اختراق تقني لتصنيع الروبوتات بطرق مدعمة بالذكاء الاصطناعي
قد تُحدث طريقة جديدة لتدريب روبوتات المصانع، ثورة في كيفية تصنيع الجيوش للطائرات من دون طيار وغيرها من الأسلحة، ما يُتيح تصنيعاً بكميات كبيرة بالقرب من خطوط المواجهة.
وبعيداً عن ساحة المعركة، تُوضح هذه الطريقة مساراً مُحتملاً للمضي قدماً في عصر التصنيع المُقبل، وهو موضوع محوري في المنافسة بين الولايات المتحدة والصين الذي تُطلق عليه استراتيجية الدفاع الوطني «تحدي محدودية وتيرة التصنيع».
تصنيع محرَّك بالذكاء الاصطناعي
تُقدم الورقة البحثية، المنشورة في عدد يناير (كانون الثاني) الماضي من «المجلة الدولية للتصنيع المُتطرف»، رؤية تحويلية للتصنيع الإضافي المُحرَّك بالذكاء الاصطناعي (AAM) AI-driven additive manufacturing.
لا تستطيع روبوتات المصانع الحالية سوى القيام بعدد مُحدد من الحركات الثابتة، ويصعب تكيفها مع المهام الجديدة، وتتطلب أماكن مُتخصصة للغاية في طوابق الإنتاج، فهي لا تستطيع مثلاً رؤية متى يتم صفُّها في اصطفاف غير صحيح، أو متى ترتكب هي نفسها الأخطاء.
طريقة مطورة لتدريب الروبوتات
وبالمقابل، تستخدم الطريقة الجديدة (التي طورها فريق دولي من الباحثين من جامعة ولاية كاليفورنيا، نورثريدج؛ والجامعة الوطنية في سنغافورة؛ ومختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا؛ وجامعة ويسكونسن-ماديسون) مهندسين ذوي مهارات عالية لتدريب الروبوتات على نطاق أوسع بكثير للحركات الشبيهة بالحركات البشرية، ما يُمكِّنها من إدراك وفهم ما تفعله (على مستوى أساسي).
وعند دمجها مع تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، يفتح هذا التطوير المجال أمام إمكانية التصنيع الكامل للإلكترونيات من البداية إلى النهاية، مثل الطائرات الصغيرة من دون طيار التي تُعيد تشكيل ساحة المعركة.
الصراع الأميركي الصيني
لكن هذا التطوير يُعالج أيضاً سؤالاً رئيسياً، يكمن في جذور صراع النفوذ الشامل بين الولايات المتحدة والصين: كيفية زيادة القوة التصنيعية للولايات المتحدة.
وقد أطلق «البنتاغون» عدة مبادرات لإعادة إنتاج أشياء مثل الإلكترونيات الدقيقة إلى الداخل الأميركي، عادّاً هيمنة الصين في تلك القطاعات عبئاً استراتيجياً. ويعكس قانون رقائق الكومبيوتر والعلوم لعام 2022 الذي يخصص أكثر من 52 مليار دولار لتصنيع أشباه الموصلات محلياً، اعترافاً مشتركاً بين الحزبين بأن القدرة الصناعية (المحلية) تدعم القوة العسكرية والاقتصادية. فمن دون وصول محلي آمن إلى التقنيات الحيوية، تُخاطر الولايات المتحدة بتأخير العمليات، وأنظمة الأسلحة المُعرَّضة للخطر، وتراجع قدرتها على الردع في النزاعات المستقبلية.
لكن الولايات المتحدة تعاني نقصاً حاداً في العمالة الماهرة اللازمة لتحقيق هذه الأهداف. وتتوقع معاهد مثل المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، بالإضافة إلى رؤساء الصناعة، أنه حتى مع الاستثمار الحكومي، سيستغرق بناء تلك القوى العاملة 7 سنوات على الأقل.
الروبوتات والأتمتة
وقد صرح وزير التجارة هوارد لوتنيك، هذا الشهر، بأن الروبوتات والأتمتة يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في نهضة صناعية تقودها الولايات المتحدة. وتدفع كثيراً من شركات الروبوتات الأميركية نحو استراتيجية وطنية لتعزيز أتمتة التصنيع.
ومع ذلك، فإن الوضع الحالي لروبوتات المصانع لا يرقى إلى مستوى الآمال في انتقال سريع إلى أتمتة المصانع. ويشير تقرير صادر عن مجموعة بوسطن الاستشارية عام 2019 إلى أمر بَدَهِيٍّ: تفتقر روبوتات التصنيع إلى قدرة العمال البشريين على التكيف والبراعة، كما تفتقر الروبوتات إلى قدرات حل المشكلات التي لا تزال أساسية لإنتاج الأشياء فعلياً.
ولهذا السبب تُعدُّ هذه الورقة البحثية الجديدة بالغة الأهمية. قال المؤلف المشارك بينجبينج لي من جامعة ولاية كاليفورنيا، نورثريدج، إن أساليب التصنيع التقليدية، وحتى الروبوتات: «تحتاج إلى كثير من المهندسين المدربين تدريباً جيداً». وحتى أكثر الطابعات ثلاثية الأبعاد تقدماً غالباً ما تتطلب خطوات يدوية لإدخال التصميم، واختيار العملية، أو المعالجة اللاحقة.
تتضمن رؤية مشروع «AAM» في الورقة البحثية استقلالية شاملة: بدءاً من إعداد نماذج التصميم بمساعدة الحاسوب ودمجها، وصولاً إلى الجدولة، وتحسين العمليات، وآلات ما بعد الطباعة، وكلها تُدار بواسطة أسطول من الروبوتات أو الطائرات من دون طيار المتعاونة.
سيكون هذا التكامل بالغ الأهمية للتصنيع في الفضاء الخارجي، ومن هنا جاء اهتمام ودعم وكالة «ناسا». وقال لي إنه كان على اتصال أيضاً بمتعاقدين عسكريين ومكتب الاختبار والتقييم التشغيلي التابع لوزارة الدفاع الأميركية، لمشروع دفاعي قد يبدأ في مايو (أيار)، في حال الحصول على الموافقات النهائية.
يعتمد مشروع «AAM» بشكل كبير على ما يُطلق عليه المؤلفون التصميم المتكامل مع المستشعرات: استخدام كثير من مستشعرات الضوء المرئي والحرارة وظواهر أخرى لخلق نوع من الإدراك في «دماغ» برمجي.
دماغ روبوتات المصانع
سيتكون هذا الدماغ الذي يُميز روبوتات المصانع المستقبلية عن روبوتات اليوم، من 4 طبقات: «طبقة المعرفة» في قاعدة النموذج، تجمع البيانات من المستشعرات، وعمليات المحاكاة والعمليات السابقة. تستخدم «طبقة الحلول التوليدية» أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل نماذج اللغة الكبيرة والرسوم البيانية المعرفية، لنمذجة عملية صنع القرار. وتُنفِّذ «الطبقة التشغيلية» القرارات على الأجهزة والبرمجيات وأنظمة الروبوتات؛ بينما تُمكِّن «الطبقة المعرفية» الآلات من اتخاذ القرارات، مما يسمح لها بالتفكير والتصرف، وحتى التأمل.
وكتب مؤلفو الدراسة: «ضمن هذه الطبقة (المعرفية)، يعمل وكلاء الذكاء الاصطناعي كوحدات تحكم عالية المستوى؛ حيث تُقيِّم مجموعة المهارات في الطبقة التشغيلية لاختيار المهارات المناسبة لتنفيذ المهام بناءً على الوضع الراهن». وأضافوا: «يتولى هؤلاء الوكلاء مسؤولية تخطيط وتنفيذ الإجراءات المثلى، والانخراط في عملية تعلم مدى الحياة تُعزز خبراتها من خلال التأمل والتعلم المستمرين».
تشبه عملية التعلم هذه طريقة تفاعل البشر مع نماذج اللغة الكبيرة. في البداية، تكون النتائج عامة وعرضة للخطأ، ولكن مع مرور الوقت، تُنتج العلاقة بين المدرب والآلة نوعاً من الذكاء البشري يُمكن تكراره عبر روبوتات متعددة. وقال لي: «نأمل في تقليل التدخل البشري إلى الصفر تقريباً؛ لأننا نريد أتمتة العملية كلها».
تكيُّف روبوتي وإشراف بشري
ستعتمد درجة إمكانية أتمتة بعض عمليات التصنيع بشكل كبير على تعقيد المُنتَج، ومدى سرعة أنظمة الذكاء الاصطناعي في تعلم التكيف مع الأحداث الجديدة غير المتوقعة. وأضاف لي أن الخبراء البشريين سيظلون يلعبون دوراً حاسماً في هذه العملية، ولكنهم أقرب إلى دور المشرفين منهم إلى دور المشغلين. فبدلاً من القيام بالمهام اليدوية التي تتجاوز قدرة الروبوت، سيساعد الإنسان الروبوتات على تطوير وتحسين طرق التعامل مع الأحداث غير المتوقعة والتحقق منها.
في الوضع المثالي، سيصبح الذكاء الاصطناعي ذكياً بما يكفي للتفكير في كيفية تحسين التصاميم البشرية، من خلال ما يُطلق عليه المؤلفون «أدوات التصميم التوليدية».
وكتب المؤلفون: «تمهد هذه التطورات الطريق لإنشاء محتوى ثلاثي الأبعاد، مما قد يقربنا من تحقيق مبدأ (ما تفكر فيه هو ما تحصل عليه)». وأضافوا: «من خلال استكشاف مساحات تصميمية شاسعة، تُنتج هذه الأدوات حلولاً مبتكرة قد تغفلها الطرق التقليدية».
تطبيقات في الساحات العسكرية
في السياق العسكري، يعني هذا أن بإمكان الجندي في الميدان مسح (تصوير) قطعة معطلة، ويمكن لنظام مُحسَّن بالذكاء الاصطناعي إعادة تصميم وطباعة بديل لها بأقل قدر من الإشراف، وهي قدرة قد تُقلل بشكل كبير من احتياجات التوظيف والخدمات اللوجستية في الجبهة.
وأكدت وزارة الدفاع، بما في ذلك وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة (DARPA)، بشكل متزايد على التصنيع الآمن والقابل للتطوير، والقابل للتوصيل عند الطلب للبيئات اللوجستية المتنازع عليها.
وتُقدم طريقة التصنيع بالحلقة المغلقة (AAM) التي تستخدم أجهزة استشعار متعددة، وتُغذي ذكاءً متعدد الطبقات، خريطة طريق، لا لإنتاج أكثر ذكاءً؛ بل لقدرات تصنيع مرنة وقابلة للتكيف يُمكن أن تُعيد تعريف الخطوط الأمامية الصناعية.
تحديات صينية
لكن هذا التقدم يُسلط الضوء أيضاً على تحديات خطيرة أخرى تعيق مستقبلاً أكثر أتمتة للتصنيع، ألا وهي أن الصين تتصدر حصة السوق في المكونات الرئيسية التي تحتاج إليها الروبوتات، مثل أجهزة الاستشعار والمشغلات. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الصين بإمكانية وصول أكبر بكثير إلى المواد اللازمة لطباعة وتصنيع المنتجات -بما في ذلك الأسلحة- في المصانع التي تديرها الروبوتات. ومع أن الروبوتات ستُمكِّن الولايات المتحدة من بناء مزيد من الأشياء، فإنها لن تُصنِّع نفسها بنفسها.
* مجلة «ديفينس وان»، خدمات «تريبيون ميديا».
Source: باتريك تاكر
الأسهم العالمية تتراجع تحت ضغط قيود الرقائق الأميركية على الصين
تراجعت معظم الأسهم العالمية، يوم الأربعاء، متأثرةً بانخفاض أسهم شركة إنفيديا وشركات تقنية أخرى نتيجة تشديد القيود الأميركية على صادرات رقاقات الحوسبة المتقدمة المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1.2 في المائة، بينما تراجع مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة 0.6 في المائة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».
وسجّلت «إنفيديا» هبوطاً بنسبة 6.3 في المائة، خلال تعاملات ما بعد الإغلاق، عقب إعلانها أن الولايات المتحدة فرضت قيوداً جديدة على صادرات إحدى رقاقاتها المصممة لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما تراجعت أسهم شركة إيه إم دي المنافِسة بنسبة 7.1 في المائة، بعد إغلاق الأسواق الأميركية.
في الوقت نفسه، عادت المخاوف بشأن تصاعد التوترات التجارية إلى الواجهة، بعدما أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترمب فتح تحقيق بشأن واردات المعادن الأساسية، بما في ذلك المعادن النادرة المستخدمة في الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية، وغيرها من المنتجات.
وفي أوروبا، تراجع مؤشر «فوتسي 100» البريطاني بنسبة 0.2 في المائة إلى 8,233,10 نقطة، عقب إعلان الحكومة تراجع معدل التضخم، للشهر الثاني على التوالي في مارس (آذار) الماضي، نتيجة انخفاض أسعار الغاز. كما انخفض مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.7 في المائة إلى 21,107,68 نقطة، ومؤشر «كاك 40» الفرنسي بنسبة 0.6 في المائة إلى 7,289,67 نقطة.
أما في آسيا فقد تصدرت الأسهم الصينية الخسائر الإقليمية، رغم تسجيل ثاني أكبر اقتصاد في العالم نمواً سنوياً قوياً بنسبة 5.4 في المائة، خلال الربع الأول، مدعوماً بالإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة والصادرات. غير أن وتيرة النمو ربع السنوية تباطأت إلى 1.2 في المائة، مقارنة بـ1.6 في المائة، خلال الربع الأخير من 2024.
وانخفض مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 2 في المائة إلى 20,922,54 نقطة، بينما قلّص مؤشر «شنغهاي المركب» بعض خسائره مرتفعاً بنسبة 0.1 في المائة إلى 3,271,19 نقطة.
جاء هذا في وقتٍ خفّض فيه خبراء اقتصاديون توقعاتهم، بعد أن رفع الرئيس ترمب الرسوم الجمركية على معظم الواردات من الصين إلى 145 في المائة، وردّت بكين بالمِثل فارضة رسوماً بنسبة 125 في المائة على المنتجات الأميركية.
وقال محللو بنك «إيه إن زد» للأبحاث إن التأثير الأكبر ناجم عن حالة عدم اليقين بشأن هذه السياسات، وليس الرسوم نفسها، لافتين إلى أن تصريحات ترمب أضعفت ثقة الأعمال وأثّرت على النشاط الاقتصادي.
وفي طوكيو، تراجع مؤشر «نيكي 225» بنسبة 1 في المائة إلى 33,920,40 نقطة، وسط ضغوط من شركات التكنولوجيا، حيث هبط سهم «أدفانتست» المصنِّعة لأجهزة اختبار الرقائق بنسبة 6.6 في المائة، و«ديسكو كورب» بنسبة 8 في المائة.
كما تراجع مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية بنسبة 1.2 في المائة إلى 2,447,43 نقطة، في حين خسر مؤشر «ستاندرد آند بورز/ إيه إس إكس 200» الأسترالي أقل من 0.1 في المائة ليغلق عند 7,758,90 نقطة. أما مؤشر «سينسكس» الهندي فاستقرّ دون تغير يُذكر، بينما انخفض مؤشر بورصة بانكوك بنسبة 0.1 في المائة.
وفي تعاملات الثلاثاء، أغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» على انخفاض بنسبة 0.2 في المائة، وتراجع مؤشر «داو جونز» بنسبة 0.4 في المائة، في حين هبط مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة تقل عن 0.1 في المائة.
ولا يزال الغموض يخيّم على توقعات الأسواق، في ظل استمرار ترقب نتائج الحرب التجارية. وهدأت سوق السندات الأميركية بعد تقلبات حادة، الأسبوع الماضي، أثارت الشكوك حول مكانتها بوصفها ملاذاً آمناً.
واستقر العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.33 في المائة، منخفضاً من 4.38 في المائة الاثنين، و4.48 في المائة بنهاية الأسبوع الماضي، مقارنة بـ4.01 في المائة قبل أسبوع. ويُعد تراجع العائدات عادةً مؤشراً على ازدياد القلق بين المستثمرين.
وبقي الدولار الأميركي مستقراً بعد انخفاضه في الأسبوع الماضي، وهو ما زاد المخاوف من فقدان العملة الأميركية مكانتها بوصفها أصلاً آمناً.
على صعيد آخر، ارتفع سهم «بالانتير تكنولوجيز» بنسبة 6.2 في المائة، لليوم الثاني على التوالي، بعد أن أعلن حلف شمال الأطلسي «الناتو» أنه سيستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طوّرتها الشركة في عملياته.
وفي أسواق الطاقة، تراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 69 سنتاً إلى 60.64 دولار للبرميل، وانخفض خام برنت القياسي العالمي 65 سنتاً إلى 64.01 دولار.
ويرى محللون أن تصاعد الرسوم الجمركية يُعزز المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما يضغط على الطلب على النفط والسلع الأخرى.
وفي أسواق العملات، انخفض الدولار إلى 142.26 ين ياباني، من 143.24 ين، بينما ارتفع اليورو إلى 1.1377 دولار أميركي، من 1.1283 دولار.
Source: «الشرق الأوسط