دول الخليج ومباحثات واشنطن وموسكو حول أوكرانيا

دول الخليج ومباحثات واشنطن وموسكو حول أوكرانيا

تمثل استضافة المملكة العربية السعودية للمباحثات الأميركية الروسية بشأن الأزمة الأوكرانية إنجازاً بارزاً في مسيرة الدبلوماسية السعودية، التي تواصل تعزيز مكانتها كقوة إقليمية ودولية تسعى إلى تحقيق الاستقرار العالمي.

وكما أشار معالي الدكتور أنور قرقاش في تغريدته، فإن هذا الحدث يعكس الدور المحوري للمملكة ودول الخليج في تعزيز الأمن والسلام الدولي، ويؤكد على تحول الرياض إلى وسيط رئيسي في النزاعات العالمية.

تشهد السياسة الأميركية تجاه الحرب في أوكرانيا تحولاً ملحوظاً، حيث بدأت إدارة ترامب تتبنى نهجاً يركز على التفاوض لإنهاء الصراع، على عكس إدارة بايدن التي ركزت على فرض العقوبات وعزل روسيا بالتنسيق مع حلفائها الأوروبيين. فقد خصص ترامب وقتاً للبحث في كيفية إنهاء الحرب الأوكرانية، فأرسل بمبعوثه الخاص إلى موسكو لاستطلاع إمكانية بدء مفاوضات وقف الحرب. بناءً على ذلك، التقى وفدان روسي وأميركي في الرياض للتحضير للقمة، واتفقا على تفعيل البعثات الدبلوماسية بين البلدين وتشكيل فرق عمل لإيجاد حلول للصراع الروسي الأوكراني، تمهيدًا لإعادة الشراكة بين البلدين في حال تم إنهاء الحرب.

وفي ظل هذا التحول، تزداد أهمية منطقة الشرق الأوسط التي حافظت دولها على موقف متوازن تجاه الصراع، مُسجلة علاقات مستقرة مع كل من موسكو وواشنطن. خلال السنوات الثلاث الماضية، تبنت معظم دول الشرق الأوسط سياسة الحياد الإيجابي، حيث امتنعت عن فرض عقوبات على روسيا، بل عززت في بعض الحالات التعاون الاقتصادي معها.

ويرجع ذلك إلى عوامل عدة، منها المصالح الاقتصادية، وضمان استقرار أسعار الطاقة، والعلاقات التاريخية مع موسكو. سعت روسيا لتوظيف الحرب في أوكرانيا لإعادة تشكيل النظام الدولي، ودفعه نحو تعددية الأقطاب، حيث تتمتع القوى الكبرى بحرية أوسع في مناطق نفوذها. وموسكو أشارت إلى أنها تتعرض لمؤامرات من الغرب، وهو طرحٌ وجد صدى في بعض الأوساط داخل الشرق الأوسط. إلى جانب روسيا، تلعب كل من الصين وإيران أدواراً رئيسية في المشهد الأوكراني.

فقد عززت طهران تعاونها العسكري والاقتصادي مع موسكو، بينما استفادت الصين من الموارد الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا لتعزيز مصالحها الاستراتيجية.

ومع ذلك يبدو أن هناك مجالاً أمام واشنطن وحلفائها لإعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة. تسلط استضافة الرياض لهذه المباحثات الضوء على تنامي نفوذ المملكة كوسيط دولي موثوق، مما يعكس الأهمية المتزايدة للشرق الأوسط ودول الخليج في المشهد الجيوسياسي العالمي.

لم تعد المنطقة تُنظر فقط في الصراعات الإقليمية، بل أصبحت طرفاً مؤثراً في حل الأزمات الدولية الكبرى. وتعد هذه الخطوة فرصة للسعودية ودول الخليج لتعزيز دورها في النظام الدولي والمساهمة في تحقيق السلام في أوكرانيا، مما ينعكس إيجابياً على الأمن والاستقرار العالمي.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي.

Source: مركز الاتحاد للأخبار