“عجائب البيولوجيا: من زومبي الفطريات إلى معجزات الحيتان”

الكشف عن فطر يحوّل العناكب إلى “زومبي”

ويتشابه سلوك العناكب المصابة بالفطريات الجديدة مع سلوك النمل المصاب بالفطريات من جنس الكورديسيبس التي تم الإبلاغ عنها سابقا في الغابات الاستوائية المطيرة، والتي تتكاثر وتنتشر من خلال التصاقها بالهيكل الخارجي للنمل وتخترقها وتسيطر ببطء على سلوكها، كما هو الحال في قصص “الزومبي” الخيالية، ومع تقدّم العدوى تضطّر الضحية المصابة إلى مغادرة موطنها إلى مناخ محلي أكثر رطوبة وملائما لنمو الفطريات.

ويستخدم العلماء اسم “الزومبي” للإشارة إلى نوع من النمل المسيّر الذي ينجح نوع من الفطريات في السيطرة عليه وتحريكه خلافا لإرادته وسلوكه الطبيعي، وقد استلهموا هذا الاسم من أفلام ظهرت فيها شخصيات منوّمة ومجردة من الوعي الذاتي تسيطر عليه قوى خارجية.

كما يتشابه هذا السلوك أيضا مع سلوك نوع من الطفيليات يسمى “ديكروكويليام ديندريتيكام”، اكتشفه باحثون بجامعة كوبنهاغن في سبتمبر/أيلول 2023، والذي يتحكم بشكل كامل في أدمغة النمل ويدفعه للتحرك بالطريقة التي يرغب فيها الطفيلي، لا النمل نفسه.

مصادفة تقود لاكتشاف

وعثر طاقم تلفزيوني تابع لهيئة الإذاعة البريطانية على العنكبوت الضحيّة مصادفة أثناء تصوير سلسلة “وينتر ووتش” الوثائقية، وهو عنكبوت من نوع “ميتيلينا ميريانا”، الذي يعيش بشكل شائع في الكهوف المهجورة.

وأرسلت العينة إلى فريق من العلماء من متحف التاريخ الطبيعي بالدانمارك والحدائق النباتية الملكية في كيو بالمملكة المتحدة، بقيادة عالم الفطريات هاري إيفانز من المركز الدولي للزراعة والعلوم البيولوجية (كابي).

ونشر العلماء نتائج الدراسة في مجلة “فونغال سيستيماتيك أند أيفلوشن” المتخصصة بدراسة تصنيف الفطريات وتطورها، وحددت الدراسة العيّنةَ على أنها نوع جديد من الفطريات من نوع “غيبيلولا” أطلقوا عليه اسم “أتينبورو” تيمنًا باسم المذيع والمؤرخ الطبيعي السير ديفيد أتينبورو، رائد برامج التاريخ الطبيعي لقناة “بي بي سي”.

كما عثر على عينات مماثلة من الفطريات الجديدة في أنظمة الكهوف في كل من أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، وكذلك على عنكبوت كهف آخر ذي صلة بنوع “ميتا ميناردي”، وفي جميع العينات كانت الفطريات متشابكة مع جثة العنكبوت الضحية على الأسقف والجدران.

وعلى الرغم من أن العناكب من هذا النوع غالبا ما تخبّئ أنفسها بالقرب من شبكاتها ولا تقبع في العراء، فإنه من الواضح أنها كانت تحت سيطرة الفطريات التي وجهتها ضد طبيعتها إلى الأسطح المكشوفة لأسقف الكهوف.

نوع جديد من الفطريات

يقول الباحث هاري إيفانز الذي قاد الدراسة، في حديث للجزيرة نت، إن مثل هذه الفطريات توجد في العديد من النظم البيئية، وخاصة في النظم البيئية الرطبة مثل الكهوف (كما في حالة عينة الدراسة) والغابات المطيرة الاستوائية، وتغزو هذه الفطريات المضيف مباشرة من خلال الهيكل الخارجي، حيث تنتج الجراثيم النابتة سلسلة من الإنزيمات لاختراق هذا الهيكل في نظام متطور للغاية، أي أن هذا الفطر سيكون خاصا بهذا الجنس أو أجناس العناكب ذات الصلة.

ويوضح إيفانز للجزيرة نت الطرق والآليات التي اعتمدت عليها الدراسة، حيث أزيلت العينة النموذجية باستخدام ملقط دقيق من سقف مخزن مهجور في مركز كاسل إسباي للأرضي الرطبة في أيرلندا الشمالية، ونقلت العينة إلى أنبوب بلاستيكي معقّم ثم جففت في الهواء لمدة 4 أيام، قبل إرسالها للفحص في مركز كابي بالمملكة المتحدة.

كما تم جمع عينات أخرى من العناكب المصابة بفطريات غيبيلولا في جزيرة أيرلندا، وإرسالها للفحص بالطريقة نفسها، بالإضافة إلى ذلك، تم التقاط صور في الموقع توضح تفاصيل مواقع العناكب المصابة داخل نظام الكهف، وخاصة فيما يتعلق بمناطق الضوء ومدخل الكهف.

وبعد فحص العينات المجففة باستخدام مجهر تشريح خاص، أزيلت الهياكل المتكونة، وعزل الباحثون الفطريات في ظروف خاصة لنمو المستعمرة وتمّ استخراج الحمض النووي منها وإجراء الفحص المورفولوجي على العينة.

وبحسب الباحث، تشير نتائج التحليلات المورفولوجية والتطورية إلى تميّز فطريات غيبيلولا -التي عثر عليها على عنكبوت الكهوف موضوع العينة- عن الأنواع المعروفة حتى الآن، وتُظهِر النتائج أن العينة الأصلية التي تم رصدها والإبلاغ عنها خلال سلسلة “بي بي سي وينتر واتش”، تشكّل مجموعات داخل جنس غيبيلولا، تتجمع مع مجموعات أخرى من نوعين من العناكب الكروية لأنظمة الكهوف في جزيرة أيرلندا، ولكن علاقة النوع الجديد المكتشف بالأنواع القريبة منه لا تزال موضع تخمين، كما أن دوره في ديناميكيات مجموعات العناكب يتطلب مزيدا من الدراسة.

Source: Apps Support


حوت يلتهم إنسانا ثم يلفظه سالما فما التفسير العلمي؟

في مشهد يخطف الأنفاس، التقطت العدسات مقطعا لمُجَدِّف كاياك ابتلعه حوت أحدب عملاق قبالة سواحل جنوب تشيلي، قبل أن يلفظه لاحقًا سالما في مشهد أشبه بالمعجزة.

وكان أدريان سيمانكاس، البالغ من العمر 24 عاما، يتنقل بزورقه الصغير في مياه باتاغونيا الباردة يوم السبت، عندما انطلق الحوت الضخم فجأة من الأعماق، ليبتلعه هو وزورقه الأصفر بالكامل. للحظات مرعبة، اختفى سيمانكاس تحت الماء قبل أن يعاود الظهور، لاهثا وهو يطفو على السطح، بينما كانت زعنفة الحوت تبرز خلفه في الخلفية.

وقد وثّق والده المشهد بأكمله في تسجيل فيديو التقط لحظات الهلع التي سرعان ما أعقبها ارتياح بالغ. وظهر في المقطع المصوَّر صوت الأب وهو يخاطب ابنه قائلا: “ابقَ هادئا! ابقَ هادئا!” محاولا طمأنته في لحظة صدمة واضحة. وبعد أن تأكد من أن أدريان قد عاد إلى السطح، نصحه بالإمساك بالزورق للحفاظ على توازنه.

وفي تعليقه لوكالة أسوشيتد برس، أشار سيمانكاس بأنه شعر بأنه فقد حياته، قائلا: “اعتقدت أنني ميت. اعتقدت أنه أكلني، وأنه ابتلعني”.

التفسير العلمي للحادثة

وعلى الرغم من أن المشهد بدا وكأنه لقطة سينمائية من أفلام هوليود، فإن العلماء أوضحوا أن سيمانكاس لم يكن في خطر حقيقي بالابتلاع. فحيتان الأحدب، رغم ضخامتها، تمتلك حناجر صغيرة نسبيا، مما يجعل ابتلاع إنسان أمرا مستحيلا من الناحية الفسيولوجية.

ورغم أن الحوت الأحدب مخلوق ضخم، يمكن أن يصل طوله إلى 16 مترًا ووزنه إلى 30 طنًا، فإن قُطر حلقه لا يتجاوز 10-15 سنتيمترا، هذا يعني أنه يمكنه فقط ابتلاع أسماك صغيرة أو كميات من الجمبري الصغير، لكنه لا يستطيع ابتلاع إنسان أو أي كائن كبير.

الحيتان الحدباء تتغذى بطريقة “تصفية المياه” باستخدام صفائح البالين (شعيرات في صفائح عبر الفك العلوي للحوت) بدلا من الأسنان، حيث تدخل كمية كبيرة من الماء والفريسة إلى فم الحوت، لكنه يقوم بطرد الماء عبر صفائح البالين والاحتفاظ فقط بالكائنات الصغيرة.

ويبدو إذن أن الحوت كان في خضم التهام مجموعة من الأسماك الصغيرة ولم يلحظ وجود الزورق في طريقه، إذ إن اندفاعه إلى السطح بفمه المفتوح يُعد سلوكا طبيعيا أثناء تناوله الطعام.

وتصيب أحيانا مثل هذه الحوادث الزوارق والقوارب الصغيرة رغم ندرتها، ويشدد الخبراء على ضرورة الحفاظ على مسافة آمنة عند الوجود بالقرب من الكائنات البحرية لتجنب مثل هذه المواقف غير المتوقعة.

وهذه ليست المرة الأولى، ففي عام 2021، حدثت واقعة شبيهة حيث ابتلع حوت أحدب غواصًا يُدعى مايكل باكارد لفترة قصيرة قبل أن يبصقه حيًا، وأكد الغواص أنه لم يشعر بأي أسنان أو ضغط كبير، وأن الحوت سرعان ما أدرك الخطأ وقام بإخراجه.

Source: Apps Support