نوستالجيا… “حمدي غيث” الفارس الذي حلم بـ “الملك لير” ولم يلق سيفه حتى النهاية
عندما يُذكر اسم حمدي غيث، يتردد في الأذهان صدى صوته الجهوري الذي ملأ المسارح وأبهر الجماهير في السينما والتلفزيون. كان رجلًا من زمن العمالقة، فارسًا لم يتراجع أمام أدواره، بل اقتحمها بروح المحارب، لكنه في نهاية رحلته، كان لا يزال يحمل في قلبه أمنية لم تتحقق… حلمه بأن يجسد “الملك لير” على المسرح، ويخرج “هاملت” برؤيته الخاصة.
حلم لم يولد على الخشبة
عاش حمدي غيث للمسرح، وقف على خشبته شامخًا، يصول ويجول بالكلمات والإيماءات، لكنه ظل يحمل بين ضلوعه أمنية لم يسعفه الزمن لتحقيقها. كان يرى في “الملك لير” شخصية تليق بقامته الفنية، وكان يتمنى أن يضع بصمته الإخراجية على “هاملت”، لكن القدر كان له رأي آخر، ليبقى هذان الحلمان مجرد صفحات لم تكتمل في كتاب حياته.
من الفلاح الصغير إلى فارس المسرح
ولد حمدي غيث في قرية صغيرة، لكنه لم يكن يومًا صغيرًا في طموحه. ترك كلية الحقوق ليلاحق شغفه في معهد التمثيل، ليصبح الأول على دفعته عام 1947، ويحصل على منحة لاستكمال دراسته المسرحية في باريس، حيث تتلمذ على يد كبار الأساتذة وعاد ليصبح أحد رواد المسرح المصري.
رحلة من المجد والحزن
مسيرة حمدي غيث لم تكن مجرد نجاحات، بل كانت مليئة بالتحديات، وأكبرها كان فقدانه لشقيقه الفنان عبد الله غيث، الذي اعتبره قطعة منه. اضطر لإكمال دوره في مسلسل المال والبنون، لكنه لم يستطع إكمال الحزن الذي لازمه حتى آخر أيامه.
صوت لن يُنسى… وإرث خالد
على المسرح، في السينما، وفي الدراما التلفزيونية، لم يكن مجرد ممثل، بل كان مدرسة قائمة بذاتها. جسد “أبو سفيان” في الرسالة بملامح ثابتة وصوت مزلزل، وأعطى “الشيخ بدار” في ذئاب الجبل هيبته الخاصة، وقدم أدوارًا صنعت التاريخ.
قد يكون “الملك لير” لم يخرج للنور بصوته، لكن ربما لو أغمضنا أعيننا قليلًا، سنسمع صوته يتردد في جنبات المسرح، يهمس بحواره كما لو كان يعيشه… وكأنه لم يرحل أبدًا.
Source: الفجر الفني