محللون: خطة مصر لإعمار غزة طموحة لكنها غير مضمونة
القاهرةـ تعد الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة أحد أبرز المشاريع الإقليمية الطموحة، التي تسعى لتخفيف آثار الحرب ومعاناة سكان قطاع غزة المستمرة، الذين أنهكتهم الأوضاع الإنسانية القاسية.
وتستهدف الخطة إعادة إعمار غزة بطريقة شاملة تجعلها قادرة على استيعاب 3 ملايين نسمة بحلول عام 2030، وتتضمن مشاريع إعادة بناء المنازل المدمرة، وتحسين البنية التحتية، وتطوير القطاع الصناعي والزراعي، إضافة إلى تحديث المؤسسات الصحية والتعليمية.
كما تشمل المرحلة الأولية توفير مساكن مؤقتة للنازحين وإعادة تأهيل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي.
ورغم أن الخطة تحمل رؤية واضحة وطموحة، فإن الإدارة الأميركية رفضتها أمس، رغم إقرارها في قمة عربية طارئة عُقدت في القاهرة مؤخرا، حيث تقف الخطة أمام تحديات وعقبات سياسية واقتصادية كبيرة، أبرزها غياب أي ضمانات تمنع الاحتلال الإسرائيلي من استهداف المشروعات الجديدة، فضلا عن التعقيدات السياسية المتعلقة بمستقبل إدارة القطاع.
دعم عربي ودولي
أكد السفير المصري السابق لدى تل أبيب حازم خيرت أن الخطة المصرية تمتاز بكونها عملية ومحددة، وتحظى بدعم واسع من 22 دولة عربية شاركت في القمة الطارئة.
وأشار خيرت إلى أن الدعم لا يقتصر على الدول العربية فقط، بل يمتد ليشمل العديد من الدول الإسلامية، بالإضافة إلى مشاركة منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي، مما منح الخطة مصداقية كبيرة.
وأوضح أن الخطة المصرية تقدم بديلا واضحا لخطة ترامب التي سبق طرحها، لكنها تواجه معضلات جوهرية تتعلق بدور حركة حماس ومستقبل سلاح المقاومة في غزة، وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن “إسرائيل سترفض أي دور لحماس، وستستخدم ذلك ذريعة لاستمرار العمليات العسكرية، بالمقابل، فإن حماس لا يمكنها التخلي عن السلاح طالما ظل الاحتلال قائما، مما يفرض البحث عن صيغة جديدة توازن بين المطالب الدولية والواقع الفلسطيني على الأرض”.
كما أشار خيرت إلى أن هناك حاجة لتسويات سياسية وبراغماتية تتيح إيجاد حلول لهذه الإشكالية، حيث يمكن التوصل إلى تسوية تُبقي المقاومة الفلسطينية ضمن إطار سياسي منظم يمنع عودة الحرب مجددًا.
ويرى أن أحد التحديات الأخرى يتمثل في رفض الحكومة الإسرائيلية لهذه الخطة، خاصة في ظل سيطرة اليمين الإسرائيلي الذي وصفه بأنه “حالة ميؤوس منها”، حيث يسعى إلى تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، بل إنه يطمح إلى إزالتهم بالكامل لو سنحت له الفرصة.
ورغم كل هذه التحديات، يعتقد خيرت أن هناك فرصا للضغط على الإدارة الأميركية للقبول بالخطة، خصوصا أن الدول العربية تمتلك أوراقا اقتصادية وسياسية يمكن توظيفها لإقناع واشنطن بجدوى المشروع المصري.
مشروع متكامل
يرى الأكاديمي المصري وأستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة الإسكندرية أحمد فؤاد أنور أن الخطة المصرية “نجحت في تحويل الشعارات إلى مشروع متكامل يبث الأمل في نفوس سكان غزة، الذين يعانون أوضاعا إنسانية متردية”، وأشار إلى أن أحد أبرز بنودها يتمثل في مطالبة إسرائيل بالمشاركة في تمويل إعادة الإعمار وفق مبدأ “جبر الضرر”.
ورغم أن إسرائيل قد تطالب بتعويضات مقابلة، فإن حجم الأضرار التي لحقت بالقطاع يجعل هذه المطالب غير واقعية مقارنة بحجم الكارثة الإنسانية التي تسبب فيها الاحتلال، بحسب رأيه.
كما أكد أن الخطة المصرية أظهرت قدرة الدول العربية على التوافق حول مشروع كبير مثل إعادة إعمار غزة، رغم التجاذبات السياسية التي تحكم مواقف بعض الدول.
وشدد المتحدث على أن الدعم العربي للخطة ظهر بوضوح في موقف الدول التي أيدتها، فضلا عن الدعم السريع من مجلس الوزراء السعودي، وهو ما يعزز -كما قال في حديثه للجزيرة نت- من مصداقية الخطة ويجعلها بديلا جديا عن أي خطط دولية أخرى قد تضر بالقضية الفلسطينية.
انتقادات وتحديات
في المقابل، يرى الأكاديمي المصري والخبير في الصراع العربي الإسرائيلي محمد سيف الدولة أن ثمة معضلتين أساسيتين تعيقان تنفيذ الخطة المصرية:
أن الخطة بُنيت على فرضية خاطئة تفترض أن الإدارة الأميركية السابقة كانت ترغب في تحسين أوضاع الفلسطينيين في غزة، حيث يؤكد سيف الدولة أن هذا التصور ساذج، لأن واشنطن لم تسعَ يوما لحل الأزمة الإنسانية في القطاع، بل كانت تسعى لتنفيذ مخططات تهجير غير معلنة.
تعامل الخطة مع مستقبل فصائل المقاومة الفلسطينية، حيث إن هذه الفصائل لن تقبل بأي حال من الأحوال التخلي عن سلاحها، وهو ما يجعل تنفيذ الخطة محل شك كبير، خاصة في ظل تجارب تاريخية مثل مجازر صبرا وشاتيلا التي وقعت بعد خروج المقاومة من بيروت عام 1982.
وانتقد سيف الدولة أيضا عدم تحميل إسرائيل مسؤولية الدمار الذي لحق بالقطاع وعدم مطالبتها بدفع تعويضات، مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى أن ألمانيا لا تزال تدفع تعويضات عن “الهولوكوست”، بينما لا يُطالب أحد إسرائيل بتحمل نفقات إعادة إعمار غزة.
كما تساءل عن جدوى الحديث عن عجز مالي عربي في تمويل الخطة، في حين أن الدول العربية قادرة على استثمار مئات المليارات في الولايات المتحدة، مشددا على أن الدول العربية تمتلك أوراق ضغط مهمة، لكنها لا تملك الإرادة السياسية لتوظيفها ضد السياسات الإسرائيلية والأميركية.
معضلات التطبيق
يرى أستاذ الاقتصاد السياسي عبد النبي عبد المطلب أن “أكبر عقبة أمام تنفيذ الخطة المصرية هي عدم توفر الإجماع العربي المطلوب لدعمها، فضلا عن رفض الولايات المتحدة لها، مما يجعل من الصعب تنفيذها على أرض الواقع”.
وأضاف أن غياب الاستقرار في القطاع يمثل مشكلة أساسية تمنع المستثمرين العرب والأجانب من المشاركة في إعادة الإعمار، خاصة في ظل غياب رؤية واضحة لإدارة القطاع مستقبليا.
وأشار المتحدث إلى أن رأس المال الفلسطيني في الداخل والخارج يمكن أن يكون أحد أهم روافد تمويل إعادة الإعمار، مضيفا في حديثه للجزيرة نت أن “ثمة دعما متوقعا من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي والبنك الأوروبي والبنك الآسيوي”.
Source: Apps Support
آلاف الفلسطينيين يتوافدون لصلاة الجمعة بالأقصى وسط قيود إسرائيلية مشددة
توافد آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة للصلاة في المسجد الأقصى بالقدس في الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك، وسط قيود إسرائيلية مشددة على وصول المصلين الفلسطينيين إليه، وفي ظل طقس شتوي ماطر.
وكانت شرطة الاحتلال الإسرائيلي أعلنت عزمها نشر 3 آلاف من عناصرها اليوم الجمعة في مدينة القدس في إطار استعداداتها لتوافد المصلين للمسجد الأقصى لصلاة الجمعة، وقالت إنها ستعمل بقوات معززة خصوصًا عند المعابر المحيطة بالقدس وشرق المدينة وأزقة البلدة القديمة.
وقدرت شرطة الاحتلال بأن عشرات آلاف المصلين سيصلون إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة اليوم.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها وسائل إعلام فلسطينية استمرار توافد عشرات الفلسطينيين على حاجز قلنديا للعبور نحو المسجد الأقصى، رغم قيود الاحتلال والجو الشتوي البارد والماطر، كما نشرت مقاطع للبعض ممن احتجزهم الاحتلال عند الحاجز ورفض السماح لهم بالعبور نحو الأقصى.
#متابعة | استمرار توافد الأهالي من الضفة الغربية عبر حاجز قلنديا، رغم قيود الاحتلال والجو البارد والماطر pic.twitter.com/T7IbqdtnEV
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 7, 2025
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية أشارت إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ستسمح لنحو 10 آلاف فقط من سكان الضفة الغربية بالصلاة في المسجد الأقصى خلال أيام الجمعة في شهر رمضان، في حين وضعت الشرطة قواتها بحالة تأهب قصوى خلال شهر رمضان.
وأمس الخميس، صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على فرض قيود مشددة على وصول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال أيام الجمعة في شهر رمضان المبارك.
وجاء في بيان صدر عن مكتب نتنياهو أن الحكومة أقرت توصية المنظومة الأمنية بالسماح لعدد محدود من المصلين من الضفة الغربية بدخول المسجد وفقا للآلية المتبعة العام الماضي.
“لازم ما نترك المسجد الأقصى فاضي، ضلكم فيه وناموا فيه، انسوا بيوتكم، لازم كلنا نشد الرحال للأقصى”
هذه كلمات فلسطينية تم احتجازها وإرجاعها من قبل الاحتلال على حاجز قلنديا ومنعها من دخول القدس، بعد توجهها الثالثة فجر اليوم من الضفة الغربية لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى pic.twitter.com/rMSJx0NyiQ
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 7, 2025
ووفق التوصية، سيسمح فقط للرجال فوق 55 عاما، والنساء فوق 50 عاما، والأطفال دون 12 عاما بدخول المسجد الأقصى المبارك بشرط الحصول على تصريح أمني مسبق والخضوع لفحص أمني شامل عند المعابر المحددة.
وتمنع سلطات الاحتلال فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة من الوصول إلى المسجد الأقصى منذ بداية رمضان وفق سياستها التي تطبقها منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
على صعيد آخر، قالت وزارة الأوقاف الفلسطينية في نبأ عاجل ظهر اليوم إن الاحتلال الإسرائيلي رفض تسليم الحرم الإبراهيمي بالخليل بكل مرافقه كما هي العادة أيام الجمع في رمضان.
Source: Apps Support
اقتحامات واسعة بالضفة ومستوطنون يصادرون أراضي فلسطينية
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدنا وبلدات في الضفة الغربية المحتلة -اليوم الجمعة- وشنت حملة اعتقالات، وذلك تزامنا مع التصعيد الإسرائيلي في جنين وطولكرم، في حين أقدم مستوطنون على تجريف أراض فلسطينية ومصادرة أخرى.
ففي شمال الضفة، اقتحمت قوات إسرائيلية البلدة القديمة في مدينة نابلس، وداهمت 5 مساجد وعدة منازل.
وقال الدفاع المدني في بلدية نابلس للجزيرة إن قوات الاحتلال أشعلت النار داخل غرفة بمسجد النصر مما أدى إلى احتراقها، وأضاف أن قوات الاحتلال حطمت محتويات المساجد الخمسة التي اقتحمتها، كما اعتدت على شاب قبل أن تقوم باحتجازه.
كما اقتحمت قوات الاحتلال حارة الشيخ مسلم في البلدة القديمة وسط مدينة نابلس إلى جانب أحياء أخرى في البلدة، وداهمت عدة منازل فيها.
جانب من آثار الحريق الذي أشعله الاحتلال وتسبب بأضرار كبيرة في مسجد النصر بالبلدة القديمة بنابلس فجر اليوم. pic.twitter.com/72mEGC4dwi
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 7, 2025
إلى ذلك، أفادت مصادر للجزيرة باندلاع مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال في محيط البلدة القديمة، الأمر الذي دفع جيش الاحتلال إلى إرسال تعزيزات عسكرية إضافية إلى البلدة.
وقالت مصادر محلية للجزيرة إن شباناً أشعلوا إطارات مطاطية أمام قوات الجيش الإسرائيلي، مما أدى إلى اندلاع مواجهات، حيث قام جنود الاحتلال بإلقاء قنابل مسيلة للدموع وسط المدينة، قبل أن يقتحموا المقبرة الشرقية.
ومن جانبها قالت كتائب “شهداء الأقصى-طلائع التحرير-نابلس” إن مقاتليها يواصلون التصدي لاقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس، ويستهدفون قوات المشاة والآليات بوابل كثيف من الرصاص، ويخوضون اشتباكات عنيفة معها في محيط البلدة القديمة.
في حين سُمع دوي انفجار في البلدة القديمة تزامنا مع الاقتحام المستمر للمدينة.
وفي جنوب الضفة، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أسرى محررين خلال اقتحامها مخيم الفوار جنوب الخليل. ودهمت قوات الاحتلال المخيم من مداخل عدة، ودفعت بحافلات كبيرة وعلى متنها عشرات الجنود لدهم منازل عدة.
يُذكر أن قوات الاحتلال اعتقلت العشرات من سكان المخيم في وقت سابق، وأغلقت المدخل الرئيسي للمخيم منذ أكثر من سنة بهدف تشديد الحصار على سكانه.
تصعيد في جنين
كما دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية إلى مدينة جنين (شمال الضفة) وهدمت عددا من المنازل في مخيم جنين وأحرقت بيتا داخل المخيم.
وأوضحت المصادر أن عمليات التهجير القسري التي نفذتها قوات الاحتلال طالت أكثر من 20 ألف فلسطيني نزحوا وتوزعوا على قرابة 39 بلدة وهيئة محلية ومركزا للإيواء بمحافظة جنين، وأكد شهود عيان أن مخيم جنين بات شبه فارغ من السكان.
وتشهد جنين حصارا متواصلا منذ 45 يوما ضمن ما أطلقت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية السور الحديدي العسكرية شمال الضفة الغربية.
من جهتها ذكرت اللجنة الإعلامية في مخيم جنين أن عمليات الاحتلال أدت إلى استشهاد 30 مواطنا وعشرات الجرحى وأسفرت عن اعتقال المئات.
وحذرت اللجنة من تنفيذ الاحتلال مخططا لتغيير معالم المخيم إثر التدمير الممنهج لأكثر من 120 منزلا بشكل كلي وعشرات المنازل بشكل جزئي.
وإلى جانب نابلس وجنين ومخيم الفوار، اقتحمت آليات جيش الاحتلال قرية يبرود شمال مدينة رام الله وسط الضفة، وبلدة الخضر جنوب مدينة بيت لحم جنوبي الضفة، كما داهمت عددا من منازل المواطنين خلال اقتحامها مخيم الفوار ومدينة دورا جنوب الخليل جنوبي الضفة.
وذكرت مصادر محلية أن آليات الاحتلال اقتحمت كذلك بلدة عزون شرق مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية، واقتحمت المدينة من الحاجز الجنوبي.
سياسة هدم المنازل
على صعيد متصل، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي هدم 17 مبنى بعد إخلائها قسرا في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، وكانت أخطرت أمس عائلات فلسطينية تسكن هذه المنازل بإخلائها، ومنحتهم 3 ساعات فقط لأخذ بعض المقتنيات.
ومن جانبها، قالت اللجنة الشعبية في مخيم نور شمس إن المنازل المستهدفة تقع في حارة المنشية، وإن الإخلاء يأتي استكمالا لمخطط نفذه الاحتلال قبل أيام في المخيم بذريعة شق طريق جديد.
وأكدت اللجنة أن المخيم يشهد يوميا حركة نزوح كبيرة خصوصا في حارات المسلخ والمنشية وجبلي الصالحين والنصر، وأن عدد النازحين قسرا فاق 9 آلاف.
متابعة | فلسطينية من مخيم نور شمس شرق طولكرم تتحدث بحرقة عن هدم الاحتلال لمنزلها خلال العدوان المستمر على المخيم. pic.twitter.com/4k7g2JpEj5
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 7, 2025
تجريف ومصادرة أراض
في غضون ذلك، قالت مصادر للجزيرة إن مستوطنين يجرفون أراض في بلدة حوارة جنوب نابلس لشق طريق استيطاني يصادر نحو 800 دونم.
وأمس، أقدم مستوطنون على اقتلاع وتدمير نحو 100 شجرة زيتون في قرية حارس، غرب مدينة سلفيت، شمالي الضفة الغربية المحتلة، ضمن سلسلة اعتداءات متكررة تستهدف الأراضي الفلسطينية.
ووفقا لما نقلته وكالة وفا الفلسطينية الرسمية عن مصادر محلية، فإن المستوطنين اقتحموا منطقة أبو العلا، حيث قطعوا الأشجار في مساحة 20 دونما مملوكة للمواطن خالد عقل، وسرقوا أدوات زراعية وخزانات مياه.
وأشارت الوكالة إلى أن المنطقة تتعرض لاعتداءات متواصلة من قبل المستوطنين والقوات الإسرائيلية، بهدف السيطرة عليها لصالح التوسع الاستيطاني.
وفي هذا السياق، وثقت منظمة “البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة” 187 انتهاكا نفذها الجيش الإسرائيلي والمستوطنون ضد الفلسطينيين في التجمعات البدوية بالضفة خلال فبراير/شباط الماضي.
وأوضحت هذه المنظمة غير الحكومية أنها وثقت 39 انتهاكا في الخليل (جنوب) و18 في بيت لحم (جنوب) و7 انتهاكات في نابلس (جنوب) و21 انتهاكا في أريحا والأغوار (شرق) و33 في طوباس (شمال) و21 في محافظة رام الله (وسط) و21 انتهاكا في سلفيت ومثلها في قلقيلية (شمال) و6 انتهاكات في القدس.
وأمس ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أكد للمستوطنين بالضفة أن عليهم أن يتصرفوا تماما مثل سلوك الجيش في قطاع غزة.
ووفق الصحيفة، فإن كاتس حث المستوطنين على إجلاء السكان وتنظيف المنطقة وتدمير ما سماه البنية التحتية للإرهاب.
Source: Apps Support
قباطية بلدة الصمود ومعقل المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية
بلدة قباطية إحدى أبرز البلدات الفلسطينية شمال الضفة الغربية، تقع جنوب مدينة جنين، وتشتهر بتراثها الغني ومعالمها التاريخية التي تعكس أهمية المنطقة عبر مختلف الحقب الزمنية، تعتبر مركزا صناعيا وتجاريا مهما وتشتهر بالزراعة وصناعة الحجر، وهي إحدى أبرز معاقل المقاومة الفلسطينية.
الموقع والمساحة
تقع بلدة قباطية على بعد 6 كيلومترات إلى الجنوب الغربي من مدينة جنين، تحدها من الشمال الشرقي قرية أم التوت ومن الشرق قرية تنين ومن الجنوب الشرقي قرية الزبابدة ومن الجنوب قرية مسلية، بينما تحدها من الجنوب الغربي قريتا جربا ومركة، ومن الغرب قرية حفيرة عرابة.
ترتفع قباطية عن سطح البحر بمقدار 256 مترا، وتبلغ مساحة أراضيها نحو 50 ألفا و547 دونما.
تقول بعض الروايات إن أصل اسم قباطية يعود إلى الفعل “قمط الشيء” أي ربطه بعد تحميله على الدواب، وقد أُطلقت هذه التسمية على البلدة لأنها كانت محطة استراحة للقوافل التجارية البرية التي كانت تسلك طريقها بين بلاد الشام ومصر، ومع مرور الزمن تطور لفظ “قماطية” وتحول تدريجيا إلى “قباطية”.
التوزيع السكاني
بلغ عدد سكان البلدة عام 2024 نحو 27 ألفا و937 نسمة حسب تقديرات جهاز الإحصاء الفلسطيني موزعين على الحارات التالية:
حارة آل أبو الرب: تقع على تلال قباطية الجنوبية.
حارة الزكارنة: تقع شمال قباطية، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى البلد الأصلي الذي جاءت منه العائلة التي تسكن هذه الحارة وهو بلدة زكريا.
حارة آل نزال: تقع على السهول وسفوح الهضاب والتلال الغربية، تسكنها 4 عائلات أساسية هي (آل نزال، حنايشة، طزازعة، خزيمية) ويعود سبب تسميتها بهذا الاسم إلى أن عائلة نزال إحدى أكبر العائلات القاطنة فيها.
حارة السباعنة: تقع على سفوح جبال وتلال الجهة الجنوبية الغربية للبلدة، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الجد الأول لعائلة السباعنة التي شكلت هذه الحارة.
حارة آل كميل: تقع فوق سفوح الهضاب والتلال الجنوبية الشرقية لقباطية، سميت بهذا الاسم نسبة لعشيرة كميل القاطنة فيها، وهي من أكبر العشائر في هذه الحارة، وأيضا بسبب الجاه والنفوذ الذي تتمتع به هذه العشيرة.
يعتمد اقتصاد بلدة قباطية على قطاعات رئيسية متنوعة أبرزها صناعة الحجر، إذ تضم البلدة نحو 50 محجرا و72 منشارا لقص الحجارة وتصنيعها، ويتم تسويق الإنتاج محليا في المدن الفلسطينية، إضافة إلى تصديره لبعض الدول العربية.
إلى جانب ذلك تزدهر في قباطية الأنشطة التجارية والصناعات الخفيفة، مما يساهم في تعزيز الحركة الاقتصادية.
وللزراعة أيضا دور مهم في اقتصاد قباطية، إذ تمتد أراضيها على مساحة نحو 55 ألف دونم، وتنتج عددا من المحاصيل أبرزها الزيتون والعنب واللوزيات.
تميزت بلدة قباطية بأهمية إستراتيجية عبر العصور بفضل موقعها الجغرافي المميز، فقد كانت مركزا مهما للقوافل التجارية منذ العهد الروماني، خاصة أثناء حكم الإمبراطور ديوكلتيان في القرن الثالث قبل الميلاد، حين ارتبطت تجاريا بمصر وبلاد الشام ومناطق أخرى في آسيا.
استمرت هذه الأهمية في العصور الإسلامية المتأخرة، إذ أصبحت قباطية مركزا تجاريا رئيسيا ومحطة استراحة للقوافل، لا سيما في زمن العهد الفاطمي.
وأكدت المواقع الأثرية المنتشرة في المنطقة على أهميتها التاريخية، إذ شهدت البلدة وجود عدد من القرى والمدن التي تعود إلى العصور الكنعانية والرومانية أبرزها:
في العصر الروماني: خربة بلعمة (البرج)، خربة أم البطم، خربة أم النمل.
في العصر البرونزي: خربة النجار، خربة أبو غنام، خربة سبعين، خربة زعترة، خربة سفيريا، خربة جنزور، خربة نهاوند.
أما في العصر الحديث فقد تعرضت قباطية للاحتلال الإسرائيلي كما هو الحال مع باقي قرى وبلدات الضفة الغربية، أثناء حرب الأيام الستة في يونيو/حزيران 1967، وبعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، أُدرجت البلدة ضمن منطقتي (أ) و(ب) وفق التصنيفات الإدارية للضفة الغربية.
معقل للمقاومة
تعتبر بلدة قباطية إحدى أبرز معاقل المقاومة الفلسطينية، فقد سجلت حضورا قويا في مختلف مراحل النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، بدءا من ثورة عز الدين القسام في ثلاثينيات القرن الـ20، مرورا بالانتفاضتين الأولى والثانية، وصولا إلى انتفاضة القدس والعمليات الفدائية وما بعدها.
كان لأهالي قباطية إسهام بارز في ثورة القسام عام 1936، وشارك عدد من أبنائها في العمليات الفدائية ضد الانتداب البريطاني، منهم محمد أبو جعب، الذي استشهد عقب تنفيذه عملية اغتيال “أندروز” الحاكم العسكري البريطاني في اللواء الشمالي عام 1937.
ومع اندلاع انتفاضة الحجارة عام 1987 أصبحت قباطية مركزا لنشاط مجموعات الفهد الأسود التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، والتي نفذت عددا من العمليات ضد الاحتلال، كما برز دور أبناء البلدة في تأسيس أولى خلايا كتائب القسام في الضفة الغربية بقيادة الشهيد عبد القادر كميل.
مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، تصدرت قباطية المشهد المقاوم مجددا، وقدمت أعدادا كبيرة من الشهداء والمجاهدين ضمن كتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح وسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وشهدت البلدة عمليات اقتحام متكررة من قوات الاحتلال، التي حاولت قمع نشاط المقاومة لكنها لم تستطع إنهاء حضورها القوي في الميدان.
وكان للشهيد رائد زكارنة -أحد أبناء قباطية- دور بارز في تنفيذ أولى العمليات الاستشهادية التي أشرف عليها المهندس يحيى عياش، ونفذها زكارنة في مدينة العفولة عام 1994 انتقاما لمجزرة الحرم الإبراهيمي، وقُتل فيها تسعة إسرائيليين وأصيب العشرات.
وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول 2015 حاصرت قوات الاحتلال بلدة قباطية ثلاثة أيام وأغلقت كافة المداخل الرئيسية المؤدية لها وشنت حملة اعتقالات بعد عملية نفذها ثلاثة من أبناء البلدة، أسفرت عن قتل مجندة إسرائيلية وإصابة أخرى بجروح خطيرة.
حينها ذكر المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت يوآف زيتون أن بلدة قباطية أصبحت ساحة رئيسة لعمليات الجيش الإسرائيلي نظرا لانطلاق منفذي الهجمات منها.
وأضاف أنه في مواجهات سابقة كان يخرج شبان تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عاما يحملون أسلحة كلاشينكوف وبنادق أوتوماتيكية أو عبوات ناسفة لتوجيهها ضد الإسرائيليين، أما في “الموجة الحالية من الهجمات فبتنا نرى فتيانا وفتيات صغيرات تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما يحملون السكاكين لقتل اليهود رغم وجود اقتناع لديهم بأنهم سيموتون فور تنفيذ العملية”.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بثت سرايا القدس مشاهد من تفجير مقاتليها آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي والاشتباك مع جنوده في بلدة قباطية، وذلك بعد اقتحام قواته للبلدة ضمن سلسلة اقتحامات طالت مدنا وبلدات في الضفة الغربية.
المسجد القديم
يقع في مركز بلدة قباطية وتبلغ مساحته حوالي 2700 متر مربع. يعود تاريخ إنشائه إلى العهد العثماني، ويتميز بتصميمه المعماري المستوحى من الفن العثماني. في بدايته كان يتألف من غرفتين كبيرتين فقط، ثم خضع لعمليات توسعة شملت إضافة مئذنة.
مسجد صلاح الدين
تأسس عام 1981م على أرض تبلغ مساحتها 3 آلاف متر مربع، تبرع بها أحد أبناء البلدة، أما البناء نفسه فقد بلغت مساحته 800 متر مربع، وتم تمويل تكاليفه من تبرعات أهالي البلدة.
سوق الخضار والفواكه
يقع عند المدخل الغربي للبلدة، وهو ثاني أكبر سوق للخضار والفواكه في محافظة جنين. أنشأته بلدية قباطية بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، فقد أدت إجراءات الحصار الإسرائيلي على مدينة جنين إلى صعوبة وصول المزارعين إلى السوق المركزي هناك.
يمتد السوق على مساحة تُقدر بحوالي 8 آلاف متر مربع، ويشكل مركزا مهما لتجارة المحاصيل الزراعية في المنطقة.
Source: Apps Support
جبلة الأدهمية “عروس الساحل السورية” ومدينة القسّام
مدينة سورية تتبع محافظة اللاذقية وتطل على البحر الأبيض المتوسط، وهي من المدن القليلة التي لا يعرف تاريخ نشأتها على وجه التحديد، وهي الأرض التي ولد عليها الشيخ عز الدين القسام المجاهد السوري الذي قاد ثورة ضد إسرائيل، وسمت عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جناحها العسكري.
الموقع والجغرافيا
تقع مدينة جبلة على الساحل السوري، وتتبع إداريا لمحافظة اللاذقية، وترتفع عن سطح البحر بمقدار 20-30 مترا، وتحيط بها جبال شاهقة تزينها الطبيعة الخلابة.
تمتد مدينة جبلة على مساحة تقدر بـ600 كيلومتر مربع، وتقع على بعد 30 كيلومترا جنوب مدينة اللاذقية، بمحاذاة ساحل البحر الأبيض المتوسط.
تحدها شمالا اللاذقية، وغربا البحر الأبيض المتوسط، وشرقا الجبال الساحلية، بينما تتصل جنوبا بمحافظة طرطوس، مما يجعلها جزءا من إقليم الساحل السوري المعروف بمناخه المعتدل.
ويتميز هذا الإقليم بشتاء لطيف البرودة وصيف معتدل الحرارة نسبيا، مما يمنح جبلة طبيعة مناخية مريحة على مدار العام .
وينتمي أغلب سكان جبلة للطائفة السنية، وتحيط بها قرى علوية من جميع الاتجاهات باستثناء الجهة الغربية حيث يوجد البحر، وتم التعامل مع سكانها في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد على أنهم معارضون للنظام، لذلك تعرضوا لكل أنواع القمع والاضطهاد، في حين كان العلوية فيها يؤيدون النظام.
ووفقا لإحصائيات عام 2009، بلغ عدد سكان جبلة 160 ألفا، ويصل العدد إلى 250 ألفا عند احتساب سكان الريف المجاور.
ومع مرور الوقت بدأ التحول السكاني بسبب انتقال أعداد كبيرة من العلويين من الريف إلى المدينة، حتى وصل عدد السكان العلويين قبل الثورة السورية عام 2011 إلى ما يقارب نصف عدد سكانها.
حافظت مدينة جبلة على اسمها المشرقي منذ أكثر من 3 آلاف عام، رغم تعرضه لبعض التحريف عبر العصور. وقد ورد اسمها في النصوص الأوغاريتية بصيغة “جبعلا”، ويُرجح أن يكون مشتقا من معنى “الجب العالي” أو “البئر العميقة”، نظرا لانخفاض مستوى المياه الجوفية في المنطقة وعمق آبارها.
ومع دخول العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية، تغير لفظ الاسم إلى “غابالا”، بسبب غياب حرف العين في اللغتين اليونانية واللاتينية.
جبلة واحدة من المدن التي لا يُعرف تاريخ نشأتها على وجه التحديد، لكن تفيد وثائق تاريخية أن الفراعنة احتلوها قبل نحو 4 آلاف عام، مما يدل على عمقها الحضاري في التاريخ القديم.
في عام 2007، كشف مؤتمر إشبيلية للمدن التاريخية عن وثيقة تشير إلى أن الإنسان استوطن جبلة قبل أن يصل إلى دمشق بـ27 ألف سنة، مما يجعلها واحدة من أقدم المدن المأهولة في التاريخ.
وشهدت جبلة على مر العصور 3 زلازل مدمرة، كان آخرها في القرن الـ19، إلا أن أهلها أعادوا بناءها في كل مرة، مؤكدين قدرتهم على الصمود في وجه الكوارث الطبيعية.
خضعت جبلة في حقب تاريخية متعددة لنفوذ المصريين القدماء، الذين أطلقوا عليها اسم “كورنا”، لكن سكانها رفضوا الاحتلال وقادت مملكة “سيانو” -الواقعة في ريف جبلة على تل مرتفع- حروبا متواصلة ضد المصريين الذين كانوا يطمحون للسيطرة على البحر.
بعد خروج المصريين، دخل الحثيون المدينة، ويقدر المؤرخون أنها ظلت تحت حكم الفراعنة والحثيين لنحو 3 قرون، ثم أصبحت جزءا من مملكة أوغاريت الفينيقية، إذ ورد ذكرها في آثار أوغاريت ورأس شمرا، وتأثرت بالحضور السياسي والعسكري للفينيقيين، مما جعلها تُلقب بـ”مهد طائر الفينيق”.
من الآشوريين إلى الفتح الإسلامي
في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد، سيطر الآشوريون على جبلة، وتلاهم البابليون في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد.
وجاء الإغريق في القرن الرابع قبل الميلاد، ويُعتقد أن ملامح المدينة الحديثة بدأت بالتشكل في هذه الفترة، بعد مرور الإسكندر المقدوني بها عام 333 قبل الميلاد، في إطار تأسيسه لمدينة اللاذقية القريبة.
في العهد اليوناني، حملت جبلة اسم “زيبالا”، قبل أن يستولي عليها الرومان عام 64 قبل الميلاد، ليغيروا اسمها إلى “جابالا”. وقد ترك الرومان بصمتهم العمرانية فيها، وشيدوا مسرحا شهيرا ما يزال قائما، ويُعد من أهم المعالم التاريخية في المدينة، وصنّفته الأمم المتحدة ضمن أبرز المسارح الأثرية في العالم.
في العام 638 ميلادي (17هـ)، دخلها المسلمون بقيادة عبادة بن الصامت، ضمن حملة القائد أبي عبيدة بن الجراح، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وأثناء الفتح، اضطر الجيش الإسلامي إلى تدمير المسرح والقلعة الرومانية التي اتخذها الرومان حصنا منيعا، لكن الخليفة معاوية بن أبي سفيان أمر لاحقا بترميم المسرح وبناء قلعة جديدة خارج المدينة، وربطها بمدينة حمص.
وظلت جبلة تابعة لحمص في العصرين الأموي والعباسي، إلى أن دخلت تحت حكم الحمدانيين، فأصبحت جزءا من إمارة حلب، مما عزز مكانتها الإستراتيجية في الشمال السوري.
كما تُعرف جبلة بأنها مسقط رأس الشيخ المجاهد عز الدين القسام، الذي انتقل منها إلى فلسطين ليقود الثورة ضد المشروع الإسرائيلي، حتى استشهد في ثلاثينيات القرن العشرين، وهي أيضا المدينة التي ينتمي إليها الشاعر السوري علي أحمد سعيد إسبر (أدونيس).
الثورة السورية
جبلة من أوائل المدن التي شاركت في المظاهرات الشعبية ضد النظام السوري عام 2011، وكانت من أكثر المدن تعرضا للقمع، على الرغم من أنها كانت من معاقل النظام.
واجهت المظاهرات الشعبية في جبلة حملة من العنف والاعتقالات العشوائية، وسرعان ما تحولت الأحياء السنية فيها إلى مناطق خالية تقريبا من الشباب، بعد أن قتلت قوات النظام العشرات منهم واعتقلت المئات، فيما نزح آخرون هربا من الاعتقالات والتجنيد الإجباري حتى عام 2015.
كانت قوات النظام وميليشيات “جيش الدفاع الوطني” تسيطر على المدينة، وتنفذ حملات مداهمة وتفتيش للمنازل في الأحياء الثائرة، بهدف إرهاب المدنيين ودفعهم إلى الهجرة أو الخضوع لسلطة النظام.
وفي ظل هذا الوضع، كانت الاعتقالات والاختطاف من أبرز الأساليب المستخدمة لإخماد أي احتجاجات أو معارضة، وكانت تقارير “لجان التنسيق المحلية” توثق بشكل مستمر استشهاد العشرات من أبناء المدينة تحت التعذيب في سجون النظام.
على الصعيد الديمغرافي، شهدت جبلة تحولا طائفيا ملحوظا في سنوات الثورة. إذ كانت المدينة في البداية تسكنها غالبية سنية، إلا أن التوسع المستمر للسكان العلويين من ريف جبلة إلى المدينة قبل الثورة أدى إلى تحوّل التوازن الطائفي.
وتحول مطار جبلة من مطار مدني قبل الثورة، إلى مركز عسكري حيوي للنظام ومركز رئيسي للعمليات العسكرية الجوية، وكانت الرحلات العسكرية تستحوذ على جميع جداول الطيران، في حين تراجعت الرحلات المدنية بشكل ملحوظ، كما كان المطار يُستخدم لنقل الجنود والمعدات العسكرية إلى مختلف الجبهات.
وفي ظل هذه الظروف القاسية، كانت المدينة تشهد محاولات متواصلة من بعض الناشطين المدنيين لإبقاء الثورة مشتعلة، على الرغم من القمع الممنهج، ففي عام 2014، وزّع نشطاء منشورات تحذر من انتخاب بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية، متحدين بذلك حصار الأمن والشبيحة.
وعلى الرغم من قلة الموارد والتضييق الأمني، استمر المدنيون في جبلة بنشر رسائل معارضة وتوثيق الانتهاكات، معتمدين على أساليب غير مسلحة نتيجة للوجود المكثف للقوات الأمنية التي كانت تراقب المدينة عن كثب.
المعارضة المستمرة جعلت المدينة في مصب الاستهداف المستمر للناشطين، مما جعل جبلة تشهد موجة من التهجير المنظم للسنة، وباتت أحياء كاملة خالية من السكان الأصليين بعد عمليات القتل والاعتقال.
وعاشت المدينة حالة من النزوح الجماعي، وفر العديد من شبابها باتجاه أوروبا عبر البحر أو انضموا إلى الجيش السوري الحر في ريف اللاذقية هربا من الاعتقال أو الموت، مع استيلاء قوات النظام على منازلهم، مما جعل المدينة خاوية من أهلها.
أما من بقي في المدينة، فقد كانوا من كبار السن والنساء الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة ضائقة اقتصادية خانقة بسبب قطع النظام للكثير من الخدمات الأساسية.
وكان النظام يعاقب السكان بسبب مشاركتهم في المظاهرات المطالبة بإسقاطه، ما أدى إلى إغلاق المحلات التجارية ومنع الصيادين من العمل. كما صادر النظام زوارق الصيد، واعتقل الصيادين بحجة تهريب الأسلحة والشباب الهاربين، بينما أغرق بعض الزوارق مع صياديها في البحر.
إلى جانب ذلك، فقد فرض النظام حصارا غير معلن على المدينة، وقطع الماء والكهرباء عن الأحياء السنية، بينما كانت الأحياء الموالية تستفيد من الخدمات بشكل مستمر.
سقوط آل الأسد
شنت المعارضة السورية عملية عسكرية على النظام السوري في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 سمتها “ردع العدوان”، وتمكنت في 12 يوما من السيطرة على معظم المدن السورية والوصول إلى العاصمة دمشق بالتوازي مع هرب الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد إلى خارج سوريا.
وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2025 أعلنت المعارضة السورية المسلحة أنها أكلمت السيطرة على مدينة منبج شمال شرق حلب بعد معارك مع الوحدات الكردية، كما سيطرت على مدينة جبلة قرب قاعدة حميميم الروسية بمحافظة اللاذقية.
وعاد الساحل السوري إلى المشهد مجددا في السابع من مارس/آذار 2025 بعد كمائن مسلحة نفذتها فلول نظام الرئيس المخلوع في محيط جبلة بريف اللاذقية، وأدت إلى مقتل 15 من أفراد الأمن العام.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مدير الأمن العام في اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي، قوله إنه “باعتداء مدروس هاجمت مجموعات من فلول النظام نقاطا للأمن بجبلة -وريفها- التابعة للمحافظة مما أوقع شهداء ومصابين”.
وفي السياق ذاته قال الخبير العسكري عصمت العبسي إن “نظام الأسد يحاول إعادة إشعال الفتنة في منطقة الساحل من خلال استنفار وتحريك بعض قواته وتنفيذ عمليات هجومية ضد قوى الأمن”.
ووفق حديث العبسي للجزيرة، فإن “فلول نظام الأسد تحاول الاستقواء بقوى خارجية”، مستندا إلى تصريحات إيرانية، وكذلك وصف التحركات الأخيرة بأنها معدة مسبقا.
أبرز المعالم
تشتهر مدينة جبلة بعدد من الحرف التقليدية منها صناعة السكاكين والصابون، إلى جانب بناء مراكب الصيد التي تلبي احتياجات الصيادين المحليين. كما تعد صناعة الحلويات جزءا من هويتها، إذ تشتهر بـ”الكنافة الجبلاوية”، التي تحظى بشعبية واسعة داخل المدينة وخارجها.
ولا تقتصر جبلة على الحرف التقليدية، بل تعد أيضا مركزا تجاريا نشطا، وتضم أسواقا متنوعة تلبي احتياجات سكانها وزوارها. ومن أبرز هذه الأسواق: سوق الذهب وسوق الخضار وسوق السمك، إضافة إلى تجمعات للخياطين واللحامين وتجار الأقمشة، مما يجعلها نقطة تجارية حيوية على الساحل السوري.
ويعد المسرح الروماني من أبرز المعالم التاريخية في المدينة، ويعود إلى القرن الثاني الميلادي، ويعتبر واحدا من أفضل وأهم المسارح الرومانية في منطقة الشرق الأوسط.
ويعتبر جامع السلطان إبراهيم معلما إسلاميا تاريخيا يعود إلى العصر المملوكي، يتميز بتصميمه المعماري الفريد ويعد من أبرز معالم جبلة الإسلامية.
يعتمد اقتصاد مدينة جبلة على قطاعات عدة أساسية، أبرزها:
الزراعة: بفضل تربتها الخصبة وقربها من نهر السن، تشتهر جبلة بزراعة الحمضيات والزيتون، وتعد هذه المحاصيل من الركائز الأساسية لاقتصادها.
الصيد البحري: موقعها الساحلي جعلها مركزا رئيسيا لصيد الأسماك، مما يوفر مصدر دخل مهم لأبنائها ويغذي أسواقها المحلية.
Source: Apps Support