“مؤشرات اقتصادية: من عصر ترامب الذهبي إلى تحديات جنوب السودان”

هل اقترب عصر الاقتصاد الذهبي لدى ترامب؟

بعد أن وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يومه الأول بالبيت الأبيض ببدء “عصر ذهبي” للاقتصاد الأميركي، يبدو أن هذا الوعد سيستغرق وقتا أطول بكثير مما وعد به خلال حملته الانتخابية.

ووفقا لتقرير مطوّل نشرته وكالة بلومبيرغ، بدأ مسؤولو إدارته بالتراجع عن توقّعات التفاؤل السريع، مشيرين إلى أن التحوّل الاقتصادي قد يحتاج إلى “ستة أشهر إلى سنة” على الأقل حتى تظهر نتائجه.

مؤشرات ضعيفة وتبريرات مستمرة

وقال ترامب، في مقابلة إذاعية مع فوكس نيوز في فبراير/شباط الماضي، “بايدن دمّر بلدنا وسنحتاج إلى وقت لإصلاح ما فعله”. وأكد وزير الخزانة سكوت بيسنت أن “البلاد لا تزال تعاني من آثار بايدنفلايشن”، في حين رأى وزير التجارة هوارد لوتنيك أن تأثير ترامب الكامل لن يظهر قبل الربع الأخير من العام الحالي.

لكن ما يعقّد الوضع هو ارتباط المخاطر الاقتصادية المتزايدة -من تباطؤ النمو إلى احتمالات الركود وحتى الركود التضخمي- بسياسات ترامب نفسها، وتحديدا موجة الرسوم الجمركية الجديدة التي يُفترض أن تبدأ في الثاني من أبريل/نيسان المقبل.

انعدام ثقة المستهلكين والأسواق تتراجع

ويرى اقتصاديون أن تقلبات سياسة ترامب التجارية، خصوصا الرسوم الجمركية العشوائية، تُعد من أبرز أسباب تراجع ثقة المستهلكين. وسجلت بيانات جامعة ميشيغان انخفاضا حادا في مؤشرات الثقة، مع قفزة في توقعات التضخم لأجل طويل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1993.

وقد انعكس هذا القلق في الأسواق أيضا، حيث شهدت وول ستريت خسائر تقدّر بـ5 تريليونات دولار. ووفق استطلاع “إن بي سي نيوز”، فإن غالبية الناخبين المسجلين يعارضون طريقة ترامب في إدارة الاقتصاد وتكلفة المعيشة.

وقالت كيمبرلي كلاوسنغ، المسؤولة السابقة في وزارة الخزانة تحت إدارة بايدن، في حديث لبلومبيرغ “الإدارة الحالية تتحمّل مسؤولية هذه الفوضى منذ اللحظة التي بدأت فيها بإطلاق التهديدات الجمركية”.

ترامب يطالب الفدرالي بالتدخل

وفي محاولة لصرف الانتباه عن التدهور الاقتصادي، نشر ترامب مساء أمس الخميس عبر منصته “تروث سوشيال”: أسعار البيض والبنزين انخفضت بشكل كبير.. إذا قام الاحتياطي الفدرالي بخفض أسعار الفائدة سيكون ذلك رائعا!!!

لكن رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول لم يبدِ حماسة لهذه الدعوة، محذّرا من أن الرسوم الجمركية قد تعرقل جهود السيطرة على التضخم، وقال “بدأ التضخم بالارتفاع، ونعتقد أن الرسوم الجمركية أحد الأسباب، وقد تؤخّر التقدّم”.

من يتملك الاقتصاد الحالي؟

ورغم محاولات ترامب التنصّل من التباطؤ الاقتصادي، فإن مؤشرات الإنفاق الاستهلاكي ومبيعات التجزئة تشير إلى ضعف ملحوظ، في حين أن بعض المؤشرات -مثل إنتاج المصانع- شهدت ارتفاعا طفيفا، وفسّرها البيت الأبيض بأنها نتيجة لما وصفوه بـ”إعادة التصنيع المحلي”، إلا أن محللين رأوا أنها مجرد خطوة استباقية لتجنب الرسوم الجديدة.

وفي هذا السياق، قال ستيفن ميران رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة ترامب “لا يمكن الحكم على الاقتصاد من حيث الزمن، بل من حيث تنفيذ السياسات”.

وتحاول إدارة ترامب التعجيل بإقرار سلسلة تخفيضات ضريبية جديدة لتخفيف أثر الرسوم، تشمل إعفاءات على الدخل الإضافي، والبقشيش (المكافأة)، ومدفوعات الضمان الاجتماعي.

لكن تقريرا من مكتب الميزانية في الكونغرس خلص إلى أن الأثر التحفيزي الأكبر يظل لتخفيضات ضرائب الشركات، وليس للأفراد.

وحذّرت الخبيرة الاقتصادية ستيفاني روث من مخاطر السياسات الحالية قائلة “الرسوم الجمركية تمثل مخاطرة حقيقية بركود تضخمي، وتكاد تلتهم أي فوائد محتملة من إصلاحات ضريبية لاحقة”.

أما مستشار البيت الأبيض السابق بيتر نافارو، فقال إن الرسوم لن تكون تضخمية إلا إذا طُبقت لفترات طويلة، مشيرا إلى أن “ترامب يستخدمها فقط لأغراض التفاوض”.

ورغم محاولات ترامب وفريقه تبرير التباطؤ الاقتصادي والتضخم بتحميل الإدارة السابقة المسؤولية، فإن المؤشرات الحالية توحي بأن الاقتصاد الأميركي، الذي وعد الرئيس بتحقيق “معجزة اقتصادية” فيه، قد يواجه اضطرابات أطول وأعمق مما توقّعه الناخبون، مما يترك الباب مفتوحا أمام انتقادات الخصوم السياسيين في العام الانتخابي القادم.

Source: Apps Support


ستراتفور: جنوب السودان يندفع نحو حرب أهلية جديدة

يشهد جنوب السودان تصعيدا سياسيا وعسكريا يهدد بانهيار اتفاق السلام لعام 2018، وتجدد الحرب الأهلية، وفقا لموقع ستراتفور الأميركي.

وقد حذر الموقع، في تحليل له، من أن التوترات بين الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار تصاعدت على أثر اعتقال كير لحلفاء لمشار، واستيلاء مليشيا “الجيش الأبيض” (المرتبطة بإثنية مشار – النوير) على بلدة نصير، وما تلا ذلك من شن القوات الموالية لكير غارات جوية في ولاية أعالي النيل أودت بحياة 23 شخصا.

وثمة عوامل عدة قد تدفع نحو هذا التصعيد كتعليق مشار مشاركته في لجان الأمن، ووقف إطلاق النار، وما يشاع عن تدخل للقوات الأوغندية لصالح كير، ناهيك عن الاصطفاف المزعوم لكلا الطرفين مع هذا الفريق أو ذاك في الأزمة السودانية، إذ يتحالف كير مع الدعم السريع ومشار مع الجيش السوداني.

وتأتي هذه التطورات في ظل اعتماد جنوب السودان على النفط لتغطية أكثر من 95% من إيراداته، مع تأثر الإنتاج بخسارة أحد خطوط الأنابيب الرئيسية جراء حرب السودان، مما تسبب في تعرض الجيش والقطاع العام لتأخيرات كبيرة في دفع الرواتب نتيجة انخفاض العائدات.

ولا يزال اتفاق السلام لعام 2018 هشا، مما ينذر بتدهور الوضع وانزلاق البلد لحرب أهلية شاملة إذا ظلت التوترات الكامنة بين كير ومشار دون حل.

وثمة شكوك من احتمال التدخل العسكري من السودان وأوغندا وجهات فاعلة إقليمية أخرى مما يزيد من تعقيد الصراع، مع احتمال انتشار العنف في جميع أنحاء شمالي شرقي أفريقيا بما في ذلك إثيوبيا، وهو ما قد يخلق أزمة إقليمية خطيرة.

وقد حذر موقع ستراتفور من أن الحرب الأهلية قد تتجدد في جنوب السودان الأسابيع المقبلة إذا لم يتم احتواء الموقف.

ومع ذلك، يقول الموقع: كما لوحظ في الأزمات السابقة بين كير ومشار لا تزال الوساطة ممكنة، والتي قد تؤدي على سبيل المثال إلى إطلاق كير سراح حلفاء مشار مقابل انحياز مشار ضد الجيش الأبيض.

ولكن حتى لو أمكن تجنب انهيار اتفاق السلام لعام 2018، فمن غير المرجح أن يُلقي الجيش الأبيض سلاحه سلميا، وتُظهر الغارات الجوية الأخيرة أن حكومة كير عازمة على استعادة ناصر وغيرها من المناطق التي استولت عليها مليشيا النوير بالقوة إذا لزم الأمر.

وردا على ذلك، قد يشن الجيش الأبيض هجمات جديدة على المواقع الموالية للحكومة في أماكن أخرى من ولاية أعالي النيل، بهدف التواصل مع القوات الصديقة في السودان والاستيلاء على مناطق يسكنها النوير في ولايتي جونقلي والوحدة في وسط البلاد أو أحد الأمرين، مما يُنذر بمزيد من الاشتباكات في شمالي شرقي جنوب السودان في الأسابيع المقبلة.

في المقابل، من المرجح أن تُوسّع قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية مع المليشيات المتحالفة معها نطاق تدخلها العسكري في ولاية أعالي النيل في الأسابيع المقبلة، بهدف تفوق أحدهما على الآخر.

ومن شأن هذا أن يهدد بنقل الحرب الأهلية في السودان إلى ولاية أعالي النيل في جنوب السودان، وهو ما من شأنه أيضا أن يزيد من خطر انتقال العنف إلى منطقة جامبيلا في جنوبي غربي إثيوبيا إذا استخدم الجيش الأبيض المنطقة قاعدة خلفية، وفق ستراتفور.

Source: Apps Support


اليابان والصين وكوريا الجنوبية تتفق على تعزيز السلم والتعاون

اجتمع وزراء خارجية اليابان والصين وكوريا الجنوبية في طوكيو -اليوم السبت- ساعين إلى إيجاد موقف مشترك بشأن الأمن في منطقة شرق آسيا والقضايا الاقتصادية وسط تزايد حالة الضبابية العالمية.

وقال وزير الخارجية الياباني تاكيشي إيوايا خلال الاجتماع في طوكيو مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي ووزير خارجية كوريا الجنوبية تشو تاي يول إن الدول الثلاث اتفقت على أن السلم في شبه الجزيرة الكورية مسؤولية مشتركة، وتعهدوا بتعزيز التعاون وجعل شبه الجزيرة الكورية منزوعة السلاح النووي.

واعتبر إيوايا في إعلان مشترك عقب الاجتماع أنه “في ظل الوضع الدولي بالغ الخطورة، أعتقد أننا قد نكون بالفعل عند نقطة تحول تاريخية”، مشيرا إلى أن الدول الثلاث اتفقت على تسريع التحضيرات لقمة ثلاثية في اليابان، تتضمن أيضا محادثات بشأن كيفية تعامل طوكيو وبكين وسول مع انخفاض معدلات المواليد وشيخوخة السكان.

من جهته، قال وزير خارجية كوريا الجنوبية تشو تاي يول -السبت- إن الدول الثلاث أكدت مجددا أن إرساء السلم والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية هو مصلحة مشتركة ومسؤولية مشتركة، وشددت على وجوب وقف التعاون العسكري غير القانوني بين روسيا وكوريا الشمالية فورا.

وبدوره، قال وزير الخارجية الصيني إن هذا العام يصادف الذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية، مؤكدا أنه “لا يمكننا بناء مستقبل أفضل إلا بالتأمل الصادق في التاريخ”.

وأضاف وانغ أن تعزيز التعاون سيسمح للدول “بمقاومة المخاطر معا”، بالإضافة إلى تعزيز “التفاهم المتبادل” بين شعوبها، مشيرا إلى أن عدد سكان الدول الثلاث مجتمعة ما يقرب من 1.6 مليار نسمة، ويتجاوز الناتج الاقتصادي لها 24 تريليون دولار، وبفضل أسواقنا الواسعة وإمكاناتنا الهائلة، يمكن أن يكون لنا تأثير كبير”.

وشدد على أن الصين ترغب في استئناف محادثات التجارة الحرة مع جيرانها وتوسيع عضويتها في الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة التي تضم 15 دولة.

يأتي هذا الاجتماع الأول من نوعه لوزراء خارجية هذه الدول منذ 2023 في الوقت الذي يغير فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحالفات راسخة منذ عقود، مما قد يفتح الباب أمام الصين لتوثيق علاقاتها مع دول تحالفت مع واشنطن لفترات طويلة.

انقسامات عميقة

ومع ذلك، لا تزال هناك انقسامات عميقة. فهناك خلافات لبكين مع طوكيو وسول بشأن عدة قضايا رئيسية، منها دعم كوريا الشمالية وتكثيف نشاطها العسكري حول تايوان ودعمها لروسيا في حربها مع أوكرانيا.

وهناك نظرة مشتركة لدى كل من اليابان وكوريا الجنوبية، وهما من حلفاء الولايات المتحدة وتستضيفان آلاف الجنود الأميركيين، بأن الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يتزايد تهديدها لأمن المنطقة.

وقال تشو إنه طلب من الصين خلال الاجتماع المساعدة في إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن أسلحتها النووية.

وأضاف “شددت أيضا على ضرورة وقف التعاون العسكري غير القانوني بين روسيا وكوريا الشمالية فورا، وعلى عدم مكافأة كوريا الشمالية على أخطائها في مساعي إنهاء الحرب في أوكرانيا”.

ومن المقرر أن يجتمع إيوايا بشكل منفصل مع نظيريه الصيني والكوري الجنوبي، وهو ما يشمل أول حوار اقتصادي رفيع المستوى مع بكين منذ 6 سنوات.

وكان إيوايا قال قبل أيام إن الاجتماع مع نظيره الصيني سيشمل مناقشة حظر واردات المأكولات البحرية اليابانية الذي فرضته بكين بعد تسرب مياه الصرف الصحي من محطة فوكوشيما النووية المدمرة اعتبارا من 2023.

Source: Apps Support


المعروك.. هل صار أكل الملوك فعلا في سوريا؟!

“أكل الملوك يا معروك” هكذا اعتاد باعة المعروك النداء عليه في أسواق دمشق ومحلاتها من عشرات السنين لكنهم لم يكونوا يتخيلون أن يصبح كلامهم ونداؤهم هذا على الحقيقة لا على سبيل المدح فحسب.

المعروك هو الكعكة الدمشقيّة التي لا تغيب عن موائد الأسر الدمشقيّة في شهر رمضان بحيث أصبحت جزءًا من التقليد الغذائيّ الرمضانيّ الذي يعد رمضان ناقصًا إن غابت عن موائدهم فيه.

“المعروك” والذي يقال له أيضًا خبز رمضان، هو أكله شامية معروفة منذ أكثر من قرن، وهي ضربٌ من الحلوى المخبوز ما بين الخبز والكعك، ولقد اشتقت كلمة “معروك” من “العرك” أي الخلط بشكل جيد حتى تصبح متماسكة، ففي القديم كان المعروك يحضر يدويا لعدم وجود آلة العجن وقتها.

أمّا عجينة المعروك التقليديّة فإنّها تتكون من مادة الطحين يضاف إليها الزيت النباتيّ والقليل من الحليب السائل والمحلب الناعم والسمن البلدي والماء والسكّر، حيث تعجن وتخلط جيدا، ثم تترك لمدة ساعة أو أكثر حتى تختمر وتصبح جاهزة للاستعمال، وبعد ذلك تفرد على “الصاجات” وتوزع حسب الحجم والوزن المطلوب، ويتنوع حجم ووزن أقراص المعروك بين الحجم الصغير والحجم العائلي الكبير، فهي توجد بـ3 أوزان عادة؛ ربع كيلو أو نصف كيلو أو كيلو، ثم يرش على وجهها السمسم وتدخل إلى فرن الخبز حتى تنضج، وبعد نضجها تدهن بالزيت حتى تبقى طرية ولامعة.

الخبز الملوكي أم خبز الفقير؟

ولا تتوقف أنواع المعروك على “النوع السادة” الخالي من أيّة إضافات بل غدت منه أنواع متعددة فهناك الصنف “الملوكي” وهو الذي يضاف إليه جوز الهند والزبيب وماء الزهر، هذا النوع مرغوب أكثر من غيره في شهر رمضان لاحتوائه على السكر والطعم الحلو والفستق المبشور.

حيث يشعر الصائم طيلة النهار بحاجة إلى هذا النوع المحلى إذ يفقد الكثير من السعرات الحرارية، ومن الأنواع ذائعة الصيت للمعروك؛ المعروك بالعجوة، ويكون محشوًا بالتمر، ومؤخرًا بدأت المخابز تنتج أنواعا جديدة من المعروك تتفنن فيها كالمعروك المحشو بأنواع متعددة من الشوكولا، والمعروك بالقشطة، والمعروك بالجبنة، والمعروك بالفواكه.

المعروك الذي كان يطلق عليه أيضًا “خبز الفقير” وينادى عليه “أكل الملوك يا معروك” جبرًا لقلوبهم ونفوسهم غدا مع الأزمة الاقتصاديّة الخانقة -التي تعيشها البلاد المنهكة من آثار الحروب والاستبداد التي تراكمت عبر عقود قبل أن تتنفس عبير الحريّة- أكل الملوك فعلًا وغاب عن موائد كثير من الدمشقيين في الأعوام الأخيرة وفي هذا العام أيضًا.

ارتفاع الأسعار

لقد ارتفعت أسعار حبّة المعروك ارتفاعًا يمنع المواطن متوسط الحال من شرائها، فقد بلغ سعر الواحدة المحشوة بجوز الهند والزبيب، قرابة 35 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 3 دولارات ونصفا تقريبًا، وقد يصل سعر بعض الأنواع المحشوة إلى ما يقارب 50 ألف ليرة سوريّة.

أحمد: صاحب محل معجنات وحلويات في المزة، عند سؤاله عن أحوال بيع المعروك هذا العام زفر زفرة حرّى وقال قبل أن يجيب، الله يعين النّاس، ثمّ أردف قائلًا: في السنوات الأخيرة لا نخبز أكبر من 30 كيلو من الطحين في حين كنا قبل أن تشتد الأزمة نخبز أكثر من 100 كيلو، أي أنّنا نخبز 30% مما نخبزه عادة والسبب في ذلك هو عزوف النّاس عن الشراء بسبب ارتفاع الأسعار، فحركة البيع انخفضت 70%، وارتفاع الأسعار سببه قلة المواد الأوليّة في السوق وارتفاع أسعارها بحسب أحمد.

أمّا رامي فهو بائع معروك على بسطة يقف على أحد الأرصفة القريبة من سوق الحميديّة في دمشق، وعند سؤاله عن حركة البيع للمعروك أجاب: “كنت زمان أبيع كل يوم أكثر من بسطتين، أما اليوم فأنا بالكاد أبيع نصف بسطة في اليوم”، “النّاس ما معها مصاري” هكذا عبّر رامي عن ضعف الحركة الشرائية وعزوف الناس عن شراء المعروك.

أمّا أم محمد وهي السيدة الدمشقيّة الستينيّة عند سؤالها عن المعروك هذه السنة فأجابت: “من أكثر من خمس سنين ما عاد جبنا معروك إلا بأوقات قليلة جدًا، كنّا زمان ما يغيب المعروك عن سفرة الفطور والسحور، ومعروك الزبيب ومعروك العجوة ما كان يغيب عنا أبدًا، لكن صار المعروك غالي جدًا وما في مجال” وعن سؤالها عن شعورها بغياب المعروك عن مائدة رمضان أجابت بغصّة: “بنحس رمضان ناقص”

رمضان في دمشق هذه السنة فقد الناس فيه الكثير من عاداتهم بل تنازلوا عنها قسرًا تحت وطأة الحاجة وسوء الأحوال المعيشيّة وقلة السيولة الماليّة، غير أنّهم ما زالوا متمسكين بإرادتهم للحياة، مقبلين عليها، وهذا هو زادهم الحقيقيّ في مواجهة تحديات الحياة المتراكمة بعد التحرير والتخلص من وطأة الاستبداد وتركته الثقيلة.

Source: Apps Support


بدأت عام 1979.. تاريخ العقوبات الأميركية على سوريا

لم تتوقف الإدارة السورية الجديدة عن مطالباتها برفع العقوبات الأميركية عن سوريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، مؤكدة أن جرائم النظام السابق هي التي كانت سببا في العقوبات وقد زال، وبالتالي زال على إثره السبب الموجب لها.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد رفعت مؤقتا بعض العقوبات، في صيغة استثناءات، لكنه من المستبعد أن تسفر هذه الاستثناءات عن أثر ملموس على حياة السوريين حسب خبراء، بسبب حجم وكمية العقوبات المدججة بسلسلة من القوانين والأوامر التنفيذية الصادرة عن الكونغرس ووزارة الخزانة الأميركية.

يستعرض هذا التقرير سلسلة العقوبات الأميركية التي صدرت بحق سوريا على مدى عقود، والمراحل التي مرت بها قبل أن تصل ذروتها في قانون قيصر، حيث يمكن تمييز مرحلتين رئيسيتين، الأولى قبل 2011 والثانية بعد اندلاع الثورة السورية في العام المذكور.

العقوبات الأميركية قبل 2011

فرضت الولايات المتحدة أولى عقوباتها على سوريا في ديسمبر/كانون الأول 1979، عندما أدرجتها على قائمة الدول الراعية للإرهاب، بسبب دعم دمشق المعلن لبعض فصائل المقاومة الفلسطينية وتدخلها العسكري في لبنان.

ونتج عن التصنيف فرض حظر شامل على صادرات الأسلحة والمبيعات الدفاعية لسوريا، وقيود على تصدير الولايات المتحدة المواد ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.

وفي عام 2004، كانت سوريا على موعد مع أول حزمة قانونية أميركية فرضت عقوبات متعددة المستويات، حيث أقرّت إدارة الرئيس جورج بوش الابن عام 2003 قانون “محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية”، وبدأ تطبيقه رسميًا في مايو/أيار 2004 وذلك بهدف إنهاء الوجود السوري في لبنان، ومعاقبة نظام الأسد على تسهيل عبور المقاتلين والأسلحة من سوريا إلى العراق إبان الغزو الأميركي.

في الجانب العسكري، تتضمن العقوبات حظر ومراقبة استيراد نظام الأسد لأي مواد يمكن أن تُسهم في الصناعات العسكرية.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، تم تقييد حركة البعثة الدبلوماسية السورية في واشنطن ونيويورك وتقليل الاتصالات الدبلوماسية بين البلدين.

أما على المستوى الاقتصادي، فقد شمل الحظر منع شركات الطيران المملوكة للدولة السورية من الإقلاع أو الهبوط أو التحليق فوق الأراضي الأميركية، وحظر تصدير جميع المواد المنتجة في أميركا، باستثناء المواد الغذائية والطبية.

وسحبت الولايات المتحدة الأميركية سفيرتها في دمشق مارغريت سكوبي عام 2005، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

وفي إطار التفويض الممنوح للرئيس الأميركي بموجب قانون محاسبة سوريا، أصدر بوش قرارات لاحقة سمى فيها 20 مواطنًا سوريًا وشركات سورية بعينها، حُظر عليهم النفاذ إلى النظام المالي الأميركي على خلفية تورطهم في “أنشطة إرهابية تزعزع استقرار العراق ولبنان”.

وتوسعت العقوبات في عام 2006 مرة أخرى ولكن بموجب قانون مكافحة الإرهاب الأميركي باتريوت، لتشمل القطاع المصرفي السوري، حيث استهدفت بشكل مباشر البنك التجاري السوري.

وحظرت كافة أنواع التعاملات المالية بين البنوك الأميركية والبنك التجاري السوري، وقد تم تجديد هذا القانون مرة أخرى من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما في مايو/أيار 2010.

وبعد وصول الرئيس باراك أوباما للسلطة في واشنطن عام 2009، رفعت إدارته في فبراير/شباط 2010 العقوبات الدبلوماسية وقام بتعيين الدبلوماسي روبرت فورد كأول سفير أميركي في دمشق منذ 2005، ولكنها جددت بقية العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانوني محاسبة سوريا وباتريوت.

العقوبات الأميركية بعد الثورة

اتسمت مرحلة ما بعد العام 2011 بفرض عقوبات متتالية بلغت ذروتها عام 2020 مع إقرار قانون قيصر، وتنوعت بين القوانين التي يقرها الكونغرس وبين الأوامر التنفيذية الصادر عن الإدارة الأميركية.

بدأت أولى العقوبات الأميركية المفروضة على النظام السوري السابق على خلفية قمعه للثورة عام 2011 باستهداف مسؤولين حكوميين وشخصيات نافذة، وسرعان ما توسعت خلال الأشهر التالية لتشمل القطاعات الاقتصادية الأساسية بهدف الضغط على النظام لتغيير سلوكه.

مع انطلاق الثورة السورية، استدعت الولايات المتحدة سفيرها في دمشق، في أكتوبر/تشرين الأول 2011، بعدما قالت إن هناك تهديدًا جديًا على سلامته إن بقي في دمشق، وأصبحت العلاقات الأميركية الدبلوماسية مع نظام الأسد مجمدة حتى سقوطه.

بدأت العقوبات الأميركية تدريجيًا، منذ نيسان/أبريل 2011، واستهدفت مسؤولين عن “انتهاكات حقوق الإنسان”، أبرزهم قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري ماهر الأسد، ورئيس إدارة المخابرات العامة علي مملوك، ورئيس فرع الأمن العسكري في درعا عاطف نجيب، ابن خالة بشار الأسد، وفي مايو/أيار التالي، ضمت القائمة لأول مرة الرئيس المخلوع بجانب عدد آخر من قادة الجيش والأجهزة الأمنية المسؤولين عن القمع.

وفي أغسطس/آب 2011، فرضت الولايات المتحدة حظرا على قطاع النفط، وتجميد الأصول المالية لعدد من الشخصيات، فضلا عن الأصول المالية للدولة السورية نفسها.

وبالإضافة إلى ذلك، حظرت الولايات المتحدة تصدير السلع والخدمات الآتية من أراضي الولايات المتحدة أو من شركات أو أشخاص من الولايات المتحدة إلى سوريا، ويتعلق هذا الحظر بأي منتج يأتي على الأقل 10% من قيمته من الولايات المتحدة أو من مواطنيها.

بين عامَي 2012 و2014، توسعت العقوبات الأميركية لتشمل داعمي النظام الدوليين، مثل روسيا وإيران، حيث استهدفت بشكل رئيسي مسؤولين وكيانات غير سورية داعمة للنظام.

قانونا قيصر والكبتاغون

في السنوات الأخيرة، يعد قانونا قيصر أبرز وأقسى التشريعات الأميركية في منظومة العقوبات المفروضة على سوريا بعد عام 2011.

قانون قيصر، الذي دخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2020، صدر ضمن إطار دعم حقوق الإنسان، مستهدفًا نظام الأسد وحلفاءه الاقتصاديين والعسكريين.

وسُمّي القانون تيمنًا بـ”قيصر” وهو الاسم المستعار للمصور العسكري السوري فريد المذهان الذي انشق عام 2013 مسربا آلاف الصور التي توثق تعذيب ومقتل عشرات آلاف السوريين في سجون النظام.

ولا يقتصر القانون على فترة زمنية محددة، ويشمل عقوبات واسعة على قطاعات حيوية، أبرزها حظر التعامل مع النظام في مشاريع إعادة الإعمار، واستهداف الكيانات الداعمة للأسد، بما فيها الروسية والإيرانية.

وتكمن قسوته وفعاليته في أنه لا يعاقب داعمي النظام والأطراف المتعاملة معه فحسب، بل الأطراف الثالثة التي تتعامل مع هؤلاء، مما أدى إلى تعميق عزلة النظام وتجفيف موارده الاقتصادية.

ووضع قانون قيصر شروطا لرفع العقوبات، بينها وقف الغارات الجوية السورية والروسية ضد المدنيين، وإلغاء القيود المفروضة على توزيع المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة للنظام، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، والامتثال إلى المعاهدات الدولية المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، وتسهيل عودة اللاجئين، والبدء بعملية مساءلة حقيقية، ومصالحة وطنية تنسجم مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

أما قانون الكبتاغون، فقد أقرّه الكونغرس الأميركي على مرحلتين، تمّ إقرار القسم الأول منه في ديسمبر/كانون الأول 2022، بينما تمّت الموافقة على القسم الثاني باسم “الكبتاغون 2” في أبريل/نيسان 2024، لتعزيز تنفيذه عبر آليات عقوبات أكثر تفصيلا.

يركز قانون الكبتاغون بشكل خاص على مكافحة تجارة المخدرات التي يعتمد عليها النظام السابق كمصدر تمويل رئيسي، مستهدفًا شبكات إنتاج وتهريب الكبتاغون المتورّطة فيها شخصيات بارزة من النظام السابق ومليشياته، بهدف تجفيف مصادر التمويل غير القانونية للنظام عبر فرض عقوبات صارمة على الأفراد والكيانات المتورطة.

وحسب مراقبين وخبراء، مثلت عقوبات قانون قيصر والكبتاغون نقلة نوعية في الحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة على النظام السوري، بسبب شموليتها وتهديدها بمعاقبة أي طرف خارجي يسهم في دعم النظام.

رخص وإعفاءات سابقة

رغم أن واشنطن أقرت إعفاء من بعض العقوبات المفروضة على الدولة السورية بعد سقوط النظام،فإنه لم يكن الإعفاء الأول، فقد أقرت سابقا وخلال سريان العقوبات 3 أنواع للرخص والإعفاءات تتعلق غالبا بحيز جغرافي محدد وجهات محددة.

الأول هو عبارة عن ترخيص صدر لتركيا عام 2019، للعمل في المناطق غير الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، وذلك للسماح لها بتنفيذ مشاريع تنموية أو المساهمة فيها، في مجالات الطاقة والدفاع والزراعة والتعليم، على ألا تتعامل مع حكومة الأسد بشكل مباشر أو مع الأشخاص المُعاقبين.

الثاني عبارة عن رخص بسبب حالات طارئة، مثل جائحة كورونا عام 2019، حيث شمل الاستثناء من العقوبات، قطاع الوقاية والعلاج الطبي، من خلال السماح باستيراد المواد الطبية لمواجهة جائحة كورونا، وكارثة زلزال فبراير/شباط 2023، وشمل الاستثناء السماح بتحويل الأموال إلى سورية، على ألا يتم التحويل لأشخاص معاقبين حسب القوائم الأميركية.

أما الترخيص الثالث، فقد صدر في مايو/أيار 2022، وهو موجه لمناطق جغرافية في شمال شرق، وشمال غرب سورية، حيث استثنيت من العقوبات الأميركية قطاعات عديدة، مثل الاتصالات والبنية التحتية والتعليم واستيراد وتصدير بعض المواد، وما زالت الرخصة، بخلاف الرخص السابقة، سارية حتى الآن.

إعفاءات ما بعد الأسد

بعد الاتصالات التي أجرتها مع الإدارة الجديدة، أعلنت واشنطن عن الرخصة 24 التي تضمنت تخفيفا للعقوبات المفروضة على سوريا في بعض القطاعات لمدة 6 أشهر اعتبارا من 6 يناير/كانون الثاني، تسمحُ هذه الرّخصة بالعمل والتعاقد مع الحكومة السورية الجديدة في دمشق وتقديم المساعدة لها رغم أنّ الحكومة ما زالت حسب القانون الأميركي تتبعُ لمنظّمة مدرجة على لوائح الإرهاب الأميركيّة

وأوضحت الخزانة الأميركية، في بيان، أن هذه الخطوة جاءت “للمساعدة في ضمان عدم عرقلة العقوبات للخدمات الأساسية واستمرارية وظائف الحكم في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك توفير الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي”.

وشمل القرار السماح‏ للشركات والأطراف الدولية بالتعاقد مع الوزارات والهيئات والمديريات الحكومية السورية، باستثناء وزارة الدفاع والاستخبارات، وتقديم الخدمات والمساعدات، بما في ذلك الهبات المخصصة لدفع رواتب الموظفين الحكوميين.

وتسمح الإعفاءات للشركات بالدخول لإصلاح شبكات الكهرباء ومحطات الطاقة، كما تغطي المعاملات المرتبطة ببيع أو توريد أو تخزين النفط، والغاز الطبيعي، والكهرباء داخل سوريا أو إليها.

وتشمل الإعفاءات تسهيل تحويل الأموال الشخصية غير التجارية إلى سوريا، بما في ذلك عبر البنك المركزي السوري رغم أنه لا يزال غير مشمول برفع العقوبات ككيان.

‏ولم تشمل الإعفاءات قطاع الاتّصالات، بسبب الشبهات حيال الملكيّة الحقيقيّة لشركات الاتّصالات مثل سيرياتيل، كما أنها لا تشمل شخصيات النّظام وتُجّاره الفاسدين المدرجين على لوائح العقوبات الأميركيّة.

وفي إعفاء متمّم للرخصة 24، أصدرت الخزانة الأميركية، بعد أسبوعين قرارا يعفي الدّول قانونيّا من القيود التي قد تطالها جرّاء تقديم الدعم والمساعدات للدولة ‫السورية رغم أنّها ما زالت مصنّفة أميركيّا على أنّها “دولة داعمة للإرهاب”.

وجاء هذا الإعفاء لتمكن الدول الراغبة في تقديم العون لسوريا بناء على الرخصة 24 وتخشى من عواقب ذلك في ضوء استمرار تصنيف سوريا كدولة داعمة للإرهاب أميركيا، لأنّ الدّول التي تقدّم المساعدات للدول المصنّفة على هذه القائمة تحرمُ نفسها من الحصول على المساعدات الأميركيّة.

Source: Apps Support