“فيزياء الابتكار – كمان أدق من شعرة الإنسان”

فيزيائيون يصنعون كماناً أدق من شعرة الإنسان

إذا كانت لديك شكوى بشأن جداولك الدراسية أو امتحاناتك، فقد لا تكون جامعة لوفبرا الإنجليزية المكان الأنسب للتعبير عنها. فالفيزيائيون في الجامعة يعتقدون أنهم صنعوا أصغر كمان في العالم باستخدام تقنية النانو. ويقولون إنّ العمل على هذه الأداة الصغيرة، التي يقلّ حجمها عن عرض شعرة الإنسان، سيساعد في البحث في مجموعة من التطبيقات، بدءاً من تحسين كفاءة أجهزة الكمبيوتر، وصولاً إلى إيجاد طرق جديدة لحصد الطاقة.

في هذا السياق، نقلت «بي بي سي» عن رئيس قسم الفيزياء في الجامعة، البروفسور كيلي موريسون، قوله: «إنّ كثيراً مما تعلّمناه خلال هذه العملية قد أرسى بالفعل الأساس للبحوث التي نُجريها الآن».

يبلغ طول الكمان 35 ميكروناً وعرضه 13 ميكروناً. والميكرون هو جزء من مليون من المتر؛ وللمقارنة، يتراوح قُطر شعرة الإنسان عادةً بين 17 و180 ميكروناً.

وقد صُنع هذا الكمان لاختبار قدرات نظام النانوليتوغرافيا (الطباعة النانوية) الجديد في الجامعة، والذي يتيح للباحثين بناء ودراسة الهياكل الدقيقة.

أضاف موريسون: «يتيح لنا نظام النانوليتوغرافيا تصميم تجارب تختبر المواد بطرق مختلفة -باستخدام الضوء أو المغناطيسية أو الكهرباء- ومراقبة استجاباتها. بمجرّد أن نفهم كيف تتصرّف المواد، يمكننا البدء في تطبيق تلك المعرفة لتطوير تقنيات جديدة، سواء لتحسين كفاءة الحوسبة أو لإيجاد طرق جديدة لتجميع الطاقة. لكن أولاً، نحتاج إلى فَهْم العلوم الأساسية، وهذا النظام يتيح لنا القيام بذلك تماماً».

يُعتقد أن عبارة «هل تسمع أصغر كمان في العالم وهو يعزف لك وحدك؟» ظهرت للمرة الأولى في حلقة من برنامج «M*A*S*H» التلفزيوني عام 1978، وعادةً ما تُستخدم للسخرية من الشكاوى المُبالغ فيها.

وقالت الجامعة إنَّ الكمان هو صورة مجهرية وليس آلة موسيقية قابلة للعزف، ولم يجرِ تأكيده رسمياً على أنه أصغر كمان في العالم.

لإنشائه، انضمّت إلى البروفسور موريسون، الدكتورة نايمي ليو، وفنّي البحوث الدكتور آرثر كوفيني.

طُليت رقاقة صغيرة بطبقتين من مادة شبيهة بالهلام تُعرف بالمقاومة، قبل وضعها تحت جهاز «NanoFrazor»، وهو جهاز نحت نانوي.

تستخدم الآلة تقنية الطباعة الحرارية بالمسح الضوئي، وفيها يقوم طرفٌ مسخّن يشبه الإبرة «بكتابة» أنماط دقيقة جداً على مقياس النانو. وقد سمح ذلك بنقش تصميم الكمان على الطبقة السطحية للرقاقة.

بعد النقش، أُذيبت الطبقة السفلية من المقاومة، لتترك خلفها ثقباً على شكل آلة الكمان.

وقالت الجامعة إنّ طبقة رقيقة من البلاتين وُضعت بعد ذلك في الرقاقة، قبل أن تُشطف نهائياً بمادة الأسيتون لإزالة أي مواد متبقية، ليبقى الكمان النهائي.

يستغرق إنشاء الكمان باستخدام نظام الطباعة النانوية نحو 3 ساعات، لكنّ النسخة النهائية التي أنجزها فريق البحث استغرقت أشهراً، إذ عملوا خلالها على تحسين تقنيات مختلفة واختبارها.

وختم موريسون: «متحمّس جداً لمستوى التحكم والإمكانات التي نتمتّع بها مع هذا النظام».

Source: «الشرق الأوسط