نحو 80 دولارا.. هل تحسم مزايدة “البدل” انتخابات الصحفيين بمصر؟
القاهرة- تشهد أروقة نقابة الصحفيين المصريين جدلا نقابيا واسعا يتزامن مع انتخابات “التجديد النصفي” لمجلس النقابة، يدور حول قضايا تتعلق بواقعهم المعيشي والحريات والتشريعات النقابية.
على رأس هذه القضايا تأتي زيادة “بدل التدريب والتكنولوجيا”، وهو بمنزلة “أجر” شهري يتقاضاه الصحفيون النقابيون في مصر، تموله الدولة منذ عام 1975، وعادةً ما تدور حوله البرامج الانتخابية النقابية.
عودة الحديث عن الحريات وقيمة البدل المقدرة بـ3900 جنيه (أي أقل من 80 دولارا)، تثير تساؤلات على لسان مرشحين نقابيين وأعضاء بالجمعية العمومية، أبرزها: إلى أي مدى تسبب الواقع المعيشي الراهن للصحفيين في مصر في أن يكون “البدل” محورا مهما في الانتخابات النقابية؟
خريطة الانتخابات والمرشحين
تُجرى انتخابات “التجديد النصفي” كل عامين على مقعد النقيب ونصف مقاعد أعضاء المجلس (12 عضوا/ دورة كل عضو 4 سنوات)، وكان من المقرر عقدها يوم 7 مارس/آذار الجاري، لكنها تأجلت أسبوعين، ثم إلى 4 أبريل/نيسان لعدم اكتمال النصاب القانوني.
ويتطلب النصاب القانوني حضور 50%+1 من الأعضاء المشتغلين البالغ عددهم 10 آلاف و232 صحفيا في الانعقاد الأول، أو ربعهم في الجولات التالية، وسط مؤشرات على إمكانية إجرائها يوم 2 مايو/أيار، وفق اتفاق “غير معلن” بين المرشحين والجمعية العمومية، مراعاة لشهر رمضان والأعياد الدينية.
في حين يخوض 8 مرشحين الانتخابات على مقعد النقيب، تنحصر المنافسة الفعلية -وفق مؤشرات عدة- بين مرشحين اثنين بارزين، هما:
النقيب المنتهية ولايته خالد البلشي، يساري معارض، وأحد أبرز قيادات ما يعرف بـ”تيار الاستقلال النقابي” (جبهة تحمل شعار الاستقلال النقابي والحريات).
النقيب الأسبق (2017-2019) عبد المحسن سلامة، الذي ينتمي إلى مؤسسة الأهرام (المملوكة للدولة) وتُعد واحدة من أكبر الكتل التصويتية في انتخابات الصحفيين.
أما عضوية مجلس الصحفيين، فتشهد منافسة 43 مرشحا على 6 مقاعد، وكما في الجولات الأخيرة، تنحصر الانتخابات هذه المرة أيضا بين “تيار الاستقلال” وقائمة تصنف نقابيا بأنها “تلقى دعما حكوميا”، وهو ما لم يثبت أن أكدته أو نفته الحكومة المصرية سابقا.
توافق “نادر”
خلال الدورات الانتخابية في العقد الماضي، كانت انتخابات الصحفيين بمنزلة سباق بين تكتل محسوب على الحكومة وآخر يساري ذي توجهات معارضة، الأول يحمل ورقة زيادة البدل، والآخر يحمل رهانات تحقيق هامش من “الحريات والاستقلالية النقابية”.
بيد أن انتخابات 2025 تشهد مفارقة ملحوظة، تتمثل في اتفاق غالبية المرشحين على تبني ملف الحريات والصحفيين المحبوسين، إلى جانب الدعوة إلى إجراء تعديلات على القوانين والتشريعات الصحفية، لأغراض تبدو مختلفة.
وهذا التوافق النادر حول “الحريات والصحفيين المحبوسين”، اعتبره البلشي في أكثر من مناسبة “نجاحا لمجلسه المنتهية ولايته في جعل الآخرين يتحدثون عن ملفات ومشاكل كانوا ينكرونها سابقا”.
في حين يرى المنافس الأبرز للبلشي، عبد المحسن سلامة، أن “قضايا الحريات لا يمكن تجاوزها في انتخابات الصحفيين، كما لا يجوز لأي طرف احتكارها أو المتاجرة بها انتخابيا”.
مزايدة البدل
وعادة ما تحمل انتخابات الصحفيين مزايدات نقابية حول البدل، وإن كانت بعض الأصوات الصحفية تشير إلى انتقاله في الدورات الأخيرة من ورقة انتخابية إلى استحقاق نقابي.
تعقيبا على ذلك، يؤكد سلامة أن مشكلة البدل تكمن في غياب تشريع واضح ينظم زيادته بشكل دوري وثابت، ومع ذلك، يعتقد أن زيادته تعتمد على قوة النقيب والمفاوض ومكانته وليس على توجهات سياسية معينة.
في المقابل، سبق أن ندد البلشي بهذا الطرح، معتبرا “القول بأن البدل يأتي بقوة النقيب إهانة للجمعية العمومية”.
خيوط معقدة ومتشابكة
ممسكا بخيوط “البدل والحريات والمحتوى الصحفي” المعقدة والمتشابكة، يشير الكاتب الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ، عضو المجلس المنتهية ولايته والمرشح لدورة جديدة، إلى أن الأوضاع الاقتصادية للصحفيين أصبحت بالغة الصعوبة.
وفي حديث للجزيرة نت، عزا عبد الحفيظ الأسباب إلى “غياب هامش الحرية الكافي الذي يسمح بإنتاج محتوى صحفي جاذب، مما يؤثر سلبا على الإعلانات والإيرادات، وبالتالي ينعكس على الظروف المعيشية للصحفيين”.
وشدد على أن “بدل التدريب والتكنولوجيا حق قضائي ثابت وليس منة، وصدر بشأنه أكثر من حكم من المحكمة الإدارية العليا”، موضحا أن أزمة البدل تكمن أيضا في ارتباط زيادته بالمواسم الانتخابية، بدلا من أن تكون زيادة دورية متماشية مع معدلات التضخم أو العلاوات السنوية.
أرقام ومؤشرات
متفقة مع الطرح السابق، ترى الصحفية والمرشحة لعضوية مجلس النقابة، إيمان عوف، أن بدل التدريب والتكنولوجيا أصبح مصدر دخل أساسيا للصحفيين، لكنه لا يضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة التي يفترض أن يتمتعوا بها.
وفي تصريحات للجزيرة نت، استشهدت عوف بـ”مخرجات صادمة” كشفتها نتائج الاستبيان الذي أُجري في المؤتمر السادس لنقابة الصحفيين في ديسمبر الماضي، موضحةً أنها أظهرت أن:
نحو 13% من الصحفيين لا يتقاضون رواتب، مما يعني أنهم يعملون في ظروف أقرب إلى العمل الجبري.
تتراوح نسبة من يحصلون على رواتب غير مستقرة بين 13% و17%.
يعاني أكثر من 49% من غياب الحد الأدنى للأجور (6 آلاف جنيه) أو وجود لوائح مالية تنظم حقوقهم داخل المؤسسات الصحفية.
نحو 65% من الصحفيين ينفقون البدل على متطلبات حياتهم اليومية، بدلا من استثماره في التدريب أو المعدات الصحفية.
جمعية عمومية “أكثر وعيا”
بدوره، يقول الناقد الرياضي بصحيفة الجمهورية، ناصر سليمان، إن انتخابات الصحفيين لن تحسمها وعود زيادة البدل، بعد أن أصبحت الجمعية العمومية أكثر وعيا وإدراكا لما يدور داخل النقابة.
ويشير سليمان إلى جملة من المشاكل التي تعاني منها الجماعة الصحفية، منها: الوضع الاقتصادي المتردي، وتدني رواتب الصحفيين في المؤسسات القومية، وإغلاق عدد من الصحف الخاصة، وتحول “البدل” إلى ملاذ أساسي لجموع الصحفيين.
ويعتقد أن جزءا من مواجهة الأزمة المالية التي يعاني منها الصحفيون يكمن في ربط البدل بالحد الأدنى للأجور.
Source: Apps Support
“لن يقول لك وداعا”.. هل يقع الإنسان في حب الروبوت؟
أثناء فترة الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا، كانت ليبي فرانكولا، وهي امرأة ثلاثينية من مدينة هيوستن الأميركية، بحاجة لمن تتحدث إليه؛ بعدما أنهت توًّا علاقة عاطفية دامت قرابة 5 سنوات، إلى أن عثرت مصادفةً عبر شبكة الإنترنت، على مقطع مصوّر يصف إحدى تطبيقات الدردشة الآلية القائمة على الذكاء الاصطناعي.
أقدمت فرانكولا على تجربة التطبيق، الذي أتاح لها ما تريد بشكلٍ مجانيّ في اليوم الأول، قبل أن تقرر الاشتراك لقاء رسوم شهرية قدرها 8 دولارات نظرًا لأن هذه المحادثات خففت من شعورها بالاكتئاب ومنحتها مزاجا أفضل، بحسب وصفها.
ويبدو أن السيدة ليبي ليست الوحيدة التي وجدت العزاء والأنس رفقة تطبيقات الدردشة الآلية، وأن الإقبال على مثل هذه التطبيقات يتزايد، رغم انتهاء القيود التي فرضتها الجائحة على التواصل الاجتماعي.
ففي العام الماضي، أعلنت شركة “هيوم” الأميركية عن تطويرها أول ذكاء اصطناعي صوتي يتمتع بالذكاء العاطفي، كما أعلنت عن عملها على تجهيز نموذج لغوي ضخم بإمكانه فهمُ نبرة الصوت والتعامل معها، وهو ما يثير قلق الخبراء، نظرًا لأن ذلك يفتح الباب أمام المزيد من الاعتماد (أو الإدمان) على هذه التطبيقات، التي تحل محل الطرف البشري في العلاقات الاجتماعية والعاطفية.
الذكاء الاصطناعي.. نوع جديد من الإدمان
ويشير مؤسس شركة هيوم، ألان كوين، وهو عالم بيانات سابق في غوغل ويتمتع بخلفية معرفية في مجال علم النفس، إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي المتوفر على المنصة، يمكنه التفاعل مع مشاعر المستخدمين وتلبية احتياجاتهم العاطفية بشكل فعال، وذلك من خلال التدرب على مئات الآلاف من النبرات ودرجات الصوت وتعبيرات الوجوه البشرية من مختلف أنحاء العالم.
وهو ما يؤكده الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي، لانس إليوت، حيث يوضح أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية الحديثة تستخدم نموذجا لغويا يحتوي على بيانات واسعة النطاق، كما أن لديها القدرة على مطابقة الأنماط، أي استحضار مفردات ونبرة حديث تتلاءم والحوارَ الذي تجريه مع المُستخدم.
فعلى سبيل المثال، تركز الخوارزميات الحديثة على تحديد الأنماط التي يكتب بها البشر عبر إجرائها مسحا مكثفا لشبكة الإنترنت، والاستعانة بعدد لا حصر له من المقالات والمدونات والقصص وغيرها من أشكال السرد المختلفة، ومن ثم استخدام هذا القدر الكبير من البيانات في توليد الإجابات، والاستجابة بطريقة تحاكي تماما الأسلوب البشري في التحدث والكتابة.
وبإمكان ذلك أن يلغي الحدود داخل عقل المُستخدم، فيتلاشى إحساسه بأنه يتحدث بالأساس إلى روبوت، نظرًا لأن الردود في هذه الحالة لن تكون آلية أو كوميدية، خاصة عند التعامل مع المشاعر الإنسانية والمواقف المعقدة والكلمات التي تحمل أكثر من معنى، فضلا عن قدرتها على توظيف التشبيه والكناية والمجاز، وتوليد استجابات تبدو “طليقة” للغاية، بما يساهم في تعلّق المُستخدم تدريجيًّا بهذه التطبيقات ونشأة نوع جديد من “الإدمان الرقمي”.
ورغم أن الكثير من الدراسات تناول مفهوم “الإدمان الرقمي”، بما يتضمنه من الاستخدام المفرط للهاتف الذكي وشبكة الإنترنت، أو التواجد الدائم على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من التطبيقات، فإن ظهور التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي يمهّد لنوع جديد من “الإدمان الرقمي” أكثر خطورة، نظرًا لأنها تلبي احتياجات إنسانية أساسية بشكل أعمق من كل ما سبق.
فإذا ما كان الشخص بحاجة إلى مشاركة صورة أو منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بغرض الحصول على تفاعل والإحساس بأنه مرئي، حتى وإن أتى ذلك من عابرٍ مجهول، فإنه قطعًا أكثر احتياجًا إلى إجراء محادثة صوتية أو كتابية، يكون خلالها محورَ اهتمام الطرف الآخر.
وفي حال امتلاك هذا الآخر قدرة على الإصغاء في أي وقت والرد بلا تأخير، دون إلزام المُستخدم بمبادلته الشيء ذاته، فربما لن يولي اهتماما حينئذٍ لكون الطرف الآخر مجرد “آلة”، خاصة إذا كان يفتقر إلى علاقات اجتماعية عميقة وآمنة، أو لا يستطيع التحدث بصدق وانفتاح مع الأشخاص في محيطه، وهي عوامل من شأنها أن تدفعه إلى الإدمان العاطفي على هذه التطبيقات.
ويُعرّف الإدمان بالاضطراب الذي ينتج عنه الاستخدام “القهري” لمادة معينة أو القيام بنشاط محدد. ويقصد بلفظ “القهري” فقدان القدرة على التحكم، وهو ما يُعد السمة المميزة للإدمان، أي أن الشخص لن يستطيع الانقطاع عن استخدام هذه المادة أو التوقف عن تكرار هذا النشاط، حتى إذا أراد ذلك.
ورغم أن الاعتقاد السائد في السابق، حصرَ الإدمان في استخدام المواد المحظورة مثل المخدرات، فإنه تم توسيع التعريف لاحقًا، ليشمل بعض الأنشطة والسلوكيات التي يمكن وصف القيام بها باستمرار بالأمر القهري، ومنها: المقامرة أو ممارسة الجنس أو إدمان التسوق. كما ظهر مؤخرًا مصطلح “الإدمان الرقمي”، الذي يعد أيضًا أحد أنواع الإدمان السلوكي، إذ بإمكانه إثارة “نشوة” ذهنية مماثلة لما بعد القيام بالسلوك الإدماني، وهي النشوة المسؤولة عن دفع الشخص إلى إتيان السلوك مرة أخرى للحصول على شعور مماثل.
وقد أثبت الباحثون أن الدوبامين -وهو ناقل عصبي ومادة كيميائية تُعزز الشعور بالسعادة- يلعب دورًا محوريا في عملية الإدمان، حيث يزيد إفرازه في حالة الإدمان السلوكي أو تعاطي المواد المخدرة على حد سواء، كما أوضحت دراسة نُشرت عام 2018، أن الدوبامين يُعد الناقل الكيميائي الأكثر وضوحًا من بين النواقل العصبية المشاركة في عملية الإدمان.
وبينما يُعتبر التسوق مثلا أو استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، أو التحدث إلى الذكاء الاصطناعي، سلوكًا أو نشاطًا عاديًا يقوم به الجميع دون أدنى مشكلة، فإنه في حالة الإدمان تصبح ممارسة هذه السلوكيات “إلزامية”، ويفقد الشخص تدريجيا قدرته على التعامل مع الحياة بشكل طبيعي دون ممارستها، وتنشأ الأزمة عندما يُصبح السلوك متعارضًا مع رفاهية الشخص العامة وقدرته على العمل، أو الاهتمام بالأسرة، أو تكوين الصداقات والحفاظ عليها.
مستعد للإدمان على نحو خاص
“أبدًا لن يقول وداعًا لك، ولن يتعب إذا تحدثت معه لساعات، سيظل محتفظًا بطاقته إلى أن تنصرف عنه، وعندما تعود إليه لن يوبخك أبدًا على غيابك، بل على العكس، ستتلقى منه تعزيزًا إيجابيًا، لا أحد يحكم عليك، أنت معه في بيئة آمنة وممتعة، وفجأة تجد نفسك أصبحت مدمنًا”.
أحد مهندسي البرمجيات يتحدث عن سبب إدمانه للذكاء العاطفي.
وفي الآونة الأخيرة، ثمة اهتمام متزايد بدراسة طبيعة إدمان مستخدمي هذه التطبيقات والوقوف على الأسباب المؤدية إلى ذلك. وتشير دراسة أجراها الباحثان الصينيان تاو تشو وتشونلي تشانغ ونشرتها مجلة “التكنولوجيا في المجتمع” عام 2024، إلى وجود تماثل بين إدمان وسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
فخلال هذا النوع من الإدمان، يطور الأشخاص اعتمادًا مفرطًا على التقنية في مواقف مختلفة من حياتهم، ويجدون صعوبة في التوقف عن استخدام هذه الأنظمة.
كما أوضحت الدراسة أن المستخدمين الذين يُعانون من إدمان هذه التكنولوجيا، ينفقون قدرًا كبيرًا من وقتهم وطاقتهم في التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، وذلك للحصول على الإشباع العاطفي والاجتماعي، وتحقيق الشعور بالرضا والمتعة، وقد يهملون في المقابل مسؤولياتهم وواجباتهم في علاقاتهم الشخصية وعالمهم الحقيقي.
وتظهر نتائج الدراسة وجود 4 سمات رئيسية للذكاء الاصطناعي التوليدي، مرتبطة بشكلٍ أساسي بقابلية إدمان المستخدمين عليه، وهي:
التشبيه المُتصوّر: وهو تصور المستخدِم أنه يتحدث إلى إنسان وليس إلى آلة، عبر إسناد خصائص بشرية إلى كيانات غير بشرية.
التفاعل المُتصوَّر: وخلاله يعتقد المستخدم أن الطرف الآخر يفهمه ويشعر به بدرجة كبيرة، بما يُشعره أن التفاعل بينهما بالغ العمق وفعال، ربما أكثر من أي شخص آخر في حياته يتعامل معه واقعيًا!
الذكاء المُتصور: حيث يتصور المستخدم أن الآلة التي يتحدث إليها تتمتع بذكاء خاص ومستقل، وبالتالي قد تكون الأحكام أو الآراء التي تزوده بها غير قابلة للشك.
التخصيص المُتصور: ويعني شعور المستخدم أن الطرف الآخر (الآلة)، يخصه باهتمامه أو بلطفه البالغ في التعامل والتفاعل والردود.
وقد يؤدي اجتماع هذه السمات إلى إدمان الحوار مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، خاصة مع الأشخاص الأضعف من الناحية الاجتماعية، وهو ما يتوافق أيضا مع نتائج استخلصها باحثون من دراسة أجرتها جامعة “سري” (Surrey) البريطانية، أكدوا خلالها على خطورة هذه التطبيقات رغم ما توفره من شعور بالرفاهية العامة لدى المستخدمين، نظرا لأنها قد تتسبب في وقوع الأشخاص الذين يعانون من الوحدة في براثن الإدمان، وإجمالا تُنتج أضرارا أكثر مما يمكن تحقيقه من منافع.
ويساهم في زيادة فرص إدمان هذه التطبيقات، وجودُ حالة من الإشباع الفوري للاحتياجات بالتزامن مع الاستخدام، علاوة على شعور المستخدمين المسبق بالخوف من أحكام الآخرين عليهم، أو الخوف من الرفض والنبذ، وهي عناصر غير حاضرة في محادثاتهم مع الآلة.
مختلفة عن إدمان وسائل التواصل الاجتماعي
على جانب آخر، أشارت دراسة منشورة في عام 2021 تزامنا مع جائحة كورونا، إلى معاناة العديد من الأشخاص حول العالم من مستوى غير مسبوق من الوحدة، مما تسبب في تزايد محاولات التعامل مع المشاعر السلبية عبر بعض استراتيجيات التأقلم المرتبطة بالإنترنت، ومن بينها: الاستعانة بمجموعة متنوعة من تطبيقات الصداقة القائمة على أنظمة حوار تعمل بالذكاء الاصطناعي.
وتستجيب هذه التطبيقات مع المستخدمين بطريقة اجتماعية ومتعاطفة، وبشكلٍ يساعد على تلبية احتياجاتهم المختلفة، حيث تستعين بتقنيات معالجة اللغة الطبيعية التي تسمح بتقديم تفاعلات شبيهة بالتفاعلات البشرية، عبر الصوت والنص والصور، الأمر الذي يسهل إنشاء روابط عاطفية مع المستخدمين.
كما يمكن للمستخدمين اختيار جنس أصدقائهم من الروبوتات ومظهرهم، بالإضافة إلى القدرة على تحديد نوع العلاقة التي يريدون إقامتها معهم، سواء أكانت علاقة صداقة أو إرشاد ومشورة أو شراكة رومانسية، بما يُسهّل من حدوث التعلق الاجتماعي أو العاطفي بالذكاء الاصطناعي، ويجعل مستخدمه مهيَّأ لإدمانه على نحو خاص.
ووفقًا لتقرير يبحث في المخاطر المحتملة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصدرته شركة “أوبن أي آي” (OPEN AI) في أغسطس/آب الماضي، تزداد خطورة التعلق بأنظمة الذكاء الاصطناعي مع امتلاكها قدرات صوتية، كما في حالة “جي بي تي-4.0” (GPT-4.0)، بما يتسبب في تزايد التشابه بين تفاعل المستخدمين مع نماذج الذكاء الاصطناعي وتفاعلهم مع البشر.
كما أوضحت الاختبارات المبكرة التي أجرتها “أوبن أي آي” أن اللغة التي يستخدمها الأشخاص تشير إلى تكوين روابط عميقة مع أنظمة الذكاء الاصطناعي، وهو ما يقلل من حاجتهم إلى التفاعل البشري الطبيعي، ويؤثر سلبا على إمكانية بناء علاقات اجتماعية وعاطفية صحية، خاصة في حالة الأشخاص الذين يعانون من الوحدة أو الانطوائية.
فضلا عن ذلك، يلفت الباحثون الانتباه إلى أن إدمان الذكاء الاصطناعي التوليدي يختلف عن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتفاعل المستخدمون في الأخيرة مع أشخاص حقيقيين عبر وسيط رقمي، بينما التفاعل مع الذكاء الاصطناعي هو تواصل تام بين الإنسان والآلة، وليس من خلالها.
وتظهر الأبحاث مدى أهمية هذا الاختلاف وتأثيره على سلوك المستخدِم، نظرًا لأن الأفراد يغيّرون ردود أفعالهم بناءً على كون الطرف الآخر إنسانًا أم ذكاءً اصطناعيًا. كما قد يشككون في صحة بعض المعلومات المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بينما يثقون في المعلومات التي يحصلون عليها من خلال الذكاء الاصطناعي التوليدي، بما قد يدفعهم إلى اتخاذ قرارات خاطئة.
وإن حدثت الانتكاسات.. فالتعافي هو القاعدة!
ختامًا، يشير موقع “سيكولوجي توداي” إلى أن “التعافي” من الإدمان هو القاعدة وليس الاستثناء، موضحًا أن ثمة طرقا عديدة للتعافي، تُمكّن الأفراد الذين يُعانون من هذه الأزمة من تحسين أدائهم الحياتي البدني والنفسي والاجتماعي من تلقاء أنفسهم، ودون الحصول على أي مساعدات خارجية، وهو ما يسمى “التعافي الطبيعي”.
ومن بين هذه الطُرق، وفقا لما يوضحه موقع هارفارد، عثورُ الشخص على هواية جديدة أو انخراطه في تحديات ما، أو البدء في تكوين علاقات طبيعية جديدة توفر معنى لحياته، ويتمكن عبرها من ملء الفراغ الذي خلفه الإدمان.
كما يمكن أن يبدأ الشخص أيضًا في ممارسة الرياضة بانتظام، لأنها تعمل كمضاد طبيعي للاكتئاب وتخفف من التوتر، علاوة على تحفيزها الجسم على إطلاق بعض المواد مثل “الإندورفين” المسؤول عن تعزيز مسار المكافأة في الدماغ.
فضلا عن ذلك، يمكن دومًا الحصول على مساعدة متخصصة عند الشعور بصعوبة مواجهة الإدمان والتعافي منه ذاتيا.
وربما يكون الجانب السلبي هنا، والذي ينبغي قبوله لكي يتمكن الشخص من التعامل معه بفعالية، هو أن طريق التعافي ليس مستقيمًا ولا خاليًا من الصعوبات، فعادة ما يحدث ما يسمى “الانتكاس”، وهو تكرار تعاطي المواد أو القيام بالسلوك، محل الإدمان، بعد التوقف. وصحيح أن هذا الانتكاس قد يكون أمرًا شائعًا، لكنه لن يظل يحدث مدى الحياة، حيث يشير الباحثون إلى أن الأشخاص الذين يحققون شفاءً من اضطراب الإدمان لمدة 5 سنوات، لا تزيد احتمالية انتكاسهم عن تلك الاحتمالية الموجودة بين عامة السكان.
Source: Apps Support
مستوطنون يهاجمون قرية فلسطينية وجيش الاحتلال يكمل المهمة
بمحاذاة الخط الأخضر، في آخر نقطة أقصى جنوب مدينة الخليل (جنوبي الضفة الغربية)، يقبض على الجمر نحو 250 مواطنا فلسطينيا من خِربة “جنِبا” بمسافر يطّا ببقائهم في نقطة باتت هدفا للمستوطنين وجيش الاحتلال، وآخر ذلك كان هجوما دمويا وقع اليوم الجمعة.
فعلى حين غفلة، هاجم عدد من المستوطنين فلسطينيا وابنه عندما كانا يرعيان الأغنام على أطراف الخربة (قرية صغيرة) حتى أغرقوهما في الدماء، فسارع مواطنو القرية إلى نقلهما من الخربة النائية إلى أقرب نقطة إسعاف، سالكين طرقا خطرة ووعرة.
وتقع القرية في المنطقة المصنفة “ج” من أراضي الضفة التي تشكل نحو 61% من مساحتها وفق اتفاق أوسلو2 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ويعني ذلك أنها خاضعة بالكامل لسيطرة الاحتلال الذي يلوّح بضمها لإسرائيل.
إصابات خطيرة
يوضح رئيس مجلس محلي قرى “مسافِر يطا” نضال يونس للجزيرة نت أن البداية كانت بالاعتداء على راعيي الأغنام وإصابتهما بجروح خطيرة، ولم يكتف المستوطنون بذلك بل واصلوا هجومهم ومن عدة بؤر استيطانية على القرية، فاعتدوا على سكانها بالعصي والهراوات مخلفين 6 إصابات، في حين أكمل جيش الاحتلال المهمة باعتقال 22 شابا.
وأضاف أن “اثنتين من الإصابات في حالة خطرة نتيجة ضرب شديد على الرأس وكسور في عظام الجمجمة ونزيف داخلي، وهناك إصابتان في حالة الخطر لكنهما مستقرتان، والباقي إصابات بكسور ورضوض في أنحاء متفرقة والأطراف”.
ويشير رئيس المجلس المحلي إلى اتصال السكان بشرطة وجيش الاحتلال لمنع هجوم المستوطنين، لكن حضور الجيش تأخر، وعندما وصل انحاز إلى المهاجمين المعتدين.
وتابع أن المستوطنين هاجموا أول بيت واجههم للمواطن عزيز العمور، واعتدوا على كل من فيه، فأصيب هو واثنان من أبنائه، وفي وجود الجيش.
وأشار يونس إلى أن السكان حاولوا الدفاع عن أنفسهم وصد هجوم المستوطنين، لكن الجيش تدخل وشن حملة مداهمات واعتقال في الخربة، مع أنها الواقعة تحت الهجوم، “فاعتقل 22 شابا وداهم المساكن وأطلق داخلها قنابل صوتية”.
قوات الاحتلال تعتقل 22 فلسطينيا بعد اقتحامها خربة جنبا في مسافر يطا#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/l8BAwtjYqZ
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 28, 2025
تحذير الجيش
لم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ يضيف رئيس المجلس المحلي إن ضباط الاحتلال حذروا السكان من التعرض للمستوطنين خلال الهجوم، وطلبوا منهم الدخول إلى منازلهم وإغلاق الأبواب على أنفسهم وعدم التعرض للمستوطنين بأي شكل من الأشكال.
وفي الخلاصة، يرى يونس أن الهدف هو الضغط على سكان التجمع، وهم مزارعون ورعاة أغنام، لترحيلهم من أملاكهم، وإفساح المجال للبؤر الاستيطانية “ضمن سياسة تهجير واضحة وممنهجة”.
ويكشف المسؤول المحلي عن أن “مستوطنين شاركوا في الهجوم على القرية عادوا لاحقا إلى التجمع بزي جيش الاحتلال في تكامل واضح للأدوار”.
من جهتها، قالت منظمة “كسر الصمت” الإسرائيلية على حسابها بمنصة “إكس” إن قرية جنبا شهدت “هجومًا عنيفًا وشديدًا من المستوطنين الذين هاجموا راعيًا فلسطينيًا في مسافر يطا، ثم واصلوا هجومهم إلى القرية”.
ووفق المنظمة، فإنه “كما حدث في مراتٍ عديدة سابقة، لم يفعل الجيش والشرطة شيئًا لمنع الهجوم أو اعتقال المهاجمين، بل إن الجيش ألقى حتى الآن قنابل صوتية على منازل القرية وانضم إلى الهجوم”.
“اختطفه الجنود وهو مصاب ينزف”.. حمدان بلال، مخرج الفيلم الفلسطيني “لا أرض الأخرى” الحائز على الأوسكار، يتعرض لاعتداء عنيف من عشرات المستوطنين أثناء هجومهم على قريته في مسافر يطا جنوب الضفة الغربية المحتلة، ثم اعتقله جنود الاحتلال من داخل سيارة إسعاف. pic.twitter.com/Qx9u9fq0VA
— AJ+ عربي (@ajplusarabi) March 25, 2025
تهجير وإفراغ
بدورها، دانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية الهجوم، وقالت في بيان إن هجمات المستوطنين تتم “بحماية وإشراف جيش الاحتلال الإسرائيلي”.
وأضافت أن “هذه الاعتداءات تهدف إلى تهجير وإفراغ قرية مسافر برمتها من الفلسطينيين، في أبشع أشكال جريمة التطهير العرقي ضد الوجود الفلسطيني في عموم المناطق المسماة “ج” التي تشكّل غالبية مساحة الضفة عن طريق ضمها كمخزون إستراتيجي لتوسع الاستيطان الاستعماري، وضرب فرصة تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض”.
ويأتي الهجوم على قرية جنبا بعد أيام من هجوم آخر على قرية سوسيا (جنوب شرق بلدة يطّا)، حيث هاجم مستوطنون التجمع واعتدوا على السكان وممتلكاتهم وأصابوا عددا منهم، في حين اعتقل الجيش 3 شبان -رغم تعرضهم للضرب من قبل المستوطنين- بينهم حمدان بلال، وهو أحد مخرجي الفيلم الوثائقي “لا أرض أخرى” الذي فاز بجائزة أوسكار في 2 مارس/آذار الجاري.
ووفق منظمة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية، فإن أكثر من 30 قرية فلسطينية جنوب الخليل تقع في مناطق “ج” وتخضع للسيطرة الإسرائيلية التامة، وفيها يعيش آلاف الفلسطينيين ويعمل أغلبهم في استصلاح أراضيهم ورعي الماشية.
Source: Apps Support
ما فرص انضمام كندا للاتحاد الأوروبي؟
أظهر استطلاع رأي حديث أن نصف الكنديين يؤيد فكرة انضمام بلادهم للاتحاد الأوروبي، وبعد 3 أيام فقط من تنصيبه زار رئيس وزراء كندا مارك كارني باريس ولندن لتسليط الضوء على ما وصفه بالروابط الأوروبية الكندية العميقة.
يأتي هذا بعد فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية وصلت إلى 25% على البضائع الكندية، ويهدد بفرض المزيد منها وهو ما يُلحق ضررا بالغا بالاقتصاد الكندي، لكن الأدهى من ذلك أن ترامب كرر مرارا أن كندا يجب أن تصبح الولاية الأميركية الـ51.
وقد فتح التوتر بين كندا والولايات المتحدة بموازاة التقارب بين كندا وأوروبا نقاشا حول انضمام البلد إلى الاتحاد الأوروبي، فما إمكانية وفرص ذلك؟ وماذا تقول معاهدات وقوانين الاتحاد؟
وهل من سابقة بانضمام دولة من خارج القارة للتكتل الأوروبي؟ وما المزايا التي سيجنيها الطرفان من هذه الخطوة؟ وهل من صيغة أخرى غير الانضمام لتحالف جديد يفرضه السياق بين الطرفين؟ وهل ستسمح الولايات المتحدة بتقارب كندي أوروبي؟ وما السيناريوهات المستقبلية لعلاقة كندا بأميركا؟
View this post on Instagram
كندا والجار “المتنمر”
أحدث وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة تحولات كبيرة على مستوى العالم، وكان لجارة أميركا الشمالية نصيب الأسد من هذه التحولات.
فجأة تحولت الولايات المتحدة بالنسبة لجارها الأقرب كندا من أقوى حليف وأكبر شريك إلى خصم متنمر غير عقلاني ومتقلب، حسب وصف الباحث القانوني إيان كوبر في دراسة نشرتها جامعة دبلن حول إمكانية انضمام كندا إلى الاتحاد الأوروبي.
هدد ترامب، ثم توقف، ثم هدد مجددا، ونفذ، ثم علق جزئيا، ثم فرض رسوما جمركية مرتفعة جدا بنسبة 25% على السلع الكندية مع وعيد بالمزيد في المستقبل.
ومع كل تصعيد تتغير الذرائع وتُطرح مطالب جديدة، كان الأمر بداية يتعلق بمكافحة تدفق المخدرات والمهاجرين عبر الحدود؛ ثم تحول إلى فرض رسوم باهظة على الواردات الكندية، ووصل إلى التهديد بالاستحواذ الكامل على الدولة الكندية.
ووفقا للباحث كوبر، فإن الرسوم الجمركية بحد ذاتها أداة قانونية عادية في إدارة الدولة اقتصاديا، لكن ما ليس طبيعيا بكل تأكيد هو استخدام الرسوم الجمركية كجزء من حملة إكراه اقتصادي لضم دولة جارة كما خاطب ترامب رئيس حكومة كندا السابق ترودو قائلا: “ستختفي الرسوم الجمركية عندما تصبح كندا الولاية الأميركية الـ51”.
واعتبر الباحثان في الكلية العسكرية الكندية بول ميتشل وباربرا فالك في مقال مشترك نشره الموقع البحثي “كونفرسيشن” تحت عنوان: “4 سيناريوهات لمستقبل كندا في ظلّ عالم ترامب” أن كندا لم تضع في حسبانها أن يكون مصدر قلقها جارتها الولايات المتحدة، أو أن أميركا ستوجه صواريخها نحو أهداف كندية، أو أن القوات الأميركية الموجودة في قاعدة فورت درام شمال ولاية نيويورك تستعد للاستيلاء على العاصمة الكندية أوتاوا، لكن تهديدات ترامب بالاستحواذ على كندا باتت تؤرق الكنديين.
وقبل يومين اتهم رئيس الوزراء الكندي مارك كارني -خلال افتتاحه حملة الانتخابات المقررة في 28 أبريل/نيسان القادم- الرئيس الأميركي ترامب بمحاولة تدمير كندا والسعي للاستحواذ على أراضيها ومياهها وثرواتها المعدنية.
وهكذا دفعت تهديدات ترامب الكنديين إلى التطلع إلى الخارج للتحالف مع دول أخرى مسها ضرر أجندة ترامب، فكان التقارب مع الاتحاد الأوروبي حيث يرتبط الطرفان بمصالح وقيم مشتركة.
فهل إلى أوروبا من سبيل؟
فتح تهديد ترامب بجعل كندا “الولاية 51” نقاشا في أوروبا وكندا يطرح بشكل صريح التساؤل حول هل يمكن لكندا فعلا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كدولة كاملة العضوية؟
وقد أظهر استطلاع رأي حديث أن الكنديين منفتحون بشكل مفاجئ على الفكرة، حيث أيدها ما يقرب من نصفهم (46% مؤيدون، و29% معارضون، و25% متأرجحون).
وبحسب تقرير لوكالة فرانس برس، فقد صرحت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية باولا بينهو بأن الاتحاد الأوروبي مسرور باهتمام الكنديين للانضمام إليه، وهو ما يعكس “جاذبيته”، مضيفة أن “الأمر ليس مفاجئا لأن الاتحاد وكندا شريكان متشابهان في التفكير، ويتشاركان قيما كثيرة، بالإضافة إلى روابط تاريخية قوية”.
ولكن، هل يشكل وجود كندا خارج الحيز الجغرافي لأوروبا عائقا أمام انضمامها للتكتل القاري؟
عندما سُئلت المتحدثة باسم المفوضية هذا السؤال، لم تُجب مباشرة، بل أحالت إلى المعايير الواردة في معاهدة الاتحاد الأوروبي، وفي هذا إشارة إلى المادة 49 التي تنص على أن “أي دولة أوروبية” تحترم القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي يمكنها التقدم بطلب الانضمام.
ويعتبر الباحث القانوي في جامعة دبلن يان كوبر أن تعريف “أوروبا” في المعاهدة هو مفهوم مدني أكثر مما هو مفهوم جغرافي، حيث يرتبط بالقيم الأساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، وهي قيم تتسم بها كندا بشكل كبير.
ومما يؤكد هذا الطرح أن الاتحاد الأوروبي يضم دولا ذات صبغة أوروبية ثقافية، لكنها تقع خارج الحيز الجغرافي الأوروبي، مثل قبرص التي تقع في غرب آسيا، ومالطا الموجودة تقريبا في شمال أفريقيا.
ونقلت صحيفة لابرس الكندية في تقرير لها بعنوان: “الولاية رقم 51 أم العضو رقم 28 في الاتحاد الأوروبي؟” عن أستاذ تحديات العولمة بجامعة لافال الكندية ريتشارد أويليت قوله إن “كون كندا ليست جزءا من القارة الأوروبية لا يعيق انضمامها للاتحاد، فعلى سبيل المثال انضمت المملكة المتحدة إلى اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي وهي لا تقع في المحيط الهادي، فالدول تعمل على تشكيل تحالفات على أساس قيمها ومصالحها وليس على أساس جغرافيتها”.
وحتى اشتراط حدود مع الاتحاد الأوروبي لن يكون عائقا، فكندا تشترك في حدود برية مع جزيرة غرينلاند التابعة للدانمارك.
وهناك مشتركات كثيرة تاريخية وثقافية بين كندا وأوروبا، فالكنديون يتحدثون اللغتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي: الإنجليزية والفرنسية، وأغلب الكنديين ينحدرون من أصول أوروبية حيث قادت فرنسا وبريطانيا عمليات استيطان الأوروبيين في كندا منذ قرون.
ويخلص الباحث كوبر إلى أن تحديد ما إذا كانت كندا مؤهلة لعضوية الاتحاد الأوروبي أم لا يبقى مسألة سياسية من اختصاص الدول الأعضاء، وهو أمر ممكن إذا توفرت إرادة سياسية كافية لدى الجانبين.
لكن صحيفة لابرس الكندية تنقل عن جاستن ماسي المختص في السياسة الخارجية بجامعة كيبيك أنه من غير المرجح إلى حد كبير أن تنضم كندا إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنها قد تسعى إلى الاقتراب أكثر من أوروبا مثل النرويج التي هي دولة ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، ولكنها مع ذلك مندمجة بقوة في الاتحاد.
يذكر أنه في عام 1987 رُفض طلب المملكة المغربية الانضمام للاتحاد بحجة أنها ليست دولة أوروبية، ولكن قد يكون السبب أن المغرب وإن كانت على تماس مع أوروبا فلديها اختلاف في القيم الثقافية والدينية مع أوروبا عكس كندا.
ما الذي يكسبه الاتحاد الأوروبي من ضم كندا؟
تنقل صحيفة لابرس الكندية عن الأستاذ أويليت أن أوروبا يمكن أن تحصل من كندا على الطاقة، فأوروبا تعاني من نقص حاد في الغاز والنفط، ولا تزال مضطرة إلى الحصول على إمداداتها من هاتين المادتين من روسيا، وهو تناقض محرج خصوصا منذ غزو أوكرانيا.
وبالفعل فقد أبدت الحكومة الألمانية اهتماما كبيرا بالحصول على الغاز والهيدروجين الأخضر من كندا، وتم توقيع اتفاقيات بهذا الخصوص.
وقد صرحت وزيرة خارجية كندا ميلاني جولي لشبكة سي إن إن بالقول: “لدينا كل ما تحلم به أي دولة في العالم، فنحن قوة زراعية عظمى، ولدينا اليورانيوم والطاقة الكهرومائية، والنفط والغاز والمعادن الأساسية، ولدينا الكفاءات والمواهب..”.
لكن صحيفة لابرس الكندية نقلت عن جاستن ماسي قوله إن كندا تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لتوصيل طاقتها إلى أوروبا؛ فلا توجد موانئ ولا خطوط الأنابيب، ولا يمكنها حاليا تزويد أوروبا بالطاقة إلا عبر الولايات المتحدة.
تحالف ما بعد الناتو
يعتبر المتابعون للشأن الدولي أنه بدأت -وإن كانت ببطءـ تتضح معالم نظام عالمي جديد يتشكل من تكتلات وقواعد تختلف عن النظام الذي يتلاشى الآن.
ففي تحليل للمراسل الأول لهيئة الإذاعة الكندية إيفان داير بعنوان “تمتلك كندا ما تحتاجه أوروبا لإعادة تسليحها.. هل يكون ذلك أساسا لتحالف ما بعد الناتو؟”، لاحظ داير تزايد اجتماعات أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) من دون مشاركة الولايات المتحدة لمناقشة الدفاع عن أوكرانيا والأمن الموسع لأوروبا، مع تبلور دور أكبر لكندا في مثل هذه النقاشات.
ويرى المحلل داير أنه لا يزال من غير الواضح أين ستستقر كندا في هذا العالم الجديد، ولكن هناك تلميحات تساهم في فهم المسار الذي قد تتخذه في ظل “إدراكها المؤلم” أن أقوى وأقرب حلفائها قد انقلب عليها.
فقد دخل مسؤولون أوروبيون في محادثات مع كندا تهدف إلى دمج هذا البلد في شراكة جديدة لإنتاج الدفاع، وهذا قد يسمح للشركات الكندية بالتقدم للحصول على عقود في الوقت الذي تستعد فيه أوروبا لإعادة التسليح على نطاق واسع.
ونقل داير عن الوزيرة جولي قولها: “أجرينا محادثات مع الاتحاد الأوروبي لضمان تعاوننا في مجال المشتريات الدفاعية والأمور تتجه نحو أخبار سارة، لأننا في النهاية نحتاج إلى التأكد من قدرتنا على التقرب من الأوروبيين”.
لكن داير يعتبر أن هناك مسألة قد تحد من جاذبية التحالف بين الأوروبيين وكندا في أي ترتيبات لما بعد الناتو، وهي أن كندا تسعى إلى تحالفات جديدة لأنها تشعر بالتهديد من الولايات المتحدة، بينما يشعر حلفاؤها الأوروبيون الذين تغازلهم بالتهديد من موسكو، وعادةً ما تكون التحالفات العسكرية ذات الالتزامات الدفاعية المتبادلة أكثر جاذبية للدول التي تواجه نفس التهديدات من نفس الجهات.
السيناريوهات المحتملة لعلاقة أميركا وكندا
أورد تقرير لرئيسة مكتب صحيفة نيويورك تايمز في كندا ماتينا ستيفيس بعنوان: “كندا الدولة الأكثر أوروبية من غير الأوروبيين تلجأ إلى الحلفاء في ظل تهديدات ترامب”، أن الواقع يؤكد أن علاقة كندا بالولايات المتحدة لا مفر منها ولا بديل عنها.
فالولايات المتحدة تعد الشريك التجاري الأول لكندا؛ إذ يذهب حوالي 80% من الصادرات الكندية إلى الولايات المتحدة، ويبلغ حجم التجارة بين البلدين ما يقرب من تريليون دولار، في حين بلغت قيمة التجارة بين كندا ودول الاتحاد الأوروبي مجتمعة حوالي 100 مليار دولار خلال العام الماضي.
وبدورهما وضع الباحثان ميتشل وفالك في مقالهما المشترك 4 سيناريوهات لمستقبل كندا في عهد ترامب:
التراجع عن التهديدات واستمرار الوضع على ما هو عليه
بحيث تواصل كندا خدمة السوق الأميركية تجاريا، بينما تنتزع الولايات المتحدة أفضل الصفقات التجارية الممكنة منها.
ارتفاع مستوى التهديدات الأميركية مع عدم رضوخ كندا
عندها ستتجاوز الولايات المتحدة مرحلة التعريفات الجمركية وتستهدف البنوك الكندية لقطع وصول كندا إلى الخدمات المصرفية الدولية.
وسيخلق هذا السيناريو وضعا لا يختلف عن الوضع الذي واجهته كوبا، حيث فرض الأميركيون عليها حظرا تجاريا شاملا منذ عام 1858، وفيه، ستُصبح كندا معزولة دوليا وربما فقيرة بسبب مقاومتها للمطالب الأميركية.
ارتفاع حالة العداء الأميركي وفي المقابل ضعف قدرة كندا على الصمود
وفي هذه الحالة سيكون الوضع الكندي مشابها لعلاقة بيلاروسيا مع روسيا، حيث يشتركان في حدود برية ومائية طويلة، وتعد روسيا أكبر شريك اقتصادي وسياسي لبيلاروسيا التي ما تزال تتمتع بمقعد في الأمم المتحدة، لكن قدرتها على المناورة في السياسة الخارجية أو الدفاعية محدودة للغاية.
مقاومة كندية تجعل الولايات المتحدة مستعدة لقبول مستوى من الاستقلال
سينتج عن ذلك وضع مشابه لعلاقة فنلندا بالاتحاد السوفياتي السابق، حيث يُسمح لكندا بالحفاظ على علاقات دبلوماسية مستقلة، لكن عليها توخي الحذر وعدم الدخول في تحالفات أو اتفاقيات من شأنها أن تُغضب الأميركيين، وهو ما يعني أن أي فكرة عن انضمام كندا إلى الاتحاد الأوروبي ستكون ضربا من الخيال.
واستبعد الباحثان غزوا أميركيا مباشرا وشاملا لكندا، كما استبعدا فكرة أن تصبح كندا الولاية الأميركية رقم 51، معتبرين أن العواقب الانتخابية المترتبة على قبول 40 مليون ناخب أكثر تقدمية بكثير من معظم الأميركيين ستؤثر سلبا على نتائج الانتخابات بشكل لا يناسب أذواق الجمهوريين، مع استدراك أنه من الوهم أصلا توقع حصول الكنديين في حال الاندماج على حقوق مساوية لحقوق “الأميركيين الحقيقيين”.
واعتبر الباحثان أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن تصبح كندا دولة تابعة للولايات المتحدة، على غرار بيلاروسيا مع روسيا.
Source: Apps Support
نائب ترامب يزور غرينلاند وسكانها يرفضون الانضمام للولايات المتحدة
أكد جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي أن بلاده تحترم حق تقرير المصير لسكان غرينلاند، وأضاف في كلمة خلال زيارته قاعدة “بيتوفيك” الفضائية الأميركية في الأراضي الغرينلاندية أن رسالته للدانمارك هي أنها لم تقم بعمل جيد تجاه شعب غرينلاند، على حد قوله.
وانتقد نائب الرئيس الأميركي الدانمارك قائلا إنها تقاعست عن الحفاظ على سلامة المنطقة شبه المستقلة وشعبها من توغلات الصين وروسيا، بينما تعهد باحترام سيادة غرينلاند، وطلب من شعبها الشراكة مع الولايات المتحدة.
وقال فانس إن الولايات المتحدة ليس لديها خطط بعد لتوسيع الوجود العسكري الأميركي على الأرض في غرينلاند، لكنها ستستثمر في الموارد بما في ذلك زيادة السفن.
في الأثناء، أفاد موقع أكسيوس نقلا عن استطلاعات رأي بأن سكان جزيرة غرينلاند التابعة للدانمارك رفضوا بأغلبية ساحقة فكرة الانضمام إلى الولايات المتحدة.
وكان فانس قرر زيارة الجزيرة رفقة مستشار الأمن القومي ووزير الطاقة، مما فاجأ حكومتي الدانمارك وغرينلاند.
وأعرب المسؤولون في غرينلاند عن استيائهم لأن الزيارة تقررت في أجواء مفاوضات لتشكيل الحكومة الائتلافية.
وقال أكسيوس إن زيارة فانس إلى غرينلاند اقتصرت على توقف قصير بقاعدة بيتوفيك الفضائية، أقصى منشأة عسكرية أميركية شمالا.
وبينما اعتبرت حكومتا غرينلاند والدانمارك تغيير خطة زيارة فانس استجابة أميركية وخطوة إيجابية من البيت الأبيض، نقل أكسيوس عن مسؤول أميركي أن تعديل زيارة فانس جاء لأسباب لوجيستية لصعوبة التخطيط لزيارةٍ رفيعة المستوى في وقت قصير.
مطامع ترامب
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الجمعة إن الولايات المتحدة يجب أن تحصل على غرينلاند من أجل ضمان الأمن الدولي.
وتتبع غرينلاند للدانمارك وتتمتع بحكم ذاتي، وتعد أكبر جزيرة في العالم، ولها موقع مركزي في منطقة القطب الشمالي التي تكتسب أهمية متزايدة نظرا لذوبان الجليد بسبب أزمة المناخ وفتح طرق تجارية جديدة.
وتُعد الجزيرة بما تحتويه من احتياطات أرضية غنية ميزة إستراتيجية لواشنطن، لا سيما في سياق المنافسة المتزايدة مع روسيا والصين، وذلك بسبب قربها من الولايات المتحدة وموقعها على الطرق البحرية الرئيسية (شمالا).
وكان ترامب قد أبدى رغبته في شراء الجزيرة من الدانمارك خلال ولايته الأولى (2017-2021)، لكن رئيسة الوزراء الدناماركية ميتي فريدريكسن رفضت هذا العرض عام 2019.
ومنذ عودته إلى الإدارة الأميركية مجددا، يعرب ترامب مرارا عن رغبته في الاستحواذ على غرينلاند، وفي 23 ديسمبر/كانون الأول 2024 قال إن الجزيرة يجب أن تكون تحت سيطرة الولايات المتحدة.
وفي منشور على فيسبوك في 5 مارس/آذار الجاري، رد رئيس وزراء غرينلاند موتي بوروب إيجيدي على دعوة ترامب الجزيرة للانضمام إلى الولايات المتحدة، بالقول إن بلاده “ليست للبيع” وإنها ملك لشعبها.
Source: Apps Support