صيادو صُور اللبنانية.. معاناة بسبب الحرب وما بعدها
صور منير قبلان- عاد حسن غانم من رحلته في بحر مدينة صور (جنوبي لبنان)، وها هو في ميناء الصيادين يخلّص شباكه، ليس من الأسماك الوفيرة، وإنما من النفايات العالقة، في مشهد يحكي معاناة الصيادين اليوميّة في جنوب لبنان، جراء واقع البحر المرير وانعكاسه سلبًا على معيشة الصيادين.
تراجع الثروة السمكية
يُجمع الصيادون الذين التقتهم الجزيرة نت في ميناء الصيادين في مدينة صور، على أن الثروة السمكيّة في تراجع كبير وخطير، إذ إن هناك أنواعًا مختلفة في البحر اللبناني باتت مفقودة، بسبب العوامل الطبيعية وتلويث البحر بشتّى أنواع الملوثات، فيما يؤكّد غانم على أنها انخفضت بنسبة 90%.
بدوره يشير نائب رئيس نقابة صيادي الأسماك في صور سامي رزق في حديثه للجزيرة نت إلى أن المواسم التي كان يُعتمد عليها في السابق لم تعد موجودة، “وقد دخلنا موسم الربيع لكن دون جدوى”، مرجعا السبب لعوامل طبيعية أدت إلى تغيّر أنواع الأسماك، حيث دخلت أسماك من البحر الأحمر، واختفت أنواع أخرى كان يعتمد عليها الصياد اللبناني، كذلك تلوُّث البحر بفعل البشر وبسبب الحرب ورمي القذائف والقنابل وحركة البوارج فيه.
الحرب الإسرائيلية فاقمت الأزمة
ولم يكن قطاع صيد الأسماك في لبنان بمنأى عن نتائج الحرب الحاصلة، فمنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بات هناك صعوبة للوصول إلى البحر، خاصة مع تحذيرات مستمرة كان قد أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي للصيادين والمواطنين لعدم نزولهم للبحر والشاطئ، فيما أطلقت مسيراته صواريخها على صيادين كانوا على شاطئ المدينة في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وأدى ذلك لاستشهاد اثنين منهم.
هذا الحظر البحري طوال فترة الحرب (التي توقفت نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2024) وخاصة مع توسعها بعد 23 سبتمبر/أيلول 2024، أدى إلى تهجير الصيادين من الجنوب نحو بيروت، وبقيت مراكبهم فارغة لفترات طويلة، مما تسبب لهم بخسائر اقتصادية فادحة.
يشير النقابي رزق إلى أن الحرب قلّصت عمل الصيادين تدريجيًا حتى أصبح شبه مشلول، إلى أن وصل الأمر إلى 27 سبتمبر/أيلول 2024، حيث توقف الصيادون عن العمل لمدة 3 أشهر ونصف تقريبًا، حيث كان الوضع سيئًا للغاية، مما أرغم الصيادين على النزوح.
ويلفت رزق إلى أن أضرارا جسيمة لحقت بالزوارق، فقد توقفت عن العمل لفترات طويلة والآن هي بحاجة إلى الصيانة، إضافة إلى تلف الشباك بسبب تعرضها لأشعة الشمس، مما زاد من خسائرهم المادية، فضلا عن المصاريف التي أنفقوها بدل إيجار السكن وتوفير الطعام والتنقل خلال الحرب.
ويؤكّد الصياد عادل العابدي أن بعده عن البحر لمدة 3 أشهر تقريبا بسبب الحرب، ألحق به خسائر كبيرة، فهذه الأشهر أساسية بالنسبة له كصياد، فهو لا يملك أي مصدر آخر للعيش الكريم ويقول: أنا رب أسرة ولدي التزامات، تخيل منذ شهرين ونصف إلى 3 أشهر أنا بدون راتب، وهذا الراتب هو الأساس الذي أعتمد عليه، ولا يوجد لدي أي عمل آخر سوى البحر.
مصطفى شاهين وهو صياد وصاحب مسمكة في مدينة صور، يؤكّد على أن الحرب أثّرت على جميع الصيادين، ويشرح كيف تم منعه من الصيد في البحر بشكل نهائي بسبب التهديدات الإسرائيلية، ويلفت إلى أن البعض كان ينزل إلى الشاطئ فقط ليضع الشباك ويصطاد، علّه يعود ببعض الأسماك ليبيعها ويؤمن قوت يومه.
الصيد غير القانوني يتصاعد
ولطالما كان الصيد غير القانوني المشكلة الأبرز التي تتهدد الثروة السمكية في لبنان، إذ يلجأ بعض الصيادين الذين يضربون بقانون الصيد البحري عرض الحائط، والذي ينص على حجم فتحات الشباك المسموح باستعمالها، وكذلك يمنع استخدام السموم أو المتفجرات بعمليات الصيد، وذلك للحفاظ على هذه الثروة، إلا أن البعض يجد في الممنوعات فرصة ثمينة لحصد أكبر عدد ممكن من الأسماك عبر الشباك ذات الفتحات الضيقة أو استخدام المتفجرات التي تفتك بكل ما هو حي تحت سطح البحر.
ويلفت الصياد غانم إلى أن مشكلة المتفجرات كبيرة جدًا، حيث يستغّل الصيّاد تجمّع الأسماك مع بعضها البعض، ويقوم برمي الديناميت عليها لتنفجر، وهذا يؤدّي إلى هلاك جميع الأسماك من كل الأحجام ويقول: “الديناميت يُستخدَم تحت الماء فيُدمِّر جميع الكائنات الحية، ويُصبح قاع البحر كالصحراء الخالية من الحياة، حتى الإسفنج الذي كان موجودا بكثرة، اختفى تمامًا بسبب هذه المواد التي تُلقى في البحر”.
لا تعويضات حتى الآن
وعلى الرغم من وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي لما يزيد عن 3 أشهر، ومع عودة الصيادين إلى مراكبهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا القطاع، فإن هؤلاء لم يتلقوا أي مساعدة من الدولة اللبنانية، مما فاقم من تداعيات الأزمة عليهم، وقد يدفعهم ذلك إلى ترك البحر والبحث عن مصدر رزق آخر.
وفي هذا السياق، يشير النقابي رزق إلى تواصل النقابة مع الدولة ومع الهيئة العليا للإغاثة ومجلس الجنوب والمؤسسات خاصة لكن دون جدوى، ونوّه إلى أنه في كل الحروب التي مرّت على لبنان في العام 1996 و2006 قُدمت المساعدات للصيادين من الدولة والجهات المعنية، أما اليوم فلم يسأل أحد عن حال الصيادين.
وناشد الصياد غانم الدولة أن تولي الصيادين والبحر الاهتمام اللازم، كون 70% إلى 80% من الصيادين توقفوا عن العمل، ويقول: “انظروا إلى المراكب فلن تجدوا أحدًا، وفي البحر لن تجدوا أسماكًا، وعلى الدولة أن تدعمنا وتساندنا، وأن تلاحق المخالفين الذين يتسببون بتلويث البحر والذين يصطادون بالمتفجرات، لكي ننقذ بحرنا مصدر عيشنا من هذه المصائب، فنحن باستطاعتنا أن نؤمّن السمك للسوق المحلي إذا استطعنا حماية البحر ودعم الصيادين، عوضًا عن دفع المبالغ الطائلة لاستيراد الأسماك من الخارج”.
وزارة الزراعة
مدير التنمية الريفية والثروات الطبيعية في وزارة الزراعة اللبنانية شادي مهنّا وفي حديث خاص للجزيرة نت، لفت إلى تشدّد وزارة الزراعة في تطبيق القوانين وعلى رأسها قانون الصيد البحري لحماية الثروة البحرية، لكن لا يخفي مهنّا أن هناك نقصًا كبيرًا في عدد حرّاس الأحراش والصيد لدى الوزارة، وعددهم الفعلي اليوم 140 من أصل 360، وهذا العدد لكل لبنان، وبهذا تصعب عملية المراقبة في ظل هذا النقص الكبير.
ويضيف مهنّا: “نحن نتعاون مع القوى الأمنية والجيش اللبناني من أجل قمع المخالفات التي تحصل في البحر وهم يقومون بمهام كبيرة في هذا السياق، ونأمل أن نصل إلى ملء الشواغر في هذه المراكز وتمكين المراقبين، لكي يقوموا بهذه المهام في القريب العاجل”.
وحول التعويضات للصيادين جراء الحرب شدّد مهنّا على ضرورة تعويض الخسائر الناتجة عن الحرب، سواء في المراكب أو في الشباك، مع الإشارة إلى أنّ هناك 8 صيّادين استُشهِدوا خلال الحرب، مؤكّدا على أن الوزارة تعمل على توفير الدعمٍ المُناسب بالتّعاون مع الجهات المانحة لجميع القطاعات الزراعية، وليس فقط قطاع الصيد، لأنها تدرك أهمّيّة هذا القطاع.
وختم مهنا بالتأكيد على أن وزارة الزراعة لديها مشاريع لتطوير قطاع الصيد، وهناك مشاريع تقدِّم شباكا جديدة مطابقة للمواصفات لمنطقتي صور والجنوب، وتعمل الوزارة أيضًا مع البنك الدولي وجهات مانحة أخرى على تقييم الاحتياجات المُلِحّة، لتوفير الدعم السريع للصيادين.
Source: Apps Support
باكستان وأفغانستان.. أزمات متفاقمة ومستقبل غامض
تشهد العلاقات بين أفغانستان وباكستان في المدة الأخيرة تدهورا غير مسبوق ينذر بتصعيد قد يهدد استقرار المنطقة، ويعكس هذا التدهور الذي تفاقم خلال الأسابيع الماضية تراكمًا طويل الأمد للتوترات التاريخية والسياسية والأمنية بين البلدين.
ومع بروز مؤشرات جديدة تضع العلاقات على حافة الهاوية، تطرح تساؤلات عن مآلات الأزمة بين الدولتين الجارتين وتداعياتها على الطرفين والمنطقة.
معبر طورخم الحدودي
يستمر إغلاق معبر طورخم، الشريان الاقتصادي الرئيس بين البلدين، منذ أكثر من 3 أسابيع مما تسبب في أزمة إنسانية واقتصادية.
وجاء الإغلاق في سياق توترات أمنية متصاعدة، وذلك يعكس إستراتيجية باكستان التقليدية في استخدام المعابر الحدودية أداة ضغط سياسي على كابل. ويمثل المعبر لأفغانستان، البلد المحاط باليابسة، أهمية حيوية للاستيراد والتصدير، وتوقفه يهدد بارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة معاناة السكان.
وتقول مفوضية الحكومة الأفغانية في طورخم إنه “في كل مرة يحاول الجانب الأفغاني إقامة منشآت على الأراضي الأفغانية، نواجه رد فعل من حرس الحدود الباكستانيين الذين يقومون بعد ذلك بإغلاق معبر طورخم”.
وتقول المصادر الباكستانية إن مشكلة إغلاق الحدود واندلاع الاشتباكات بين الطرفين نشأت عن تصاعد الخلافات حول ترسيم نقاط حدودية.
يُستخدم هذا الطريق لتنقل آلاف المواطنين الأفغان، وتنقل عبره البضائع القادمة من ميناء كراتشي في باكستان، ويُستخدم هذا الطريق أيضًا للتجارة ونقل البضائع بين باكستان ودول آسيا الوسطى.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول أفغاني أنه بعد إغلاق الحدود، تقطعت السبل بنحو 5 آلاف شاحنة تحمل سلعًا تجارية، بما في ذلك الفواكه والخضراوات الطازجة والأغذية، على جانبي الحدود.
ووفق تصريحات لوزارة الصناعة والتجارة الأفغانية، فقد بلغ إجمالي التجارة بين أفغانستان وباكستان في عام 2024 نحو 2.5 مليار دولار، وأغلب هذا التبادل يتم عبر المنفذ الحدودي في طورخم.
وفي تطور يعتبر تصعيدا للتوتر الحدودي بين أفغانستان وباكستان، شهد معبر طورخم اشتباكات عنيفة بين القوات الأفغانية والباكستانية في الأيام الأخيرة، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، مما أدى إلى نزوح عشرات العائلات من المنطقة على طرفي الحدود.
وكتبت صحيفة داون الباكستانية في افتتاحيتها يوم 9 مارس/آذار الحالي “إن النزاع حول طورخم يحتاج إلى حل دائم، وكذلك كل الخلافات المتعلقة بالحدود الباكستانية الأفغانية، حتى لا تنقلب حياة الناس رأسًا على عقب بسبب الإغلاق والعنف كل بضعة أشهر”.
وأضافت أنه “يتعين على باكستان أن تعالج هذه القضية على مستويات أعلى مع سلطات طالبان، مع ترسيم الحدود بوضوح حتى لا تنشأ النزاعات”.
اغتيال الشيخ حامد الحق حقاني
أودى تفجير بتاريخ 28 فبراير/شباط الماضي، في جامع اكورة ختك بمقاطعة خيبر بختونخوا الباكستانية، بحياة الشيخ حامد الحق حقاني مدير دار العلوم الحقانية في باكستان، وهي المؤسسة التي تخرج فيها العديد من قادة حركة طالبان الذين يحملون لقب الحقاني في أسمائهم نسبة إلى المدرسة الحقانية.
وشكل هذا الحادث ضربة لحركة طالبان في أفغانستان، نظرًا للدور التاريخي لدار العلوم الحقانية كحاضنة أيديولوجية لحركة طالبان ودعمها بفتاوى فقهية وتزويدها بمقاتلين.
ويقول مصدر مطلع للجزيرة نت “إن اغتيال الشيخ حامد الحق، الذي كان يحمل إرث والده الشيخ سميع الحق المعروف بأبو طالبان، قد يُفسر على أنه محاولة لإضعاف الروابط بين طالبان الأفغانية وداعميها التقليديين في باكستان”.
جدير بالذكر أن مدرسة الحقانية أسست على يد والد مولوي سميع الحق، الشيخ عبد الحق، في سبتمبر/أيلول عام 1947، بعد شهر من إنشاء دولة باكستان وتتمتع بمكانة خاصة في الأوساط الدينية الباكستانية، وتُعرف أيضا بأنها محضن حركة طالبان لكون كثير من قيادات الحركة من خريجي هذه المدرسة.
ويأتي اغتيال حامد الحق في الوقت الذي تكافح فيه باكستان تجدد أعمال العنف المسلح، خاصة في مناطق حدودها الغربية في إقليم خيبر بختونخوا وإقليم بلوشستان المتاخمين لأفغانستان.
ومنذ عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في عام 2021، تصاعد النشاط المسلح داخل الأراضي الباكستانية، وفي العام الماضي سجلت باكستان أعلى عدد من الضحايا إذ قُتل أكثر من 1500 شخص من مدنيين وعناصر أمن ومسلحين، وفقًا لمركز البحوث والدراسات الأمنية ومقره إسلام آباد.
اقتحام قاعدة عسكرية
في الخامس من مارس/آذار الجاري، شهدت منطقة بنو الباكستانية هجومًا نفذته حركة طالبان باكستان، بدأ بتفجير سيارة مفخخة تبعه اقتحام قاعدة عسكرية. وبحسب المعلومات الأولية، قُتل 12 شخصا، بينهم 4 أطفال، وأصيب 30 آخرون في هذا الهجوم.
ويعزز هذا الهجوم الرواية الباكستانية التي تتهم طالبان الأفغانية بتوفير ملاذ آمن لطالبان باكستان على أراضيها، وهو اتهام تنفيه كابل باستمرار، وتقول حكومة طالبان إن جذور انعدام الأمن في باكستان تكمن داخل أراضي البلاد نفسها.
ويضع التصعيد العسكري من جانب طالبان باكستان ضغوطًا إضافية على إسلام آباد التي تواجه تحديات أمنية داخلية متفاقمة.
اتهامات طالبان للجيش الباكستاني
وفي سياق تبادل الاتهامات بين كابل وإسلام آباد بإيواء المجموعات المسلحة وحمايتها، وجه المتحدث باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد لأول مرة اتهامًا صريحًا للجيش الباكستاني بإيواء مقاتلي تنظيم الدولة-خراسان وإرسالهم إلى أفغانستان.
وفي مقابلة مع قناة آريانا نيوز الأفغانية، قال مجاهد “إن مراكز وملاجئ داعش تقع في إقليم بلوشستان بباكستان والمجموعة تعمل بدعم من الجيش الباكستاني”، وأضاف “يجب أن تتوقف هذه العملية ويجب عدم استخدام تنظيم داعش لأغراض سياسية”.
وردا على اعتقال باكستان لمنفذ هجوم مطار كابل وتسليمه للولايات المتحدة، قال المتحدث باسم طالبان “إن هذا يشير إلى وجود ملاذات لتنظيم داعش على الأراضي الباكستانية”.
لكن رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف أعلن أن المخطط الرئيسي للهجوم على مطار كابل كان مواطنا أفغانيا قبض عليه في عملية بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية.
ويرى المحللون أن تصريح المتحدث الرسمي باسم حكومة طالبان في كابل يمثل تحولًا كبيرًا في الخطاب الرسمي للحركة التي كانت تتجنب سابقًا المواجهة المباشرة مع إسلام آباد، وهو محاولة لقلب الطاولة على باكستان التي لطالما اتهمت طالبان بالمثل.
دعم باكستان لمطالب ترامب
في محادثة هاتفية مع مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، أبدى إسحاق دار نائب رئيس الوزراء الباكستاني تأييده لمطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستعادة الأسلحة التي تركتها القوات الأميركية في أفغانستان عام 2021 والتي باتت بيد طالبان.
وأعربت وزارة الخارجية الباكستانية عن قلقها إزاء وجود المعدات الأميركية في أفغانستان تحت حكم طالبان، وقالت إنها تدعم أي جهود تبذلها الولايات المتحدة لسحب هذه الأسلحة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، شفقت علي خان، للصحفيين في 6 مارس/آذار الجاري، إن استعادة المعدات الأميركية المتبقية من طالبان من شأنه أن يساعد في ضمان “الأمن الإقليمي”.
هذا التقارب بين إسلام آباد وواشنطن قد يُفسر كمحاولة باكستانية للضغط على طالبان عبر حشد الدعم الدولي، لكنه يثير استياء كابل التي ترى في ذلك تدخلًا في شؤونها الداخلية وتعتبر الأسلحة الأميركية غنائم حرب لا سبيل لإعادتها إلى الولايات المتحدة.
ويرى الباحث الأفغاني عبد الكريم حقمل أن دعم باكستان لمطالب ترامب يشير إلى محاولتها استغلال الضغط الأميركي لكبح جماح طالبان، لكن ذلك قد يدفع كابل إلى تعميق علاقاتها مع دول أخرى مثل روسيا والصين وإيران والهند.
مستقبل العلاقات
لطالما كانت العلاقات الأفغانية الباكستانية مشوبة بالتوتر بسبب الخلاف التاريخي حول الخط الحدودي، والدعم الباكستاني المزعوم لطالبان خلال عقود. ومنذ عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس/آب 2021، كانت إسلام آباد تأمل أن تتحول طالبان إلى حليف إستراتيجي لكن الواقع أظهر عكس ذلك.
فبدلاً من السيطرة على حركة طالبان الباكستانية التي تشن هجمات متزايدة داخل باكستان، أصبحت طالبان الأفغانية مصدر إزعاج لإسلام آباد من وجهة نظرها.
وفي ضوء التطورات الأخيرة والتوترات غير المسبوقة بين باكستان وأفغانستان، يبدو أن العلاقة بين الجانبين تمر بمرحلة حرجة قد تؤدي إلى إعادة تشكيل العلاقات الثنائية بناء على المؤشرات الحالية والمصالح المتضاربة للطرفين.
وإذا استمرت الاشتباكات الحدودية، وتعمقت الخلافات، قد تتجه العلاقة بين الطرفين نحو مزيد من التوتر والقطيعة التدريجية.
ووفق هذا السيناريو، قد تتخذ باكستان خطوات أكثر صرامة ضد طالبان، مثل دعم مجموعات معارضة لطالبان داخل أفغانستان، خاصة أن ثمة تقارير عن لقاءات تمت أخيرا بين قيادات أفغانية معارضة لحكم طالبان ومسؤولين باكستانيين.
ويقول مصدر ذو صلة بحركة طالبان للجزيرة نت إنه “إذا تمكنت طالبان من تثبيت حكمها داخليا وكسب دعم إقليمي أوسع، فقد نشهد تحول العلاقة إلى علاقة ندية، حيث لا تكون طالبان خاضعة للنفوذ الباكستاني كما كان الحال في السابق”.
فالعلاقات بين البلدين تواجه منعطفًا خطيرا تتداخل فيه الأبعاد الأمنية والاقتصادية والسياسية لتخلق أزمة متعددة الجوانب. فباكستان، التي كانت ترى في طالبان أداة لتعزيز نفوذها، تجد نفسها الآن أمام خصم محتمل، بينما تسعى طالبان لتثبيت حكمها وسط تحديات داخلية وخارجية.
ويعتمد مستقبل العلاقات بين البلدين على قدرة الطرفين على احتواء التصعيد والتوصل إلى تفاهمات، لكن الأحداث الحالية تشير إلى أن المنطقة قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من عدم الاستقرار.
Source: Apps Support