الارتفاع في سرطان القولون بين الشباب قد يكون مرتبطاً بالطفولة… ما العلاقة؟
تشير دراسة جديدة رائدة إلى أن بكتيريا تعيش في الأمعاء قد تكون وراء الارتفاع الأخير في حالات سرطان القولون والمستقيم المبكر، وفقاً لصحيفة «نيويورك بوست».
ما هو السبب المحتمل؟ الكوليباكتين، وهي مادة سامة تنتجها سلالات معينة من الإشريكية القولونية التي تزدهر في القولون والمستقيم.
صرح الدكتور لودميل ألكسندروف، كبير مؤلفي الدراسة وأستاذ في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، لصحيفة «نيويورك بوست»: «نعتقد أن هذا التعرض يحدث في مرحلة مبكرة جداً من الحياة – على الأرجح خلال العقد الأول – عندما يُصاب الأطفال».
ارتفاع مُقلق
كان يُعتقد في السابق أن سرطان القولون والمستقيم مرض يصيب الناس في مرحلة متقدمة من العمر، ولكنه الآن يتزايد بين الشباب في 27 دولة على الأقل.
في الولايات المتحدة، تضاعف تقريباً عدد الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 55 عاماً والذين تم تشخيص إصابتهم بالمرض خلال العقد الماضي، ويتزايد عدد الوفيات بسببه سنوياً، وفقاً للجمعية الأميركية للسرطان.
وقال ألكسندروف: «حتى الآن، لم تتمكن الدراسات السابقة من تحديد سبب واضح أو حتى التمييز بين الحالات المبكرة وتلك التي يتم تشخيصها في مراحل لاحقة من العمر. دراستنا تساعد على تغيير ذلك».
في الدراسة، فحص ألكسندروف وزملاؤه جينومات السرطان لدى مرضى مصابين بسرطان القولون والمستقيم المبكر والمتأخر في 11 دولة.
وجد الفريق أن هذه البكتيريا، كوليباكتين، تترك بصمة حمضية مميزة على خلايا القولون عند تعرض الأطفال لها. كانت هذه الطفرات أكثر شيوعاً بـ3.3 مرة في الحالات المبكرة مقارنة بالحالات التي شُخِّصت بعد سن السبعين.
ووجد الباحثون أن الطفرات المرتبطة بالكوليباكتين تظهر في المراحل المبكرة من تطور المرض، وغالباً خلال السنوات العشر الأولى من العمر.
وقال ألكسندروف: «مع أن العدوى عابرة، فإن الضرر الذي تسببه قد يستمر لعقود».
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الدراسة وجدت أن نحو 15 في المائة من طفرات جين APC المُحفِزة – وهي من أقدم التغيرات الجينية التي تُحفِز تطور السرطان بشكل مباشر – مرتبطة بالكوليباكتين.
وأفاد ألكسندروف: «إذا أُصيب شخصٌ بإحدى هذه الطفرات المُحفِّزة قبل بلوغه سن العاشرة، فقد يكون مُتقدِماً بعقود على الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، إذ يُصاب به في سن الأربعين بدلاً من الستين».
هل هذا هو السبب الوحيد لارتفاع الحالات؟
لا يزال الجدل قائماً حول ما إذا كان الكوليباكتين هو المُحفِّز الرئيسي وراء ارتفاع حالات سرطان القولون والمستقيم المُبكِّر، أم أنه مُجرد عامل واحد من بين عوامل عديدة.
وقال ألكسندروف: «يُرجَّح أن يلعب الكوليباكتين دوراً رئيسياً في الإصابة بسرطان القولون والمستقيم المُبكِّر، مع أن عوامل أخرى – مثل النظام الغذائي والالتهابات والجينات – تُسهم أيضاً على الأرجح».
وأضاف: «ومع ذلك، كان حجم تأثير الكوليباكتين في دراستنا مذهلاً، وهو يمثل أول عامل يتم تحديده بوضوح ويرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في مرحلة مبكرة».
كيف يتعرض الأطفال لهذه البكتيريا؟
أوضح ألكسندروف أن التعرض للكوليباكتين يحدث «من خلال استعمار بكتيريا الإشريكية القولونية – عادة عبر الأمعاء، وغالباً دون أي أعراض واضحة».
إضافة إلى ذلك، كشفت الدراسة عن أنماط طفرات متباينة في سرطانات القولون والمستقيم من دول مثل الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وروسيا وتايلاند، ما يشير إلى أن التعرضات البيئية المحلية قد تؤثر على خطر الإصابة بالسرطان.
قال ماركوس دياز – جاي، المشارك في الدراسة والباحث في مختبر ألكسندروف: «من المحتمل أن تختلف الأسباب المجهولة للإصابة بالسرطان من دولة لأخرى».
وتابع: «قد يفتح ذلك المجال أمام استراتيجيات وقائية محددة لكل منطقة».
Source: «الشرق الأوسط