“مؤشرات اقتصادية – تحليلات وتطورات من الشرق الأوسط وآسيا”

كيف ينظر المراقبون الروس للمفاوضات الإيرانية الأميركية بشأن النووي؟

موسكو- اختُتمت في موسكو المشاورات الثلاثية على مستوى الخبراء بين ممثلي إيران وروسيا والصين بشأن البرنامج النووي الإيراني، وسط تقييمات “إيجابية” من الأطراف كافة بأن المشاورات كانت بناءة ومفيدة، لكن من دون الإشارة إلى تفاصيل.

وجاءت المشاورات إثر تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول نيته الاتفاق مع طهران بشأن هذا الملف عبر المفاوضات أو “القصف غير المسبوق”. وبعد يوم من وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي العرض الأميركي بمحادثات مباشرة لإحياء الاتفاق النووي بأنه “لا طائل منه”.

وتعتزم إيران والولايات المتحدة إجراء محادثات يوم 12 أبريل/نيسان الجاري في سلطنة عُمان، وسط غموض حول إمكانية التوصل لاتفاق. وبالتوازي مع ذلك، تُبذل جهود روسية لحل الأزمة بالوسائل السياسية والدبلوماسية، حسبما أكده السكرتير الصحفي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف.

ويقول خبراء روس إن المشاورات الثلاثية جاءت من حيث الشكل للاتفاق على نهج للمفاوضات المستقبلية، إذ لا يتعلق الأمر بالولايات المتحدة وإيران فحسب، بل أيضا بالدول الأخرى المشاركة بالاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، وهي روسيا والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.

وفي المقابل، لا يستبعد مراقبون آخرون أن تكون التحركات الحالية “آخر فرصة” لمنع تدحرج الأزمة إلى حرب بين واشنطن وطهران، وسط عزم أميركي وإسرائيلي على منع إيران من صنع القنبلة النووية.

ويقول الباحث في الشؤون الدولية ديمتري كيم إنه إذا تمكَّن الإيرانيون والأميركيون في عُمان من تحقيق نتيجة، فسيكون ذلك “أمرا جيدا” لجميع الأطراف، حسب تعبيره.

ويوضح كيم للجزيرة نت أن طهران لا تزال تملك فرصة الحصول على بعض التنازلات من روسيا والصين في المجالين العسكري والاقتصادي مقابل التخلي عن برنامجها النووي، ومن ثم منع الصدام المسلح مع واشنطن.

ويشير إلى أنه في كثير من الأحيان ترفع الأطراف سقف مطالبها عشية المفاوضات، كما حدث عندما أرسل ترامب رسالة لطهران قبل شهر، يمنحها فيها شهرين للتوصل لاتفاق نووي جديد، مهددا بالحرب إذا لم تفعل ذلك.

ويتابع أن إيران ردت بأنها تترك “الباب مفتوحا”، لكنها -ولتعزيز موقفها- أعلنت تجهيز قوات صاروخية في حال الحاجة لضرب أهداف أميركية في الشرق الأوسط، ووضعت قواتها المسلحة في حالة “تأهب قصوى”.

“وسيط فعَّال”

ويعتقد كيم أن طهران تلعب لعبة دبلوماسية على عدة منصات في آن واحد، لتحقيق نتائج أكثر ملاءمة لنفسها. ويقول إن إيران -إضافة إلى هدف تخفيف ضغوط العقوبات- ترغب في منع الصدام العسكري مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

في المقابل، يواصل كيم أن موسكو راغبة في كسب النقاط في دبلوماسيتها مع ترامب، حتى لا تغامر بخسارة ما توصلت إليه مع واشنطن حيال الملف الأوكراني، لكنها ستتصرف “كوسيط فعال” في المفاوضات بشأن البرنامج النووي، كما كانت الحال عام 2015.

ولا يستبعد -في الوقت ذاته- أن تشكك إيران بمثل هذه الوساطة، خوفا من أن تضحي موسكو بمصالح طهران لصالح تحسين العلاقات مع واشنطن، وهو ما دفع القيادة الإيرانية لإرسال إشارات أخرى تفيد بأنها قادرة على التوصل لاتفاق.

خيار التسوية

من جانبه، يرى مدير مركز التنبؤات السياسية دينيس كركودينوف أن المطالب “القاطعة” التي طرحتها إدارة ترامب، والتي تتجاوز مناقشة البرنامج النووي الإيراني، قد تؤدي لطريق مسدود في المفاوضات مع إيران وتثير تصعيدا عسكريا في الشرق الأوسط.

ويقول إن من يتابع المحادثات منذ 12 عاما يجد صعوبة في تصور كيف ستتمكن واشنطن وطهران من التوصل إلى شروط مقبولة للطرفين.

ويوضح أن ترامب انسحب عام 2018 من الاتفاق المكون من 159 صفحة، وجرى التفاوض عليه لنحو 3 سنوات. والآن، يُصر ترامب على أن يتضمن الاتفاق الجديد قيودا على سياسة إيران في المنطقة، مما يُنذر إما “بتأخير عملية التفاوض أو بتعطيلها كليا وتحويل الانتباه إلى سيناريو عسكري”.

وبرأيه، فقد أصبحت طهران الآن أكثر اهتماما بالتسوية مع واشنطن من أي وقت مضى، لا سيما بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتراجع النفوذ الإيراني هناك لصالح تركيا، وخسارة حزب الله ممر الإمداد البري، وتعرض الحوثيين لضغوط أميركية متزايدة.

ومع ذلك، فإن إيران -حسب كركودينوف- مستعدة “لأسوأ” الخيارات في المواجهة مع الولايات المتحدة، لأنها ترى فيها “حربا مصيرية ووجودية بالنسبة إليها”.

عامل الاقتصاد

ويذهب الخبير كركودينوف إلى أن “أجواء التوتر” الحالية تسير بموازاة زيادة ضغوط العقوبات على إيران، مما يسبب مزيدا من الضرر للاقتصاد.

ويرى أنه مع إدراج أميركا مزيدا من الناقلات التي تحمل النفط الإيراني على القائمة السوداء، فإن طهران مضطرة للتنافس “بشراسة أكبر” مع الناقلات التي تحمل النفط الروسي والفنزويلي، التي لم تستهدف بالعقوبات بعد.

لكن ما يصفها بـ”الأخوة في ظل العقوبات” بين روسيا وإيران، ستستمر ولن تتأثر بأجواء التوتر الحالي، بل ستدعم التعاون الثنائي، بما في ذلك تطوير حقول النفط والغاز، وبالمجال العسكري التقني.

ويدلل كركودينوف على ذلك بأنه مع مواصلة العمل على تجاوز المعاملات المالية بالدولار، ورغم التنافس بين إيران وروسيا في أسواق النفط، فإن طهران عملت على زيادة حجم تبادلات النفط الخام مع روسيا عبر بحر قزوين، مما سمح لموسكو بالحفاظ على تدفقات الصادرات في اتجاهات أخرى.

Source: Apps Support


حواجز الاحتلال بالضفة.. مصائد وتنكيل وإعاقة لحياة الفلسطينيين

تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر واحدة من حالات توقيف جنود الاحتلال للمواطنين الفلسطينيين والتنكيل بهم على حواجزه المنتشرة بالمئات في الضفة الغربية.

جرى تصوير المقطع على حاجز بيت فوريك، سيئ السمعة والصيت، شرق مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية أمس الثلاثاء، وفيه يظهر توقيف جيش الاحتلال لأكثر من 20 فلسطينيا يرفعون أيديهم وراء رؤوسهم ومن خلفهم الجنود ينكلون بهم.

ويفصل حاجز بيت فوريك قريتي بيت فوريك وبيت دجن عن مدينة نابلس، وتبلغ المعاناة أوجها في ساعات المساء عند عودة سكان القريتين من أعمالهم في مدينة نابلس، حيث يضطرون للانتظار ساعات طويلة على الحاجز.

ما جرى على حاجز بيت فوريك، يتكرر بشكل شبه يومي على حواجز الاحتلال التي تقطع أوصال الضفة الغربية، وتحول مدنها وقراها وأريافها إلى معازل وكانتونات، وباتت مواقع التواصل الاجتماعي ذات أهمية قصوى في التعرف على حالة الطرق والحواجز إما تجنبا لساعات الانتظار الطولية أو تفاديا للتنكيل والاعتقال.

تفتيش وتنكيل واهانه جماعية للمواطنين على حاجز بيت فوريك شرق نابلس pic.twitter.com/DsN7HwPl5Q
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) April 9, 2025

وبالانتقال إلى جنوبي الضفة يتكبد عشرات آلاف الفلسطينيين مشقة السفر بين محافظتي بيت لحم والخليل وباقي مدن وسط وشمالي الضفة، بسبب ساعات الانتظار الطويلة على حاجز “الكونتنير” شرقي القدس، وبسبب سلوك طرق ترابية بديلة خطيرة وغير مؤهلة.

وفي حالات نادرة، يشهد الحاجز حركة سلسة للمركبات، وغالبا يعاني المتنقلون من مشقة يشعر بها بشكل أكبر سائقو سيارات وحافلات النقل العام، حيث تستنزف وقتهم ومالهم.

يقول سامي حسين، وهو صاحب مركبة نقل عام يعمل بين مدينتي بيت لحم ورام الله، إن حاجز الكونتينر يكبده خسائر كبيرة، و”من دون الحاجز أستطيع التنقل 4 مرات يوميا بين رام الله وبيت لحم وبالكاد أستطيع تغطية مصاريف السيارة والتزامات أسرتي، لكن مع وجود الحاجز لا أستطيع التنقل أكثر من مرة واحدة وفي أحسن الحالات مرتين”.

ويضيف: “نقف في طوابير طويلة لساعات على جانبي الحاجز من دون سبب، وهذا يكلفنا وقودا ووقتا، وما نتقاضاه من الركاب أصبح بالكاد يغطي مصاريف السيارة، بل تتراكم علينا الديون”.

وتابع أن “الركاب يتعرضون أيضا للتوقيف والتفتيش ويتم التنكيل بالموقوفين داخل غرفة للجيش على جانب الحاجز”.

وعن البدائل المتوفرة أوضح أن شارع واد النار الذي يقام الحاجز في نهايته على أراضي القدس هو الوحيد الذي يربط الجنوب بالوسط والشمال، مشيرا إلى وجود شارع ترابي وعر ومغبر غير مؤهل عبر الأودية لتجاوز الحاجز “لكنه خطير ويلحق الضرر بالمركبات ولا يصلح سوى لذات الدفع الرباعي”.

طريق “وادي النار” هو الوحيد الذي يصل شمال الضفة بجنوبها ويقطعه حاجز الكونتينر، عندما يغلق الجنود الحاجز يضطر الناس لسلوك هذا الطريق الترابي الوعر للالتفاف على الحاجز والذي يغلقه أحيانًا الجيش ليشل كل شيء.
مع قرار الاحتلال إنشاء نفق للفلسطينيين عند العيزرية سيصبح هنالك حاجزًا آخر… pic.twitter.com/OyrSoORf3t
— yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) April 5, 2025

مزيد من العوائق

ووفق مسح أجراه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأم المتحدة، فقد أُقيم 36 عائقا جديدا للتنقل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، معظمها عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة في منتصف يناير/كانون الثاني 2025.

ووفق المكتب الأممي فإن الحواجز “تزيد عرقلة قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الخدمات الأساسية وأماكن عملهم” مشيرا إلى أن “إجمالي بوابات الطرق المفتوحة أو المغلقة في شتّى أرجاء الضفة الغربية يبلغ 288 بوابة، تشكل ثلث عوائق التنقل، يتم إغلاق 60% منها بشكل متكرر”.

ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية الفلسطينية فإن عدد الحواجز والعوائق في الضفة يبلغ 898 وهي إما بوابات أو حواجز عسكرية أو عوائق مادية كالأتربة أو الأسلاك أو الجدران الإسمنتية.

ويلقي انتشار الحواجز الإسرائيلية بظلاله على مختلف القطاعات اقتصاديا وتعليميا وصحيا، وفق تقارير دولية ومحلية.

وتقول منظمة أطباء بلا حدود على موقعها الإلكتروني إن العوائق المفروضة على الحركة تؤثر سلبا على تقديم الرعاية الصحية والوصول إليها، خاصة في المناطق والتجمعات النائية، مشيرة إلى ازدياد عدد الحواجز ونظام السيطرة الحالي بشكل كبير من خلال القيود الإضافية المفروضة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

معاناة يومية .. ما يسمى بحاجز الكونتينر الاحتلالي والذي يفصل الخليل وبيت لحم عن وسط الضفة pic.twitter.com/Pi6wcLBUir
— زاهر ابو حسين (@ZAHERABUHUSIEN) February 19, 2025

أضرار اقتصادية

ووفق دراسة لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) نشر نتائجَها أواخر مارس/آذار فإن حركة النقل في الضفة انخفضت بنسبة 51.7% بعد بدء العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 نتيجة وجود الحواجز.

وقدرت الدراسة عدد ساعات العمل الضائعة يوميا بحوالي 191 ألفا و146 ساعة، وهذا يكلف الاقتصاد الفلسطيني حوالي 2.8 مليون شيكل (764.6 ألف دولار) يوميا.

وتؤكد نتائج الدراسة أن قيود الحركة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني “إذ تساهم في ارتفاع نسبة البطالة وتدني الأجور بسبب صعوبة وصول العمال إلى أماكن عملهم، كما تؤدي الحواجز إلى تعطيل حركة البضائع، وهذا يزيد من تكاليف النقل ويتسبب في تلف بعض المنتجات نتيجة الانتظار الطويل على الحواجز”.

Source: Apps Support


اليوان يتراجع لأدنى مستوى منذ 2007 وسط توتر تجاري متزايد

انخفض اليوان الصيني اليوم الخميس إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ الأزمة المالية العالمية أواخر 2007، مع خفض البنك المركزي توقعاته لجلسة التداول السادسة على التوالي، في ظل تصاعد التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة.

وتراجع اليوان محليا إلى 7.3518 للدولار في التعاملات المبكرة، وهو أدنى مستوى له منذ 26 ديسمبر/كانون الأول 2007.

وخسر اليوان حوالي 1.2% هذا الشهر.

وفرضت الصين رسوما جمركية باهظة على الواردات الأميركية ردا على إجراءات أميركية مماثلة.

ورغم تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخفض الرسوم الجمركية المفروضة مؤخرا على عشرات الدول مؤقتا، فإنه زاد الرسوم الجمركية على السلع الصينية.

وقال كريس تيرنر، رئيس الأسواق العالمية في “آي إن جي بنك”: “تخوض الولايات المتحدة والصين حاليا لعبة خطرة للتنافس على النفوذ.. إلى أن يتم الإعلان عن اتفاق أو تأكيد عقد اجتماع ثنائي كبير، سيكون الدولار واليوان الصيني الآن محور الاهتمام في سوق الصرف الأجنبي”.

ومن شأن ضعف اليوان أن يجعل الصادرات الصينية أرخص، ويخفف من تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد.

ومع ذلك، قال محللون وخبراء اقتصاد إن الانخفاض الحاد قد يزيد من ضغط تدفقات رأس المال غير المرغوب فيها، ويهدد الاستقرار المالي.

وقالت مصادر مطلعة لرويترز إن البنك المركزي الصيني لن يسمح بانخفاضات حادة في قيمة اليوان، وإنه أصدر تعليماته للبنوك الحكومية الكبرى بخفض مشترياتها من الدولار.

Source: Apps Support


هل يدخل العالم حرب عملات بقيادة الصين لمواجهة رسوم ترامب؟

خفض بنك الشعب الصيني في الرابع من أبريل/نيسان الجاري سعر الصرف المرجعي لليوان إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في ظل تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وهذا أثار تكهنات في الأسواق المالية بشأن احتمال لجوء بكين إلى خفض حاد لقيمة عملتها، في تحول محتمل عن سياستها السابقة التي ركّزت على استقرار اليوان.

وأعلنت الصين الأربعاء أنها ستزيد رسومها الجمركية الانتقامية على المنتجات الأميركية إلى 84%، بدلا من 34% كما كان مقررا، في تصعيد جديد للحرب التجارية بين بكين وواشنطن.

ودخلت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيز التنفيذ على عشرات الشركاء التجاريين أمس الأربعاء، وبلغ نسبتها 104% على واردات المنتجات الصينية، قبل أن يقرر ترامب رفعها إلى 125% وتسري على الفور.

وقالت وزارة التجارة الصينية لاحقا في بيان إن “نسبة الرسوم الجمركية الإضافية” سيتم “رفعها من 34% إلى 84%” اعتبارا من اليوم الخميس.

وكانت الصين حذرت الصين من أنها سترد بحزم على رسوم ترامب وتهديداته.

وفي مؤشر على هذا التوجّه، حدد بنك الشعب الصيني سعر صرف اليوان المرجعي عند 7.1889 يوانات مقابل الدولار الأميركي، وهو أدنى مستوى منذ 17 يناير/كانون الثاني.

ووسط التوتر التجاري بين أميركا والصين تراجع اليوان محليا إلى 7.3518 للدولار في التعاملات المبكرة، وهو أدنى مستوى له منذ 26 ديسمبر/كانون الأول 2007. وخسر اليوان حوالي 1.2% هذا الشهر.

سلاح الصين الأقوى

لكن ماذا لو قررت الصين، كما يتوقع العديد من المحللين الاقتصاديين حول العالم، خفض قيمة اليوان كخطوة انتقامية ردا على رسوم ترامب الجمركية؟

يرى بنك ويلز فارغو الأميركي أن ثمة مخاطر حقيقية من لجوء الصين إلى خفض متعمّد لقيمة عملتها قد تصل نسبته إلى 15% خلال شهرين.

من جانبها، تتوقع مجموعة جيفريز المالية أن تقدم بكين على “خفض كبير” في قيمة اليوان قد يبلغ 30%، إذا قررت استخدام العملة كسلاح مباشر في النزاع التجاري وفقا لوكالة بلومبيرغ.

قول التاريخ

في 11 أغسطس/آب 2015، خفّض البنك المركزي الصيني قيمة اليوان بشكل مفاجئ وغير متوقع بنسبة 3%، وكان أكبر انخفاض له منذ عقدين في ذلك الحين، وكان لهذه الخطوة آثار عميقة على الاقتصاد العالمي وفقا لمنصة “إنفستوبيديا” من أبرزها:

تقلبات الأسواق المالية: انخفضت أسواق الأسهم العالمية، لا سيما في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية، كما انخفضت عملات الأسواق الناشئة ردا على الخطوة الصينية.
أسعار السلع والنفط: انخفض خام برنت بأكثر من 20%، مدفوعا بمخاوف من ضعف الطلب الصيني. وأفاد انخفاض الأسعار الدول المستوردة للنفط (مثل الهند)، لكنه أضرّ بمصدري السلع مع انخفاض أسعار المنتجات والسلع الصينية.
ضغوط كبرى على الأسواق الناشئة: واجهت دول مثل الهند وفيتنام وإندونيسيا ضغوطا تجارية كبيرة، حيث قلصت السلع الصينية الرخيصة صادراتها. وانخفضت قيمة الروبية الهندية إلى أدنى مستوى لها في عامين، وشهدت أسواق السندات تقلبات حادة.
مخاوف حرب العملات: أثار تخفيض قيمة الروبية الهندية مخاوف من نشوب حرب عملات، حيث اتهمت الولايات المتحدة الصين بالتلاعب بالعملة، ثم صنفتها رسميا كمتلاعب بالعملة في عام 2019 (تم إلغاء هذا التصنيف لاحقا في عام 2020).
التوترات التجارية والسياسية: اعتبرت الولايات المتحدة هذه الخطوة ميزة تجارية غير عادلة، وهذا أدى إلى تفاقم التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وصولا للمشهد الحالي.

وكما رأينا كان لتخفيض الصين عملتها في ذلك الوقت بنسبة 3% فقط تأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي، فماذا لو خفضت الصين عملتها بنسبة 15% إلى 30% كما يتوقع الخبراء؟

إن الطريقة التي سترد بها بكين على الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة ستكون حاسمة، ليس فقط بالنسبة للصين، بل أيضا لشركائها التجاريين في آسيا، والأسواق العالمية على نطاق أوسع، وفقا لوكالة رويترز.

في السياق ذاته، قال الزميل البارز في معهد بروكينغز بواشنطن، روبين بروكس في منشور له على منصة إكس: “استخدام اليوان للرد على ترامب سيكون “السلاح الأقوى” للصين، وهو “ذو تأثير هائل على الأسواق العالمية” وفقا لوكالة “بلومبيرغ”.

وحذر بروكس، من أن خفض قيمة اليوان بشكل كبير قد يُطلق دوامة هبوط عالمية تضرب الأسواق الناشئة بشدة، وإذا استمرت، قد تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الأميركي ذاته.

ويعتقد محللو بنك غولدمان ساكس أن تواصل الصين مقاومة أي انخفاض حاد في قيمة عملتها، لكنهم يشيرون في الوقت نفسه إلى أن التأثير التراكمي لجميع الرسوم الجمركية الأميركية المفروضة منذ تولي ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني قد يخفض معدل النمو السنوي للصين بنسبة 1.7%، وهو ما يُعد ضربة اقتصادية ضخمة قد يصعب على بكين تحمّلها، وفقا لوكالة رويترز.

ومن شأن الرسوم بقيمة 104% أن تلحق ضررا ماليا بالغا ببكين، وقد يُعيق جهودها في معالجة أزمة العقارات المستمرة، وتعزيز الاستهلاك المحلي، وتطوير قوتها العسكرية، وتمويل مشاريعها الاستثمارية العملاقة، بحسب رويترز.

وعلى عكس الحرب التجارية الأولى في عهد ترامب، لا يمكن للصين هذه المرة الاعتماد على تصدير السلع أو نقل الاستثمارات إلى دول آسيوية أخرى لتخفيف وطأة الرسوم، إذ فُرضت على هذه الدول أيضا تعريفات جمركية عالية، بل وكانت أعلى من تلك المفروضة على الصين في بعض الحالات مثل فيتنام.

وفي هذا السياق، قد يكون خفض قيمة العملة هو أقوى سلاح بيد بكين للرد على أحدث تهديدات واشنطن، فخفض قيمة اليوان سيمثل تحديا هائلا للاقتصاد العالمي، خاصة أن الصين هي أكبر مصدر في العالم وثاني أكبر اقتصاد، وأي تغيير يُقدم عليه اقتصاد بهذا الحجم ستكون له تداعيات واسعة وعميقة.

ومع انخفاض أسعار السلع الصينية التي قد تُغرق الأسواق أكثر مما هي عليه الآن، ستواجه العديد من الاقتصادات الناشئة -خصوصا تلك المعتمدة على التصدير- انخفاضا في عائداتها التجارية.

وإذا كانت هذه الدول مثقلة بالديون وتعتمد بشكل كبير على الصادرات، فإن اقتصاداتها ستتضرر بشدة؛ فعلى سبيل المثال، تعتمد فيتنام وبنغلاديش وإندونيسيا بشكل كبير على صادراتها من الأحذية والمنسوجات، وقد تواجه هذه الدول صعوبات كبيرة إذا أصبحت البضائع الصينية أرخص وأوسع انتشارا في السوق العالمية وفقا لمنصة إنفستوبيديا.

ومن المحتمل أن يدفع انخفاض اليوان دولا آسيوية وعالمية أخرى إلى السماح بانخفاض عملاتها هي الأخرى للحفاظ على قدرتها التنافسية، وهو ما قد يُشعل شرارة حرب عملات عالمية ستكون لها تأثيرات كارثية على الاقتصاد الدولي، وفقا لرويترز.

ورغم تأكيد بكين في السابق أنها لا تنوي اللجوء إلى خفض قيمة عملتها وتُفضل الحفاظ على استقرار اليوان، ولكن هذا كان قبل “يوم التحرير”، وفق تعبير ترامب.

وفي حال فشل محاولات التفاوض مع واشنطن، قد لا تجد بكين بُدا من استخدام سلاح العملة الأجنبية لتعويض الصدمة الاقتصادية المقبلة.

وأخيرا، وفي ظل تصاعد التوترات التجارية وعودة سياسات الحمائية الاقتصادية، تبدو احتمالات اندلاع حرب عملات عالمية أكثر واقعية من أي وقت مضى، وسيحدد رد بكين مسار الاقتصاد العالمي في الأشهر القادمة، فإما أن تسلك طريق التفاوض، أو أن تختار استخدام أدواتها النقدية للدفاع عن مصالحها، وفي كلتا الحالتين، سيكون العالم بأسره أمام اختبار صعب لمدى قدرته على تجنب أزمة اقتصادية جديدة لن يربح فيها أحد.

Source: Apps Support


اقتصاد ما بعد الحرب.. كيف يحاول السودانيون التعافي من الانهيار؟

الخرطوم – بعد مرور عامين على اندلاع الحرب في السودان، وانحسارها تدريجيا من وسط البلاد والعاصمة الخرطوم، تكشفت الخسائر الفادحة التي لحقت بالمواطنين في مختلف القطاعات.

ومع بدء عودة الحياة إلى بعض المدن، يجد كثير من السودانيين أنفسهم مضطرين للانطلاق من نقطة الصفر، بعد أن فقدوا ممتلكاتهم، ومدخراتهم، ومصادر دخلهم، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والإفلاس.

وتشير تقديرات الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق، إبراهيم البدوي، إلى أن الحرب تسببت في تدمير نحو 20% من الرصيد الرأسمالي للاقتصاد السوداني، والذي يُقدّر بنحو 600 مليار دولار. كما أدت إلى تآكل أكثر من نصف الناتج القومي الإجمالي البالغ متوسطه السنوي نحو 33 مليار دولار.

ويرجع البدوي -خلال ندوة إلكترونية مؤخرا- حجم هذه الخسائر إلى اندلاع الحرب في العاصمة الخرطوم، التي تُعد المركز الاقتصادي الأول في البلاد، حيث يتركز نحو 25% من اقتصاد السودان، إضافة إلى امتداد الصراع إلى مدن حيوية أخرى مثل نيالا والفاشر في دارفور، وود مدني بولاية الجزيرة، وهي مناطق تُشكل عصب الإنتاج الزراعي والصناعي.

دمار واسع للبنية التحتية

قطاع البنية التحتية كان من بين الأكثر تضررا، إذ تعاني أكثر من 60% من المناطق السودانية من شح كبير في إمدادات الكهرباء والمياه وخدمات الاتصالات، بعد أن دمرت المعارك منشآت وشبكات حيوية.

كما تضررت البنية الصناعية بصورة جسيمة، إذ تشير بيانات اتحاد أصحاب العمل السوداني إلى أن البلاد فقدت نحو 80% من وحداتها الإنتاجية، حيث تضرر أكثر من 600 مصنع بشكل كلي أو جزئي، من بينها 400 مصنع في الخرطوم وحدها.

نزيف العملة وتضخم غير مسبوق

تدهورت قيمة العملة المحلية بشكل غير مسبوق، إذ يُتداول الدولار الأميركي حاليا بحوالي 2700 جنيه سوداني، مقارنة بـ600 جنيه فقط قبل اندلاع الحرب.

وفي دراسة حديثة، قدّر الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز إجمالي خسائر القطاعات الاقتصادية خلال عامين من الحرب بنحو 108.8 مليارات دولار، موضحا أن الخسائر غير المباشرة الناجمة عن توقف دورة المال قد تكون أكبر بكثير من هذا الرقم.

وتوضح الدراسة أن قطاع الطيران والمطارات تكبّد خسائر تقدر بـ3 مليارات دولار، بينما خسر قطاع البنية التحتية العامة، بما في ذلك الوزارات، الجامعات، المتاحف، وطرق الولايات، قرابة 10 مليارات دولار.

وتُقدّر الخسائر في قطاع الكهرباء والمياه والطاقة بـ10 مليارات دولار، وفي القطاع التجاري والسياحة والفنادق بـ15 مليار دولار، في حين بلغت خسائر القطاع الزراعي وحده 10 مليارات دولار.

إفلاس وفقر جماعي

لم تكن الخسائر حكومية أو مؤسساتية فقط، بل طالت المواطنين أنفسهم. فقد تعرض نحو 10 آلاف منزل في ولاية الخرطوم للنهب الكامل، بما في ذلك الخزائن الخاصة، وفقا لعادل عبد العزيز.

كما استولت قوات الدعم السريع المتمردة على نحو 30 ألف مركبة خاصة، وتُقدّر الخسائر المباشرة للمواطنين بـ10 مليارات دولار.

وتشير الباحثة الاجتماعية سلمى الأمين إلى أن الحرب رفعت معدلات الفقر إلى أكثر من 65%، وأثرت سلبا على رجال الأعمال، حيث أُجبر بعضهم على إعلان الإفلاس ومغادرة البلاد.

وتوضح الأمين في حديثها أن أغلب الأسر السودانية كانت تعتمد على تحويلات المغتربين قبل الحرب، لكن هذه التحويلات تحوّلت اليوم إلى تغطية شاملة للمعيشة بعدما فقدت الأسر المحلية مصادر دخلها.

نحو العودة من الصفر

تُقدّر بيانات صندوق النقد الدولي أن أكثر من 3 ملايين سوداني فقدوا وظائفهم خلال الحرب. وبحسب الباحثة الاجتماعية الأمين، فإن غالبية المواطنين يبدؤون الآن رحلة العودة للحياة العملية من الصفر، وهو ما يتطلب سياسات مصرفية واجتماعية غير تقليدية لتشجيع الإنتاج وتقليل نسب الفقر والبطالة.

ويؤكد الخبير الاقتصادي هيثم فتحي أن السودانيين يستحقون التعويض عن الخسائر المادية والبشرية التي لحقت بهم، داعيا إلى استغلال المعونات الدولية والصناديق الصديقة لتعويض المتضررين، مشددا على ضرورة دعم المجتمع الدولي لإنصاف الشعب السوداني.

أموال خارج النظام المصرفي

وفي سياق متصل، يرى الناشط الاجتماعي عبد الله العاقب أن الحرب كشفت عن امتلاك الشعب السوداني لثروات ضخمة خارج النظام المصرفي، إذ إن أكثر من 80% من أموال السودانيين بالعملة المحلية، ونحو 90% من الذهب والعملات الأجنبية، محفوظة خارج الإطار المصرفي الرسمي، ما جعلها عرضة للنهب والفقدان.

ويعتقد العاقب أن أموال السودانيين بالخارج، ولا سيما أموال المغتربين في البنوك الأجنبية، يمكن أن تُشكّل نواة لتحريك الاقتصاد وامتصاص البطالة، شرط توفير بيئة آمنة ومستقرة.

Source: Apps Support


ناقلات شبحية.. حيل إيران السرية لتهريب النفط رغم العقوبات

منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية صارمة على طهران، استهدفت أساسا قطاع النفط، لتقليص مصادر تمويلها والضغط على نظامها السياسي.

وأدت هذه العقوبات إلى تراجع صادرات النفط الإيرانية كثيرا، مما دفع طهران إلى البحث عن وسائل بديلة لتجاوزها.

وفي هذا السياق، برزت تقارير حديثة تشير إلى أن بعض ناقلات النفط الإيرانية تستخدم وثائق عراقية لعبور الأسواق العالمية.

وعلى الرغم من أن هذه الممارسات ليست جديدة، إلا أنها عادت إلى الواجهة أخيرًا، مع تصاعد الضغوط الدولية على إيران وتشديد الرقابة على حركة النفط في المنطقة.

فرضت الولايات المتحدة، خلال الشهر الماضي، عقوبات جديدة على إيران، حيث استهدفت لأول مرة مصفاة نفط خاصة في الصين، كونها أكبر مشتر للنفط الإيراني، وتأتي هذه الخطوة ضمن الجولة الرابعة من العقوبات الأميركية على مبيعات النفط الإيرانية.

وجاءت العقوبات بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فبراير/شباط الماضي استئناف سياسة “أقصى الضغوط” على طهران، من أجل وقف صادراتها من النفط كاملا، لمنعها من تطوير سلاح نووي وتمويل الجماعات المسلحة، وفق مسؤولين أميركيين.

يأتي العهد الجديد من العقوبات ضمن سياق طويل من الإجراءات التي بدأت منذ الثورة الإيرانية عام 1979، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات تدريجية على إيران.

وبلغت هذه العقوبات ذروتها بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 2018 أثناء ولاية الرئيس ترامب السابقة، واستهدفت أساسا قطاع النفط، مما حال دون قدرة طهران على تصدير نفطها إلى الأسواق العالمية، وألحق ذلك ضربة قاسية بالاقتصاد الإيراني الذي يعتمد أساسا على العائدات النفطية.

تحسب لغضب بكين

يرى محللون، أن الولايات المتحدة اتبعت إستراتيجية متدرجة لفرض العقوبات، وتجنبت فرض إجراءات على بنوك صينية كبيرة تدعم المعاملات مع إيران، لتجنب استفزاز بكين برد اقتصادي.

وبحسب الرئيس التنفيذي لمجموعة “رابيدان إنيرجي” البحثية، سكوت موديل، فمن الواضح أن الولايات المتحدة تتبع إستراتيجية تهدف إلى استخدام الصين كوسيلة للضغط على إيران، إذ يتم تطبيق الحد الأدنى من الضغوط في البداية، مع تعزيز هذه الجهود تدريجياً حتى الوصول إلى اتفاق نووي مع طهران.

ولم تقتصر العقوبات على قطاع النفط فقط، بل طالت أيضًا القطاع المصرفي، واستهدفت العقوبات 50 بنكًا، إلى جانب شركات أجنبية ومحلية تابعة لها.

وكان بنك ملي في صدارة البنوك التي خضعت للعقوبات، بسبب مزاعم تورطه في تحويل الأموال إلى الجماعات المسلحة في العراق ودعمه كيانات مرتبطة بالجيش الإيراني منذ منتصف عام 2000.

وفي إطار هذه الإجراءات المتسارعة، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 12 كيانا، وحظرت 8 سفن قالت، إنها ضالعة في شحن ملايين براميل النفط الإيراني إلى الصين، وتُعد هذه السفن جزءًا من “أسطول الظل” الإيراني الذي يزود مصافي القطاع الخاص.

كما شملت العقوبات 12 مؤسسة تابعة لبنك ملي، إضافة إلى بنوك أخرى، مثل بنك آرين، وبنك المستقبل وبنك تنمية الصادرات الإيراني، إلى جانب شركة السمسرة التابعة له، وبنك التنمية الدولي، وبنك الاستثمار الإيراني الفنزويلي.

وبناءً على هذه الإجراءات، يخضع أكثر من 700 فرد ومؤسسة إيرانية، إضافة إلى طائرات وسفن، للعقوبات بما فيها أكثر من 70 بنكًا ومؤسسة مالية إيرانية وشركاتها التابعة، وفقًا لوزارة الخزانة الأميركية.

كما فرضت الوزارة عقوبات على بنك غافامين لدعمه المالي والمادي قوات إنفاذ القانون الإيرانية، وبنك سيباه على تقديمه دعمًا لوجستيًا لوزارة الدفاع الإيرانية.

وشملت العقوبات أيضًا بنك الصناعة والتعدين وبنك بوست، بسبب تقديمهما خدمات مالية لبنك سيباه، بما فيها تحويلات مالية كبيرة من الريال الإيراني إلى اليورو.

وتؤكد الوزارة، أن هذه الإجراءات تأتي ضمن جهود الولايات المتحدة للحد من قدرة إيران على تطوير سلاح نووي وصواريخ بالستية، فضلًا عن ردع الأنشطة التي وصفها المسؤولون الأميركيون بـ”الخبيثة” في المنطقة.

وفي هذا السياق، صرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، أن “النظام الإيراني لا يزال يركز على استغلال عائداته النفطية لتمويل تطوير برنامجه النووي وإنتاج الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة، إلى جانب دعم الجماعات الإرهابية الإقليمية التابعة له”.

وأضاف، أن بلاده ملتزمة باستهداف أي محاولة من جانب إيران لتأمين التمويل لهذه الأنشطة الخبيثة.

التفاف أم تكيف مع العقوبات؟

تحاول إيران باستمرار تطوير أساليب جديدة للالتفاف على العقوبات الأميركية، من خلال التهريب، واستخدام ناقلات “شبحية” لا يمكن تعقبها بسهولة.

ورغم الجهود المبذولة لكشف هذه العمليات، إلا أن طهران تمكنت من بيع جزء من نفطها في السوق السوداء، وأقرّ مسؤولون إيرانيون بوجود أساليب غير تقليدية للتغلب على العقوبات الأميركية.

واعتمدت طهران على عدة إستراتيجيات للالتفاف على العقوبات، أبرزها:

تهريب النفط في ناقلات شبحية:

كشف تقرير لوكالة رويترز في فبراير/شباط الماضي، أن إيران تستخدم ناقلات نفط تُعرف بـ”الناقلات الشبحية” في عمليات التهريب لتفادي العقوبات الدولية. هذه الناقلات لا ترفع أعلامًا واضحة، وتغير هويتها دوريا، بما فيها أسماء السفن وأرقام التعريف البحرية، بهدف التهرب من أنظمة التتبع والرصد.

وتعتمد بعض هذه السفن أيضًا على التحايل باستخدام أعلام دول أخرى، أو بنقل شحنات النفط إلى سفن أخرى في المياه الدولية، ما يزيد من صعوبة تعقب المصدر الحقيقي للنفط.

استخدام العملات المشفرة:

اتجهت إيران إلى استخدام العملات المشفرة لتجاوز القيود على التحويلات البنكية، إذ يؤكد خبراء، أن العملات المشفرة ساعدت في تحويل الأموال بين إيران ودول مثل الصين وروسيا، بعيدًا عن النظام المصرفي العالمي المراقب.

وفي فبراير/شباط الماضي، أفادت وكالة رويترز، أن الريال الإيراني تراجع إلى مستويات قياسية مقابل الدولار الأميركي، مما دفع الإيرانيين إلى اللجوء لشراء العملات الأجنبية والذهب والعملات المشفرة لحماية مدخراتهم. ويُعتقد أن هذا التوجه يمثل وسيلة للتحايل على العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد.

وأضافت الوكالة، أن إيران قامت في 9 أغسطس/آب 2022 بأول طلب استيراد رسمي باستخدام العملات المشفرة، وهو خطوة قد تساعدها على تجاوز العقوبات.

ووفقًا لتحليلات رويترز، فإن إيران تستحوذ على نحو 4.5% من عمليات تعدين البيتكوين العالمية، مما يسمح لها بجني مئات الملايين من الدولارات من العملات المشفرة، والتي يمكن استخدامها لشراء الواردات وتخفيف تأثير العقوبات.

تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين وروسيا:

عملت إيران على تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الصين وروسيا، اللتين لم تلتزما بشكل كامل بالعقوبات الأميركية. ومع ذلك، لم تتمكن إيران من تعويض السوق الغربية كاملا، حيث لا يزال النفط الإيراني يواجه قيودًا في الوصول إلى أسواق رئيسية.

وفقًا لوكالة بلومبيرغ، استأنفت بعض المحطات الخاصة في موانئ الصين استقبال شحنات النفط من إيران وروسيا، مما ساعد على تجاوز العقوبات النفطية.

كما أشارت الوكالة في تقريرها الذي نشرته في فبراير/شباط الماضي إلى أن مدينة دونغ ينغ في مقاطعة شاندونغ أصبحت واحدة من الموانئ الرئيسية لاستقبال شحنات النفط من إيران وروسيا.

ومع ذلك، تراجعت صادرات النفط الإيرانية من 2.7 مليون برميل يوميًا إلى أقل من 500 ألف برميل بفعل العقوبات الأميركية، لكن إيران نجحت في تجاوز هذه القيود بأساليب مثل “الناقلات الشبحية”، وفقًا لمعهد واشنطن للدراسات.

وتظهر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن إيران حققت صادرات نفطية بقيمة 53 مليار دولار في 2023 مقارنة بـ54 مليار دولار في 2022، بينما بلغ إنتاجها في 2024 أعلى مستوياته منذ 2018.

وفي هذا السياق، أعلنت شركة “تانكر تراكرز” المتخصصة في تتبع الشحنات البحرية، أن صادرات النفط الإيراني التي شهدت تباطؤًا في النصف الأول من ديسمبر/كانون الثاني 2024، قد شهدت زيادة كبيرة بعد ذلك، مما يعكس فاعلية الأساليب التي اتبعتها إيران في تجاوز العقوبات.

ومع ذلك، كان لهذه الإجراءات تبعات اقتصادية قاسية، حيث انهارت قيمة الريال الإيراني إلى مليون و39 ألف ريال مقابل الدولار في مارس/آذار 2025، وارتفع التضخم إلى 236.3% في أبريل/نيسان 2024.

في هذا السياق، يرى المحلل السياسي العراقي واثق الجابري، أن “إيران جعلت من إستراتيجيات الالتفاف على العقوبات أكثر إبداعا”.

تداعيات العقوبات على العراق

على الطرف المقابل، وجدت الحكومة العراقية نفسها في موقف حساس للغاية في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على إيران. فمن جهة، تعتمد بغداد اعتمادا كبيرا على طهران في إمدادات الغاز والكهرباء والتجارة الحدودية، ومن جهة أخرى، تواجه ضغوطًا أميركية كبيرة تدعوها إلى تقليص هذا التعاون.

ومنذ عام 2017، أصبح استيراد الغاز الإيراني جزءًا أساسيًا من تأمين إمدادات الطاقة في العراق، وفي مارس/آذار 2025، وقع العراق اتفاقًا جديدًا مع إيران لاستيراد 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا لمدة 5 سنوات.

ومع وصول إدارة ترامب إلى السلطة، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا، حيث أضافت العقوبات الأميركية تحديات جديدة للعراق في كيفية التعامل مع إيران، خاصة في مجال الطاقة، فقد تسببت هذه العقوبات في انقطاع الغاز الإيراني بشكل متكرر، مما أثر تأثيرا كبيرا على إنتاج الكهرباء في العراق، وهدد بتفاقم الأزمة في الصيف المقبل.

وفي هذا الصدد، تجد بغداد نفسها في مواجهة صعوبة حقيقية في الحفاظ على توازن علاقاتها مع طهران وسط هذه الضغوط الدولية، وأكدت التزامها بتطبيق العقوبات، ونفت أي صلة رسمية لها بمحاولات إيران تجاوزها.

وبينما تراقب الولايات المتحدة هذه العمليات، فإنها تحذر من فرض عقوبات على أي طرف يتعاون مع إيران في هذا المجال، مما يزيد من تعقيد الموقف بالنسبة للعراق.

ويوضح الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، زياد العرار، أن العراق يتأثر تأثرا كبيرا بالعقوبات الأميركية على إيران، لا سيما في قطاع الطاقة، ولم تتمكن بغداد من إيجاد بدائل فعالة للطاقة الإيرانية، مما قد يؤدي إلى أزمة في الصيف المقبل نتيجة نقص إمدادات الغاز.

وأضاف العرار، في حديثه للجزيرة نت، أن “العقوبات الأميركية أضعفت نفوذ إيران في لبنان وسوريا، لكن في العراق، لا يزال النفوذ الإيراني قويًا بفضل العلاقات الوثيقة التي تربط إيران بعدد من الشخصيات المؤثرة في السلطة العراقية. وبذلك، فإن العراق لا يزال في قلب الصراع الأميركي الإيراني”.

في ضوء ما سبق، تظهر العقوبات الأميركية على إيران كأداة رئيسية للضغط على طهران ومع مرور الوقت، أصبح تأثيرها عابرا للحدود، وخاصة إلى العراق.

Source: Apps Support