“إشراقات الإيمان: تأملات في التراث والوالدين”

علمنا (علي) شيخنا الرّاحل

الجدّ شيخ حدّ، والأب شيخ شمل، والفقيد علم فذّ تخرج من جامعة( آل كبيش)تخصص( من أولي الألباب)، فنال (بكالوريوس الدهاء) في الإقدام والوفاء، و( الماجستير) في الكرم والسخاء، و(الدكتوراه) في التجربة أكبر برهان في الحياة، صبور ذكور شكور، عاش البداوة، ورعى الماشية، وانهمر فوق رأسه الغيث، وغربت الشموس وهو في المرعى في المزرعة في المتجر، عرك الدروب في عالم القوافل، وسابق الوحوش والظلام مدلهم والرعد قاصف والسيل قافل، فارس جولات وجولة، ورجل دولة، شيخ قبيلة، قلّ مثيله، وجفا قبيله، لا يسبق الكلام فكره، ولا يفوت النعمة شكره، ولا يستحي من سوق عذره، متواضع شامخ، بسيط وباذخ، كالسماء حول الأفق تراك ستلمسها وهي الأبعد مدى، كالهواء تلمح أثره ولا تمسكه مهما بدا، تجرأت ذات مساء احتفالي، فألقيت كلمة باسمه دون علمه ولا إذنه، وبعد قرابة اليومين لقيته وجها لوجه، فاستوقفني ومدح وأشاد، وأنا أذوب في مكاني أو أكاد، فعظم في نظري وأعاد برمجتي بابتسامة، ومدّ خيالي بوسامة.

حلّال خلف، راعي سلف، خبير عرف، شذا عرف.

اختار مع قبائل الوطن المجاورة الحلول الضامنة لدائم الوصل بود من غير تحد ولا تعد، وحفظ من قبائل الجوار اليمنية الحدود، بأمر الله ثم بسيف ابن سعود، فذكراه تذهب وتعود طيبا مضمخا بأندى دهن العود.

شارك في شبته؛ لمكانته السامية ومنزلته الوظيفية في القضاء على ظاهرة الألعاب الشعبية المختلطة والتي شاعت بين البدو عبر جولات ليلية، ومناصحة توعوية حتى كفّ الناس عنها وعرفوا آثار جرمها، فعمت المرابع أجواء الإيمان، وزكا المجتمع، وهبّت أنفاس الأمن والأمان.

ذلك هو الشيخ/ علي بن حسين جابر الكبيشي المالكي، شيخ شمل (قبائل آل خالد من بني مالك- جازان-)، الرجل الجبل الذي ذاع ذكره وارتفع صيته خبرا وأثرا وعطرا، فاق جبل (خاشر)علوا في الدار والمدار والجوار، والذي وافاه القدر فجر يوم الثلاثاء (1446/10/3).

ولئن كانت تنقص الأرض من أطرافها، فالناس تنقص من أعلامها ورجالها، ولعمري لشيخنا الراحل، ممن يذرف الدمع لفقدهم، ويردف النشيج حسرة لفرقاهم، فاللهم تغمد هذا الفقيد برحمتك وسابغ مغفرتك، وسع مدخله وأكرم نزله واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأحسن العزاء فيه لأخيه وشيخ شمل آل خالد الحالي اللواء الطيار متقاعد/ فرحان بن حسين جابر الكبيشي المالكي، ولكافة أبنائه وبناته وزوجتيه، ولمن فقده وأحبه ولقبيلته وقيادته ووطنه، وألهم الله الجميع الصبر والسلوان، و” إنا لله وإنا إليه راجعون”.

Source: جابر الخالدي


كان الله في عون الوالدين

بلا شك ذكر عظم شأن الوالدين في مواضيع كثيرة، وخص الأم بشكل بكبير وقوي وغني عن التعريف. فهم كيانان مكملان للوقوف أمام الرياح العاتية.

قبل عدة أيام قرات مقال عن طريق “العم” العزيز – يعطيه الصحة والعافية، والد زوجتي” أم ليان” تتحدث عن الأب: أكثر واحد يأتي بالمال هو الأب، أقل واحد في المصاريف هو الأب، أكثر واحد مضغوط نفسياً بسبب العمل هو الأب. أقل واحد يأخذ إجازة ترفيهية هو الأب، أكثر واحد يضحي بنفسه للعائلة هو الأب. وبكل أسف العائلة لا تشعر بقيمته إلا بعدما يرحل. كان الله في عون الآباء …

عبارات واقعية ومؤثرة وجميلة تعبر عن التصرف الفطري والطبيعي، دعونا نلقى نظرة سريعة على كيفية القاء الضوء عليها من منظور الدين الإسلامي، فهو المنظم للحياة.

كان من الممكن أن نأتي جميعاً إلى الدنيا دفعة واحدة، وأن نغادرها دفعة واحدة، لأن كل ما سوى الله ممكن، ممكن أن نكون، وممكن ألا نكون، وإذا كنا يمكن أن نكون على ما نحن عليه، ويمكن أن نكون على خلاف ما نحن عليه، يعني يمكن ألا يكون هناك آباء وأمهات إطلاقاً، البشر جميعاً يُخلقون دفعة واحدة على وجه الأرض، معنى ذلك أن الدرس ألغي، وألغي معنى قوله تعالى ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾.

فالحقيقة الأولى، الأبوة آية من آيات الله، كيف أن الكون آية من آية الله الدالة على عظمته، كيف أن الشمس والقمر آيتان، والليل والنهار آيتان، قلب الأم وقلب الأب آية، وفي الأعم الأغلب أن الإنسان لا يعرف قيمة الأب إلا إذا أصبح أباً، ولا تعرف المرأة قيمة الأم إلا إذا أصبحت أماً، كيف أن المحبة والحرص والعطف والحنان من أجل أن يسعد ابنهما.

إن صح أن الكون يدل عليه يصح أيضاً أن قلب الأم وقلب الأب يدل على الله، هذا الملمح في قوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)﴾. نظام الأبوة يدلك على الله ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ يعني الأب حينما يكون ابنه كما يتمنى يشعر بسعادة لا توصف.

أراد الله أن يكون وجودنا في الدنيا عن طريق آبائنا وأمهاتنا، وهناك نقطة دقيقة جداً: أنت من نظام الأبوة تعرف الله، ممكن مخلوق يتمنى سعادتك، يتمنى سلامتك يتمنى أن تكون صحيحاً، يتمنى أن تكون غنياً، يتمنى أن تكون متفاهماً مع زوجتك، يتمنى أن يكون لك أولاد أبرار، هذا حال الأب والأم.

أجمل ما قاله الإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام، عن الأب: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ أَكْبَرُ فَرِيضَةٍ. بَرُّوا آبَاءَكُمْ يَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ. مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ بَرَّهُ وُلْدُهُ. مَوَدَّةُ الْآبَاءِ نَسَبٌ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ.

وفي بيان مراد الله تبارك وتعالى ونبيه يقول الراحل الشيخ. محمد متولي الشعراوي “رحمه الله”، وزير الأوقاف الأسبق، إن الله سبحانه وتعالى في توصيته بالأم قد اختصها، لأنها تقوم بالجزء غير المنظور في حياة الابن، أو غير المدرك عقلاً، بمعنى أن الطفل وهو صغير في الرضاعة وفي الحمل وفي الولادة، وحتى يبلغ ويعقل، مضيفاً: “الأم هي التي تقدم له كل شيء، هي التي تسهر لترضعه وهي التي تحمل وهي التي تلد، فإذا كبر الطفل وعقل، فالذي يجده أمامه أباه”.

وفي الختام، نبين الدقة المتناهية لوصف الوالدين والأبوين بالقرآن الكريم، إذا رأيت كلمة (الأبوين)، فاعلم أن الآية قصدت الأب والأم مع الميل لجهة الأب، لأن الكلمة مشتقة من الأبوة التي هي للأب وليست للأم.

أما إذا رأيت كلمة (الوالدين)، فاعلم أن الآية قصدت الأب والأم مع الميل لجهة الأم، فالكلمة مشتقة من الولادة والتي هي من صفات المرأة دون الرجل.

لذا كل آيات المواريث، وتحمل المسؤولية، والتبعات الجسام، إلا وتكون الكلمة (الأبوين) ليناسب ذلك الرجل، فالرجل هو المسؤول عن الإنفاق، فميراثه مصروف وميراثها محفوظ.

قال تعالى: (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك)، وأيضاً قوله تعالى: (ورفع أبويه على العرش).

أما في كل توصية، ومغفرة، ودعاء، وإحسان، إلا وتكون الكلمة (الوالدين)، ليتناسب ذلك مع فضل الأم. لقوله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا)، وأيضاً قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا).

نعم بكل تأكيد كيانان مكملان للبعض، في شهر رمضان المنصرم كعادتي السنوية، أزور بعض الأقارب والأحباب أذا سمحت لي الفرصة، زرت أحد الأشخاص في جلسة ذكر الله تعالى وقراءه القرآن الكريم، وكان هذا الشخص يملك إذا كانت ذاكرتي قوية 7 أخوان أو أكثر، قمت بالسلام علية وعلى أخ أكبر منه. ثم سألته عن البقية. قال لي “بعد وفاة والدي، أصبح الحضور للمنزل من اغلب أخواني قليل. فالوالدين كانو خيمة وعمود العائلة”.

نعم، الوالدين الدرع الفولاذي إلى أي شخص مهما كان وعلىَ شأنه. فقبل أيام بسيطة صادفت شخصية في منصب عالي ومرموق، بدأت اسأل المكتب “هل هناك علاقة عائلية بينها وبين فلان؟”، الإجابة: كانت نعم هذه ابنته. فبعد أكثر من ثلاث عقود، أتت ابنته في منصب رفيع جداً. وهذا شائع في دول كثيرة حول العالم.

فأنا أعتقد أي شخص يفقد أمة وأبوه الأثنان معاً، يبدأ بالهبوط والانحسار التدريجي. ت تضائل قوة الأنسان في موقع أو مواقع مختلفة صحياً، نفسياً، فكرياً، اجتماعياً وقد يكون مالياً الخ … والقائمة تطول.

بفقد أحدهم، قد تتأثر بعض الشي، ولكن الأثنان معاً، هنا يبدا العد التنازلي والانحسار الكامل والتام. نسأل الله العلى القدير الرحمة والمغفرة وأن يرحم آبائنا وآباءكم الأحياء منهم والأموات وجميع المؤمنين والمؤمنات، ويحسن خاتمتنا.

* لماذا فضل الله الأم على الأب؟ فائدة عظيمة يكشفها المفسرون، صدى البلد Nov 03, 2021
* تفسير القرآن الكريم، سورة الأنعام – الآية 151 بر الوالدين – موسوعة النابلسي June 16 2006
* ما الفرق بين كلمة الأبوين والوالدين في القرآن الكريم؟ منشور التدقيق اللغوي Face Book
March 20, 2022

Source: رائد محمد ال شهاب