“قضايا اجتماعية – من العنف في الضفة إلى معاناة الأمهات”

الضفة الغربية في قبضة العنف الإسرائيلي

“الضفة الغربية تحولت إلى سجن كبير، نتحرك بها وفق مزاج الجنود، كل يوم أغادر منزلي للعمل، أغلق الباب وكأنني مسافر، لا أعلم إن كنت سأعود أم سأتعرض لإطلاق النار، قد لا يسمحوا لي بالعودة أو يقتحموا المنزل”.

بهذه العبارة بدأ موسى العمر (40 عاما)، حديثه للجزيرة نت، عن القيود المفروضة على الحركة، والتضييقات التي يتعرض لها آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية، بسبب الحواجز والاعتداءات من جنود الاحتلال الإسرائيلي.

يأتي حديث العمر في ظل تصعيد متسارع، إذ كثفت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عملياتها القمعية في الضفة الغربية، مرفوقة بهجمات من المستوطنين تحت غطاء سياسي وأمني.

وبينما تفرض قوات الاحتلال حصارا خانقا على المدن والمخيمات الفلسطينية، ارتفعت الاعتداءات الاستيطانية بنسبة 30% منذ بداية عام 2025، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.

ويرى محللون أن هذا التصعيد يهدف إلى ترسيخ وقائع جديدة على الأرض، حيث تُستخدم كأداة ضغط لدفع الفلسطينيين إلى الرحيل. ومع غياب أي مساءلة، تتزايد هذه الهجمات ضمن مخطط مدروس يخدم مشاريع الحكومة اليمينية المتطرفة، التي تسعى إلى فرض سيطرتها بالقوة وتوسيع نفوذها الاستيطاني دون قيود.

قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل عددا من الفلسطينيين في #الضفة_الغربية خلال اقتحامها بلدة بيت فوريك شرقي نابلس، ومصادر للجزيرة تفيد أن الاحتلال أطلق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع الشبان#الأخبار pic.twitter.com/1WOhM4X0WJ
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 16, 2025

أرقام مقلقة

خلال الشهرين الأولين من عام 2025، بلغت الجرائم القومية التي نفّذها مستوطنون وإسرائيليون آخرون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية 139 اعتداء، مسجلة تصاعدا ملحوظا مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وفقا لبيانات قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي، التي تعكس احتمال تجاوز إجمالي الاعتداءات السنوية حاجز 800 حالة في حال استمرار هذا النسق التصاعدي.

وتُظهر الإحصائيات الإسرائيلية أن عام 2024 شهد وقوع 673 اعتداء، تسببت بإصابة 217 شخصا، من بينهم 17 جنديا وشرطيا إسرائيليا خلال تدخلهم في بعض الحوادث. في حين كان عام 2023 قد شهد 1049 اعتداء، خصوصا عقب عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.

وحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن ملفات التحقيق في انتهاكات الجيش، التي تم فتحها على مدار 20 سنة الماضية، كشفت أن نحو 94% من هذه التحقيقات انتهت دون توجيه لائحة اتهام ضد المعتدين، بحسب منظمة متطوعين لحقوق الإنسان (ييش دين).

وفي سياق توثيق هذه الانتهاكات، كشف تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، الصادر في 13 مارس/آذار 2025، عن جرائم العنف الجنسي التي ارتكبتها قوات الأمن الإسرائيلية، والتي شملت التعري القسري في الأماكن العامة، والتحرش الجنسي، والتهديد بالاغتصاب.

وأشار التقرير، المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن الإفلات من العقاب، المدعوم بالتواطؤ الرسمي داخل النظام القضائي العسكري الإسرائيلي، أدى إلى استمرار هذه الجرائم دون محاسبة.

كما أظهرت أرقام المنظمة أن الشرطة الإسرائيلية أهملت التحقيق في 81% من هذه الملفات، ومنذ عام 2005، كانت نسبة القضايا التي أسفرت عن إدانات كاملة أو جزئية لا تتجاوز 3%. وتظهر الأرقام ذاتها تراجع ثقة الفلسطينيين في السلطات الإسرائيلية، حيث تخلى 66% من ضحايا العنف عن تقديم شكوى ضد المعتدين الإسرائيليين في عام 2024، مما يعكس استمرار تفشي هذه الظاهرة دون محاسبة.

اعتداءات انتقامية

يروي عقيل محمد، أحد أبناء الضفة الغربية، للجزيرة نت تفاصيل التضييقات المتصاعدة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مؤكدا أن “القيود الإسرائيلية على الفلسطينيين لم تبدأ بعد الحرب، لكنها اتخذت منحى أكثر عنفا وتصعيدا”.

وتصاعدت الاعتداءات منذ تولي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2022. إلا أن وتيرة هذه الهجمات ارتفعت بشكل غير مسبوق بعد الحرب، حيث شعر المستوطنون، وفقا لتقرير مجموعات الأزمات الدولية، “بجرأة غير مسبوقة” لتنفيذ اعتداءات انتقامية.

ويقول محمد “قبل الحرب، كنا نعاني من الحواجز والإغلاقات، لكن بعد الحرب، عمد الاحتلال إلى إضافة عشرات الحواجز والبوابات العسكرية، مما زاد من عزلة الفلسطينيين وحوّل تنقلهم إلى معاناة يومية”.

أما عن التهجير القسري، فيضيف أن عملية “الجدران الحديدية” أدت إلى تهجير نحو 40 ألف فلسطيني من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس والفارعة. ويستطرد أن العملية انتهت عسكريا، لكن حتى الآن، لا يزال الآلاف من سكان هذه المخيمات نازحين، غير قادرين على العودة إلى منازلهم.

عيش شبه مستحيل

وفيما يخص الأغوار الشمالية، التي تشكل ثلث مساحة الضفة، يوضح عقيل أن الاحتلال والمستوطنين جعلوا العيش فيها شبه مستحيل، وأصبحت هدفا لتضييق ممنهج.

ويقول إن المستوطنين يعتدون يوميا على المزارعين والرعاة، مما أجبر العديد منهم على ترك أراضيهم. وأوضح أن البؤر الاستيطانية الجديدة كارثة أخرى، حيث يسيطر مستوطن واحد فقط على مئات الدونمات مع مرور الوقت، وتحت حماية جيش الاحتلال، ويواصل المستوطنون توسعهم دون أي رادع، في حين يمنع الأهالي من دخول أراضيهم.

وتشمل اعتداءات جنود الاحتلال الضرب والتنكيل وإحراق البيوت ومداهمتها وحرق المراكب، ويتعرض الفلسطينيون للتأخير والإذلال، بما في ذلك إجبارهم على خلع ملابسهم وسماع الإهانات.

وعن تجربته الشخصية، يروي العمر “بعد السابع من أكتوبر، تعرّضتُ للاختطاف، حيث تم تعذيبي وضربي”.

ويفرض الاحتلال منع التجوال، ويحرم الفلسطينيين من الخدمات الأساسية، كما يمنعهم من ممارسة طقوسهم الدينية والوطنية، “نحن نعيش وسط جنود متعصبين، بات إطلاق الرصاص لديهم مجرد هواية”، يتابع عقيل.

إستراتيجية مدروسة

ويعد الدافع الجوهري وراء كل ذلك، هو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، وفقا لما يوضحه المحلل السياسي الدكتور عبد الحكيم القرالة.

ويؤكد القرالة أن استهداف مدن وقرى الضفة الغربية والاعتداءات المتواصلة ليست أحداثا عشوائية، بل جزء من إستراتيجية مدروسة.

وأوضح القرالة، في حديثه للجزيرة نت، أن ما يجري في الضفة هو نسخة مكررة مما شهدته غزة سابقا، حيث يتم تسليح المستوطنين ودفعهم لاستهداف المدنيين، بالتوازي مع قضم الأراضي وزيادة وتيرة الاستيطان، في إطار أجندة خبيثة تهدف إلى ضمها بالكامل.

ويؤكد القرالة أن المخيمات الفلسطينية هي الأكثر استهدافا، مثل جنين وطولكرم وطوباس والفارعة، حيث يسعى الاحتلال إلى تغيير تركيبتها الديموغرافية والجغرافية وطمس هوية اللاجئين. وفي السياق ذاته، هناك حملة ممنهجة لاستهداف وكالة “الأونروا” وتجريم أعمالها، بهدف طمس صفة اللاجئ، وما يرتبط بها من حقوق، مثل حق تقرير المصير والعودة.

تجريم قانوني دولي

يتمتع الفلسطينيون في الضفة الغربية بوضعية “السكان المحميين” بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، مما يفرض على إسرائيل، كقوة احتلال، التزاما قانونيا بحماية حياتهم وممتلكاتهم، كما أن القيود المفروضة على حركة الفلسطينيين، ومصادرة الأراضي، والعقوبات الجماعية، تُعد انتهاكا صارخا لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، اللذين يكفلان حرية التنقل والملكية والحماية من التمييز.

ووفقا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تعتبر من القوانين الأساسية التي تنظم أوضاع المدنيين في الأراضي المحتلة، يحظر على دولة الاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة. وتنص المادة 49 من الاتفاقية على أن “ترحيل أو نقل جزء من سكان الدولة المحتلة إلى الأراضي المحتلة محظور قطعا”، مما يجعل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية وفقًا للقانون الدولي.

علاوة على ذلك، أصدر مجلس الأمن الدولي عدة قرارات تُدين الاستيطان الإسرائيلي، أبرزها القرار 2334 لعام 2016، الذي يؤكد أن المستوطنات “ليس لها أي شرعية قانونية” وتشكّل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.

بالإضافة إلى ذلك، تُصنّف العديد من الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية ضمن جرائم الحرب وفقا للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تعتبر القتل العمد، والتعذيب، والتهجير القسري، وتدمير الممتلكات دون ضرورة عسكرية انتهاكات جسيمة ترقى إلى مستوى جرائم حرب.

الأونروا: العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة في الضفة الغربية أدت إلى نزوح أكثر من 35 ألف فلسطيني#الجزيرة pic.twitter.com/D2hNcRG8zZ
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 16, 2025

لماذا لا يُطبّق القانون؟

يؤكد الدكتور خالد محمد خويله، في حديثه للجزيرة نت، أن هناك عوامل متعددة تعيق تطبيق القانون الدولي على الاحتلال الإسرائيلي، رغم وضوح الانتهاكات التي ترتكبها ضد الفلسطينيين. ويشير إلى أن الحصانة السياسية التي تحظى بها من القوى الكبرى تُعدّ أحد أبرز العوامل التي تعرقل إجراءات المساءلة الدولية.

ويضيف “إسرائيل ترفض الاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، لأنها لم توقّع على نظام روما الأساسي. وهذا يجعل محاسبة المسؤولين الإسرائيليين أمرا معقدا، خاصة في ظل الدعم السياسي والدبلوماسي إلى جانب تعقيدات التحقيقات التي تجعل من الصعب إثبات المسؤولية الفردية للجنود المتهمين بارتكاب جرائم حرب، حيث يتطلب ذلك أدلة قاطعة، في وقت تفرض فيه إسرائيل قيودا شديدة على عمل المنظمات الحقوقية الدولية.

ويوضح خويلة أن هناك عراقيل عديدة تمنع الفلسطينيين من تقديم الشكاوى وفتح التحقيقات حول الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، منها:

قانونية وسياسية: إسرائيل لا تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، رغم انضمام فلسطين لنظام روما الأساسي عام 2015. كما تواجه المحكمة ضغوطا سياسية من الولايات المتحدة وإسرائيل، تمنعها من المضي قدما في التحقيقات.
عملية: تفرض إسرائيل قيودا مشددة على حركة الفلسطينيين، مما يجعل جمع الأدلة أمرا صعبا. كما تمنع المحققين الدوليين والمنظمات الحقوقية من دخول الأراضي المحتلة لتوثيق الانتهاكات.
أمنية: يتعرض الفلسطينيون الذين يوثقون الجرائم للتهديد والاعتقال، مما يجعل تقديم الشكاوى محفوفا بالمخاطر والمخاوف.
دولية: الإرادة السياسية الدولية ضعيفة في محاسبة إسرائيل، خاصة مع استخدام القوى الكبرى لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.
اقتصادية: التقاضي أمام المحاكم الدولية يتطلب تمويلا ضخما، وهو ما لا يتوفر للفلسطينيين الذين يعتمدون على مساعدات دولية مشروطة سياسيا.
إعلامية: التغطية الإعلامية الغربية غالبا ما تكون متحيزة، ولا تعطي الانتهاكات الإسرائيلية الاهتمام الكافي، مما يقلل من الضغط الدولي لمحاسبة إسرائيل.

وتُعتبر الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها الاستيطان والعنف الممنهج ضد الفلسطينيين، خرقا واضحا للقانون الدولي وجرائم حرب تستوجب المحاسبة. ومع غياب الإجراءات الدولية الفعالة، واستمرار الدعم السياسي والعسكري، تواصل إسرائيل تنفيذ سياساتها الاستيطانية وانتهاكاتها دون رادع حقيقي.

Source: Apps Support


كيف يكون وصول النرجسي إلى السلطة مدمرا؟

الزعيم النرجسي يُشبه الزوج النرجسي: “كان لطيفًا ومحبًا ومهتمًا، ولكن بعد زواجنا، تغير.. لقد أصبح أنانيًا ومتطلبًا، وقاسيًا تمامًا”. هكذا تصف أستاذة علم النفس الإكلينيكي الأميركية، ماري آن، وجه الشبه بين القائد النرجسي وسلوكه تجاه شعبه، وبين الزوج النرجسي والسلوك الذي يُحاول من خلاله السيطرة على زوجته.

يُركز أستاذ إدارة الأعمال في كلية الدراسات العليا للأعمال بجامعة ستانفورد، تشارلز أ. أوريلي، كامل اهتمامه على دراسة كيفية تأثير شخصيات القادة على ثقافة العمل في المؤسسات والمنظمات، وكيفية تأثيرها أيضًا على سلوك الأشخاص الذين يعملون فيها.

وخلال ورقة بحثية عمل عليها أوريلي بالاشتراك مع جنيفر تشاتمان، من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، استعرض الباحثان المؤلفات التي دارت حول “القادة النرجسيين”، والتي شملت أكثر من 150 دراسة، واستخلصا بعض الاستنتاجات التي وجدا أنه يجب الانتباه إليها.

توصل أوريلي إلى أن القادة النرجسيين قد يكون لهم تأثيرات مدمرة على البلدان أو المنظمات التي يقودونها. لكنك رُبما تسأل نفسك الآن، هل من المنطقي أن يُكلف شخص نرجسي بقيادة دولة؟ والإجابة هي: لا ليس أمرًا منطقيًا فحسب، بل هو شديد المنطقية، وذلك لأن السلطة تجتذب النرجسيين كما تجتذب الحلوى الأطفال، ومن ناحية أخرى فإن النرجسيين قادرون على سحر أعين أتباعهم وأسر عقولهم، وهو ما قد يُمكنهم من حصد أغلب الأصوات في أي انتخابات.

هذا التقرير يناقش ديناميكية السلوك النرجسي في الأدوار القيادية ويشرح العلاقة بينهما، كما يحلل الأسباب التي تدفع الأفراد لإيصال الشخصيات النرجسية إلى السلطة.

قيادة النرجسي غير فعالة مهما بدا العكس!

يمكن القول إن النرجسية هي الجانب المظلم لتقدير الذات.

صحيح أنه، بشكل عام، يمكن اعتبار تقدير الذات أمرًا جيدًا، لكن النرجسية تقوم بشكل أساسي على تقدير الذات المُبالغ فيه، بالإضافة إلى سيطرة بعض المشاعر -والتي منها الشعور بالاستحقاق وزيادة الاستعداد الشخصي- لاستغلال الآخرين لتحقيق المكاسب أو المصالح الشخصية والشعور بالتفوق مع التقييم السلبي للآخرين، إلى جانب نقص التعاطف معهم. هذا بخلاف العداء والعدوانية عند التعرض للتحدي أو المعارضة.

ارتفعت النرجسية بنسبة كبيرة خلال السنوات الماضية، حيث تشير إحدى الأوراق البحثية المنشورة عام 2018 إلى أن معدل التأييد بين المراهقين لعبارة “أنا شخص مهم” ارتفع من 12% عام 1963 إلى 77-80% في عام 1992، وما زال الأمر موضع جدل بحثي بين العلماء، لتأكيد هذا كحقيقة، والبحث عن أسبابه في الثقافة المعاصرة التي تدفع الإنسان ناحية حب الذات والتمركز حولها.

يوضح أستاذ علم النفس في جامعة جورجيا، الدكتور دبليو كيث كامبل، والصحفية المستقلة كارولين كريست، خلال كتابهما “العلم الجديد للنرجسية”، أن القيادة هي هدف طبيعي للنرجسيين لأنها تُشبع أهدافهم الأساسية المتمثلة في المكانة والسلطة والحصول على الاهتمام.

يؤكد الكتاب أنه قد لا يتسم جميع القادة بصفات نرجسية بالطبع، ولكن من الشائع وجود ميول نرجسية في مناصب السلطة نظرًا للفوائد التي تقدمها القيادة للنرجسيين.

والواقع أن العديد من الدراسات أظهرت أن النرجسيين أكثر ميلًا إلى تولي مناصب السلطة، وذلك لأنهم غالبًا ما يبالغون في مهاراتهم ويبدون كأنهم قادرون على التعامل مع أي شيء، وتميل غطرستهم إلى الظهور كثقة، كما أنهم يميلون إلى أن يكونوا ساحرين وكاريزماتيين.

لذلك، في البداية، يبدون ودودين ومؤهلين جيدًا لتولي المناصب القيادية، وهو ما يُمكنهم بسهولة من جذب أتباع كثيرين.

يُقرر الناس التقدم والحصول على المناصب القيادية أو السلطة لأسباب عديدة، ولكن مع النرجسيين، يكون الدافع واضحًا، هم يفعلون ذلك من أجل الأنا، فالحصول على المكانة والقوة وجذب الأنظار دومًا هي احتياجات أساسية لدى النرجسي، مثل الماء والهواء، وتستطيع السلطة أن تحققها له.

رُبما يكون السؤال الذي يدور بذهنك الآن، هو: “ما الأزمة إذن؟ فليكن القائد نرجسيا شريطة أن يُحقق مصالح شعبه أو جماعته ويتمكن من حمايتهم”. لكن، الرد على هذه النقطة هو أن النرجسية قد لا تكون مفيدة دائمًا لتحقيق القيادة الفعّالة، فمجرد صعود النرجسي إلى السلطة فإن ذلك لا يعني أنه سيحقق أداءً جيدًا.

وإذا تمكن بالفعل من تحقيق أداء جيد، فهذا لا يعني أن هذا الأداء سيظل يوصف بكونه “جيدًا” في ظل الظروف والمتغيرات المختلفة.

راجعت دراسة أجريت عام 2014 جميع الأدبيات المتعلقة بهذا السياق للمساعدة في وضع إجابة عن سؤال مدى فعالية قيادة الشخص النرجسي، وتوصل الباحثون إلى أنه لا توجد علاقة مباشرة بين النرجسية ونجاح القائد. كما ناقشت أن الأشخاص لا يُصنفون بكونهم نرجسيين أو غير نرجسيين بشكل مطلق، بل إن هذه السمة تتفاوت بين الشخصيات المختلفة.

وعليه، خلصت الدراسة إلى أن الرؤساء الذين لديهم مستويات منخفضة للغاية من النرجسية كانوا قادة سيئين أيضًا، تمامًا مثل أولئك الذين لديهم مستويات مرتفعة من النرجسية. الرؤساء الذين لديهم القليل جدًا من النرجسية اتسموا بكونهم لا يملكون الثقة في أنفسهم، أما أولئك الذين لديهم الكثير من النرجسية فقد كانوا عدوانيين وطغاة، بينما أظهر أفضل الرؤساء مستويات معتدلة من النرجسية.

فقيادة القادة النرجسيين يمكن وصفها بأنها سيفٌ ذو حدين، وهو ما قد يخلق مقايضة بين فوائد ومخاطر وجود مثل هذا الزعيم.

إنهم غالبًا ما يكونون واثقين وحازمين وأقوياء، وهو ما قد يسحر أعين الآخرين ويجعلهم يقعون في شباكهم بمنتهى السهولة، لكنهم غالبًا ما يكونون عدائيين وانفعاليين أيضًا، وهو ما قد يؤدي إلى وجود مساحة كبيرة للفساد والتلاعب والاستغلال خلال فترات حكمهم، فهم لا يمانعون وجود الفساد والاستغلال شريطة تحقيق مصالحهم، دون مراعاة مصلحة أي طرف آخر.

توليهم للسلطة قد يصبح دمارا كاملا!

استكمالاً لإجابة السؤال السابق حول فعالية قيادة النرجسيين، فإن قيادة النرجسي قد لا تكون غير فعالة فحسب، بل قد تكون مدمرة أيضًا، وهو ما يُشير إليه مقال نُشر عبر “سيكولوجي توداي”، يؤكد أن وصول النرجسيين إلى السلطة قد يكون بمثابة دمارٍ كامل للمؤسسة التي يرأسونها، وذلك يعود إلى أن الرغبة في الشعور بالعظمة هي حاجة النرجسي الأساسية، وهذه الرغبة تُقلل احتمالية أن يكون قائدًا عظيمًا بالفعل.

يوضح المقال أن حكم النرجسي القائم على القوة والسيطرة الكاملة تعيق تماسك وديناميكيات المجموعة الإيجابية، فيبني القادة النرجسيون ثقافات سلبية ويسيئون معاملة أعضاء الفريق.

بالعودة إلى دراسة أوريلي، المشار إليها سابقا، يشير إلى أن النرجسيين أنانيون ويفتقرون إلى النزاهة. يقول أوريلي: “إنهم يعتقدون أنهم متفوقون وبالتالي ليس عليهم الخضوع لنفس القواعد والأعراف التي تُطبق على الآخرين. وتُظهر الدراسات أنهم أكثر عرضة للتصرف بشكل غير نزيه لتحقيق غاياتهم. إنهم يعرفون أنهم يكذبون، وهذا لا يزعجهم، فهم لا يشعرون بالخجل”.

ويُضيف أن النرجسيين أيضًا غالبًا ما يكونون متهورين في السعي وراء المجد، أحيانًا يُحققون هذا بنجاح، لكن في الأغلب يحققونه بعواقب وخيمة. الأسوأ، وفقًا لأوريلي، أنهم يغيرون المؤسسات التي يقودونها تمامًا، ويمكن أن تستمر آثار هذه التغييرات حتى بعد انتهاء ولايتهم.

فمن خلال التغييرات التي يجرونها، يكونون مدفوعين بشكل أساسي بالرغبة في تحقيق مصالحهم الذاتية، ويفتقرون إلى التعاطف، ويكونون أقل تقيدًا بالمعايير الأخلاقية، لذا، يمكنهم التسبب في ضرر هائل بمجرد وصولهم إلى السلطة.

وفقًا لأوريلي، أظهرت الدراسات الميدانية أن الرؤساء التنفيذيين النرجسيين أكثر عرضة للتورط في بعض عمليات الاحتيال وأنواع أخرى من الجرائم المالية، والتلاعب بالأرباح، والسعي إلى التهرب الضريبي.

ووجدت دراسة أجريت عام 2013 على رؤساء الولايات المتحدة أن أولئك الذين حصلوا على درجات أعلى على مقياس النرجسية كانوا أكثر عرضة لإساءة استخدام سلطتهم. أيضًا، نشر أوريلي، نتائج ثلاث تجارب أظهرت أن الأشخاص النرجسيين بشكل عام لديهم مستويات أقل من النزاهة، مما يعني أن أقوالهم لا تتوافق مع أفعالهم، وأنهم أكثر عرضة للكذب والغش والسرقة من أجل إثبات مكانتهم أو تدعيم سلطتهم.

الشاهد هنا أنه يمكن للنرجسيين أن يكونوا قادة جيدين لفترة من الزمن، ولكن نادرًا ما يكونون كذلك على المدى الطويل. عندما لا تتطابق أهدافهم ومصالحهم الشخصية مع الأهداف والأولويات العامة للمكان أو المجموعة التي يقودونها، فإن التحديات هنا ستنشأ حتمًا.

قد يبدأ الرئيس النرجسي في إظهار عيوبه بمجرد حدوث أي صراع معه مهما كان بسيطًا، ويزداد النرجسي شراسة إذا تعرض للتهديد أو الانتقاد، هنا تقود عيوب النرجسي الصراع، ويكون الهدف الأساسي فقط هو الحفاظ على السيطرة النرجسية.

لماذا نختار قادة نرجسيين؟

بخلاف كونهم يطرحون أنفسهم دومًا كخيار فعال لتولي السلطة، فإن الكثيرين منّا ولأسباب مختلفة يميلون إلى اتباع النرجسيين. يوضح أوريلي أننا قد نميل بشكل خاص إلى اختيار القادة النرجسيين خلال أوقات الاضطرابات، حيث يقول: “خلال العقود القليلة الماضية، تعرضت الشركات الكبرى مثل شركات صناعة السيارات والبنوك للتهديد بسبب الاضطرابات التكنولوجية.

قد يمكنك هنا تفهم أنه خلال الأوقات العصيبة يبحث الناس عن بطل، شخص واثق يقول: لدي حل. قد يكون النرجسيون هم الأشخاص الوحيدين الذين يتمتعون بالثقة في مثل هذه الأوقات”.

خلال أوقات الاضطرابات، تقيّم الجماهير القائد صاحب الصوت العالي -الذي وفقًا للمقاييس النفسية قد يكون نرجسيًا وبسبب نرجسيته يتمكن من جذب الأنظار ولفت انتباه الجميع إليه- على أنه قوي وفعّال أكثر من غيره.

هذه القوة والفعالية من المؤكد أنها ستُمكنه من تحقيق مصالحهم وحمايتهم من أعدائهم أو من أي هجوم محتمل عليهم. وهذا ما قد ترغب فيه الجماهير من زعيمها أو قائدها؛ أن يُحقق لهم مصالحهم ويتمكن من حمايتهم ويكون وجهة مشرفة لهم أمام الدول الأخرى، وهي جميعها أشياء يستطيع النرجسي أن يعد بتحقيقها.

قد ينجذب العديد من الناس إلى القادة النرجسيين، فقط لأنهم يقدّرون القادة الأقوياء الواثقين. في كثير من الأحيان، يخلط الناس بين النرجسية والقوة. القادة المستبدون بطبيعتهم نرجسيون، ويفتقرون إلى التعاطف، وواثقون من أنفسهم إلى حد الغطرسة.

الغريب هنا هو ما كشفته دراسة نُشرت عام 2020، والتي توصلت إلى أن بعض الأفراد ينجذبون إلى سمات القيادة السلبية، مثل التسلط والبغضاء والتلاعب، وهو ما يفسر انجذاب الناس إلى قادة نرجسيين أو مستبدين أو سيئين، لأنهم ببساطة لا يرونهم كذلك، بل يرونهم أقوياء وواثقين.

وعندما يحقق النرجسيون بعض النجاح، فإن هذا يعزز ثقتهم بأنفسهم ويدعم اعتقادهم بأنهم يعرفون أفضل من الآخرين، فيشعرون أنه بإمكانهم تجاهل نصيحة الخبراء والاعتماد على غرائزهم الخاصة، كما يزيد من عدائهم للأشخاص المعارضين لهم، وقد تتخذ هذه الرؤية شكل العداء والعدوان أو إساءة معاملة المرؤوسين، ففي نظر النرجسيين، لا بد أن يكون البشر الآخرون إما أتباعًا أو أعداء.

إغراء النرجسي والبطولة المزعومة!

من العوامل التي قد تُمكن النرجسي من كسب العديد من الأتباع أيضًا، قدرته على إثارة إعجاب من هم في محيطه. في حالة النرجسيين الذين يرغبون أن يصبحوا سياسيين، فإنهم يتعلمون كيفية إقناع الحشود بشخصيتهم، وكيف يمكن أن تكون شخصياتهم هذه فعالة للغاية في التعامل مع المشكلات وتحقيق المصالح. ربما يتحقق هذا بالفعل مؤقتًا، ولكن عادة، وكما سبق التوضيح، تكون هذه الشخصيات ضارة جدًا على المدى البعيد.

قد يكون النرجسي شخصية بالغة الجاذبية لأنه يبالغ دومًا عند سرد إنجازاته، ويستطيع بسهولة أن يسحر الناس بأفكاره العظيمة ووعوده البراقة، التي ربما لا يكون لديه أي خطة عملية موضوعية لتنفيذها، لكنه رغم ذلك يتمكن من إقناع الأتباع بأن قدرتهم على تحقيق هذه الوعود حقيقية تمامًا.

ونظرًا لأن النرجسيين يفتقرون إلى التعاطف، فإنهم لا يمانعون أبدًا في قول أي شيء، حتى وإن كانوا هم أنفسهم معترفين بأنه كذب أو خداع، فقط في سبيل تحقيق أهدافهم أو مصالحهم. كما أنهم يتحدثون باستمرار، بنبرة حميمية ساحرة ومغرية، حيث يتظاهرون بمشاركة الاهتمامات والآراء السياسية، وهو ما يخلق رابطة قوية على نحو خاص مع أتباعهم.

أيضًا، يتمتع النرجسي بمهارة خاصة في الشكوى باستمرار من تعرضه لمعاملة غير عادلة، أو من أنه يواجه الكثير من الأشرار الذي يعملون ضده، وبهذه الطريقة يتمكن النرجسي من تجهيز أتباعه للدفاع عنه بقوة وحتى القتال من أجله عندما يطلب منهم ذلك.

عادة ما يدعم قدرة النرجسي على الإغراء، الاحتياج الشديد الفطري لدى الحشود إلى صورة “البطل”. بطل يتمكن بفعالية من التخلص من الأشرار، ويحل الأزمات بحلول سهلة، وهو الأمر الذي يحاول النرجسي أن يستعين به في نسج شبكة إغرائه، حيث يسعى دومًا إلى خلق أزمة، حتى وإن كانت مفتعلة تمامًا، والإعلان عن هذه الأزمة من أجل تعزيز احتياج الحشد إلى وجود “البطل”، الذي سيكون هو بالطبع بسبب ثقته وحديثه الدائم عن “الآخرين” أو “الأشرار” وقدراته على التغلب عليهم. يعتمد النرجسي في كل هذا على المشاعر والخطابات التي لا تنتهي، والتي تشتت الانتباه عن الحقائق.

هرم ماسلو والحاجة لصورة القائد

أحد الأسباب التي تُشير إليها “جين ليبمان بلومين” في كتابها “سحر القادة السامّين”، أننا مدفوعون بالاحتياجات النفسية الأساسية إلى البحث عن الشخصيات “السلطوية” التي يمكن أن تقدم لنا الشعور بالراحة والاطمئنان، وتعِد بإشباع بعض أعمق رغباتنا. هذه الاحتياجات قد تكون مرتبطة بتسلسل هرمي للاحتياجات الإنسانية، وضعَ أساسَه عالم النفس الأميركي أبراهام ماسلو.

حدد ماسلو في هذا التسلسل الهرمي خمسة مستويات، تتراوح من الاحتياجات الفسيولوجية، مثل الغذاء والمأوى، إلى احتياجات الأمان، مرورًا بالاحتياجات الاجتماعية والحاجة إلى التقدير، والتي يسعى من خلالها الشخص للحصول على الحب والثناء والاعتراف من الآخرين وقبولهم، ثم يأتي الاحتياج إلى تحقيق الذات في رأس الهرم. لكن، في عام 1971، راجع ماسلو مفهومه لاحتياجات النمو بطريقتين مهمتين.

فبعد تحقيق الذات، عيّن الاحتياجات المعرفية والجمالية كاحتياج إنساني أيضًا. كما حدد مستوى آخر يتجاوز تحقيق الذات، وهو ذو صلة خاصة برغبتنا في اتباع القادة السامّين، وهو “التسامي” الذي يمكن تفسيره بأنه الرغبة في التطور والارتقاء، والذي قد يتطلب إشباعه اتباع الشخصيات القيادية السامة والنرجسية.

تقول بلومين في كتابها عن هذا الأمر: “قد يتطلب التسامي اتباع شخصيات سلطوية، لتحل محل آبائنا وغيرهم من القائمين على رعايتنا خلال وقت مبكر من حياتنا؛ أيضًا، قد يُمكننا هذا الاتباع من تصور أنفسنا ككائنات مهمة منخرطة يوميًا في مساعٍ نبيلة في عالم ذي معنى؛ والأمل في أن نكون مركزيين ومحوريين خلال فترة حياتنا”.

إذا كان أبوك سلطويا فقد تبحث في القائد عن هذا “الأب”!

هل تتصور أن الأسلوب الذي اتبعه والدك في تربيتك، قد يتحكم في صوتك الانتخابي، كشخص بالغ، يختار رئيس دولته؟ إذا كنت قد خضعت خلال طفولتك لأسلوب التربية السلطوي، وهو أسلوب يكون الآباء خلاله صارمين للغاية، ويطالبون أبناءهم بالطاعة العمياء دون تحدث أو نقاش، ويسعون للسيطرة بشكل كامل على أطفالهم، وتشمل أساليب تعاملهم مع أبنائهم التهديد، والتعنيف اللفظي، ورُبما العنف الجسدي أيضًا، مع عدم تقديم أي قدر من المحبة.

فقد يذهب صوتك الانتخابي، كشخص بالغ، يقف أمام صناديق الاقتراع، إلى الشخص الذي يُمثل لك نفس صورة الأب السلطوي، والذي غالبًا ما لن يكون هنا كوالدك الذي يُراعي مصلحتك، بل سيكون في الأغلب شخصا نرجسيا متسلطا، لكنه يتبع نفس الأساليب التي ربما تكون اعتدت عليها خلال تنشئتك.

تشير الأبحاث إلى أن بعض الناس يعتقدون أن الأفراد المتسلطين هم “أفضل” أنواع القادة، ويوضح موقع “سيكولوجي توداي” أن سبب هذا الاعتقاد ربما يعود إلى أن هؤلاء الأفراد قد نشؤوا في أسر تقوم على ممارسة “التكتيكات الصارمة” عند التعامل مع أفرادها أو أثناء حل النزاعات. هنا، تُشير بلومين إلى أن الكثير من الأتباع يُفضلون الأنظمة السلطوية ويرغبون في ترجيح كفتها على غيرها، ولا يمانعون أبدًا في اتباعها.

وفقًا لبلومين، فالعديد من الأتباع يمكّنون القادة السيئين ويدعمونهم، حيث يساعدونهم على الوصول إلى مناصب السلطة، ويدعمون أفعالهم السيئة، البعض يفعل هذا لأنه يُقدّر النظام “السلطوي” في ذاته، والبعض الآخر يفعل هذا لأنه يتمنى المشاركة في السلطة، أو يحلمون بتحقيق بعض المكاسب أو المصالح الشخصية، حتى وإن كانوا في سبيل تحقيق هذه المصالح الشخصية يضحون بمصلحة بلد بأكمله، أو يضرون بجماعة كاملة.

تأثير النتائج العكسية!

ماذا بعد اكتشاف نرجسية القائد؟ ماذا بعد إدراك الآثار شديدة السلبية لقيادته؟ هل تظن أن الأتباع سيتوقفون عن اتباع قائدهم النرجسي بمجرد أن يكشف لهم شخص ما تأثيراته بالغة السلبية؟ هل تعتقد أن تأثير القائد النرجسي على أتباعه مؤقت، وبمُجرد أن تُكتشف حقيقته سيتوقف الجميع عن اتباعه، قبل أن يصل النرجسي إلى مرحلة تدمير الجميع؟

عمليًا، إجابات جميع الأسئلة السابقة هي: لا، لن يتوقف الأتباع عن اتباع النرجسي بمجرد الكشف عن حقيقته، بل المؤسف هنا أنهم غالبًا سيذهبون لاتباعه وتصديقه بشكل أكبر.

ما يحدث هنا هو بالضبط ما يحدث عندما يكون لديك كافة الأدلة الدامغة والحقائق الواضحة التي تؤيد معلومة معينة، ثم تحاول إقناع شخص يعتقد بصحة نقيض هذه المعلومة؛ بمعلومتك، فتجد أن هذا الشخص، على الأرجح، يذهب إلى تأييد فكرته أكثر ويقتنع بها رُبما بشكل أعمق.

يُعرف هذا باسم “تأثير الارتداد العكسي” أو “تأثير النتائج العكسية” (Backfire Effect)، وهو يحدث عندما يُبلَغ الناس عن تصديقهم بشكل أكبر للمعلومات المضللة التي كانوا يعرفونها حتى بعد تصحيح هذه المعلومات لهم وتوعيتهم بالمعلومات الصحيحة القائمة على الأدلة الدامغة والحقائق الواضحة.

التحيزات المعرفية

قد يؤدي التحيز المعرفي أيضًا إلى اختيار اتباع القادة النرجسيين. يمكن تعريف التحيز المعرفي بأنه خطأ منهجي في التفكير، يحدث عندما يقوم الأفراد بمعالجة وتفسير المعلومات في محيطهم بشكل معين، يؤثر، لاحقًا، على قراراتهم وأحكامهم.

في حالة اختيار اتباع القائد النرجسي قد يكون انتباه أتباع هذا القائد انتقائيا للغاية، فقد يختارون أن يروا أشياء معينة ويغضون الطرف عن غيرها، وقد يختارون أن يروا حقائق معينة واضحة تمامًا ولها تفسير مباشر بطريقة مختلفة عن معناها الأصلي.

هنا يمكننا العودة إلى صفة العجرفة في النرجسي التي قد يراها البعض ثقة مفرطة في النفس، أو صفة التسلط التي قد يراها البعض حزما وقوة، أو صفة التنكيل بالخصوم التي قد يُفسرها بعض الأتباع بأنها محاربة الشر ودوائره وحماية مصالح الأغلبية العليا ضد الأقلية الفاسدة، وغيرها الكثير من الأمور التي قد يجعلنا التحيز المعرفي نراها بطريقة مختلفة تمامًا عن حقيقتها.

الخوف وعدم القدرة على المواجهة

إذا لم تختر قائدًا سيئًا في حياتك بناء على أي مما سبق، فقد تكون قد اخترت واحدًا فقط بناء على “مخاوفك”، حيث يشعر العديد من الأشخاص بالعجز عن مواجهة أو تحدي القادة السيئين.

قد يكون هذا الخوف منبتُه عدم القدرة على مخالفة رأي المجموعة التي يؤيد أغلبها القائد النرجسي، هنا قد يشعر الشخص بالخوف من الرفض أو النبذ الاجتماعي، فلا يتمكن من المواجهة أو الإعلان حتى عن رأيه في القائد النرجسي لمن حوله.

بالطبع يزداد الخوف عندما يتمكن الشخص النرجسي من السلطة أكثر، فيمتلك القدرة على التنكيل بمعارضيه أو عقاب من يتحدونه سواء بسحب الامتيازات أو حتى بالعقوبات المباشرة مثل السجن أو تجميد الممتلكات.

من ناحية أخرى، فإن الانتماء والوجود وسط مجموعة قد يخلق شعورًا لدى الفرد بالأمان، حتى في ظل إدراكه لبعض التهديدات والمخاطر المحتملة. أوضحت دراسة نُشرت عام 2021 أننا عندما نواجه خطرًا ما، وندرك بشكل واعٍ وجود هذا الخطر أو التهديد، فإنه يمكن أن يوفر لنا وجودُ الآخرين حولنا إشارة قوية بالأمان والدعم.

أشارت الدراسة إلى إجراء خمس تجارب للتحقيق فيما إذا كان وجود الآخرين يقلل من الخوف استجابة للتهديد في ظل مجموعة متنوعة من الظروف. خلال التجارب الثلاث الأولى تلاعب الباحثون بحجم المجموعة وخلقوا مجموعة من المواقف الافتراضية والواقعية التي تضمنت عددًا من التهديدات.

ما توصل إليه الباحثون هنا هو أن استجابات الخوف (وهي أعراض جسدية متعلقة بالشعور بالخوف، مثل التنفس السريع، والتعرق، والشعور بالغثيان)، قد انخفضت مع زيادة حجم المجموعة.

أما خلال التجربتين الرابعة والخامسة فقد استعان الباحثون بمزيج من القرارات الافتراضية والواقعية لاختبار ما إذا كان القلق المتزايد استجابة لتهديد محتمل من شأنه أن يدفع المشاركين إلى اختيار الانضمام والانتماء إلى مجموعات أكبر.

كما توصل الباحثون إلى أن المشاركين يختارون باستمرار الانضمام إلى مجموعات أكبر، خاصة مع ارتفاع التهديد والقلق.

النتيجة التي توصلت إليها الدراسة بناء على التجارب الخمس هي أنه بشكل عام، كلما زاد عدد أفراد المجموعة شعر المشاركون أكثر بالطمأنينة والأمان وزادت في أذهانهم احتمالية السلامة والحماية.

ما يمكن أن نتوصل إليه هنا، أنه حتى في ظل إدراك فرد أو مجموعة صغيرة من الأفراد لنرجسية الزعيم، أو مساوئ وكلفة هذه النرجسية واحتمالية الدمار الشامل الذي قد يصل إليه الوضع تحت زعامة أو قيادة النرجسي، فإنهم قد يواجهون القلق الناتج عن الشعور بالخطر بالانضمام والانتماء إلى المجموعة التي تؤيد القائد النرجسي، لأنها المجموعة الأكبر، ولأن الانضمام إلى مجموعة أكبر من البشر يُقلل هنا الشعور بالقلق والخوف، ويخلق شعورًا ولو زائفًا بالأمان وتقليل احتمالية الخطر، قد يحدث هذا بشكل خاص عندما لا يكون بيد الشخص المدرك لخطر القائد النرجسي شيئًا ليفعله، في ظل سيطرة النرجسي وقدرته على التنكيل بخصومه أو معارضيه.

Source: Apps Support


في عيدها.. الأم الفلسطينية بين حزن مقيم وفقد لا يعوض

في كل بيت وخيمة وشارع بقطاع غزة حزن مقيم في قلوب أمهات فقدن أبناءهن بأبشع الطرق. يحل عليهن عيد الأم بمشاعر الفقد القاسية، والخوف على ما تبقى من أبنائهن.

ومنهن من أقصى ما تتمناه أن تعرف مكان دفن أبنائها لتزورهم في يوم الأم كما كانوا يزورونها.

المصدر : الجزيرة

Source: Apps Support


بدر الدين الحوثي الأب الروحي لجماعة الحوثيين في اليمن

أحد أبرز علماء ومرجعيات المذهب الزيدي في اليمن، كان المرجع الأول لجماعة الحوثيين، اتهمه منتقدوه بأنه “قريب فكريا من المذهب الإثني عشري وأنه متأثر سياسيا بإيران”، تولى قيادة جماعة الحوثيين -التي تسمى أيضا جماعة “أنصار الله”- فترة قصيرة بعد وفاة زعيمها حسين الحوثي، قبل أن يسلّم الزعامة لابنه الأصغر عبد الملك الحوثي، توفي في نوفمبر/تشرين الثاني 2010 عن عمر ناهز 86 عاما.

المولد والنشأة

وُلد بدر الدين بن أمير الدين بن الحسين بن محمد الحوثي يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1926 في مدينة ضحيان بمحافظة صعدة شمالي اليمن.

نشأ في أسرة علمية عريقة، كان والده أمير الدين الحوثي وعمه الحسن بن الحسين الحوثي من العلماء البارزين في المنطقة.

منذ طفولته أظهر بدر الدين شغفا كبيرا بالعلم، وعكف على دراسة العلوم الشرعية والفقه الزيدي.

تلقى تعليمه على يد علماء بارزين في مجاله، من بينهم والده وعمه، إضافة إلى عدد من العلماء الذين أجازوه، وقد ذكرهم في كتابه “مفتاح أسانيد الزيدية”، كما أشار إلى ذلك في مقدمة كتابه “شرح أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي”.

كرس حياته للتدريس والتأليف، وتتلمذ على يديه عدد من العلماء وطلاب العلم، وأصبح له دور بارز في الرد على المخالفين للمذهب الزيدي.

الفكر والتوجه الأيديولوجي

ينتمي بدر الدين إلى الطائفة الزيدية التي تعتبر أقرب فرق الشيعة لأهل السنة، وترى صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولم يكفّر أتباعها أحدا من الصحابة، كما أن الإمامة لديهم ليست وراثية بل تقوم على البيعة.

وهو إحدى أهم مرجعيات المذهب الزيدي في اليمن، لكنه واجه انتقادات من خصومه الذين رأوا أنه تخلى عن الزيدية التقليدية واقترب فكريا من المذهب الإثني عشري، خاصة بعد إقامته في إيران في تسعينيات القرن الـ20.

كما يُتهم بأنه تأثر سياسيا بإيران، ويُنظر إليه باعتباره جزءا من محور إقليمي تدعمه طهران رغم تأكيد الحوثيين على استقلالهم الفكري والسياسي.

ويشير معارضوه إلى أن تحركاته وأفكاره أسهمت في تأسيس جماعة أنصار الله على نهج يتجاوز الزيدية التقليدية نحو مشروع أيديولوجي مستوحى من الثورة الإيرانية وأفكار زعيم الثورة الإيرانية روح الله الخميني.

اتهامات بالقرب من إيران

كان بدر الدين نشطا في تدريس العلوم الشرعية، كما ألّف عددا من الكتب التي تناولت قضايا الإمامة والفقه الزيدي، لكنه أثار جدلا بسبب تبنيه أفكارا أقرب إلى المذهب الإثني عشري.

في سبعينيات وثمانينيات القرن الـ20 أصبح الحوثي صوتا معارضا للفكر السلفي، وواجه انتشار ما يسميها الحوثيون “الدعوة الوهابية السعودية” في اليمن، مما أدى إلى تعرضه لمضايقات واضطهاد سياسي، الأمر الذي دفعه إلى الهجرة مرات عدة.

وفي التسعينيات تعرض لمحاولة اغتيال بقصف منزله، مما أجبره على مغادرة اليمن إلى نجران ثم الأردن وسوريا، وأخيرا إلى إيران حيث مكث قرابة عام، مما عزز الاتهامات بأنه تأثر بالفكر الإثني عشري.

ولاحقا، عاد إلى اليمن واستقر في صعدة، حيث استمر في نشاطه الدعوي وأصبح مرجعا دينيا لجماعة أنصار الله التي قادها لاحقا بعد مقتل ابنه حسين.

دوره في تأسيس جماعة أنصار الله

أسس حسين الحوثي في عام 1991 منظمة “الشباب المؤمن” في محافظة صعدة ذات الأغلبية الزيدية بإيعاز من والده بدر الدين، وشكلت هذه المنظمة الجناح الدعوي والفكري والثقافي لحزب “الحق” ذي المرجعية الإسلامية الزيدية، وهو مشروع سياسي أسسه مجموعة من علماء الزيدية وناشطيها السياسيين، منهم بدر الدين الحوثي في بداية التسعينيات مع إعلان الجمهورية اليمنية.

نشطت منظمة “الشباب المؤمن” في مجال الأعمال الاجتماعية، وعملت على إحياء الإمامة الزيدية، لكن بعد خلاف مع قيادات حزب “الحق” قرر بدر الدين الحوثي وأبناؤه قطع علاقتهم بالحزب والتفرغ لتوسيع أنشطة منظمة “الشباب المؤمن” عبر بناء مراكز ومساجد، والعمل على استقطاب الشباب والقبائل داخل منطقة صعدة وخارجها.

وفي عام 2000 دعم بدر الدين ابنه حسين في إطلاق تيار جديد باسم “أنصار الله” بعد تخليه عن منظمة “الشباب المؤمن”، وعرف التيار الجديد أيضا باسم “جماعة الشعار”، وكان بدر الدين بمثابة المرجع الفكري والروحي له.

تولى بدر الدين في عام 2004 قيادة جماعة “أنصار الله” مدة قصيرة بعد مقتل زعيمها حسين الحوثي في مواجهات عسكرية مع الحكومة اليمنية فيما عرفت بحرب صعدة، وهي الحرب التي استمرت إلى عام 2010، لكنه سلّم لاحقا الزعامة إلى ابنه الأصغر عبد الملك الحوثي.

الكتب والمؤلفات

ركز بدر الدين في كتبه على دعوة الأمة للعودة إلى تعاليم القرآن الكريم، ورفض محاولات نشر ما يسميه “الفكر الوهابي” في اليمن.

ومن أبرز كتبه ومؤلفاته:

التيسير في التفسير.
إيضاح المعالم في الرقى والتمائم.
التبيين في الضم والتأمين.
تحرير الأفكار عن تقليد الأشرار.
تفسير جزء تبارك وجزء عم.
بيان البرهان من القرآن على تخليد أولياء الشيطان في النيران.

توفي بدر الدين الحوثي يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 في اليمن عن عمر ناهز 86 عاما.

Source: Apps Support


اللغة وتقبّل المجتمع أبرز التحديات التي تواجهها المرأة العربية بألمانيا

برلين – تحديات عدة تواجه المرأة العربية في ألمانيا تجعلها تعيش حالة من الغربة المزدوجة، إذ تحاول من جهة الحفاظ على هويتها العربية التي نشأت عليها، ومن جهة أخرى التأقلم مع مجتمع غربي بثقافته المختلفة وأسلوب حياته المغاير، وذلك على الرغم من درجة التمايز في التجارب الشخصية والمعرفية.

وتعد ألمانيا من أكثر الدول جذبا للمهاجرين، بمن فيهم النساء العربيات اللواتي قدمن لأسباب متنوعة، مثل الدراسة أو العمل أو اللجوء.

ومع تزايد عدد أفراد الجالية العربية تسجل المرأة العربية حضورا أكبر في مختلف مجالات الحياة رغم الصعوبات التي تواجهها في البداية من حيث التكيف مع المجتمع ومواجهة التحديات أو استغلال الفرص المتاحة.

تحديات الحياة اليومية

تعد اللغة الألمانية من أبرز العقبات التي تواجه المرأة العربية، إذ إنها أساس التواصل اليومي والاندماج في سوق العمل والمجتمع، لكن كثيرا ما ترتبط هذه المشكلة بالعنصر الزمني المطلوب لتعلم لغة البلد الجديد، لكن هناك جانب آخر يواجه العديد من النساء ويكمن في صعوبة التوفيق بين الحياة الأسرية والطموح المهني.

وتلخص ماسا تيفور التحديات التي تواجه المرأة العربية في ألمانيا في صعوبة تعلم اللغة الألمانية وقلة المعارف لممارسة اللغة معهم.

وتقول تيفور للجزيرة نت “رغم وجودي في ألمانيا منذ 10 سنوات فإنني لا أملك سوى صديقين ألمانيين وألتقيهما مرة كل بضعة أشهر، كما أنني شعرت بصعوبة إيجاد مكاني في هذا المجتمع، فأنا أتعرض للانتقاد من الألمان لأنني عربية، ومن العرب لأنني متأقلمة مع الحياة في المجتمع الألماني، لذا لا أشعر بالانتماء لأي من المجتمعين”.

أما منال عبد الحفيظ شريدة -وهي مترجمة لغوية- فتقول إن “التحدي كان في قبول المجتمع الألماني لي كامرأة عربية، لكن الأمر كان أسهل نسبيا بالنسبة لي لأنني لا أرتدي الحجاب، ومع ذلك، فإن الحفاظ على هويتي كامرأة عربية كان تحديا كبيرا، لأنني لا أرى الاندماج ضرورة تعني الانصهار في المجتمع الألماني أو تبني عاداته بالكامل”.

وأضافت شريدة للجزيرة نت أن تربية الأبناء في هذا المجتمع تشكل تحديا آخر، إذ يفرض المجتمع المشاركة في تقاليده مثل الاحتفال بأعياد الميلاد، وهو ما قد يضع الأطفال في مواقف محرجة أمام زملائهم الألمان “لكننا نحرص على توضيح موقفنا لهم، ونعرّفهم أيضا بأعيادنا الإسلامية”.

التوفيق بين العمل والأسرة

من جهتها، ترى المسؤولة النسائية والإعلامية في الهيئة الإدارية للجالية الأردنية سوسن الحمود أن من أكبر التحديات المرأة في ألمانيا هو التوفيق بين العمل والأسرة.

وقالت سوسن للجزيرة نت “في بلادنا العربية هناك دعم عائلي قوي من الجدة، العمة، أو الأخوات في رعاية الأطفال، بالإضافة إلى توفر مربيات وعاملات منازل بأجور معقولة، أما في ألمانيا فإن الاعتماد على خدمات الرعاية المنزلية مكلف للغاية، إذ يتم احتساب الأجور بالساعة، مما يشكل عبئا ماليا على الأسر”.

وأضافت أن “اختلاف الثقافات يلعب دورا كبيرا، فمن الصعب الحفاظ على ثقافة البلد الأم بالكامل لأننا نعيش في مجتمع منفتح، مما يجبرنا على البحث عن حلول وسطية”.

ورغم التحديات فإن ألمانيا توفر العديد من الفرص التعليمية والمهنية للنساء من خلال الجامعات والمعاهد وبرامج التدريب المهني، كما تقدم الحكومة برامج لدعم المرأة في مجالات التعليم والعمل ورعاية الأطفال، إلى جانب دعم منظمات المجتمع المدني للنساء المهاجرات.

بدورها، تقول رشا ديب الفنانة التشكيلية التي وصلت إلى ألمانيا قبل 10 سنوات إن “البيئة الألمانية توفر فرصا متعددة، ومع ذلك فمدى استفادة المرأة العربية من هذه الفرص تعتمد على قدرتها على الاندماج مع المجتمع الألماني”.

وأضافت ديب للجزيرة نت أن تعلم اللغة الألمانية كان تحديا كبيرا بالنسبة لها كونها بدأت باستخدام الإنجليزية في البداية، ثم أدركت أن إتقان الألمانية كان ضروريا لتحقيق النجاح المهني والاجتماعي.

ويشهد تمكين المرأة في ألمانيا تطورا متزايدا، مما يفتح آفاقا جديدة للنساء العربيات، خاصة في ريادة الأعمال والعمل الحر، إذ توفر الحكومة الألمانية دعما ماديا وإرشاديا للراغبات في بدء مشاريعهن الخاصة.

وتقول ديب إن “الهجرة منحتني فرصة لإعادة تشكيل أفكاري وأسلوب عملي الفني، لقد ساعدتني هذه التجربة في التعبير بحرية عن القضايا الاجتماعية والسياسية التي تهم المرأة، كما أضافت بعدا جديدا إلى أعمالي الفنية”.

العادات والتقاليد

وتواجه المرأة العربية تحديات إضافية عند تولي مسؤولية الأسرة بمفردها، إذ ترى لونا قزاز أن التحدي الأكبر يتمثل في “إدارة حياتي كأم وحيدة مسؤولة عن أطفالي، الصعوبات التي واجهتها شملت تعلم اللغة، والتعامل مع مجتمع مختلف تماما في عاداته وتقاليده، لكن التحدي الأكبر كان الصور النمطية، إذ واجهت رفضا متكررا من الشركات عند التقدم للعمل، فقط لأنني محجبة”.

أما ماسا تيفور فتشير إلى الضغط الاجتماعي الذي تعاني منه الفتاة العربية في ألمانيا، قائلة إن “هناك توقعات لا تنتهي، الأهل ينتظرون من ابنتهم أن تكون قوية وتدعمهم، في حين يتوقع المجتمع الألماني أن تكون مستقلة تماما، وأن تحقق نجاحا مهنيا وإلا فلن تعتبر ناجحة وفقا لمعاييره”.

ورغم التحديات المتعددة التي تواجهها المرأة العربية في ألمانيا فإن الفرص المتاحة تمكّنها من تحقيق ذاتها على الصعيدين المهني والاجتماعي شرط قدرتها على مواجهة الصور النمطية، وكذلك التوفيق بين هويتها وثقافة المجتمع الجديد، والاستفادة من الفرص المتاحة.

Source: Apps Support


ماذا تعني سيطرة الجيش السوداني على القصر الجمهوري؟

في خطوة تشكل علامة فارقة في مسار الحرب بالسودان، استعاد الجيش صبيحة اليوم الجمعة القصر الجمهوري، مقر رئاسة الدولة السودانية ورمز السيادة بالخرطوم، بعد أن فقده منذ الدقائق الأولى لبداية الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023.

وأعلن الجيش السوداني بسط سيطرته على القصر، وجاء في بيان للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة: “في ملحمة بطولية خالدة، توجت قواتنا اليوم نجاحاتها بمحاور الخرطوم، حيث تمكنت من سحق شراذم مليشيا آل دقلو الإرهابية بمناطق وسط الخرطوم والسوق العربي ومباني القصر الجمهوري”.

وشهد محيط القصر الجمهوري على مدى الأشهر الماضية معارك ضارية تمكن فيها الجيش من انتزاع القصر بمبنييه القديم والجديد بعد إلحاق الهزيمة بقوات الدعم السريع التي فقدت اليوم أحد أهم المواقع التي كانت تتحصن بها وسط العاصمة الخرطوم.

ووسط مشاعر فرح وطني غمرت فئات الشعب السوداني المختلفة، برز سؤال مُلِحٌّ حول ما تعنيه هذه السيطرة العسكرية على القصر ودلالاتها وتأثيراتها في الواقع على أكثر من صعيد.

الأنفاس الأخيرة

وفي حديث للجزيرة نت، أكد رئيس أركان الجيش السوداني السابق الفريق أول هاشم عبد المطلب أن استعادة الجيش السوداني السيطرة على القصر الجمهوري تؤكد أن النصر بات قريبا.

وقال عبد المطلب إنه بسيطرة الجيش على القصر الذي يمثل رمزية السيادة تكون مليشيا الدعم السريع قد فقدت ما كانت تحرص عليه، لأن السيطرة تفقدها هدفا كان يمثل لها الكثير داخليا وخارجيا.

وأشار عبد المطلب إلى خطة متكاملة يجري تنفيذها لتحرير ما تبقى من مناطق بالخرطوم، وأفاد بأن نشاط قوات الدعم السريع التي كانت هي من تهاجم قل كثيرا وانحصر على الدفاع فقط وعلى القصف المدفعي واستخدام المسيّرات لإثبات الوجود، “مما يعني أن العدو بات يلفظ أنفاسَه الأخيرة”، وفقا لتعبيره.

وعزا تغيير قوات الدعم السريع لتكتيكاتها لعدة أسباب منها غياب القادة، إما بقتلهم أو بهروبهم إلى إقليم دارفور، وانخفاض الروح المعنوية، والنقص الكبير في أنواع مهمة لهم كالأسلحة والذخائر والمحروقات، بجانب عدم قدرتهم على استخدام أسلوبهم المعروف بالفزع بعد أن حرمهم الهجوم المتزامن للقوات المسلحة في محاور مختلفة من ذلك، وهو ما أثر عليهم كثيرا، ماديا ومعنويا.

بداية العد التنازلي

ويرى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد جمال الشهيد أن سيطرة الجيش على القصر الجمهوري يعد تقدما إستراتيجيا كبيرا ومهما، لكنه لا يعني نهاية الحرب بعد، مضيفا أن الحرب دخلت مرحلة العد التنازلي، لكن الحسم يتطلب استكمال العمليات في بقية ولايات كردفان ودارفور.

وأفاد الشهيد، في حديث للجزيرة نت، بأن المرحلة المقبلة حاسمة جدا، وأي تقدم إضافي للجيش قد يجعل إنهاء الحرب مسألةَ وقت لا أكثر، مشيرا إلى أن الدعم السريع أصبح في موقف دفاعي ضعيف، ولكنه لم يستبعد استخدامه تكتيكات حرب المدن لإطالة أمد المعركة.

وقال إن السيطرة على القصر الجمهوري يعني توجيه ضربة معنوية قوية لمليشيا الدعم السريع، حيث تمنح السيطرة عليه -تكتيكيا- الجيش نقطة ارتكاز قوية وسط الخرطوم، مما يسهل التقدم نحو مواقع أخرى أيضا هي في غاية الأهمية، كما يعزز من ثقه الحكومة وينهي مزاعم سيطرة المليشيا المتمردة على المرافق الحيوية والإستراتيجية.

واعتبر الشهيد سيطرة الجيش وفرض إرادته على القصر الجمهوري نصرا كبيرا له، وخسارة كبيرة في المقابل للدعم السريع، جازما بأن تقدم الجيش يعزز موقفه التفاوضي في أي عملية سياسية مستقبلية، وسيدفع بالقوى الإقليمية والدولية لإعادة حساباتها بناء على موازين القوة الجديدة، خاصة الدول التي تدعم أو تتوسط لإنهاء النزاع.

تحييد مراكز القيادة والسيطرة

وفي منتصف مارس/آزار الجاري تعهد قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، في تسجيل بثه على منصة “ْإكس”، بعدم خروج قواته من القصر، لكن المعارك الضارية التي شنها الجيش السوداني على قواته بمحيط القصر، جعلت الكثير منها يبحث عن الانسحاب من القصر الذي لم يعد آمنا منذ ذلك الحين، بعد تضييق الخناق من كل اتجاه.

وبدا الجيش السوداني مصرا على استعادة السيطرة الكاملة على الخرطوم والمواقع الإستراتيجية التي فقدها منذ بداية الحرب حيث عزز عملياته في الخرطوم عبر تكثيف الضربات الجوية والمدفعية، مما أدى إلى استنزاف الدعم السريع بتحييد مراكز القيادة والسيطرة التابعة لها، مما يعكس تقدما في إضعاف القيادة الميدانية للمتمردين.

وحبس السودانيون أنفاسهم وهم يتابعون تطورات العملية العسكرية خلال الأيام الماضية في محيط القصر الجمهوري الذي يُعد مصدرا مهما من مصادر تاريخ السودان الحديث والمعاصر ورمزا لسيادة الدولة السودانية وشرعيتها واستقلالها.

واشتعلت فور الإعلان الرسمي عن استكمال السيطرة على القصر منصاتُ التواصل الاجتماعي ومجالس السودانيين، ابتهاجا بهذه الخطوة التي اعتبرها البعض إطاحة بآمال “حميدتي” في الاستيلاء على الحكم بالقوة، واعتبرها آخرون مؤشرا لاستعادة المناطق الأخرى بالخرطوم التي ما زالت تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

قيمة معنوية وسيادية

وقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي مجدي عبد العزيز إن تحرير القصر الجمهوري وعودته إلى حضن الوطن يعد نصرا ذا قيمة معنوية وإستراتيجية وسيادية لا تُضاهى لأنه يعتبر أحد أهم أيقونات السيادة الوطنية وأحد أهم الصروح ذات البعد التاريخي والوطني في السودان.

وأشار عبد العزيز الذي عمل لوقت ليس بالقصير بمراسم الدولة من داخل القصر الجمهوري أن القصر بمبنييه القديم والجديد ظل مقر رئاسة الدولة السودانية حيث وجدت به مكاتب وديوان رئاسة الدولة بكل أشكاله الدستورية التي مرت على عهود السودان منذ الاستقلال.

وأوضح أن قوات الدعم السريع بقيادة “حميدتي” كانت تساهم في حراسة القصر الجمهوري وغدرت بمن كانوا يعتبرون رفاقهم في المهمة من قوات الحرس الجمهوري التابعة للجيش السوداني، وقامت باحتلاله طيلة شهور الحرب الماضية وتخريب مرافقه وسرقة محتوياته إلى أن جاءت ساعة تحريره.

وكشف أن القصر الجمهوري يضم بداخله أضخم متحف رئاسي بالسودان حوى العديد من الآثار والتحف التي تعبر عن عهود مختلفة منذ عهد الجنرال تشارلز جورج غردون حاكم السودان في العهد الاستعماري الأول والذي قُتل على سلالم القصر على أيدي الثوار في عام 1885، مرورا بعهد اللورد هربرت كتشنر الذي قاد حملة لغزو السودان في عام 1898، ومن بعد كل آثار العهود الوطنية وقادتها.

Source: Apps Support


14 فلسطينية يقضين “عيد الأم” في سجون إسرائيل

قالت 3 مؤسسات فلسطينية معنية بشؤون الأسرى، إن 14 أُمّا فلسطينية يقضين “عيد الأم” داخل السجون الإسرائيلية بين إجمالي 25 معتقلة لدى إسرائيل يعانين أوضاعا بالغة السوء.

وذكرت هيئة شؤون الأسرى المحررين ونادي الأسير الفلسطيني ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في بيان مشترك “في يوم الأم، تواصل سلطات الاحتلال حرمان 14 أُمًّا فلسطينية من الحرية ومن احتضان أطفالهن… يعانين أوضاعا بالغة الصعوبة والسوء، وباعتقال هؤلاء الأمهات، يُحرم عشرات الأبناء من أمهاتهم”.

وأوضح البيان “تبدأ مأساة الأم الفلسطينية منذ اللحظة التي تقتحم فيها قوات الاحتلال منزلها بعنف، غالبا في ساعات الليل المتأخرة، حيث تُنتزع من بين أطفالها تحت تهديد السلاح، وسط صرخات صغارها ومشهد التنكيل المتعمد أمام أعينهم”.

وأضاف البيان أنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 اعتقلت إسرائيل 500 امرأة فلسطينية وهو أعلى معدل اعتقالات للنساء.

وبحسب ما جاء في البيان “تمنع الأسيرات من زيارات الأهالي منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة”.

وأضاف البيان “منعت سلطات الاحتلال الزيارات وعزلت الأسرى والأسيرات عن العالم الخارجي بشكل كامل، ومنعت الصليب الأحمر من تنفيذ الزيارات، بالإضافة إلى وضع عراقيل على زيارات المحامين للأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال”.

سجن الدامون

‏وتحتجز إسرائيل الغالبية العظمى من الأسيرات في سجن “الدامون”، الذي يعتبر من أبرز مراكز اعتقال النساء الفلسطينيات، وفق البيان.

وتواجه الأسيرات في هذا السجن ظروفا قاسية، ازدادت صعوبة بشكل كبير بعد 7 أكتوبر 2023، إذ تعرضت الأسيرات لاعتداءات متواصلة، شملت العزل الانفرادي والتنكيل من قبل وحدات القمع، بحسب ما كشف البيان.

ووفق مؤسسات الأسرى، “اضطُرّت العديد من الأسيرات إلى النوم على الأرض في ظل نقص شديد في الملابس والأغطية، والتي تفاقمت مع الطقس البارد، حيث كانت بعض الأسيرات مضطرة لارتداء نفس الملابس التي اعتُقلن بها لفترات طويلة دون تغيير”.

‏وتُحرم الأسيرات من الأدوية الضرورية لعلاجهن، كما يُعاني بعضهن من تأخير شديد في تقديم العلاج، ما يؤدي إلى تفاقم حالتهن الصحية، بحسب مؤسسات الأسرى.

وجرى خلال الأشهر الماضية الإفراج عن عدد من المعتقلات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية ضمن صفقة تبادل الأسرى التي تمت بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.

وبلغ عدد حالات الاعتقال بين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ حرب الإبادة على غزة 15 ألفا و640 حالة، تشمل من أبقت إسرائيل على اعتقالهم، ومن تم الإفراج عنهم لاحقًا، فيما لا توجد معطيات عن حالات الاعتقال في غزة، وفق النادي.

Source: Apps Support


صحف عالمية: الوضع بغزة ينزلق نحو حرب شاملة بعد تضاؤل تمديد الهدنة

سلطت صحف ومواقع عالمية الضوء على تبعات تنصل إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والمخاوف من اتساع رقعة الصراع.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن “القتال في غزة ينزلق نحو حرب شاملة”، مشيرة إلى أن الغموض يكتنف النهاية المحتملة لهذه الجولة من القتال.

ووفق الصحيفة، فإن الصراع المتصاعد أثار الذعر والخوف بين الفلسطينيين، الذين كانوا يأملون في فترة راحة أطول من الحرب، إذ يقول كثيرون إنهم يرون أملا ضئيلا في حل الأزمة قريبا.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن الهجوم الإسرائيلي المتجدد على غزة فاقم معاناة السكان المصدومين والمرهقين، وأدى إلى نزوح 70 ألف فلسطيني بعد منع إسرائيل دخول جميع المواد الغذائية والوقود إلى غزة منذ أكثر من أسبوعين.

ويرى محللون أن احتمال تمديد وقف إطلاق النار أصبح ضئيلا جدا، في حين يتزايد بشدة احتمال استئناف إسرائيل هجومها الشامل على القطاع.

بدوره، قال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرمي إلى تحقيق أهداف شخصية عبر قراره المغامر استئناف الحرب في غزة من دون أن تكون لذلك أيّ مبررات عسكرية.

ويرى بينكاس في مقاله بصحيفة إندبندنت البريطانية أن عودة الحرب تهدف إلى صرف الانتباه عن قرار نتنياهو إقالة رئيس جهاز الشاباك رونين بار.

وخلص تحليل في صحيفة جيروزاليم بوست إلى أن إقالة رئيس الشاباك تعدّ مناورة من نتنياهو لتجنب التحقيق في مسؤوليته عن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووفق هذا التحليل، فإنه سيكون من الصعب تجنب وقوع كارثة مشابهة في المستقبل إذا لم يتم التحقيق مع نتنياهو.

وكذلك، قد تلحق إقالة بار وتعيين شخص موالٍ لنتنياهو -حسب التحليل- ضررا كبيرا بالجهاز، ويعرضان الأمن القومي الإسرائيلي للخطر على المدى الطويل.

وفي الإطار ذاته، قال الخبير القانوني في معهد الديمقراطية الإسرائيلي أمير فوكس إن لدى نتنياهو مشكلة يريد حلها من خلال تركيز أكبر قدر من السلطة في قبضته، والتخلص من جميع المسؤولين المهنيين.

ووفق ما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن الخبير القانوني، فإن ذلك “لا يخدم مصالح دولة إسرائيل، بل فقط مصالح نتنياهو وحكومته”.

ورأى مقال للكاتب ألكسندر لونغاروف في موقع ذا هيل الأميركي أن على إسرائيل حل القضية الفلسطينية لإنقاذ نفسها.

وقال لونغاروف إن عجز إسرائيل عن ضمان أمن سكانها بدأ يخلّف تداعيات وخيمة على تماسكها الداخلي وعمل مؤسساتها مثلما يتضح من الاضطرابات التي شهدتها خلال الحرب على غزة والانقلاب الأخير بإقالة رئيس الشاباك.

Source: Apps Support