متفرقات
عند الإنجليز تقاليد وعادات لا يمكن إلا أن ترفع لها قبعة «الجنتلمان» احتراماً وتقديراً، مثل أن ترى رئيس الوزراء، السلطة المحركة للبلد، يذهب لبعض مشاويره، بقطار الأنفاق، وحين لا يجد مكاناً للجلوس يقف، وهو يقرأ جريدته، ولا أحد يزعجه، حتى أنهم لا يفسحون له مكاناً للجلوس، إن كان واقفاً متشبثاً بتلك القطعة المطاطية المعلقة، ذلك أنهم يعدونه موظفاً، مثلهم، ذاهباً لعمله، ولو بكّر قليلاً لوجد ربما مقعداً مريحاً!* في ناس من يشوفونك يريدون يعرفون وين تشتغل، وكأن الوجوه عندهم لازم ترتبط بشغل في مكان عام، وربما لا يغيظهم شيء مثل أن تقول لهم: «أيم.. فري لانسر»! أعتقد كلهم بيهزون رؤوسهم حينما تنصرف عنهم، وسيقولون: «قول بطّالي.. قول عاطل عن العمل، لازم بالإنجليزي، يريد يهوّن على نفسه، زين دامك «فري لانسر» على حد قولك، متى الحبيب تأخذ إجازتك السنوية، وإن شاء الله مدفوعة، وإلا مثل إجازة الأمومة، ما عارفين يدفعون عنها، وإلا يقصّونها من راتب الزوج»! * من المشاهد المكررة في كل فيلم عربي خاصة في الثمانينيات، والذي دائماً ما يضحكني كلما رأيته، منظر البطل والبطلة في ملعب للتنس الأرضي، مرتديين الزي الرياضي الأبيض، على أساس أنهما من سلالة أرستقراطية، وتنتمي للطبقة النبيلة، ولديها عضوية في أعرق أندية القاهرة، لتمارس رياضتها المحببة لنفسها، طبعاً لا البطل يبدو أنه يعرف لعب التنس أو حتى عرف ملعبها الرملي أو الـ «ترتان»، بدليل ضعف الركبتين، ولا البطلة التي توحي أنها مُرَبّية مرتين، ومرضعة حولين كاملين، ولا تقدر أن تركض خطوتين، فيقطع المخرج المشهد الذي استغرق ثواني على البطلين، لكي لا يفتضح أمره، وأمر لاعبي التنس، وهما يمسحان جبينيهما بالفوطة البيضاء، لانتهاء الأشواط، وهو يقول لها: «أروفوار»، وهي ترد: «أروفوار يا حبيبي، ما تنساش الماتش الجاي، أُوعا تتأخر حزعل أويّ»! * كثيراً ما كانت تحيرني كلمة «مدحوب» بالعامية والتي تعني الممتلئ، وتعني المعتوه، ولقد حاولت أن أجد التقارب بين المعنيين، لأنه لا يمكن أن تقال اعتباطاً، فدحب الشيء، ملأه حتى رأسه، والمدحوب، هو المعتوه أو الأحمق، وتسمى بذلك لأن الأمور تكون عنده واصلة حتى قمة رأسه، ومن هنا كان التشبيه والتسمية، على ما أعتقد، رغم أن هناك كلمة الأدعب والتي تعني بالفصحى الأحمق، لكن لا أعتقد أنها يمكن أن تقلب العين إلى حاء، ومن معاني دحب، ويدحب الشيء، يكوره ويدفعه، والدحب، النكاح، والدحبة المكورة، وأم دحبة، نوع من السيارات! * هناك أخطاء قاتلة، تتصل بك جهة ما، وتقول لك: والله أنت كافل واحدة أجنبية، وحتى الآن هناك نواقص في الطلب وأوراقها غير مكتملة، وتكون أنت على وجهك، وتسأل الزوجة المصون إن كانت هناك بشكارة منتهية إقامتها أو خلاف ذلك، فترد الزوجة فقط بكلمة: ليش؟ فتخبرها، فتظلم الدنيا في عينيها، ولا تريد إلا أن تعرف من هي هذه الأجنبية! طبعاً لن تفكر بشغالة أو بشكارة أو مربية، أجنبية يعني أجنبية، وحلوة بالتأكيد، وتعال فك تلك المعضلة من صباح الله، والسبب تلك المكالمة الخطأ، ويضيع النهار، واصبر على هم الليل!
Source: مركز الاتحاد للأخبار