باكستان تدرس تمديد المهلة المحددة للاجئين الأفغان المهددين بالترحيل
شهدت الهند وباكستان في أوائل مايو (أيار) أسوأ مواجهة بينهما منذ عقود… لكن مع هدير الصواريخ والطائرات المقاتلة، انتقلت التوترات إلى العالم الافتراضي، إذ أطاحت هذه المعارك عقوداً من الحب المشترك للأفلام والأغاني بين البلدين. وفي حين تعاني الهند من آثار الهجوم الإرهابي الأخير في باهالجام، عندما أطلق مسلحون النار على سياح في كشمير، اتخذت البلاد تدابير ضد باكستان، متهمة إسلام آباد بدعم «الإرهاب عبر الحدود».
في حين أن السينما لطالما كانت ساحة للصراع الرمزي بين الجارتين، فإن الموسيقى تأثرت هذه المرة بالصراع الأخير الذي أصابت شظاياه حتى المؤثرين الذين نجوا سابقاً من تبعات التوترات بين البلدين.
وفوجئ علي غل بير بحظره في الهند من «يوتيوب» و«إنستغرام»، إذ لم يواجه أي رد فعل انتقامي في عام 2017، عندما نشر فيديو بنبرة أكثر عدائية يتضمن أغنية ساخرة تنتقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
فقد تغيّر الوضع كلياً اليوم، إذ «يدرك الهنود أن الفضاء الرقمي جسر بين الباكستانيين والهنود، ويبدو أنهم يريدون قطع هذا الرابط»، على ما يقول غل بير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وعندما أدى هجوم بكشمير في نهاية أبريل (نيسان) إلى جرّ القوتين النوويتين لصراع جديد، تصدرت أغنية «جهول» للمغنية الباكستانية أنورال خالد قائمة الأغاني على منصة «سبوتيفاي» في الهند.
«منع كل شيء»
وتوضح الفنانة البالغة 22 عاماً والتي تستقطب أغنياتها 5.5 مليون مستمع شهرياً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «نيودلهي كانت المدينة التي حظيتُ فيها بأكبر عدد الاستماعات».
وتضيف: «فقدتُ جزءاً كبيراً من جمهوري» عندما حجبت «سبوتيفاي» قنوات باكستانية عدة في الهند، أكبر سوق للمنتجات الثقافية، نظراً لكونها أكثر بلدان العالم تعداداً بالسكان مع ما يزيد على 1.4 مليار نسمة يتحدث كثير منهم الهندية، وبالتالي يفهمون الأردو، اللغة الرسمية لباكستان، وهي لغة مشابهة جداً.
بالإضافة إلى عشرات القنوات على «يوتيوب» و«سبوتيفاي»، أمرت الهند منصة «إكس» بحظر أكثر من 8 آلاف حساب، بينها حسابات ممثلين وموسيقيين وأبطال باكستانيين في رياضة الكريكيت.
تقول دعاء زهرة من شركة «وارنر براذرز» للإنتاج الموسيقي في باكستان: «من المحزن أن السياسة تُحدث انقسامات وتُقيم حواجز في الفن».
وعلى مدى عقود، لم يكن وصول المغنين والموسيقيين والمخرجين وغيرهم من الفنانين الباكستانيين، إلى الشهرة ممكناً إلا من خلال المرور عبر بوليوود.
غير أن ذلك يبقى رهناً بحالة العلاقات بين البلدين، إذ إن السلطات في أيّ من البلدين قد تقرر وقف إصدار التأشيرات لرعايا البلد الآخر، وهو ما حصل بالفعل في مناسبات سابقة.
وتمكّن فؤاد خان من اقتحام عالم بوليوود بتصوير أفلامه في استوديوهات لندن من دون الحصول على تأشيرة دخول إلى بومباي.
لكنّ طرح فيلمه الأخير «عبير غلال» الذي كان مقرراً في 9 مايو بالهند، تأجّل إلى أجلٍ غير مُسمّى.
في ذلك الوقت، كان البلدان الجاران في أوج المواجهة بينهما، ودعا الممثل الهندي سونيل شيتي، نجم فيلم «مين هون نا» الصادر عام 2004، والذي روّج للسلام بعد وقف إطلاق النار في كشمير، إلى «منع كل شيء (…) الكريكيت، والأفلام، وكل شيء».
وبعد بضعة أيام، اختفى وجهٌ من «سبوتيفاي». ففي ملصق الموسيقى التصويرية لفيلم «رئيس»، لم يظهر سوى شاه روخ خان، «ملك» بوليوود، من دون شريكته في البطولة على الشاشة الباكستانية ماهرة خان.
وقبل أسبوع، أعلن الممثل الهندي ديلجيت دوسانج أن فيلمه الأخير الذي صوّره مع 4 ممثلين باكستانيين، سيُعرض «خارج الهند فقط» بناءً على توجيهات جديدة من وزارة الإعلام الهندية.
وخلال عشر سنوات من حكم مودي، يشعر النقاد بالقلق من رؤية بوليوود تُنتج مزيداً من الأفلام ذات الصبغة القومية الهندوسية.
«بناء الجسور»
لكن رغم كل شيء، لا تُخفف هذه القيود من الاهتمام بالمنتجات الثقافية العابرة للحدود: ففي هذا الأسبوع، تضم قائمة أفضل 20 أغنية على «سبوتيفاي» في الهند أغنيتين باكستانيتين، بينما تضم قائمة أفضل 10 أفلام على «نتفليكس» في باكستان 3 أفلام هندية.
وتوضح الناقدة السينمائية الباكستانية ساجير شيخ التي كان والدها من مُحبي السينما الهندية: «نشأتُ مع بوليوود؛ ونتشارك معهم الصدمات والتاريخ والقصص نفسها».
وفي باكستان التي لم تعُد تضم سوى قليل من صالات السينما مقابل مكاتب رقابة لا تُحصى وقليل من الأفلام التي تُصوّر سنوياً، حتى فيلم «فايتر» (المقاتل) الذي يحتفي بطياري الهند الذين يقصفون كشمير الباكستانية، قد تصدّر قائمة «نتفليكس».
وفي حين لا تزال باكستان متأخرة أمام عمالقة بوليوود في هذا المجال، فإنها في ساحة المسلسلات التلفزيونية تُحافظ على مكانتها القوية مقارنة بجارتها.
ودعت قناة «هم تي في» الباكستانية مشاهديها الهنود الذين يشكلون 40 في المائة من جمهورها، إلى استخدام شبكات خاصة افتراضية (في بي إن VPN) لتجنب تفويت الحلقات المقبلة من أعمالهم المفضلة.
من جانبه، يعتزم علي غل بير استخدام هذه الطرق السريعة الموازية لمواصلة «بناء الجسور».
ويقول: «يجب أن نعتمد فقط على الفن والمبارزة الموسيقية»، مضيفاً: «هل يُمكننا التوقف عن قصف بعضنا بعضاً؟».
Source: «الشرق الأوسط