أحدث أخبار الفنون الأدائية – 18 ديسمبر 2024

نجم الإقليم.. “السيرة الهلالية” تعود من جديد بصوت رجب السوهاجي

في قلب الصعيد، حيث تتشابك حكايات الماضي مع إيقاع الحياة اليومية، برز صوت مميز أعاد للأغنية الشعبية تألقها وجعل من المواويل فنًا يلامس القلوب.. إنه رجب السوهاجي، ذلك المطرب الذي أخذ على عاتقه مهمة إحياء التراث الشعبي، ليعيد للسيرة الهلالية والمواويل مكانتها في وجدان الناس.

منذ طفولته المبكرة في قرية البربا بمركز البلينا إلى رحلته الطويلة مع الفن، استطاع رجب السوهاجي أن يجعل من صوته جسرًا يعبر بين الأجيال، حيث يجمع بين أصالة الماضي وبساطة الحاضر.

وفي هذا الحوار الخاص، يكشف لنا عن رحلته مع الغناء، أسرار تميزه، وطموحاته الكبيرة في جعل الأغنية الشعبية تراثًا عالميًا.

ما هي بدايات الفنان رجب السوهاجي ؟كانت بداياتي منذ أن أتممت ١٠ سنوات، بدأت بعد حفظي للقرآن الكريم وبدأت أن أقرأه في المسجد، ثم دخلت عالم الغناء بأغاني الست أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش والفنان الكبير عبدالوهاب محمد.

كيف بدأت رحلتك مع الغناء الشعبي؟البداية كانت بسيطة جدًا، كنت أغني في المناسبات العائلية والأفراح القروية، ولم أكن أتوقع أن هذا سيكون مستقبلي، الناس في قريتنا يحبون الفنون الشعبية، فكانت أولى تجاربي في الأفراح، وكان ذلك بدافع إسعاد الناس ومشاركتهم فرحتهم. بعدها بدأ الناس يطلبونني بالاسم، وأصبحت أتنقل بين القرى والمراكز لإحياء الحفلات، ثم توسعت إلى مدن أخرى.

من كان أكبر داعم لك في مشوارك الفني؟في الحقيقة، عائلتي كانت الداعم الأول لي، خاصة والدي الحاج فهمي أبو خشاب من قرية البربا بمركز البلينا الذي كان يؤمن بأن صوتي يمكن أن يحقق شيئًا مميزًا، وكان يعشق الفن وترك أسرته لأجل الفن لأنه كان صديق جابر أبو حسين وكان يصطحبني في الليالي والموالد وأن ابن ١٠ سنوات حتى بقي ليا فقرة معروفة معه وأيضًا لا أنسى دعم أصدقائي الذين كانوا يحضرون حفلاتي الأولى وينشرون سمعتي بين الناس.

من هم المطربون الشعبيون الذين تأثرت بهم في بداياتك؟تأثرت كثيرًا بمحمد طه، لأنه كان يمثل الأغنية الشعبية المصرية في أبهى صورها، وكان لديه قدرة مذهلة على سرد الحكايات من خلال الغناء، وكذلك أحببت شوقي القناوي، الذي أضاف للأغنية الشعبية طابع الموال، وطبعًا حفني أحمد حسن وجابر أبو حسين الذين كانوا أهم مصادر إلهامي، كما استلهمت كثيرًا من التراث الشعبي الصعيدي، ومن الأغاني التي كانت تُغنى في الأفراح والموالد القديمة.

كيف تستلهم كلمات وألحان أغانيك؟الإلهام يأتي من كل شيء حولي: حياتي اليومية، قصص الناس، ومشاكلهم، ففي الصعيد نعيش في بيئة مليئة بالحكايات، سواء عن الحب أو الفقر أو الكفاح، وأحيانًا أجلس مع كبار السن وأسمع منهم أمثالًا وحكايات، وأحوّلها إلى أغاني. كما أنني أحرص دائمًا على أن تكون الأغاني قريبة من وجدان الناس، تعبر عنهم وتشبههم.

كيف ترى تفاعل الجمهور الصعيدي مع فنك؟الجمهور الصعيدي يتمتع بخصوصية كبيرة، فهو جمهور صادق جدًا، يحب الفن الذي يعبر عنه وعن حياته، عندما أغني لهم، أشعر بطاقة إيجابية هائلة، فتفاعلهم لا يقتصر على التصفيق، بل يمتد إلى مشاركتي في الغناء، وهو ما يجعل كل حفلة بمثابة لقاء عائلي كبير.

هل تختلف أذواق الجمهور في الصعيد عن بحري؟

بالتأكيد، جمهور الصعيد يحب الأغاني التي تحمل طابعًا تقليديًا وشعبيًا، بالإضافة للموال، بينما جمهور وجه بحري يميل إلى الأغاني الحديثة التي تتسم بالإيقاعات السريعة، لكنني أعتقد أن هناك نقطة تلاقٍ، وهي الأغنية الشعبية، والجمهور في الصعيد مختلف عن جمهور بحري جمهور الصعيد يتذوق الكلمات بمعنى أصح “سميع” ويتفاعل مع الأغاني والمواويل خاصة أنها نابعة من مجتمعهم ومن مشاكلهم

لماذا سميت سوهاج ببلد المواويل؟سوهاج تميزت ببلد المواويل لتميزها بالموال الكامل بمعني أن في المحافظات الآخرى يبدأوا موال قصير جدًا ثم يدخل في الأغنية، أما سوهاج فتكون الأغنية كلها موال من أولها لآخرها لذلك سميت سوهاج بلد المواويل لما تميزت به.

ما هي الأغنية الأقرب إلى قلبك؟ ولماذا؟الأقرب إلى قلبي هي السيرة الهلالية والتي كانت بمثابة تعبيرًا عن قصة أو تجربة واقعية، وعندما قدمتها شعرت أنني أفتح قلبي للجمهور، فنجاحها كان غير متوقع، خاصة أنهم تعودوا عليها بشكل معين قديمًا، وحاولت تقديمها بشكل جديد وأثبت لي أن الأغاني الصادقة تصل إلى الناس مهما كانت بكل معانيها.

كيف تختار المواضيع التي تناقشها في أغانيك؟أركز على المواضيع التي تلامس قلوب الناس، أحيانًا أتناول قضايا اجتماعية مثل الفقر والغربة، وأحيانًا أتحدث عن الحب والفرح. واهم مواضيعي هي السرد القصصي والواقعي مثل قصة خروج الأيتام والصاحب الزين وحلوة صلاة النبي من السيرة ويجب أن تكون الأغاني مرآة لحياة الناس، تعبر عن أفراحهم وأحزانهم.

ما هي أصعب العقبات التي واجهتك خلال مسيرتك؟أصعب عقبة كانت البداية، حيث لم يكن لدي أي موارد أو إمكانيات لتسجيل الأغاني أو الوصول إلى جمهور أوسع. كنت أعتمد فقط على صوتي وعلى حفلات الأفراح، أيضًا، التحدي الأكبر كان في كسر النظرة النمطية عن الأغنية الشعبية، حيث كان البعض يعتبرها فنًا محدودًا. لكنني عملت على تطوير نفسي وتطوير أدوات الصوت وتدريب الموسيقيين وتقديم شيء مختلف.

كيف استطعت تحقيق شهرة على الرغم من هذه التحديات؟بالصبر والإصرار، كنت استغل أي فرصة لإظهار موهبتي، سواء في الأفراح أو الموالد، أما الآن فوجئت بالعديد من المحبين يسجلون صوتي ويضعوه على وسائل التواصل الاجتماعي، ومع الوقت، بدأ الناس يتعرفون على اسمي، وازداد الطلب عليّ، وهو ما ساعدني على بناء قاعدة جماهيرية واسعة.

من ترى من أبنائك سوف يحمل راية السيرة الهلالية؟أنا معايا ١٣ ولد كلهم بيحبوا الفن ولكن منهم ٦ هما احمد ومحمد ومصطفي ومحمود وكريم وشعراوي، هم من لهم مستقبل في الفن ودايمًا معايا في كل الأفراح والليالي وبقى ليهم فقرات خاصة بيهم

ما هي طموحاتك المستقبلية في عالم الغناء؟أطمح أن أوصل الأغنية الشعبية والسيرة الهلالية إلى مستوى عالمي، وأريد أن أقدم أعمالًا تمثل الثقافة المصرية، خاصة الصعيدية، وتبرز جمال التراث الشعبي، كما أنني أفكر في تقديم أغاني تتناول قضايا إنسانية عامة.

هل لديك خطط للتعاون مع مطربين آخرين؟أنا افتح صدري للجميع، أعتقد أن التعاون مع مطربين من ألوان موسيقية مختلفة يمكن أن يقدم شيئًا جديدًا، وأود العمل مع مطربين شباب لديهم أفكارًا مبتكرة، وربما تقديم دويتو يجمع بين اللون الشعبي وألوان لتقديمها لجمهور الشباب الذي لايعرف اي شئ عن السيرة الهلالية وكيف بدأت

كيف أثرت السيرة الهلالية على فنك الشعبي؟السيرة الهلالية تعتبر كنزًا من كنوز التراث الشعبي، وأنا أستلهم منها الكثير في أغنياتي. هي مليئة بالحكايات البطولية والقيم الإنسانية مثل الكرم والشجاعة، وهذه المعاني تجعلها قريبة من قلوب الناس حتى اليوم. في بعض حفلاتي، أقدم مقاطع مستوحاة من السيرة أو أضيف لمسات منها لأغنياتي، لأنها تمثل جزءًا كبيرًا من هويتنا الثقافية خاصة في الصعيد التي كانت السيرة الهلالية جزء من تكوينة وجزء من حياته في الماضي فهي بالنسبه لنا سيرة بطل صعيدي.

كيف ترى دور الأغنية الشعبية في توثيق حياة الناس وتاريخ المجتمع؟الأغنية الشعبية هي صوت الناس وحكايتهم، فهي توثق كل شيء من أفراحهم وأحزانهم إلى عاداتهم وتقاليدهم، ويمكن اعتبارها أرشيفًا حيًا يعبر عن روح الزمن الذي أُنتجت فيه، وهي وسيلة مهمة لنقل التراث من جيل إلى آخر.

هل تعتقد أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في انتشار الأغنية الشعبية؟ج: بالتأكيد، التكنولوجيا فتحت آفاقًا جديدة أمامنا كمطربين شعبيين، وأصبحت الأغاني تصل إلى جمهور أكبر داخل مصر وخارجها. وسائل التواصل الاجتماعي تساعد في نشر الأعمال بسرعة، وهي فرصة عظيمة للتواصل مع الجمهور بشكل مباشر، لكنها في نفس الوقت تفرض علينا تحديات لتقديم أعمال ذات جودة عالية تحترم ذوق المستمع.

وفي ختام حديثه، يأخذك رجب السوهاجي في رحلة عبر الزمن، حيث يروي بفخر كيف يحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على التراث الشعبي ونقله للأجيال القادمة. يراه ككنز لا يقدر بثمن، يحمل في طياته روح السعيد بكل ما فيه من أصالة وعراقة، حيث القصص التي لا تنتهي عن البطولة والشجاعة، وحيث القيم التي تعكس تفاصيل حياة الناس، بما فيها من كفاح وفرح وحزن.

ويتحدث عن السيرة الهلالية وكأنها مرآة تعكس تلك البطولات، ليس فقط عبر شخوصها مثل أبو زيد الهلالي ودياب بن غانم، بل من خلال ما تمثله من روح التحدي والصمود. يؤكد أن استلهام هذه الملحمة وغيرها من السير الشعبية بمثابة إحياء للهوية الثقافية، وهو أمر يحمله الفن الشعبي بكل صدق وبساطة.

Source: جريدة الدستور