لماذا تريد ألمانيا استعادة أمجاد الماضي وأن تصبح قوة بحرية عظمى؟
بعد استسلام الفيرماخت يومي 8 و9 مايو/أيار 1945، انتهى الأسطول الألماني، وعمل مئات الجنود السابقين في البحرية الألمانية تحت إمرة بريطانيا والولايات المتحدة لإزالة مئات الآلاف من الألغام المزروعة في المياه الأوروبية، وبشكل خاص في بحري البلطيق والشمال، وما إن انتهت تلك المهمة حتى تم تسريحهم، وبقيت المياه المالحة بلا أي سفينة أو حتى زورق يتبع تلك القوة.
يرى فريدريش روغه، الذي عمل برتبة فريق في البحرية الألمانية، ثم عمل ككاتب ومؤرخ عسكري في عالم ما بعد الحرب، أن جانبا من أسباب هزيمة الألمان في الحربين العالميتين يتعلق بأنهم لم يمتلكوا فهما واضحا لقوة وإمكانيات سلاح البحرية أثناء صراعهم مع القوى الكبرى في العالم، والتي امتلكت نسخًا متقدمة من نفس السلاح، ناصحًا بالتركيز تحديدًا على إعادة بناء القوة البحرية الألمانية.
مع قدوم الخمسينيات ونشاط السوفيات مرة أخرى، باتت تلك الفرصة ممكنة، فأصبحت ألمانيا عضوا في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبدأت إعادة تسليح جيشها كاملا، لكن على الرغم من ذلك، كان يقال دائمًا إن البحرية الأميركية والبريطانية تُغنيان عن البحرية الألمانية، أو قل إن الأخيرة لن تفعل أكثر مما يمكن فعله بوجودهما، ولكن يبدو أن ذلك سيتغير قريبا، ففي يونيو/حزيران 2021، خصص مجلس النواب الاتحادي الألماني حوالي 19 مليار يورو لإجمالي 27 مقترحًا لتطوير القوات البحرية الألمانية.
سلاح المهام الخاصة
وعلى وجه التحديد، تم التخطيط لبناء 6 غواصات جديدة من فئة “212 سي دي” في إطار التعاون مع النرويج، وفي سبتمبر/أيلول 2023 أعلن بالفعل أن عملية الإنتاج قد بدأت، ومن المقرر تسليم الغواصة الأولى إلى البحرية النرويجية في عام 2029، بينما يُتوقع تسليم غواصتين للبحرية الألمانية في عامي 2031 و2034، وستبقى الغواصات الجديدة في الخدمة حتى ستينيات القرن الحالي.
غواصة “212 سي دي” هي غواصة غير نووية تتميز بهيكل فريد يشبه الماسة، ويرفع من قدرات التخفي، وخاصة في مواجهة كاشفات الشذوذ المغناطيسي (التي ترصد الغواصات بسبب تغير المجال المغناطيسي للأرض عند مرورها)، كما تحتوي على خلايا وقود تسمح لها بالبقاء مغمورة بالمياه لعدة أسابيع دون أي أثر ظاهر، كما يعمل نظام خلايا الوقود نفسه كمحوّل صامت للطاقة، بما يرفع من قدرات التخفي.
وبالإضافة إلى أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء السلبية، سيكون من الصعب اكتشاف هذه الغواصة.
تم تصميم هذه الغواصات تحديدا لقوات العمليات الخاصة، بحيث تكون مناسبة للعمليات في جميع أنحاء العالم، خاصة أنها ستمتلك نظاما قتاليا جديدا يسمى “أوركا” يُعد الأكثر تقدمًا في الغواصات غير النووية، حيث يسمح لقادة الغواصة بإجراء تحليل متكامل للبيانات من مجموعة من المستشعرات على متن الغواصة ثم يعرضها بطريقة سلسة على واجهة واحدة متعددة الأغراض، مما يساعد في اتخاذ قرارات أفضل وأسرع، خاصة في أوقاتٍ تكون فروق الثواني والدقائق حاسمة فيها.
على حدود البلطيق
ولعل واحدًا من أهم الدوافع وراء تصميم وتطوير الغواصات الألمانية هو التصدي لتطوير الروس قواتهم البحرية بشكل متزايد. تقع سواحل وموانئ ألمانيا على بحري الشمال والبلطيق، وتعتبر روسيا الأخير تحديدًا منطقة تخصها، وقد فرض السوفيات سيطرتهم على الكثير من جوانب بحر البلطيق منذ اختفاء البحرية الألمانية في عام 1945.
وفي سياق انشغال الروس في الحرب مع أوكرانيا، يبدو أن البحرية الألمانية تريد مع تحديث ترسانتها التركيز على عدة مناطق أساسية، منها بحر البلطيق وبحر الشمال وشمال المحيط الأطلسي.
جانب من مهام انتشار ألمانيا في تلك المناطق هو لحماية البنية التحتية الحيوية الموجودة في قاع البحر، بما فيها خطوط الأنابيب وكبلات الطاقة وكبلات الألياف الضوئية التي تنقل الإنترنت، والهجمات على خطوط أنابيب “نورد ستريم” في سبتمبر/أيلول 2022 كانت خير دافع لذلك، فالروس يميلون إلى استخدام تكتيكات غير متماثلة مع أعدائهم، ونقصد هنا عمليات غير معهودة في الحرب التقليدية، وفي هذا السياق تأتي الحرب السيبرانية واستهداف البنية التحتية الهشة نسبيا.
روسيا نفسها تُطور من قدراتها البحرية في تلك المناطق بعد انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو، حيث باتت البحرية الروسية تواجه تحديات استثنائية، فهي الآن تخشى أن لا تتمكن من استخدام بحر البلطيق كما اعتادت، أضف إلى ذلك أنه بانضمام الدولتين إلى الحلف فقد أصبح الناتو على مقربة من القواعد العسكرية الروسية في القطب الشمالي، وهو أمر خطير بالنسبة للروس.
إلى الآن، تواصل موسكو نهجها لتطوير قدراتها البحرية مع التركيز على هدفين رئيسيين؛ الأول هو الحفاظ على قوة الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية وتطويرها، والثاني هو تطوير القوات البحرية التقليدية.
والواقع أنه في 31 يوليو/تموز 2022، وقّع فلاديمير بوتين على نسخة محدثة من العقيدة البحرية للاتحاد الروسي شملت تغييرات كبيرة، منها اعتزام الكرملين تعزيز قدراته القتالية البحرية في جميع أنحاء العالم، والإعلان عن استعداده لاستخدام الوسائل العسكرية لتعزيز مصالحه في المياه الدولية، بما يشمل زيادة وجوده البحري في أعالي البحار، مع تحول أكبر ناحية المياه القطبية الشمالية.
على شفا الطرادات
لا يقف الأمر عند حدود الغواصات فقط، إذ تعمل البحرية الألمانية حاليا على تحديث ترسانتها من الفرقاطات، فبحلول عام 2028 ستحل الفرقاطة الأحدث “إف 126” أو فرقاطة من فئة “سارلاند” محل الفرقاطات من فئة “إف 123”.
بطول يقارب 166 مترا وعرض 22 مترا، ستكون “سارلاند” أكبر السفن الحربية السطحية التي تنضم إلى البحرية الألمانية منذ الحرب العالمية الثانية، وتقترب هذه الفئة بشكل كبير من عتبة حجم الطرادات (سفن حربية أكبر وأقوى)، مما يزيد من احتمال أنه بحلول النصف الثاني من ثلاثينيات القرن 21، سيتكون مخزون البحرية الألمانية من الطرادات بشكل رئيسي.
ومثل الغواصات السالف ذكرها، فإن “سارلاند” قادرة على استيعاب ما يسمى وحدات المهمات الخاصة، التي تشمل أجهزة الاستشعار والأسلحة اللازمة لتنفيذ مهمة معينة، يأتي ذلك في سياق قدرة ممتازة للسفينة على البقاء في البحر لمدة تصل إلى عامين دون الحاجة إلى الصيانة في الميناء، مع تناوب الطاقم الرئيسي من وإلى السفينة كل 4 أشهر عبر ناقلة جند.
يستهدف الألمان تلك الميزة بشكل خاص، حيث تسمح هذه القدرة باستخدام أكفأ لتلك السفن في تقليل الوقت المستغرق أثناء السفر من الشواطئ الألمانية إلى مناطق الصراع، حتى لو كان ذلك قبالة القرن الأفريقي، حيث شاركت السفن الألمانية بالفعل في مهام مكافحة القرصنة مثل “عملية أتالانتا”، وبسبب نجاح البحرية الألمانية في تلك المهام فإنها تستخدم كنموذج يمكن الانطلاق منه والبناء عليه لتطوير القوة البحرية بالكامل.
وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن العمل قد بدأ على جيل أحدث من هذه الفرقاطات يسمى “إف 127″، وهو مشروع مشترك بين ألمانيا وهولندا، لا تزال ملامحه غير محددة، لكن بحسب ما تم إعلانه حتى الآن فإنها ستكون أكبر قليلا من “إف 126″، مع ما لا يقل عن 64 خلية إطلاق صواريخ عمودية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تقارير تفيد بأن البحرية الألمانية تريد أن يشتمل تصميم “إف 127” على نظام إيجيس القتالي الأميركي، وهو نظام أسلحة بحرية متكامل يجمع بين أجهزة الحاسوب والرادارات لتتبع وتوجيه الأسلحة، وتدمير أهداف العدو بشكل فعال.
يمكن لهذا النظام التعامل مع التهديدات الجوية المتقدمة، ويوفر قدرات حربية في المعارك على سطح الماء وتحته، كما تم تصميمه لمواجهة تهديدات الصواريخ البالستية.
جدير بالذكر في هذا السياق أن غالبية القطع التي ستنضم إلى البحرية الألمانية متوافقة مع الصواريخ البحرية الموجهة “إن إس إم بلوك1 أي”، وهي صواريخ نرويجية دقيقة التوجيه تعمل مع السفن البحرية شديدة الدفاع والقوارب الصغيرة وسريعة الحركة والبنية التحتية البرية، وهي مصممة لتزويد القوات البحرية بنظام أسلحة متعدد الاستخدامات قادر على الاشتباك مع مجموعة كبيرة من الأهداف في نفس الوقت، كما تحمل رأسًا حربيًّا شديد الانفجار تم تصميمه لاختراق الهدف قبل التفجير، مما يضمن التدمير الفعال للهياكل المحصنة.
تعمل هذه النوعية من الصواريخ بنظام ملاحة متقدم يعمل بالقصور الذاتي ونظام الملاحة العالمي (جي.بي.إس) وباحث تصوير بالأشعة تحت الحمراء، مما يسمح بالاستهداف عالي الدقة، كما يمكن للصاروخ أن يميز الهدف بشكل مستقل. إلى جانب ذلك يحتوي الصاروخ على مقطع عرضي راداري منخفض ويستخدم تقنيات التخفي لتقليل إمكانية اكتشافه بواسطة أنظمة رادار العدو.
استراتيجية جديدة
ما سبق كان فقط أمثلة على عملية تحديث كبرى تُجريها البحرية الألمانية حاليًا، وجميعها يخدم استراتيجية واحدة هي أن تكون السفن الحربية الألمانية قادرة على شن حرب بحرية متعددة الأبعاد على مسافات كبيرة، بنموذج وحدات المهام السالف الذكر، ولهذا الغرض صممت بقوة ضرب كبيرة وقدرة على البقاء لفترات طويلة، كما أنها متعددة الأغراض.
يظهر ذلك بوضوح في تصريح للمستشار الألماني أولاف شولتز، في مؤتمر قادة الجيش الألماني عام 2022، حينما قال إنه يجب أن يصبح الجيش الألماني “حجر الزاوية للدفاع التقليدي في أوروبا، والقوة الأفضل تجهيزًا في القارة”، موضحا أن “تحديث قدرات الجيش الألماني يأتي في نطاقي الردع والدفاع، وهذا يتطلب من البحرية الألمانية على وجه الخصوص إظهار استعداد قتالي عالٍ وإظهار وجودها في شمال المحيط الأطلسي وبحر الشمال وبحر البلطيق”.
تتضح رؤية شولتز في إعلان البحرية الألمانية عن هيكل أسطولها المخطط له اعتبارًا من عام 2035، ويظهر فيها تركيز أكبر على نشر السفن الكبيرة بأعداد مرتفعة نسبيا، والاعتماد على المنظومات غير المأهولة، ليس فقط الغواصات، بل كذلك المسيرات والسفن.
كما تنوي البحرية الألمانية ربط الأنظمة المأهولة و”غير المأهولة اختياريًا” في المستقبل في “سحابة قتالية بحرية”، بحيث يتم تبادل المعلومات بسهولة، وهذا يسمح بدمج القوات البحرية في عمليات الأسلحة المشتركة، بل والقدرة على العمل بطريقة الأسراب (مثل المسيرات).
في الواقع، فإن خطة برلين لتطوير أسطولها تشير إلى أن بحر البلطيق يتطلب بشكل أكثر أنظمةَ أسلحة غير مأهولة، ولذلك تخطط البحرية الألمانية للحصول على ما يصل إلى 6 مركبات كبيرة غير مأهولة تحت الماء، بالإضافة إلى عدد غير محدد من أنظمة التدابير المضادة للألغام غير المأهولة.
المركبات غير المأهولة أو “المركبات الكبيرة ذاتية القيادة التي تعمل تحت الماء”، هي ببساطة مُسيّرات، لكنها تعمل تحت الماء، وهو نطاق بدأت بعض الدول بالفعل تستثمر فيه بكثافة غير مسبوقة، مثل الصين والولايات المتحدة، للعمل في نطاقات تحييد الألغام، والاستخبارات، ومستقبلا في العمليات القتالية، كما حصل في حالة الطائرات المسيرة.
في هذا السياق، اهتمت البحرية الألمانية مؤخرا بتطوير سفينة خدمة الأسطول من النوع 424، وهي فئة جديدة من ثلاث سفن استخبارات واستطلاع تم الإعلان عنها في عام 2021 وستبدأ العمل خلال 6 أو 8 أعوام من هذا التاريخ، وتم تجهيز السفن بأدوات استشعار وأنظمة متقدمة لجمع البيانات الاستخباراتية من سطح الماء وتحته، وهي مصممة للعمل متخفيةً مثل سابقاتها، وستعمل هذه السفن كمراكز قيادة لتنسيق العمليات بين كل وحدات البحرية.
الهندي والهادي
يبدو أن طموح الألمان لا يقف فقط عند حدود منطقة البلطيق وجيرانها، فهناك هدف آخر كبير. في 7 مايو/أيار الماضي أعلنت برلين إرسال سفينة إمداد وفرقاطة إلى منطقة المحيط الهندي والهادي (المنطقة التي تضم المياه الاستوائية للمحيط الهندي، وغرب ووسط المحيط الهادي، والبحار التي تربط الاثنين)، في مسعى لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة، وسط تصاعد التوترات بين الصين وتايوان.
لكن ذلك ليس بجديد، فقد كانت أولى خطوات الوجود العسكري الألماني في منطقة الهندي والهادي هي تحريك الفرقاطة “بايرن” في الفترة من أغسطس/آب 2021 إلى فبراير/شباط 2022، في رحلة بين القرن الأفريقي وأستراليا واليابان، تلا ذلك نشر 6 مقاتلات يوروفايتر تابعة للجيش الألماني مع 4 طائرات نقل و3 طائرات إيرباص إلى أستراليا في منتصف أغسطس/آب 2022، وفي يوليو/تموز 2023 شارك الجيش الألماني في مناورات عسكرية في أستراليا لأول مرة.
منذ عام 2020 كانت لدى الحكومة الألمانية استراتيجية أمنية جديدة أعلن عنها رسميا في 2022، تتضمن تعزيز وجودها في منطقة الهندي والهادي. الرؤية المعلنة من قبل الألمان هي أن آسيا تعد منطقة النمو الأكثر ديناميكية في العالم، وفي الوقت نفسه تواجه منطقة المحيطين الهندي والهادي توترات جيوسياسية كبرى ستؤثر على سلاسل التوريد من وإلى أوروبا.
في الواقع فإن 90% من التجارة العالمية تتم عن طريق البحر، وجزء كبير منها عبر منطقة المحيطين الهندي والهادي، وبالطبع يأتي كل ذلك في سياق ادعاء بكين أن بحر جنوب الصين بأكمله تقريبًا هو ملك لها، بل وتعزز وجودها العسكري فيه بشكل كثيف، ويتدفق نحو 40% من التجارة الخارجية لأوروبا عبر هذا البحر.
إلى جانب ذلك يخشى الألمان من أن البلاد النووية مثل الهند وباكستان والصين وروسيا وكذلك كوريا الشمالية ببرنامجها النووي هي جميعها قوى نشطة في هذه المنطقة. ومع توتر عالمي كبير تقوم خلاله دول مثل الولايات المتحدة وتايوان واليابان والصين بتطوير تسليحها بشكل عام، وفي منطقة الهندي والهادي بشكل خاص، فإن ألمانيا تود أن تحصل على جزء من قطعة الكعك العسكرية تلك.
ببساطة، ظهر مركز جديد للمنافسة العالمية في منطقة لدى ألمانيا مصلحة فيها، لذا ستجد برلين تشارك في العديد من الأنشطة بهذه المنطقة، منها مناورات حافة المحيط الهادي (ريمباك)، وهي أكبر مناورة بحرية دولية في العالم والتي أعلن عنها مؤخرا، خلال تلك المناورة ستقوم عشرات السفن الحربية من 29 دولة -منها ألمانيا- بعبور المحيط الأطلسي، ثم السفر على طول الساحل الشرقي لأميركا الشمالية عبر قناة بنما إلى هاواي، ثم بعد ذلك إلى غرب المحيط الهادي، بما يشمل بحر جنوب الصين.
وبعد توقف الإمداد في سنغافورة في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، ستتحرك السفن على طول الطرق البحرية للمحيط الهندي عبر البحر الأحمر إلى شرق البحر الأبيض المتوسط بحلول نوفمبر/تشرين الثاني.
استيقاظ العملاق النائم
لقد تغيرت السياسة الخارجية الألمانية بشكل واضح، وفي نهاية فبراير/شباط 2022 وبعد توليه منصب المستشار خلفا لأنجيلا ميركل ثم اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، أعلن أولاف شولتز أن الهجوم الروسي هو “نقطة تحول تاريخية” بالنسبة لأوروبا يجب أن تستجيب لها بشكل حاسم.
في هذا السياق، أعلن شولتز إعادة هيكلة السياسة العسكرية للبلاد، فتعهد بإنشاء صندوق طارئ بقيمة 100 مليار يورو لاستثماره في تحديث القوات المسلحة الألمانية، مع تجاوز حد الإنفاق الدفاعي 2% من الناتج المحلي الإجمالي (شرط لعضوية الناتو).
وبرر شولتز خروجه عن السياسة الدفاعية الراسخة (تقليد ما بعد الحرب الباردة المتمثل في خفض تمويل الجيش) بالتهديد الذي تشكله روسيا على السلام في أوروبا. وفورًا كانت ألمانيا قد أرسلت مدافع مضادة للطائرات وهاوتزر وقاذفات صواريخ متعددة من طراز مارس ودبابات ليوبارد مع المئات من الأسلحة المضادة للدبابات والأسلحة الخفيفة إلى أوكرانيا.
هذا التعديل الجذري في السياسات لا يتوقف فقط عند ألمانيا، فالعالم كله يتغير من وجهة نظر عسكرية، والكثير من الدول بدأت تغيّر عقيدتها العسكرية في اتجاهين: إنفاق أكبر على تسليح الجيش، والتجهز لحرب خارج الحدود.، يبدأ الأمر من دول أوروبية مثل بولندا، ولكنه يصل إلى اليابان ونيوزيلندا وأستراليا، ومن الجهة الأخرى إلى كندا.
كل ما سبق يأتي في سياق مهم، فالأحزاب اليمينية المتطرفة آخذة في الصعود في الكثير من أنحاء أوروبا.
حينما يتطور التوتر السياسي الشديد إلى مرحلة بناء ترسانات عسكرية في أكثر من بؤرة حول العالم، فإن العالم يتغير لا محالة، وهو لا يتغير إلى الأفضل بأي حال من الأحوال، فالسلاح وحاملوه يبقون حتى بعد انتهاء الحروب، وهل يعود إلى الشاطئ مرة أخرى من ذاق طعم المياه المالحة البعيدة جدا عن حدوده وسيطر على بعض منها؟ لا نعرف، لكن التاريخ يميل إلى الإجابة عن هذا السؤال بالنفي.
Source: Apps Support
شاهد.. مظاهرات غاضبة حول العالم تنديدا بالحرب على غزة
خرجت مظاهرات في عدد من العواصم والمدن حول العالم رفضا لاستئناف إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، وللمطالبة بوقف مسلسل التهجير والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
وبدعم أميركي مطلق يرتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي -منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- إبادة جماعية بحق القطاع الفلسطيني المحاصر خلفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
الولايات المتحدة
تظاهر آلاف الناشطين في واشنطن العاصمة -مساء أمس السبت- للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة. وردد المتظاهرون شعارات تطالب بوقف التضييق على الطلبة المناصرين لفلسطين، والإفراج عن المعتقلين منهم.
وفي نيويورك، احتشد آلاف الأميركيين في عدة مواقع، أبرزها حديقة براينت بارك، رغم الأمطار الغزيرة، احتجاجًا على دعم إدارة الرئيس دونالد ترامب للحرب على غزة.
ورفعوا لافتات تطالب بالإفراج عن الناشط الفلسطيني محمود خليل، الطالب في جامعة كولومبيا، وطالبة الدكتوراة رميساء أوزتورك من جامعة تافتس، اللذين اعتقلهما مسؤولو الهجرة والجمارك، الأسبوع الماضي، بسبب دعمهما لفلسطين.
#شاهد | تظاهرة حاشدة في واشنطن؛ للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة والإفراج عن الطلبة المعتقلين على خلفية الحراك الداعم لفلسطين. pic.twitter.com/byeKpYYToJ
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) April 6, 2025
تظاهر الآلاف في مدينة مونتريال تنديدا بحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأفادت مصادر أن المتظاهرين نظموا وقفة أمام القنصلية الأميركية بالمدينة، وهتفوا لفلسطين وغزة حاملين الأعلام الفلسطينية، وطالبوا بوقف المجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
المملكة المتحدة
بث ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا لمظاهرة خرجت أمس في مدينة مانشستر بإنجلترا للتنديد بالجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة.
شهدت العاصمة برلين ومدن أخرى وقفات احتجاجية تنديدًا بالإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
وندد المتضامنون مع فلسطين بما أسموها حملات التضييق الحكومية التي تستهدف كبح دعمهم للشعب الفلسطيني في البلاد.
#مباشر مظاهرة العاصمة الالمانية برلين دعما للشعب الفلسطيني ….. أوقفوا حرب إبادة الشعب الفلسطيني #Palestine#gaza#فلسطين #غزة https://t.co/ahtMqsNC1d
— Rashad Badawy (@NbRashad) April 5, 2025
خرجت مسيرة جماهيرية في العاصمة بروكسل للمطالبة بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وإلزام إسرائيل باحترام اتفاق وقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية في غزة.
وندد المتظاهرون بما وصفوه بالتواطؤ الغربي في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، ودعوا الدول الأوروبية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، والكف عن توفير الغطاء لحكومة إسرائيل.
تظاهر المئات من أنصار فلسطين في العاصمة روما، احتجاجا على استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وطالبوا بتوقيف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتقديمه للحاكمة على جرائمه في غزة.
تظاهر المئات في العاصمة ستوكهولم، احتجاجًا على خطة الرئيس الأميركي لتهجير الفلسطينيين قسريا من غزة.
وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها “إسرائيل الصهيونية ارحلي عن فلسطين” و”أميركا القاتلة ارحلي عن الشرق الأوسط” و”لا للإبادة الجماعية” و”الصهيونية ستُهزم والمقاومة ستنتصر” و”لا للتهجير القسري والإبادة الجماعية” و”المدارس والمستشفيات تُقصف”.
طالب مئات المغاربة، أمس، بفتح المعابر وإيصال المساعدات الإنسانية بقطاع غزة الذي يواجه إبادة إسرائيلية متواصلة بدعم أميركي.
وجاء ذلك خلال وقفة احتجاجية نظمتها “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة” (غير حكومية) بمدينة مراكش (شمال) وذلك للتنديد بـ”الإبادة الإسرائيلية المستمرة بحق الفلسطينيين”.
رغم المضايقات.. مسيرة شعبية مغربية حاشدة الليلة بمدينة مراكش لدعم غزة pic.twitter.com/qN60AZPBGN
— hassan bennajeh – حسن بناجح (@h_bennajeh) April 4, 2025
كما نظم عشرات التونسيين، أمس، وقفة احتجاجية أمام سفارة الولايات المتحدة تنديدا بالاعتداءات الإسرائيلية على غزة وسوريا، والأميركية والبريطانية على اليمن، ومطالبين بوقف حرب الإبادة ضد قطاع غزة وفك الحصار عنه.
ورفع عشرات المشاركين من أمام مقر السفارة الأميركية بالعاصمة تونس شعارات تندد بتواصل العدوان الإسرائيلي والحصار على قطاع غزة، كما طالبوا بغلق سفارة واشنطن في بلادهم وطرد السفير جوي هود من أراضيهم احتجاجا على العدوان على فلسطين واليمن وسوريا.
يشارك مئات الموريتانيين في اعتصام متواصل منذ مساء السبت، أمام السفارة الأميركية في العاصمة نواكشوط رفضا للإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة وللمطالبة بوقف العدوان على الفلسطينيين.
وحمّل المشاركون في الاعتصام، الولايات المتحدة مسؤولية استمرار الإبادة الإسرائيلية في غزة، مطالبين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن.
Source: Apps Support
حملة بريطانية لمقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل
بدأت في بريطانيا حملة جديدة لمقاطعة منتجات إسرائيل والشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بالتنسيق مع الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل “بي دي إس”.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن الحملة المسماة “لا تشتروا من نظام الفصل العنصري”، تشمل وقفات واحتجاجات أمام المتاجر الكبرى في أكثر من 30 مدينة بريطانية.
وقال مشاركون في الحملة إنهم يسعون “لإقناع الشعب البريطاني بمقاطعة منتجات الشركات المتواطئة مع الإبادة الجماعية الإسرائيلية” في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وأوضح مشارك أنهم يركزون على شركة “كوكا كولا” واتهمها بـ”تواطئها الشديد، فالشركة تملك منشآت في الضفة الغربية وفي المستوطنات غير القانونية.”
في إطار الحملة العالمية “لا تدعموا الفصل العنصري” التي أطلقتها اللجنة الفلسطينية البريطانية، سيبدأ يوم محلي للمقاطعة في جميع أنحاء بريطانيا يوم السبت 5 أبريل 2025، حيث ستُنظم فعاليات احتجاجية في مختلف المدن للمطالبة بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومنتجات شركة كوكا كولا.
هذه… pic.twitter.com/VkxEdoyQDy
— AUK العرب في بريطانيا (@AlARABINUK) April 5, 2025
بدورها، قالت محتجة ضمن مظاهرة داعية إلى المقاطعة “علينا فعل شيء يؤلم إسرائيل وهذا من خلال قوتنا الشرائية”.
وأضافت “لقد جمعنا توقيعات كثيرة من سكان في المنطقة لا يعلمون كيف يناصرون القضية. ذهبنا بالتوقيعات إلى المتاجر وقلنا لهم إن هؤلاء الناس لن يشتروا المنتجات الإسرائيلية وبالتالي فعليكم ألا تعرضوها”.
وقد شهدت شوارع العاصمة البريطانية لندن الشهر الماضي تجدد المظاهرات المطالبة بوقف حرب الإبادة في غزة، التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
كما سبق أن أعلن المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين “آي سي جيه بي” (ICJP) إطلاق مبادرة “غلوبال 195” (Global 195)، وهو تحالف قانوني عالمي يهدف إلى محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين والمتواطئين معهم أمام المحاكم الدولية والمحلية.
وتواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة بغزة خلفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود وسط مجاعة متفاقمة تخيم على القطاع المحاصر.
Source: Apps Support