بعد مقتله.. من هو غنيوة الككلي؟
في تطور مفاجئ ومثير على الساحة الليبية، قُتل عبد الغني الككلي، أحد أبرز قادة الميليشيات في العاصمة الليبية طرابلس، مساء الاثنين، خلال اشتباكات مسلحة وقعت جنوب المدينة، لتطوي صفحة من النفوذ الأمني والسياسي والاقتصادي الذي ظل يمارسه لسنوات.
الككلي، المعروف في الأوساط الليبية بلقب “غنيوة”، لم يكن من أبناء طرابلس رغم سطوته الأمنية فيها؛ فقد وُلد في مدينة بنغازي وبدأ حياته بعيدًا عن ساحة المعارك، حيث كان يعمل في مخبز تملكه عائلته.
غير أن الأوضاع التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، فتحت له الطريق لتشكيل ميليشيا مسلحة اتخذت من منطقة أبو سليم قاعدة لها، لتتحول لاحقًا إلى واحدة من أقوى التشكيلات المسلحة في العاصمة.
رجل أمن يتحول إلى “إمبراطور أعمال”
لم يكتفِ الككلي بدوره كقائد ميليشيا ميداني، بل راح يمد نفوذه إلى مؤسسات الدولة الاقتصادية، مستغلًا حالة الانقسام السياسي وتعدد مراكز القوى. ووفق تقرير استخباراتي نشره موقع “أفريكا إنتليجنس” الفرنسي، نجح الككلي خلال السنوات الماضية في بناء شبكة معقدة من المصالح الاقتصادية، شملت قطاعي النفط والكهرباء، فضلًا عن بسط نفوذه على هيئة أمن المرافق الحكومية التي تتولى نقل الأموال بين البنوك ومصرف ليبيا المركزي.
وأشار التقرير إلى أن الككلي أصبح خلال تلك الفترة “رجل أعمال بامتياز”، وحرص على تأمين موضع قدم دائم له في دوائر صنع القرار، حتى وإن غيّرت السياسة وجهها وتغيرت التحالفات.
تحالفه مع عبد الحميد الدبيبة
من أبرز محطات صعود الككلي، تقاربه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، والذي بدأ بشكل علني عام 2021.
ووفق مصادر مطلعة، عقد الرجلان تفاهمًا يقضي بأن يوفر الككلي الحماية الأمنية والدعم السياسي للدبيبة في طرابلس، مقابل تمكينه من تعيين حلفائه في مناصب حساسة بالدولة.
وبفضل هذا التفاهم، اتسع نفوذ الككلي بشكل غير مسبوق، وتمكن من التحكم في مفاصل حيوية داخل الدولة، بينها الكهرباء والمرافق الحكومية.
ويؤكد فريق خبراء الأمم المتحدة أن الككلي مارس تأثيرًا مباشرًا على الشركة العامة للكهرباء من خلال رئيسها محمد عمر حسن المشاي، الذي تصفه مصادر دبلوماسية بأنه “حليف تاريخي” للككلي. وتشير الوثائق الأممية إلى أن تعيين المشاي جاء نتيجة اتفاق سياسي بين الككلي والدبيبة لمواجهة خصمهما المشترك آنذاك، فتحي باشاغا.
تداعيات مقتله
مقتل الككلي، في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها ليبيا، يطرح تساؤلات كثيرة حول مستقبل المشهد الأمني في طرابلس، لا سيما أن الرجل كان يُعد أحد الضامنين الرئيسيين لاستقرار حكومة الدبيبة داخل العاصمة.
كما قد تؤدي وفاته إلى إعادة توزيع مراكز القوى بين الميليشيات المتنافسة، وربما تشعل فتيل جولات جديدة من العنف، وسط فراغ أمني متوقع في المناطق التي كان يهيمن عليها.
ولا تزال الجهات الرسمية الليبية تلتزم الصمت حيال ظروف مقتل الككلي، بينما تسود أجواء من الترقب والحذر في أوساط سكان طرابلس، الذين يتخوفون من انعكاسات هذا الحادث على استقرار العاصمة الهشّ.
في النهاية برحيل عبد الغني الككلي، تُطوى صفحة من صفحات مرحلة ما بعد 2011 في ليبيا، حيث لعبت الميليشيات دورًا محوريًا في تشكيل المشهد السياسي والأمني. ورغم تعدد الروايات حول ظروف مقتله، فإن المؤكد أن غيابه سيعيد خلط الأوراق في طرابلس، وسيضع حكومة الدبيبة أمام تحديات أمنية كبيرة في الفترة المقبلة.
Source: بوابة الفجر