشأن بدلا عنها.
صحيح أن هناك من يعتقد أن ترامب، عبر وكيله الحصري ستيف ويتكوف، صار يتخذ القرارات، وأن نتنياهو وحكومته باتوا من ينفذون القرارات. وهذا ما حدث في كل ما يتعلق بإبرام الاتفاق أصلا وبتنفيذ مرحلته الأولى وببدء التفاوض على المرحلة الثانية. وكل ذلك يجري في ظل إطار خطة ترامب ترحيل الفلسطينيين.
وهذا ما حدا ببعض المعلقين الإسرائيليين للقول بأن خطة ترامب ليست أكثر من ستار دخاني، انطلاقا من رؤيتهم بأن إسرائيل فشلت إستراتيجيا وإن نجحت تكتيكيا. ويرى هؤلاء أن اللعب بعصا التهدئة (الهجرة الطوعية لسكان غزة وفق خطة ترمب) قد يتبين أنه ستار دخاني آخر للفشل العسكري السياسي للحرب: فإسرائيل لم تطح بنظام حماس عسكريا ومدنيا، كما حددت الحكومة ذلك هدفا رسميا، لكنها تقترب من تحقيق الهدف الأكثر إلحاحا وتواضعا من الأهداف، وهو عودة الأسرى في الصفقة مع حماس إذا تم تنفيذ المرحلة الثانية بالفعل.
وقبل أيام رأت افتتاحية “هآرتس” أن خطة ترامب ليست أكثر من مشروع مشوّه من كل الزوايا المحتملة. وقالت إن “التفكير في أن يفرغ الجيش الإسرائيلي قطاع غزة من مليونين من سكانه، ينقلهم إلى مصر، وإلى الأردن وإلى بضع دول أخرى، ويقدم القطاع إلى الولايات المتحدة نقية من الناس كساحة كبرى للبناء كي تبنى فيها “ريفيرا” أميركية للشرق الأوسط، هو تفكير لا أساس له. ما ليس كذلك هو الاحتمال الخطير الكامن في الخطة لتخريب اتفاقات السلام لدولة إسرائيل مع مصر والأردن”.
وحذر الجنرال عاموس جلعاد الذي تولى لمدة طويلة مسؤولية الجانب السياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية وكتب في “يديعوت” أنه “من المهم التجرؤ على القول: لا يوجد أي احتمال بأن تنجح خطة ترامب، كون مصر والأردن تريان في القضية الفلسطينية خطرا من الدرجة الأولى على أمنها القومي”.
وأضاف أن “المملكة الأردنية الهاشمية، التي تشكل لإسرائيل عمقا إستراتيجيا ومجال أمن حيويا، غير مستعدة بأي شكل من الأشكال لأن تستوعب فلسطينيين، خاصة أولئك الذين يعود أصلهم إلى غزة. في نظر الأردن، فإن خططا من هذا النوع لترامب هي جزء من مؤامرة لإقامة دولة فلسطينية بديلة على حسابها”.
ورأى أن المصريين من جهتهم “على مدى كل السنين منذ التوقيع على اتفاق السلام، يرون في القضية الفلسطينية مسألة مركزية وغير مستعدين بأي حال لاستيعاب فلسطينيين من غزة، وبالتأكيد عدم فعل ذلك من خلال خطة ترامب التي تسعى إلى إفراغ غزة من سكانها. قد يكون هذا حلما رائعا لكنه لن يتحقق، حتى لو عرضت على مصر مبالغ مالية كبيرة على سبيل الإقناع”.
كما أن ناحوم بارنيع، وهو كبير معلقي “يديعوت أحرونوت” وبعد أن عدد مثالب خطة ترامب، كتب أن “رؤية سموتريتش نعرفها: حرب مع العالم العربي والإسلامي، بمعونة الرب وبإسناد أميركا، تبيد فيها إسرائيل كل أعدائها وتحظى بمجيء المسيح وإقامة مملكته. رؤية ترامب متبلورة أقل. هو يستمد إلهامه من معارك قديمة لرعاة البقر ضد الهنود الحمر. البيض محقون ومنتصرون، الحمر أشرار ومهزومون.
في النهاية يتوطن المتبقون في محميات ويسمح لهم بنيل الرزق من الكازينوهات. لكن القرن الـ21 ليس القرن الـ19، الفلسطينيون ليسوا هنودا حمرا، والشرق الأوسط ليس الغرب القديم، هو قنبلة نووية موقوتة. بدلا من مساعدة نتنياهو على الاستقرار على أرض الواقع، ترامب يدفعه إلى الحد الأقصى”.
ويخلص إلى أن “ترامب يمكنه أن يغير رأيه: أن يفرض فجأة على نتنياهو أن يوافق على المرحلة الثانية في اتفاق الأسرى ويمنعه من استئناف القتال،… بالنسبة له الشرق الأوسط هو حقل تجارب؛ بالنسبة لنا هو حياة وموت: هذا كل الفرق”.
وفي رسالة حادة وجهها رئيس حركة “القادة من أجل أمن إسرائيل” الجنرال (احتياط) ماتان فيلنائي إلى الحكومة والجمهور، حذر من “عدم المسؤولية والتهور باستئناف الحرب” دون هدف إستراتيجي واضح. ووفقا لرسالته، فإن استمرار القتال سيؤدي إلى قتل الأسرى، وإرهاق الجيش الإسرائيلي، واحتلال دموي للقطاع بلا مخرج.
وفي الرسالة التي وقع عليها أيضا أكثر من 550 من كبار الأمنيين السابقين، ورد تحذير شديد اللهجة “إن استئناف الحرب من شأنه أن يؤدي إلى مقتل الرهائن، وإلى استمرار استنزاف الجيش الإسرائيلي على حساب الخسائر البشرية، وسوف يؤدي إلى احتلال دموي مستمر بلا نهاية في الأفق، وإلى خسارة فرص إقليمية غير مسبوقة”.
وبحسب فيلنائي، فإن الحكومة الإسرائيلية تعمل ضد إرادة الشعب وتستسلم لمطالب أقلية متطرفة، في حين تعمل على تعزيز أجندة “ضم الأراضي في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وإدامة الاحتلال في غزة، وتعميق الصراعات العسكرية”.
ويحذر فيلنائي من أن السياسة الحالية تقود إسرائيل “إلى احتلال دموي في القطاع، وكابوس أمني في الضفة الغربية، وعزلة إقليمية -بما في ذلك الدول المحبة للسلام- ودولية، وإرسال احتمالات تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية إلى مقبرة الفرص الضائعة”.
وذكّر آخرون بمآل مشاريع سابقة قبل ظهور نتنياهو وبن غفير. فرئيس حكومة إسرائيل الأسبق ليفي أشكول أيضا دشن مشروعا متكاملا لترحيل الفلسطينيين بعد احتلال القطاع في 1967. في حينه كان يوجد هناك 350 ألف فلسطيني تقريبا، الآن العدد ازداد بستة أضعاف تقريبا، أكثر من نصفهم هم أحفاد اللاجئين من النكبة الأولى.
عموما لم يبق في الساحة إلا سموتريتش الذي يدعو صبح مساء إلى احتلال غزة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها من جهة، ووزير الحرب يسرائيل كاتس الذي أعلن تشكيل دائرة في الجيش لتنفيذ أوسع عملية ترحيل “طوعي”.
ومثل هذا الإعلان يؤكد أن الترانسفير غدا سياسة حكومية رسمية، وأن مقاول التنفيذ هو الجيش الذي بيده إدخال أو منع المساعدات عن قطاع غزة، مما يعني تكثيف الضغط مستقبلا لجعل الحياة في غزة أمرا لا يطاق. لكن من يعرف ما مر على أهل قطاع غزة منذ النكبة عام 1948 وحتى الآن يصعب عليه تخيل فرص نجاح المشروع الجديد.
Source: Apps Support
البرد عدو السوريين الخفيّ
في رده على سؤال عن سبب انتسابه وهو شاب للحزب القومي السوري الاجتماعي رغم أنه معروف بازدرائه للسياسة وأهلها في كتاباته وأدبه؛ قال الأديب السوري الراحل محمد الماغوط إنه لفقره كان خلال صباه يلجأ إلى مكاتب الأحزاب ليتدفأ، وكان في مقر الحزب القومي السوري بمسقط رأسه في مدينة السلمية، “صوبيا”، وهي المدفأة التي تقي من برد الشتاء، ولم تتوفر عند غيره من الأحزاب، فانتسب إليه بحثا عن الدفء.
هذه الكوميديا الماغوطيّة السوداء تجسّد حال غالبية السوريين في بحثهم عن الدفء وقد فتك بهم البرد الشديد على مدى سنوات عديدة لا ترحم. ففي دمشق المنهكة التي تحاول أن تمسح عن وجهها قترة الظلم المتراكم، أعداء صامتون سوى ذلك النظام الذي ما تزال تركته الثقيلة تفتك بالسّوريين.
في تلك البيوت المتعبة التي لا تصدّ قرا ولا تردّ حرا ولا تملك أدنى مقومات عزل الحرارة، يعاني الناس من البرد الذي ينخر العظام، فيستقر فيها مورثا أهلها الأمراض والأسقام التي لا تخطر على بال.
في العادة، يعتمد السوريون على “الصوبيا”، وهي المدفأة التي تتغذى على المازوت (السولار)، لطرد البرد من البيوت في الشتاءات القارسة. وكانت المدفأة أنيس السوريين جميعا في عقود خلت، فلا تكاد تجد بيتا يخلو منها في الشتاء، غير أن هذا السلوك قد تأثر بسوء الوضع المعيشي الذي فتك بهم في العقد الأخير.
فالمحظوظ والثري وحده هو الذي يستطيع منذ قرابة 10 سنوات إلى اليوم تركيب مدفأة في إحدى غرف بيته، والجميع ينظر إليه نظرة غبطة لا تخلو من الحسد.
أما الغالبية العظمى من الناس، فإنها تقضي الشتاء من دون مدافئ أبدا ومن دون أية وسيلة تدفئة، وتعتمد في تدفئتها على تسميك الثياب ووضع قبعات الصوف في الرؤوس والتلفع بالأغطية، وكل هذا ما هو إلا وسيلة لتحصيل الدفء الذي يبقى بعيد المنال، لا تحظى به أطراف الأطفال المزرقة من شدة البرد، ولا يملك له الآباء والأمهات إلا نظرات الحسرة مع الحوقلة المنكسرة.
الدفء للمترفين
في بعض الأرياف، يعتمد الناس على مدافئ الحطب مما تسبب في عمليات قطع واسع وجائر للأشجار الحرجيّة، ومع ذلك فإن أسعار الخشب ليست في متناول غالبية الشعب المسحوق، إذ يصل سعر طن الخشب إلى 4.5 ملايين ليرة سورية، مما يجعل مدافئ الحطب هذه أيضا حكرا على ذوي الطَول، وغدا من يركّبها هم المترفون فقط، رغم أنها كانت -قبل أن يفتك النظام بما تبقى لهم من حول وقوة- مرفوضة لا يقبل بها عامة الناس.
ومن صور المأساة أن يعمد البعض من أجل تدفئة أطفاله الذين لا يحتملون البرد إلى تركيب مدفأة، لكنه يضع فيها بدل الوقود أكياس النايلون التي يجمعها من حاويات القمامة، وبإمكانك معرفة فداحة الأمر بمجرد السير في الشارع، لتخترق صدرك روائح النايلون المحروق والدخان الأسود الذي يؤذي الحيّ كلّه ولا يؤذي فاعله وحده.
قبل سقوط النظام، كانت المعضلة من شقين: الغلاء الفاحش للمازوت وعدم توفره، وبعد سقوط النظام مباشرة توفرت مادة المازوت بكميات كبيرة قادمة من لبنان ومن مناطق الجزيرة السورية، لكن هذا المازوت اتسم بسوء النوعية، فهو لم يخضع للمعالجة التكريرية المطلوبة، مما تسبب في سوء رائحته وتأثيراته الضارة على البيئة والمستخدمين.
هذا المازوت غالبا ما يباع على الأرصفة في مختلف شوارع وساحات دمشق، في عبوات سعتها 10 ليترات وسعرها 14 ألفا للعبوة الواحدة، وهو ما يقارب 14 دولارا، ورغم توفرها وسوئها، فإنّها أيضا ليست في متناول كثير من السوريين لعدم توفر السيولة المالية في أيديهم.
السوريون يتابعون أخبار النشرة الجوية، لكن لا تبهجهم أخبار المطر القادم ولا المنخفضات القطبية ولا الثلج ولا الجليد ولا صوت فيروز وهو يغني “تلج تلج عم تشتي الدنيا تلج”، وهي الأغنية التي كانوا يرددونها يوما ما بكل حبور وهم يتابعون صور الثلج أو المطر من جانب المدافئ التي كانت تشتعل قبل أن تغدو حلما ثقيلا.
Source: Apps Support
Assistant FM: Egypt stands firm against forced displacement of Palestinians
Assistant Foreign Minister for Human Rights Khaled al-Bakly reaffirmed Egypt’s firm stance against forced displacement of Palestinians from their land, reiterating Egypt”s continued support of Palestinians in Gaza.
During a meeting with an EU Parliament delegation led by MEP Iratxe García, el-Baqly stated that 70% of aid entering Gaza through Rafah comes from Egyptian civil society.
He stressed the need to apply international law equally in handling conflicts and welcomed continued dialogue with the EU.
Deputy Assistant Foreign Minister Wael Badawy highlighted burdens Egypt endure as a result of hosting over 10 million migrants and refugees and providing them with services despite economic pressures.
He called for global responsibility-sharing to sustain Egypt’s efforts.
The EU delegation acknowledged Egypt’s role in humanitarian aid and refugee integration. They stressed the importance of cooperation in skill mobility programs to support development.
After the meeting, they visited the Rafah border crossing and Arish Hospital, where they met Palestinian patients. They also toured a relief storage facility for Gaza aid.
Source: MENA
ملكنا منابر الجمعة فحررنا البلد.. قصة وزارة الأوقاف في إدلب
في الموعد المُحدد كنت على باب ديوان وزارة الأوقاف بجوار جامع العثمان بدمشق. هذه المرة الأولى التي أدخل فيها مبنى لوزارة الأوقاف. مبنى قديم مكون من ثمانية طوابق تغطيها صورة ممزقة لبشار الأسد وعلم سوريا القديم المتدلي على كل طابق من طوابق المبنى. وأمام الوزارة متظاهرون من أرباب شركات السياحة الدينية يعترضون على قرارات إصلاحية في ملف الحج والعمرة قام بها سامر بيرقدار مدير مديرية أوقاف دمشق الجديد. لم يُسمح لأحد من المتظاهرين بالدخول إلى مبنى الوزارة، ولم يقترب أحد منهم من المدخل، بينما تسللت أنا من جوارهم واقتربت من الباب.
“عندك موعد يا أستاذ؟” سألني الحارس بلطف.
“نعم” أجبته.
“من حضرتك؟”
يمكنك أن تقول لهم إن الصحفي الذي يُعِد ملفا عن الحالة الدينية في المُحرر قد وصل.
كان الحارس فتى إدلبيّا بسّامًا على مشارف العشرين، أخذ اسمي وتأكد من موعدي بجهازه “اللاسكلي” ثم رافقني إلى الأعلى.
“مبنى الوزارة كان هِبة كويتية للأوقاف لكن بشار جعل 75% من مرافقه لوزارة الاقتصاد، ورصدنا أن أغلب العاملين في مفاصل أوقاف دمشق من الطائفة العلويّة” همس لي الفتى الإدلبي وهو يسير بجانبي، وكأنه يريد فتح حديث معي حتى نصل إلى الطابق الثامن، حيث مكتب الوزير ومعاونيه.
كيف أغلب العاملين من العلوية وهي وزارة أوقاف سنية؟
“كانت البلد لهم يا أستاذ. عموما الكهرباء قاطعة، وسندخل من مدخل الوزير الخاص، لأن فيه مولد كهربائي خاص بالمصعد لا ينقطع” قالها بنبرة من يعتذر.
مدخل الوزير الخاص
قادنا انقطاع الكهرباء، إلى المدخل الخاص الذي كان يدخل منه محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف في عهد بشار، وهو سليل بيت في وزارة الأوقاف. فقد كان أبوه “عبد الستار السيد” وزير أوقاف حافظ الأسد من قبل. كان “محمد عبد الستار السيد” مديرًا لأوقاف دمشق إلى عام 2007، قبل أن يتولى الوزارة أواخر العام ذاته بدلا من سلفه زياد الأيوبي، الذي ينتمي إلى مدرسة مفتي سوريا السابق، الشيخ أحمد كفتارو. ومنذ تولي محمد عبد الستار منصبه، انقضت الهدنة التي كانت بين بشار والحالة العلمائية في الشام، وزاد الخناق على الجماعات العلمائية واعتقال بعض النافذين فيها، وإطلاق يد وزارة الأوقاف ضمن سياسات الوزارة التي هدف بها السيد إلى توسيع هيمنة الدولة على الحالة الدينية.
بقي السيد في منصبه 17 عاما كاملة، ورغم كل التقلبات التي شهدتها سوريا وعلى رأسها الثورة السورية إلا أن بشار كان مصرًا على بقائه طوال هذه المدة. كان الأسد يشيد بجهود وزارة الأوقاف كلما سنحت الفرصة، ويرى أنها رديف للجيش في الحرب على الإرهاب، ويعتبرها وزارة سيادية إلى جوار الداخلية والخارجية والدفاع، كما يقول محمد الجلالي، آخر رئيس وزراء لبشار الأسد.
دخلنا من مدخل الوزير الخاص، والذي كان متواضعا مقارنة بمداخل الوزراء في العالم. كان الظلام دامسا، فالكهرباء منقطعة عن المدخل أيضا كما هي مقطوعة عن الوزارة كلها، سوى المصعد الذي يعمل بمولد خارجي ويصعد منه الوزير ومعاونوه. صعدنا إلى الطابق الثامن، حيث مكتب الوزير. وجدت إلى جوار المصعد غرفة مليئة بالكتب التي طبعتها أوقاف الأسد في باب التجديد الديني ونبذ التطرف. وأول ما يلفت في هذه الكتب، أن أغلبها يحمل صورة بشار واسمه على غلافه. أخذت أربعة منها، وكان على غلاف الكتاب الأول صورة بشار الأسد وخلفه زخرفة دمشقية وعنوانه “إضاءات من فكر الرئيس بشار الأسد في الدين والفقه الإسلامي”، أما الكتاب الثاني فكان على غلافه صورة أخرى لبشار مع مسؤولي الأوقاف، وعنوانه “عوامل النهضة الإسلامية في لقاء الرئيس بشار الأسد بالسادة العلماء ورجال الدين وأئمة وخطباء المساجد والداعيات”، وكتاب ثالث مطبوع في ستينيات القرن الماضي بعنوان: “منهج المسلمين العلويين عقيدة وشريعة وتصوفا”. أما رابعها فعنوانه “دمشق بين الشيخ الأكبر ابن عربي وشيخ التكفير ابن تيمية” وقد وضع المصمم على اسم ابن عربي مسبحة، وعلى اسم ابن تيمية بندقية!
بعض مطبوعات وزارة الأوقاف في عهد الأسد (الجزيرة نت)
عند مدخل مكتب أمين الوزارة، استقبلني مستضيفي معرفًا عن نفسه: “أنا أبو علي، أحمد حلاق، مسؤول العلاقات العامة في وزارة الأوقاف، درست الشريعة وأكتب أطروحة الماجستير الآن”.
في أي مجال تخصصت؟ سألته.
“في الفقه” قال وهو يعدل جلسته “هل لي أن أستأذنك في مَد قدمي، فأنا مصاب بطلقتين في الفخذ من المعارك”.
ذكرتني كلمته تلك بكلمة مشابهة سمعتها من عميد كلية الشريعة في إدلب ياسين علوش حين قال لي: نحن مجاهدون أولا ثم طلاب جامعيون أو أساتذة أو مدنيون. وتكررت هذه الجملة على مسامعي من جُل من قابلتهم ضمن الحالة الدينية في إدلب، بدت تلك المقولة من سمات العمل الدعوي في سوريا الجديدة.
الأوقاف: توحيد المرجعية الشرعية للثورة
دخل الساعي بفنجانين من القهوة، أخذت رشفة، ثم سألت أبا علي: أريد أن أسمع عن المعارك التي لا تروى بين ضجيج السياسة ومدافع العسكر، أريد أن أسمع عن الحالة الدينية وكيف أدرتموها في المحرر، لنبدأ من البداية، لماذا أسستم وزارة أوقاف في إدلب، وكانت وقتها بقعة جغرافية صغيرة محاصرة في وضع حرب؟
اعتدل أبو علي في جلسته وقال لي: إلى عام 2017 كان كل شيء في إدلب يسير بعشوائية. كل فصيل يعمل بمفرده في الساحة وله مرجعيته الخاصة الشرعية به. الشيء الوحيد الجامع بين الفصائل هو مظلة الثورة السورية، لكن في عام 2017 تشكلت حكومة الإنقاذ في المحرر. كانت حكومة الإنقاذ مدنية وخدمية بالأساس وليست عسكرية. في الحقيقة كُنا نحاول تأسيس شبه دولة في المُحرر، ولكي تُشكل دولة عليك أن تؤسس قواعدها الفكرية، وهذه القواعد الفكرية لا بد أن تتوحد على المرجعية الشرعية، ومن هنا كانت فكرة وزارة الأوقاف ودورها في توحيد هذه المرجعية.
ماهي الفكرة التي جمعتم الناس عليها في وزارة الأوقاف؟
“جمعنا الناس على مقولة بسيطة، وهي أننا جميعا مسلمون. هذه مُسلمة أولى ننطلق منها. ثم علينا أن نُنحي الخلافات بيننا، ونتوحد جميعا على الجهاد في سبيل الله لإسقاط نظام الأسد قبل كل شيء!”.
هذا يعني أن وزارة الأوقاف في المُحرر كان هدفها ضبط مساحات التدين في هذه المنطقة. قلتُ معلقًا
“طبعا، كان أهم دوافع تشكيل وزارة الأوقاف في المحرر تشكيل مرجعية شرعية للثورة، وكانت البداية بالأئمة والخطباء، ثم تطورت الأمور مع الوقت حتى شمل عملنا كل شرائح المجتمع، أنا رسالتي للماجستير في موضوع قريب من ذلك، في نوازل الحكم والسلطة”.
كيف بدأتم العمل مع الأئمة والخطباء؟
“اتخذ النظام السوري الأئمة والخطباء رهينة له، لا يخرجون عنه، ومعاشهم من الدولة رأسًا، فأردنا قلب المعادلة. عندما دخلت الفصائل إلى المُحرر كان كل فصيل يسيطر على الوقف الذي في منطقة نفوذه، وعندما توحّدنا في المُحرر، كان أول شيء فعلناه هو ضم هذه الأوقاف إلى جهة مسؤولة عنها وهي وزارة الأوقاف، واستعادة الأموال الوقفية، وخلال عامين أو ثلاثة استعدنا الأوقاف المسروقة، ثم سيرناها بما يضمن استمراريتها بالاستثمار في مشاريع نوعية تعود عائداتها إلى هذه الأوقاف، وبالتالي استطعنا أن نضمن حالة مالية جيدة للعاملين في المجال الديني يعينهم على معايشهم.”
حدثني عن الأولويات والأهداف التي بنيتم عليها العمل، بعد تحقيق الكفاية والاستقلال المادي للعاملين في الوزارة؟
تأمل أبو علي الأهداف وكأنه يستعيد حوادث قصة قد شارك في صناعة أحداثها لكنه لم يُحدث بتفاصيلها من قبل. ثم اندفع قائلًا “لوزارة الأوقاف قبل التحرير أربعة مرتكزات أساسية قامت عليها، وأربعة مسارات سارت فيها. أما المرتكزات: فصناعة المرجعية الشرعية للثورة. وضم الأوقاف المسروقة لتعزيز الاستدامة المالية للحالة الدينية. والشمولية في التأثير المجتمعي والعسكري والسياسي. وتعزيز الشراكات مع المؤسسات المختلفة والجهات الخارجية.
كانت هذه الرباعية هي المنظار الأوسع الذي ننظر منه إلى المحرر، ونبني من خلاله شراكتنا ونضبط حركتنا، أما المسارات الأربعة التي سرنا فيها توازيا فهي: مسار رعاية الوقف واستثمار تنميته، ومسار المسجد والانطلاق منه، ومسار التعليم الشرعي لعموم الناس والنخب، ومسار التوعية والتوجيه المجتمعي.”
المسجد.. إعادة المركزية
ما البداية الفعلية التي شعر بها الناس لهذه المسارات الأربعة؟، سألته محاولا تخطي المقدمات النظرية.
أجاب بكلمة واحدة: “المساجد.”
“استثمرنا في الأئمة والخطباء أول ما استثمرنا. يزيد راتب الإمام في المُحرر 10 أضعاف في أقل تقدير على راتب إمام الأوقاف عند النظام. فالإمام مكفول ماليا بالمستطاع، وكلما طور من كفاءته الشرعية زادت كفايته المالية، ولذلك أنشأنا “صندوق كفالة طالب العلم” ليكفل الأئمة ويفرغهم للدعوة، وفي وزارة الأوقاف لا نأخذ قرشا واحدًا من الأوقاف، فرواتبنا من الحكومة، وأموال الأوقاف موقوفة على مصارفها الشرعية.”
كم مسجدا لديكم؟
“قرابة 2500 مسجد، ورممنا أكثر من 400 مسجد تضرر من القصف، وفتحنا قرابة 200 مسجد جديد، ولدينا أكثر من 4000 موظف في هيئة المساجد، وجاوزت فاعلياتنا المرصودة في المساجد 200 ألف فاعلية في المحرر، والمساجد عندنا لخدمة قضية أمتنا وإشعال روح الجهاد في المسلمين.”
ذكرني حديثه بكلمة لزعيم الحزب الشيوعي السوري خالد بكداش: لو يعطونا خطب الجمعة لحكمنا البلد.
كيف بنيتم خطة تفعيل المساجد، وما الذي دفعكم إليها؟
أرجع أبو علي ظهره إلى الخلف بعد أن كان يلقي أرقام المساجد بحماسة بين يديّ، ثم قال: “في عام 2022، وجدنا أننا إذا أردنا التأثير حقا في المحرر، فعلينا أن نتجاوز أثر خطبة الجمعة الأسبوعي إلى الأثر المستدام في كل فئات المجتمع، فقسمنا المجتمع إلى شرائح دعوية، ثم جعلنا لكل شريحة مديرية متخصصة، وهذه المديريات هي: مديرية شؤون الوقف، مديرية شؤون المساجد، مديرية شؤون القرآن الكريم، مديرية التعليم والمعاهد، مديرية شؤون المخيمات، مديرية التوعية الإلكترونية والفاعليات، مديرية شؤون الأسرة، مديرية التوجيه الجامعي، مديرية المؤسسات التربوية، مديرية التراخيص والمعاملات الوقفية إلى غير ذلك من مديريات متخصصة.
وكان لكل مديرية منها مساحة عمل تركز عليها مجتمعيا، فضلا عن المديريات المناطقية التي تخدم كل منطقة على حدة. لكن أهم مديرية من هذه المديريات هي مديرية شؤون المساجد. وإذا أردت أن تتعرف إلى النقلة النوعية لوزارة الأوقاف، فلتعلم أنها تبدأ بعد استقرار أمر المساجد وضبط خطب الجمعة فيها.
فمن المساجد انتقلنا إلى تقسيم المجتمع إلى شرائح للدعوة، وكانت أول شريحة للأئمة والخطباء، وبدون ضبط المساجد والأئمة والخطباء لم نكن نستطيع فعل أي شيء. كان عندنا هدف أن نجعل وزارة الأوقاف في المحرر ليست مجرد منبر ومحراب فقط، بل وزارة الأثر المجتمعي الممتد، فكان الإمام والمسجد هو البداية. ولذلك اعتنينا كثيرًا بمديرية شؤون المساجد وأسسنا ما يُعرف بـ “الأسرة المسجدية” وهي تجمع في مسجد الحيّ يرأسه إمام المسجد ويكون لهم برنامج متكامل أسبوعي، من زيارات وعزاءات وعيادة المريض ودروس خاصة بأهل الحيّ، وكنا نرى أن هذا هو رأس مالنا الأكبر.”
كيف كان وعي الأئمة والخطباء بهذه المهمة المنوطة بهم؟
“كنا جميعا في الوزارة نعمل لترسيخ هذه الثقافة المعيارية بين الأئمة والخطباء، وكنا نؤكد عليها مرة تلو أخرى، ونقدمها إليهم مكتوبة!.”
مكتوبة؟! … كيف مكتوبة؟
“نعم، لقد كتبنا عددا من الأوراق التي تتضمن المهام المرجوة من العمل المسجدي، وصفات الإمام الذي نُريده في المُحرر، وأدواره المختلفة، بل نبهنا أيضا إلى بعض الإرشادات والمحظورات، وسميناه “ميثاق العمل المسجدي”.”
هل لك أن تُطلعني على هذا الميثاق؟
أجاب بأريحيّة “هو غير منشور، لكني سأُطلعك عليه. وفي هذا الميثاق حددنا أدوار ومسؤوليات الإمام في المحرر.”
ما تلك الأدوار؟
“للإمام في المحرر 6 أدوار أساسية: دور شعائري، وآخر تعليمي، وثالث دعوي توعوي، ورابع اجتماعي، وخامس توجيهي قيادي إداري، وسادس اقتصادي.”
هذه أدوار كثيرة، كيف قدرتم على ضبطها؟
” لضبط عملية الرقابة على المسجد وتوحيد البوصلة نحو هدف التحرير، تصل المحظورات إلى 20 محظورا، لكني اختار محظورًا واحدًا أحدثك عنه، ألا وهو “الطعن في المجاهدين وبث الأراجيف والشائعات”، هذا ممنوع تماما، لأننا نُريد أن نُخرج أئمة مجاهدين، أو على الأقل مناصرين للمجاهدين وليسوا مفرقين لأمتهم!.”
معهد تكوين الأئمة والخطباء
خلع صاحبنا ساعته، وشعرت أن الحديث قد شابه شيء من الارتياح، فسألته وأنا أبحث عن مزيد بيان: إذا كانت هذه أدوار المساجد في المحرر، وهذه مهام ومحظورات الأئمة، فكيف تضمنون أن الأئمة كانوا مستوعبين لهذه المفاهيم؟
“كان همنا الأساسي هو تطوير الأئمة والخطباء لاستيعاب هذه المضامين، كان هدفنا أن نمكنهم من الفنون المختلفة التي يؤثرون بها في المجتمع، فدربناهم على دورات عدة، وأنشأنا لهم تطبيقا هاتفيا ليَنظم عمل الأئمة والخطباء في المديرية. ليس ذلك فحسب، بل حرصنا على تعريف الأئمة والخطباء على كل أهل المحرر.”
لماذا وكل إمام يختص بمسجده فقط؟
“عندنا مساجد مركزية في المحرر، هذه المساجد يتناوب عليها الأئمة والخطباء حتى لا يُستأثر بمنابر المساجد الكبيرة خطيب واحد. ثم إن الإمام يبقى في المسجد 6 أشهر ويُمدد له مرة واحدة ثم ينتقل إلى مسجد آخر!.”
ألا يهدم هذا التنقّل العلاقة المجتمعية بين الإمام وأهل المسجد؟
“لا، فالخير الذي عند الإمام ينبغي أن ينتقل إلى بقية مناطق المُحرر؛ تخيل لو أن الإمام بقي يكرر ما عنده في كل مناسبة، في رمضان والحج والعيدين، والإسراء والمعراج، وما إليه، فأين يسمع الناس الجديد؟ هذا الذي أفسد خطباء النظام، وأيضا إلى جوار الخطب، فعلنا المحاضرات والندوات في المساجد بشكل كبير.”
قد يبدو هذا التطوير في عملكم مشابهًا لبرامج في وزارات الأوقاف في العالم الإسلامي، لكن ما هي بصمتكم الخاصة في تقديرك في تكوين الأئمة والخطباء؟
“المعهد التخصصي لتكوين الأئمة والخطباء.” أجاب دون تفكير.
معهد تخصصي للأئمة والخطباء؟
“نعم، لقد أسسنا هذا المعهد، وهو معهد تابع فنيا لمديرية شؤون المساجد، لكنه إداريا معهد تعليم عالٍ تابع لوزارة التعليم العالي ويمنح المعهد دبلوم تأهيل وتخصص في الخطابة، ومن جمع مع هذا المعهد درجة من “المعهد التخصصي للقراءات” فيُمنح درجة الماجستير.”
قاطعته: ما هو المعهد التخصصي للقراءات؟
“سوف أحدثك عنه حين نأتي لمديرية شؤون القرآن. لكن دعني أحدثك الآن عن معهد تكوين الأئمة والخطباء. هذا المعهد غرضه الأساسي صناعة طالب علم واع ومتبصر بقضايا أمته حتى ينُافح عنها حين يصعد على المنبر. ولذلك فإننا ندرس الأئمة إلى جانب الخطابة والإمامة مواد تخدم أبواب السياسة والفكر والعسكر وبقية مؤسسات الدولة.”
لماذا يدرس الأئمة كل هذا؟ سألته مستكثرًا كثرة المعارف التي تدرس للأئمة.
“الطبيب يُسأل عن الطب، والنجار يُسأل عن النجارة، وكل صاحب مهنة يُسأل عنها، إلا الشيخ يُسأل عن كل شيء، يُسأل الشيخ عن الدين والسياسة والاجتماع والاقتصاد والأمن وكل شيء. ولذلك كان علينا في المعهد أن نُوفر شيئا من المعارف في كل هذه الأبواب. يأتي إلينا الطالب 4 أيام أسبوعيا، يبيت في المعهد ولا يذهب إلى بيته. في هذه المدة يتلقى الطالب على مدار الساعة محاضرات إثرائية في جميع هذه المجالات.”
كيف تمكنتم من تقديم محاضرات في تخصصات شتى في محافظة محاصرة؟
“كنا نستضيف الوزراء للحديث عن وزارتهم، والعسكر للحديث عن المعارك والتخطيط والصناعات العسكرية، وكنا نستضيف السياسيين والإعلاميين والشرعيين والمفكرين، كما أن الخطاب السياسي والاقتصادي والعسكري حاضر بقوة في هذا المعهد.
كم دفعة تخرجت؟
“خرجنا دفعتين من هذا المعهد قبل التحرير. كل دفعة فيها 100 إمام وخطيب.”
الثانوية الشرعية..في إعادة الاعتبار
غير معهد الأئمة والخطباء، هل أنشأت وزارة الأوقاف معاهد علمية أو محاضن تربوية لعموم الناس في المحرر؟، سألته مستزيدا من قصة مأسسة التعليم الشرعي في المحرر.
أطرق للحظات ليجمع أفكاره ثم قال: “أول شيء عملنا عليه كان إصلاح “الثانويات الشرعية”. لقد تسلمنا إدلب وفيها ثانوية شرعية واحدة مهملة من النظام، والآن عندنا 36 ثانوية شرعية في الفرعين العلمي والأدبي ويستفيد منها 5000 طالب وطالبة في المحرر، و12 معهدا وزاريا متوسط مدة التعليم فيها نحو سنتين، لإعداد مدرسين شرعيين ويستفيد منه نحو 2000 طالب. لم يكن عملنا في هذه المعاهد عشوائيا، فهذه المعاهد تشرف عليها وزارتا الأوقاف والتربية والتعليم معا. فالمنهاج الخاص بالشق العلمي تابع لوزارة التربية والتعلم، أما الإدارة والمنهج الشرعي فتابع لوزارة الأوقاف.”
طالما أن هناك إشرافا من الوزارة، فهذا يعني أن المُدرسين ليس لهم اجتهاد في المادة الشرعية التي يقدمونها للطلاب؟، كنت أسأله وأنا أستحضر المعركة بين السلفية والأشعرية التي تُذكى نارها من فترة إلى أخرى.
أجاب بنبرة حاسمة: “كلّا، المنهج موحد من لجنة مختصة من الأوقاف لتوحد المعايير العامة المشتركة بين الكل العاملين الدعويين في المحرر.
والمذاهب الفقهية؟ هل تدرسون فقه الدليل، أو تخرجون على المذاهب الأربعة؟
“هذه مسألة حسمناها أيضا؛ لأن أغلب أهل سوريا على مذهب الشافعي، فقد اعتمدناه مذهبا تعليميا في الفقه، فتستطيع أن تقول إن المذهب الشافعي هو مذهب المحرر.”
هذا يعني أن كل المعاهد التابعة لوزارة الأوقاف تدرس الفقه الشافعي فقط؟.
“لأن بعض المهاجرين من بيئات حنفية، وخاصة إخواننا التركمان، فقد رخصنا معهدا واحدا للمذهب الحنفي حتى لا يخالفوا معهودهم الفقهي في بلادهم. وعلى كل حالٍ من أراد أن يدرس مذهبا آخر فليدرس ما يشاء لا أحد يمنعه، إنما حديثنا عن المعاهد التي نركز عليها في معاهد الوزارة.”
وماذا عن الخلافات العقدية؟
“كنا نحارب هذه الظاهرة أشد المحاربة. عندنا معاهد مشهورة في المحرر اسمها معاهد “الإمام النووي” وهي معاهد يغلب عليها الطابع الصوفي الأشعري. صعد مرة أحد الخطباء المنبر وحذر منهم ورماهم بالبدعة، وكاد يُحدث فتنة، مباشرة أوقفناه عن الخطابة، لأن النقاش العلمي ينبغي أن يكون في مكانه، أما بوصلتنا فتظل على ما يجمع المسلمين خاصة وقت الأزمات ولا يفرقهم.”
خارج المسار التعليمي كله، هل أوجدتم نافذة للراغبين في تلقي العلوم الشرعية دون الانخراط في المؤسسات التعليمية؟، سألته وأنا أفكر بعموم الشباب في المحرر.
“نعم.. في المحرر نشرنا معاهد علمية عُرفت بمعاهد “الإمام الشافعي” للذكور، ومعاهد “الفتح الإسلامي” للإناث، ويقارب عدد الطلاب في هذه المعاهد 500 طالب، بينما يستفاد من دورات هذه المعاهد نحو 2000 مستفيد خارجي … هذه المعاهد لتأصيل طلاب العلم خارج الدراسة النظامية، موجودة في مناطق متفرقة من المحرر، سرمدا وسلقين وأطمة وغيرها من المناطق. لكن غير العلوم الشرعية هناك ما هو أهم من ذلك ويقبل عليه كل مسلم وحاولنا أيضا تيسيره لكل مسلم في المحرر.”
“كتاب الله، القرآن الكريم. ولذلك أنشأنا مديرية كاملة في المحرر لخدمة كتاب الله وسميناها مديرية شؤون القرآن الكريم”.
مديرية شؤون القرآن الكريم
اتجه الحديث إلى مسار آخر، فعلينا أن ننتقل من الدور التعليمي التي قامت به وزارة الأوقاف في المحرر إلى الحديث عن القرآن والدعوة المجتمعية.
من المؤكد أنك تعلم يا أبا عليّ أن تحفيظ القرآن الكريم هو أكبر مشروع دعوي في العالم وأكثر المشاريع انتشارًا، فكيف استفدتم من هذا في تديُن المحرر؟
“كنا على وعي بأهمية محاضن القرآن في المحرر، وكثير من الجمعيات السورية تعمل في المحرر على تحفيظ القرآن لكن دون مرجعية إشرافية أيضا على جودة المخرجات، فأسسنا مديرية لشؤون القرآن الكريم للارتقاء بمستوى هذه الحلقات المنتشرة طوال المحرر، وضبطنا عمل جمعيات تحفيظ القرآن في نظام عمل موحد … ثم أصبحنا نمنح “البطاقة القرآنية”، وهي بطاقة تُخول لصاحبها تدريس القرآن الكريم حسب الفئة التي مُنح البطاقة فيها”
وما فئات هذه البطاقة؟
“هي أربع فئات، فئة [أ] و [ب] و [ج] و [د]، أعلاها الفئة [أ] وهي لحملة الإجازات في القراءات وحملة الشهادات الجامعية. واستطعنا بفضل الله إنشاء المعهد الأول على مستوى سوريا في تخصص القراءات وعلوم القرآن، فأسسنا “المعهد التخصصي للقراءات وعلوم القرآن” وهو معهد مختص بتأهيل المجازين بالقراءات العشر بالسند المتصل وذلك بالجمع بين الدراسات الأكاديمية والإقراء على الشيوخ، ويمنح المعهد شهادة ماجستير، كما يمنح شهادة تأهيل وتدريب معترف بها من وزارة التعليم العالي. ليس ذلك فحسب، بل استضفنا مشايخ الإقراء المتقنين في العالم في فاعليات هذا المعهد والمسابقة القرآنية الكبرى.
وما المسابقة القرآنية الكبرى؟
“المسابقة القرآنية الكبرى هي مسابقة على غرار المسابقات القرآنية التي تعقد في بقية البلاد العربية، وأُطلقت في المحرر على مدار 3 سنوات، تبدأ في شعبان وتنتهي في شوال، أي أنها تستمر ثلاثة أشهر، ويحق للحفاظ التقدم مرة واحدة بناء على ترشيحات جمعياتهم في رواية حفص وبقية القراءات العشر، وشارك فيها قرابة 2000 متسابق إلى الآن في المحرر فقط.”
والمساجد؟ هناك حلقات قرآنية في المساجد وخاصة للشباب؟
“نعم، أشرفت وزارة الأوقاف على جمعية اسمها جمعية البيان، تُعنى بإنشاء الحلقات القرآنية بين الناس في المساجد وغيرها من الأماكن المناسبة … وبلغت الحلقات التي تشرف عليها وزارة الأوقاف 750 حلقة في 7 مراكز في المناطق المحررة يتربى فيها قرابة 14 ألف طالب وطالبة! … ليس ذلك فحسب، بل بدأنا أيضا تأسيس كلية الدراسات القرآنية ضمن الجامعة الإسلامية في إدلب التي تشرف عليها وزارة الأوقاف.”
الدعوة المجتمعية في مرامي الأوقاف
جاوز مجلسنا الساعة، وكان مقررًا أن يكون نصف ساعة، نظر أبو عليّ في هاتفه وقال لي: “عندي اجتماع بعد قليل لكن قبل أن ننهي دعني أحدثك عن دورنا في الدعوة المجتمعية وما فعلناه في المجتمع الإدلبي فهذا موضوع مهم ذكره. لا شك أنك تعرف أن الثورة يصاحبها تغير ديموغرافي كبير، وقد انعكس هذا سلبا على سكان إدلب. كان في إدلب وحدها خمسة ملايين ساكن، وانتشرت حالات الطلاق بكثرة، لذا كان علينا التصدي لهذه الظاهرة فأسسنا مديرية شؤون الأسرة”.
ألا تلاحظ أن وزارة الأوقاف أكثرت من المديريات؟. سألته وأنا أنظر في جهازي اللوحي أدون ما يقوله.
“نعم، نحن كنا نرى أنفسنا مستخلفين في إقامة الدين ونشره بين الأهالي في المحرر، وكل مشكلة دينية علينا أن نذلل سبل حلها. خذ مثلا مشكلة “الطلاق” التي كثرت في المحرر. أردنا في مديرية شؤون الأسرة أن نعلم الشباب كيف تكون بيوتهم عامرة؛ فأنشأنا 6 مراكز فخمة التأثيث والتزيين في 6 أماكن مختلفة في المُحرر، أنصحك أن تزورها إذا زرت إدلب، في هذه المراكز نستقبل المقبلين على الزواج ونخضعهم لدورات تدريبية مع مدربين متخصصين في ورش عمل في أربعة مجالات يحتاج إليها الشباب في المحرر في حياتهم الأسرية … المجال التربوي، والمجال الشرعي، والمجال الاقتصادي، والمجال الاجتماعي.”
كم عدد المتدربين شهريا؟
“نستقبل شهريا 5000 شاب وشابة من المقبلين على الزواج، وهو رقم كبير كما ترى، لكن هذا يُبين الأثر الذي تغرسه الأوقاف في المجتمع.”
بما أن المجتمع في إدلب كان منهكا، فمن المؤكد أن معدلات الجريمة كانت عالية، فهل كان لكم عناية بهذا الباب؟
“نعم … كان لنا محاولات في الإصلاحيات.”
وما الإصلاحيات؟
“الإصلاحيات هو اسم السجون في إدلب، ولأن معدل الجريمة يزداد وقت الأزمات فلم نترك السجناء يلاقوا مصيرهم، وإنما أنشأنا “مديرية التوعية الإصلاحية” والتي كان غرضها الأساسي تأهيل السجناء، إما بإصلاحهم والتفريج عنهم، مثل التفريج عن الغارمين، أو بتذليل العقبات التي يواجهونها بعد خروجهم.”
كيف تُذلل العقبات التي يواجهونها بعد خروجهم؟
“كنا نبدأ بمحو أمية الأمي منهم، واستطعنا محو أمية 300 نزيل في السجون، ثم نعلمهم علوما مختلفة تساعده في العمل بعد الخروج. وإلى جانب ذلك ركزنا على الجانب الديني لديهم، فأعددنا لهم منهجا سميناه “زاد النزيل” لتعليم الضروري من الإسلام، واهتممنا بتخريج الحفاظ فيهم، وفعلا أخرجنا 10 حفاظ لكتاب الله في غضون 6 أشهر فقط. كما أن برنامجا إثرائيا دينيا ثقافيا كنا نقدمه لهؤلاء النزلاء لمن يرغب منهم.”
كنتم تتعاملون على أنكم الدولة فعلا؟!
“بالطبع، كنا نرى أن حكومة الإنقاذ دولة مصغرة، ودور وزارة الأوقاف أن تُديّن المجتمع، وأن العسكر عليهم تحرير البلد، لكن لن يتم هذا التحرير إلا بهذا التدين المجتمعي كما تخبرنا به أدبياتنا الإسلامية. ولذلك كان لنا عمل موسع في أغلب شرائح المجتمع، وكان لنا مديريات أخرى مثل مديرية “التوعية في الجامعة” وكنا نستهدف بها الشباب الجامعي، ودائرة للفاعليات، وكان نشاطها المجتمعي ملحوظا جدًا، وهي المسؤولة عن الأنشطة والمهرجانات الدعوية خارج المساجد، وخاصة في المناسبات.
من الحملات التي يذكرها أهل إدلب وتحتاج لتقرير كامل حملة “كن داعية” وحملة “رمضان تقوى وإيمان” وحملة “قدوتي رسول الله.
كان الناس يتفاعلون معنا في الحملات الموسمية لأنهم يشعرون أنها تمس احتياجهم. وفي الحرب الأخيرة على غزة أقمنا حملة كانت الأكبر من نوعها عربيا، وهي حملة “الأقصى هوية”. لا أظن دولة عربية قامت بالجهد الذي قمنا به في هذه الحملة وشارك فيها كثير من أهل المحرر، وكذلك عند حادثة الرسوم المسيئة لسيدنا رسول الله ﷺ أقمنا معرض “النبي القدوة” وصاحب هذا المعرض محاضرات وملتقيات دعوية وفاعليات نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حضرها 30 ألف مشارك!.”
في هذه اللحظة دخل علينا شاب ملتحٍ، فسلم ثم قال لأبي علي إن اجتماعكم قد طال وتجاوز الوقت المحدد له. قال لي أبو علي، هذا أخونا أبو الربيع، مسؤول مديرية “الدعوة الإلكترونية”، التي كنت سأحدثك عن عملنا فيها، لكن عليّ أن أذهب، وهذه فرصة طيبة أن تتعرف إلى أبي الربيع وتسمع منه مباشرة في وقت يناسبكما.
Source: Apps Support
Israel demolishes West Bank apartment buildings as military campaign displaces tens of thousands of Palestinians
Israeli forces demolished more than a dozen apartment buildings at a refugee camp in the occupied West Bank on Tuesday, a Palestinian official told CNN, the latest move in a military operation that has displaced tens of thousands of Palestinians.
Since Hamas’ October 7, 2023, attack, Israel has engaged in an increasingly militarized campaign that it says targets West Bank militants, employing tactics like airstrikes that were once nearly unheard of there.
The Israel Defense Forces launched a major campaign – “Operation Iron Wall” – focused on the northern West Bank last month.
That operation, Israel’s defense minister said last month, was explicitly applying the lessons of Israel’s “repeated raids in Gaza.” Israel’s war in Gaza has destroyed around 90 percent of housing units, according to the United Nations.
The West Bank operation has displaced at least 40,000 Palestinians in the northern West Bank from their homes, according to the United Nations.
Abdullah Kamil, the governor of Tulkarem in the West Bank, told CNN Wednesday that the demolitions carried out Tuesday destroyed buildings that had housed dozens of families over several floors.
“The Israeli military are doing this under pretext of security and fighting terrorism,” he said. It is a “purely political” operation, he alleged, to satisfy hardliners in the government of Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu.
In November, Israel’s far-right Finance Minister Bezalel Smotrich – who is in charge of Jewish settlements in the West Bank – ordered preparations for the annexation of the settlements, saying that US President Donald Trump’s victory “brings an important opportunity for the state of Israel.”
Palestinians want the West Bank, as well as Gaza and occupied East Jerusalem, for a future independent state. Jewish settlements there are considered illegal under international law.
Israel launched Operation Iron Wall two days after the Gaza ceasefire began, saying it was aimed at eliminating “terrorists and terror infrastructure” and at “ensuring terrorism does not return” following its completion. The Israeli military said on Tuesday that its soldiers were operating in Tulkarem to “neutralize terrorist infrastructure.” It said that its clearing operations would enable “freedom of movement within the camp area, thereby enhancing operational flexibility for forces to effectively thwart terrorism in the region.”
Videos on a Palestinian television channel showed bulldozers demolishing homes in what the outlet said was Tulkarem refugee camp. Other videos seen by CNN from a local journalist showed the scene from another angle with a bulldozer in the tight streets of the refugee camp and soldiers walking in its alleys.
The Israeli military also said Tuesday it had arrested 25 people in the northern West Bank it says were suspected of “involvement in terrorist activity across the area.”
“During the activity, the troops collected findings and weapons used by the enemy,” the military added.
‘Spillover’ of Gaza war
Israel’s military operation in the West Bank that started in the Jenin refugee camp last month has since expanded to the Tulkarem, Nur Shams, and El Far’a refugee camps, according to UNRWA, the United Nations agency for Palestinian refugees.
Kamil, the Tulkarem governor, told CNN that 85 percent of the residents of the Nur Shams and Tulkarem camps had been displaced – approximately 16,000 people altogether.
He alleged that Israeli forces had raided houses in the middle of the night. Many properties in the Nur Shams camp had been extensively damaged, he said, and water and electricity in both camps had been cut off.
UNRWA warned that the forced displacement of Palestinian communities in the northern West Bank had been escalating at an “alarming pace.”
The agency said the West Bank had suffered 38 airstrikes this year alone, with advanced weaponry and controlled detonations becoming more commonplace, marking a “spillover of the war in Gaza.”
Palestinian Authority Prime Minister Mohammad Mustafa on Tuesday directed urgent humanitarian aid and shelter for “Palestinian people forcibly displaced” by Israeli forces in the “northern West Bank, particularly in the refugee camps of Jenin, Tulkarm, and Nur Shams” until “Israeli forces withdraw from the targeted areas.”
CNN’s Abeer Salman and Caitlin Danaher contributed to this report.
Source: CNN