البحث عن الطعام في القمامة… ملاذ أخير للنجاة في غزة
بينما يحوم الذباب حولهما، تبحث امرأة وابنتها في كومة أكياس القمامة عن بقايا طعام عند أسفل مبنى مدمر في مدينة غزة. وجدت كومة صغيرة من الأرز المطبوخ، وبعض فتات الخبز، وعلبة بها بعض بقع الجبن الأبيض.
التقطت إسلام أبو طعيمة قطعاً رطبة من الخبز، ووضعت الجزء الجاف في كيسها. قالت إنها ستأخذ ما وجدته إلى المدرسة التي تعيش فيها مع مئات العائلات الأخرى، لتغليه وتقدمه إلى أطفالها الخمسة. وقالت لوكالة «أسوشييتد برس»: «نحن نموت جوعاً. إذا لم نأكل فسنموت».
ويُعدّ بحث أبو طعيمة عن الطعام علامة جديدة على عمق اليأس الذي وصل إليه سكان غزة؛ إذ دفع الحصار الإسرائيلي المستمر منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر سكانها البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة نحو المجاعة. ولم يُسهم دخول كمية صغيرة من المساعدات في الأسبوع الماضي في تخفيف الوضع تقريباً. قبل الحرب، كان من النادر رؤية أي شخص يبحث في القمامة عن أي شيء، رغم انتشار الفقر في قطاع غزة.
ومنذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أصبح من الشائع رؤية الأطفال يبحثون في أكوام القمامة المتراكمة والمتعفنة عن حطب أو بلاستيك لحرقه في موقد طهي عائلاتهم أو عن أي شيء يستحق البيع؛ ولكن ليس عن الطعام. كما كانوا يبحثون عن الطعام بين أنقاض المباني المتضررة، على أمل العثور على معلبات مهجورة.
لكن إسلام أبو طعيمة تقول إنه لم تعد لديها خيارات. تتجول هي وابنتها وعد، البالغة من العمر 9 سنوات، في أنحاء مدينة غزة، باحثتَيْن عن بقايا الطعام الملقاة في القمامة. وتردف: «هذه هي حياتنا اليومية؛ إذا لم نجمع أي شيء فلن نأكل».
لا يزال الأمر غير شائع، ولكن الآن يُرى الناس وهم يجمعون الطعام من القمامة من حين إلى آخر. يخرج البعض بعد حلول الظلام بسبب العار، وفق ما أفادت الوكالة.
وتتابع: «أشعر بالأسف على نفسي لأنني متعلمة، ورغم ذلك آكل من القمامة»، قالت أبو طعيمة، الحاصلة على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة القدس المفتوحة في غزة.
وقالت إن عائلتها كافحت لكسب عيشها حتى قبل الحرب. عملت إسلام أبو طعيمة لفترة قصيرة في الماضي سكرتيرة في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهي الوكالة الرئيسية للأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين وأكبر جهة توظيف في غزة. كما عملت قارئة للمكفوفين. وعمل زوجها لفترة وجيزة حارس أمن في «الأونروا». وأُصيب في حرب 2021، ولم يتمكن من العمل منذ ذلك الحين.
وفرّت إسلام أبو طعيمة وعائلتها من منزلهم في مخيم الشاطئ للاجئين في الجانب الشمالي من مدينة غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وقالت إنها أُصيبت هي وأحد أطفالها خلال ذلك الوقت في قصف دبابة. وتوجهوا أولاً إلى مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع حيث احتموا في خيمة لمدة خمسة أشهر. ثم انتقلوا إلى مدينة دير البلح المركزية قبل عام عندما غزت إسرائيل رفح لأول مرة. خلال وقف إطلاق النار الذي استمر شهرَيْن وبدأ في يناير (كانون الثاني)، عادوا إلى الشاطئ، لكن مالك الشقة رفض السماح لهم بالعودة لعدم قدرتهم على دفع الإيجار، على حد قولها.
رفضت عدة مدارس تحولت إلى ملاجئ في مدينة غزة في البداية استقبالهم؛ لأنها كانت مخصصة للأشخاص الذين فروا من بلدات شمال غزة. وقالت إن إحدى المدارس لم تمنحهم مكاناً إلا عندما هددت بإحراق نفسها وعائلتها.
وقالت إسلام أبو طعيمة إن عائلتها لا تستطيع شراء أي شيء في السوق، حيث ارتفعت أسعار القليل من الطعام المتبقي للبيع. وأضافت أنها حاولت الذهاب إلى المطابخ الخيرية، ولكن في كل مرة ينفد الطعام قبل أن تحصل عليه. أصبحت هذه المطابخ، التي تنتج وجبات مجانية، آخر مصدر للغذاء للكثيرين في غزة، وتغمرها حشود هائلة كل يوم، تتدافع للحصول على وجبة. وقالت: «الناس يعانون، ولن يكون أحد كريماً معك. لذا فإن جمع الطعام من القمامة أفضل».
خطر الإصابة بالأمراض ليس على رأس قائمة مخاوفها. قالت: «الجوع هو المرض الأخطر».
Source: «الشرق الأوسط
تعدّدت الأشكال و«هوَس البروتين» واحد
البروتين في كل مكان والجميع يريد كميات إضافية منه. يتكدّس فوق رفوف السوبر ماركت على شكل مغلّفاتٍ جذّابة، تحتوي على كل ما هو مدعّم به، من ألواح الشوكولاته وصولاً إلى ألواح الحمّص! ووفق دراسة أجرتها جامعة فلوريدا، فإنّ العنوان العريض لعام 2025 في مجال التغذية يصلح أن يكون «جنون البروتين» الذي يستحوذ على اهتمام الكل، كباراً وصغاراً.
خلال السنوات القليلة الماضية، تحوّل هذا المكوّن الغذائيّ إلى ظاهرة و«تريند». لم يبقَ الحديث عنه محصوراً في عيادات التغذية وأندية الرياضة، بل امتدّ إلى الصالونات وحتى صفحات التواصل الاجتماعي.
تردّ إخصائية التغذية جويل نهرا هذا الهوَس بالبروتين إلى رغبةٍ لدى المستهلك في أن يحافظ على نحافته، وأن يبني عضلاته في آنٍ معاً. لكنها تحذّر في المقابل من أنّ هذا الاعتقاد خاطئ. توضح نهرا في حديثها مع «الشرق الأوسط» أنّ «البروتين يساعد في نموّ العضل ويمنح شعوراً بالشبَع، لكنّ الاكتفاء به ليس الطريقة المثلى لخسارة الوزن». وتشدّد إخصائية التغذية على أنّ «الحمية الغذائيّة المثلى تقوم على المعادلة بين البروتين والنشويّات والدهون الجيّدة».
من أجل البروتين… شيبس بالدجاج!
وجدت المصانع الغذائية العالمية في هذا الهوَس المستجدّ مصدراً للربح، فباتت تتنافس لابتكار ما يجذب المستهلك. دخل البروتين إلى القهوة، والسكاكر، وقوالب الحلوى، والمثلّجات، وحتى المياه!
ذهبت إحدى الشركات الأميركية إلى حدّ تصنيع رقائق الشيبس بالبروتين، أما مكوّناتها فهي صدر الدجاج وبياض البيض ومرقة العظام. مع العلم بأنّ تلك الابتكارات ما عادت تستهوي روّاد النوادي الرياضية حصراً، إنما تشهد نسبة مبيعات مطّردة بما أنّ الجميع يريد إضافة البروتين إلى نظامه الغذائي.
بيتزا وباستا البروتين
حتى الوجبات الأساسية باتت مدعّمة بالبروتين، على رأسها البيتزا والباستا. وإذا تفحّصنا مكوّنات المعكرونة الغنية بالبروتين، يتبيّن أنها عبارة عن مزيج من طحين القمح الذي يُضاف إليه طحين العدس والبازلاء والحمّص، إلى جانب فيتامين «ب» والحديد. وينطبق الأمر ذاته على عجينة «بيتزا البروتين»، التي يُضاف إليها البيض والجبن.
لا تمانع نهرا الاعتماد على تلك البدائل، خصوصاً لروّاد النوادي الرياضية. لكنها تلفت إلى ضرورة تناولها باعتدال والتنبّه إلى المكوّنات، فهي التي تحدّد جودة المنتَج وغناه الفعلي بالبروتين. أما أبرزها فهي بروتين الصويا، ومصل اللبن ومادة الكازيين.
أسباب الهوَس بالبروتين
بالعودة إلى الهوَس المستجدّ بالبروتين، يربطه خبراء التغذية كذلك برواج عقاقير التنحيف مثل «أوزمبيك»، و«ويغوفي»، وغيرها من حقنِ يستخدمها الناس مؤخراً بهدف خسارة الوزن. سارت موضة البروتين إذاً بالموازاة مع موضة «أوزمبيك».
فخلال رحلة التنحيف، يخاطر مستخدمو تلك العقاقير ببنيتهم العضليّة، لأن خسارة الوزن تعني حُكماً خسارة العضلات. لذلك يلجأ كثيرون إلى ترميم العضل عبر تناول الأطعمة الغنية بالبروتين.
إلى جانب موضة «أوزمبيك»، كانت لوسائل التواصل الاجتماعي اليد الطولى في الترويج للبروتين وتحويله بالتالي إلى «تريند». واكبت «السوشيال ميديا»، على رأسها منصة «تيك توك»، الناس في سعيهم الحثيث إلى النحافة والحصول على جسمٍ رياضيّ. أسهمت الفيديوهات المنتشرة على شاشات الهواتف، في تحويل بودرة البروتين من مادّة خاصة بالرياضيين المحترفين إلى مكوّن متوفّر في غالبيّة المنازل.
من حمية «الكارنيفور» (أكلة اللحوم) إلى مزيج «الدايت الكولا» مع شراب البروتين، هذا بعضٌ ممّا انتشر بكثافة على «تيك توك». وقد تحوّل الأمر إلى موجة ركبها المتابعون. وعلى ألسنةِ المشاهير والمؤثّرين، بات البروتين أشبه بالسحر الذي يجعلك تبدو نحيفاً وقوياً في آنٍ معاً.
أي بروتين نختار… الطبيعي أم المصنّع؟
هذا الرواج غير المسبوق للبروتين المُصنّع والمضاف إلى سلع غذائيّة جذّابة، كاد يُنسي المستهلك الحقيقة. فالبروتين مادّة حيويّة موجودة في الغذاء الطبيعي، ويستغرب خبراء التغذية لجوء الناس إلى البودرة والأغذية المصنّعة، في وقتٍ يمكنهم فيه استبدال رقائق البروتين بالبيض المسلوق مثلاً، أو بصدر دجاج.
وفق خبيرة التغذية جويل نهرا، فإنّ أفضل مصادر البروتين هي تلك الحيوانيّة؛ أي اللحوم، والدجاج، والأسماك، والبيض. تليها الحبوب وفي طليعتها العدس، والفاصولياء، والحمّص، والفول. تُضاف إلى قائمة الأغذية الطبيعية الغنية بالبروتين، وإن بنِسَبٍ أقلّ، الخضار ذات اللون الأخضر الداكن؛ مثل: السبانخ، والبروكولي، والهليون.
يفضّل إخصّائيو التغذية هذه المصادر الطبيعية للبروتين على تلك المصنّعة، وغالباً ما يشدّدون على أنّ المصادر النباتية تُسهم في التحضير لشيخوخة صحية، لما تحتوي من ألياف وفيتامينات ومعادن.
لكن ماذا عن بودرة البروتين؟ وهل هي بديل أو مكمّل سليم للمصادر الطبيعية؟
تجيب نهرا أنّ «بودرة البروتين بديلٌ آمن، ويمكن إضافتها إلى الوجبات والمشروبات، لكن بكمياتٍ معتدلة». وتضيف أنه من المفضّل أن يكون مصدرها نباتياً عضوياً.
كمية البروتين المسموح بها يومياً
وفق القاعدة العلميّة المتعارف عليها عالمياً، فإنّ كمية البروتين التي يجب تناولها يومياً هي 0.8 غرام عن كل كيلوغرام من وزن الشخص. توضح نهرا: «إذا كنا نتحدّث عن وزن 65 كيلوغراماً مثلاً، يجب أن تكون كمية البروتين اليومية 52 غراماً». وتضيف: «لكن إذا كان الشخص يمارس الرياضة بشكلٍ دوريّ، يجب أن ترتفع نسبة البروتين التي يتناولها من أجل ترميم العضل، ويمكن الوصول إلى 2.2 غرام يومياً عن كل كيلوغرام من وزن الشخص».
بما أنّهم بحاجة إلى كمياتٍ أكبر من البروتين، من الطبيعي أن يلجأ الرياضيون إلى البودرة. مثلهم يفعل الأشخاص ذوو الانشغالات الكثيرة، الذين لا وقت لديهم لتحضير وتناول وجبات يومية غنيّة. كما أن بودرة البروتين بديل مناسب للأشخاص ذوي الشهية المحدودة.
متى يصبح البروتين مضراً؟
مقابل فوائد البروتين الكثيرة ثمة محاذير يجب التنبّه إليها. أولاً، ليس من المستحبّ التركيز على الأطعمة الغنية بالبروتين وإهمال النشويات والدهون الجيّدة، لأنّ ذلك قد يؤدّي إلى مشكلاتٍ صحية في طليعتها ضعف العضل.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ تناول كميات كبيرة من البروتين، أي أكثر ممّا هو مسموح به يومياً، قد يتسبّب بزيادة الوزن. كما أنّ حميات البروتين المرتكزة إلى اللحوم الحمراء والأطعمة المصنّعة قد تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والكلى.
Source: كاتب