هل نحن على مشارف صدام حتمي بين أميركا والصين؟
يعرّف السقوط الحرّ، اعتمادًا على الفيزياء الكلاسيكية التي وضعها العالم إسحاق نيوتن، أو اعتمادًا على نظرية النسبية العامة التي وضعها العالم ألبرت آينشتاين، بأنه سقوط الجسم باتجاه مركز الأرض من دون التأثير عليه بقوة أخرى غير القوة المكتسبة من الجاذبية الأرضية.
من يراقب سرعة تشظي العلاقة بين الصين وأميركا، يتخايل أنه أمام سقوط حرّ، حيث لا مفرّ فيه إلا بصدام مباشر بينهما. إذ مع تزايد الحملات العدوانية بين الصين والولايات المتحدة، بدأ كل جانب يرى أنه لا يفعل إلا ما يقتضيه الواجب، من رد فعل إزاء استفزازات الآخر وسلوكه السيئ، وينظم الاستعراض الملائم من قوة اقتصادية أو سياسية أو حتى عسكرية.
فتحت الولايات المتحدة الحرب على مصراعيها، وباتت كافة الوسائل مشروعة الاستخدام، لهذا تعتبر أنّ حرب القنوات البحرية يجب أن تندرج من ضمن إستراتيجيتها لمحاربة توسع النفوذ الصيني بالتوازي مع إستراتيجية رفع الرسوم الجمركية التي دفعت بكين للتنديد بها عبر ممثلها لي تشنيغانغ أمام منظمة التجارة العالمية. كما أن حرب البحار يجب أن تندرج ضمن أجندتها في مواجهة التنين الصيني، وأن أي توتر على الساحة الدولية هو بمثابة القوة الجاذبة نحو إشعال الحرب التجارية مع بكين.
وضعت واشنطن في حرب إسرائيل على غزة إستراتيجية تحاكي الوقوف التاريخي إلى جانب تل أبيب لدعمها في تحقيق أهداف الحرب، لهذا كانت لها السند الدبلوماسي كما العسكري.
ولكن واشنطن هدفت عبر دعمها إسرائيل، التركيز على إزالة أي تهديد عسكري في القطاع لمشروعها الرئيسي في مواجهة الممر الاقتصادي الصيني عبر ربط غزة بالممر الهندي الشرق أوسطي الأوروبي ومنافسة طريق الحرير.
الرؤية الأميركية حول القطاع، أكدتها بعض المصادر في حركة حماس من تعرّضها، خلال الأيام الماضية، لضغوط مكثفة تهدف إلى دفعها للتخلي عن السلاح في غزة، والانسحاب من المشهد السياسي في القطاع، وذلك تمهيدًا لإطلاق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، التي تتضمن البدء في إعادة الإعمار.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن أطرافًا تضغط بهدف تمرير خطة يتمّ إعدادها في دوائر دبلوماسية بعدة دول، لتقديمها إلى الإدارة الأميركية، تتضمن نزع السلاح في غزة كضمانة لوقف مخطط التهجير، والبدء في إعادة الإعمار.
راقت لرئيس الوزراء الإسرائيلي فكرة تهجير سكان غزة، حيث وجد فيها حلمه الذي يستطيع من خلاله تخليد اسمه في سجل من قدموا إلى الدولة الإسرائيلية الكثير. لكنّ إدارة ترامب، لها أهداف أبعد من أحلام نتنياهو، وهي ترتبط بجعل القطاع منطقة منزوعة السلاح.
لهذا اعتبر البعض أن دعوة ترامب لتهجير أهل غزة، هي طريقة ضغط تهدف إلى تفكيك البنية العسكرية للحركة، ليس من أجل ضمان أمن إسرائيل فحسب، بل من أجل ضمان أمن الممر الاقتصادي الهندي الذي يجد في قناة بن غوريون بديلًا حيويًا لقناة السويس لنقل السلع من نيودلهي إلى العمق الأوروبي.
وقعت كل من الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، برعاية أميركية، في نيودلهي في 10 سبتمبر/ أيلول عام 2023 على اتفاق الممر الاقتصادي الهندي، الذي يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية بين آسيا والخليج العربي وأوروبا.
تتمحور فكرة المشروع في خفض التكاليف اللوجيستية للنقل، وتعزيز فرص التنمية في المنطقة التي يشملها. ويتكون المشروع من ممرين، هما الممر الشرقي، ويربط الهند بدول الخليج العربي، والممر الشمالي الذي يربط دول الخليج بأوروبا.
لكن الخلفية الرئيسية للمشروع تتمحور حول قطع الطريق على المشروع الصيني الذي افتتحه الرئيس شي جين بينغ عام 2013، وأطلق عليه “الحزام والطريق” بهدف جعل مدينة شنيغيان الصينية مركز الثقل التجاري العالمي، عبر نقل السلع من خلال قناة السويس وصولًا إلى العمق الأوروبي.
تطويق الولايات المتحدة للصين، لم يتوقف عند تجفيف الملاحة في قناة السويس، بل استدرك ترامب عمق التوسع الصيني. بعد إيطاليا التي أعلنت في اجتماع قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، انسحابها من “الحزام والطريق”، ما شكل نكسة للمشروع الصيني، يأتي ما أعلنه الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو، 6 فبراير/ شباط الجاري، بانسحاب بلاده من مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، في خطوة تأتي بُعيد أيام من استقباله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الذي تسعى بلاده للحد من نفوذ بكين على قناة بنما.
واضحة هي أهداف ترامب، التي يريد من خلالها تطويق التهديد الصيني لبلاده، حيث على ما يبدو لم يعد له حدود، وما دخول الشركات الصينية “ديب سيك” – مثالًا في التنافس في ساحة الذكاء الاصطناعي – إلا دليل واضح على أن بكين لم تعد منافسة لواشنطن، بل أصبحت دولة مقلقة لمصير النظام العالمي الرأسمالي ذي القطب المهيمن. لهذا يرى بعض المراقبين أن ترامب فتح الحرب مع الصين باكرًا من خلال سلسلة من التعيينات لمسؤولين في إدارته ذات الخلفية الواضحة في عدائيتها للصين.
بما أن “الطحشة” على القطب الشمالي من قبل روسيا والصين بهدف فرض السيطرة على الممر القطبي المستقبلي الذي يعزز طرقًا تجارية بنقل أسرع للبضائع وأقصر بين 80% من معظم الدول الصناعية، وجدت الولايات المتحدة أنّه من الضروري بسط نفوذها هناك، عبر توسيع دائرة الحضور، لهذا لم يتوانَ ترامب في رفع شعار “شراء” جزيرة غرينلاند التي يهتم بها ترامب، إضافة إلى توفر المعادن فيها، فهناك الأهمية الجيوسياسية للجزيرة في القطب الشمالي.
إنّ تطويق التنين الصيني في الممرات البحرية الدولية من قبل واشنطن خطوة أكثر من ضرورية لخنق فرص التصدير لسلعها، إن لم نقل عرقلتها. لهذا باتت النوايا عند ترامب علنية وواضحة في هذا الخصوص، وكأنه لم يكتفِ في حرب الممرات البحرية ليضع على حدود الصين خطرًا داهمًا يتمثل في عدو صاعد، وحالم بجعل نيودلهي ملتقى للتجارة الآسيوية، ومركزًا للتواصل مع أوروبا عبر دول الخليج العربي.
لهذا لم يكن مفاجئًا تلك الخطوة التي أعلن عنها الرئيس ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، بأن “بلاده ستبيع نيودلهي مقاتلات من طراز إف -35″، لتصبح بذلك الهند واحدة من الدول القليلة التي تمتلك هذه الطائرات الخفية فائقة التطور.
إن تسليح الهند وجعلها ثقلًا للتجارة العالمية في منطقة جنوب آسيا، هو بحدّ ذاته يندرج في سياق تضييق الخناق على التنين الصيني المستيقظ، وبات يهدد في صعوده جعل الصين دولة محورية بديلة عن الولايات المتحدة، وهي في ذلك متّبعة ذات النهج الذي اتبعته واشنطن بعد الحرب العالمية الأولى، عندما نقلت ثقل الاقتصاد العالمي من لندن إلى نيويورك.
هو السقوط الحر في العلاقات بين البلدين، وبحسب القوانين الفيزيائية، فهناك حتمية الصدام العسكري بعدما دخلت الحرب التجارية مرحلة متقدمة لا مقلقة على المستوى الوجودي، الأمر الذي دفع بالمراقبين لرفع تساؤلهم: متى سيطلق التنين لهيبه بوجه المضايقات الأميركية؟
Source: Apps Support
أوروبا الخاسر الأكبر.. ملامح مرحلة جديدة بين موسكو وواشنطن
موسكو- قدم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رؤية بلاده لعدد من القضايا الراهنة للسياسة الخارجية، وذلك في خطاب ألقاه أمام مجلس الدوما (البرلمان) بعد يوم واحد من مفاوضات الرياض مع مسؤولين أميركيين بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو.
وركز الوزير الروسي في كلمته الأربعاء الماضي على ما وصفها بالتوترات المتزايدة في العالم بسبب “رغبة الغرب في الهيمنة”.
وعن مفاوضات الرياض، قال لافروف إن الجانب الأميركي أكد أن “الاختلافات في مصالح الدول لا ينبغي أن تؤدي إلى الانزلاق نحو المواجهة” مشيرا إلى أن التحرك نحو تطبيع العلاقات مع واشنطن يسير في “كافة الاتجاهات”.
وأضاف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو “الزعيم الغربي الأول والوحيد حتى الآن الذي قال علنا وبصوت عال إن أحد الأسباب الجذرية للوضع في أوكرانيا كان الخط الوقح للإدارة السابقة بجر أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي”.
وأكد أن بلاده لا تركض وراء الدول الأوروبية للتطبيع معها، لأن موسكو -حسب كلامه- لم تفعل شيئا لتجميد أو تدمير العلاقات مع هذه البلدان.
أوكرانيا وسوريا
وبخصوص الحرب مع أوكرانيا، أكد لافروف أن روسيا مستعدة للتسوية السياسية والدبلوماسية على أساس الأخذ بعين الاعتبار الحقائق “على الأرض”.
وأوضح أن الوفد الروسي أكد للجانب الأميركي بالرياض ضرورة الحد من تحركات النظام في كييف الرامية إلى تدمير كل ما يرتبط بالثقافة الروسية.
وبالنسبة لسوريا، كشف الوزير الروسي عن اجتماعات رفيعة المستوى بين ممثلي البلدين من المقرر عقدها الأسبوع المقبل.
ووفق لافروف فإن الموضوع الرئيس بالنسبة لسوريا هو “منع تكرار السيناريو الليبي، عندما فقدت ليبيا، نتيجة عدوان حلف شمال الأطلسي، سيادتها وانقسمت ولم تتمكن من لملمة نفسها لمدة 15 عاما حتى الآن”.
ويرى أن سوريا لديها مشاكل تتعلق بالوجود غير الشرعي للولايات المتحدة على أراضيها والسياسات التي اتبعتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وخاصة ما يتعلق بإنشاء “شبه دولة كردية”.
رسائل للأوروبيين
وبرأي المحلل السياسي أوليغ بوندارينكو، يحمل خطاب لافروف في طياته ملامح مرحلة جديدة من العلاقات الدولية، لكن تفعيلها سيعتمد بشكل كبير على مستوى التقدم في المباحثات مع واشنطن ونتائجها.
وقال بوندارينكو للجزيرة نت إن تجاوز عقبة التباينات في المواقف حول الأزمة الأوكرانية سيمهد على الأرجح لحلحلة مشاكل عالقة أخرى مرتبطة بهذا الملف، كالعقوبات والأصول الروسية المجمدة.
ويضيف أن ثمة رسائل غير مباشرة للزعماء الغربيين حملتها كلمة لافروف، مفادها أن موسكو وواشنطن أطلقتا عملية استعادة القنوات الدبلوماسية والاقتصادية، وأن على أوروبا التحرك بإيجابية وإظهار مواقف أكثر توازنا تجاه روسيا.
وأوضح المحلل السياسي أن الخلاف بين موسكو وواشنطن حول الملف السوري تراجع بعد تغير نظام الحكم هناك، مما يقلل من حجم الملفات الإشكالية العالقة بينهما، على حد تعبيره.
من جهته رأى الباحث في الدراسات الدولية ديمتري زلاتوبولسكي أن مقارنة لافروف بين الإدارتين الأميركيتين الحالية والسابقة عبارة عن لعبة دبلوماسية ذكية هدفها الإعلان عن وجود أرضية مشتركة بين الكرملين والبيت الأبيض.
وبخصوص العلاقات الأميركية الأوروبية، قال زلاتوبولسكي للجزيرة نت إن الغرب أصبح الآن منقسما حول أوكرانيا. كما أن المرحلة المقبلة قد تشهد أزمة بين بروكسل وواشنطن، ولن يتم حلها إلا من خلال تغيير النخب والقيادات في الاتحاد الأوروبي، حسب كلامه.
وختم الباحث بأن القرارات بشأن نظام الأمن المستقبلي ستتخذها روسيا والولايات المتحدة فقط، لأنهما وحدهما قادرتان على ضمان الأمن في العالم، بصرف النظر عن مشاركة الاتحاد الأوروبي من عدمها.
Source: Apps Support
كاتب أميركي: ترامب يشكل نظاما عالميا جديدا يخيف الحلفاء
أكد الكاتب الأميركي ألكسندر وورد أن الانتقادات التي وجهها الرئيس دونالد ترامب لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هي بمثابة إعلان عن تشكّل نظام عالمي جديد يقلب النظام الذي ولد بعد الحرب العالمية الثانية رأسا على عقب.
وأضاف وورد، في تقرير مطول بصحيفة وول ستريت جورنال، أن ترامب وصف زيلينسكي بالدكتاتور، كما أبقى الأوروبيين على مسافة من المفاوضات التي بدأت بين موسكو وواشنطن، وسارع إلى تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد) مما سيسمح بإفساح المجال للصين للتدخل، وذلك إلى جانب حديثه عن تهجير الفلسطينيين من غزة، الأمر الذي يعني محو جهود أميركية سابقة للتوسط لإنجاح حل الدولتين.
وتابع أن أحدا لم يكن يتوقع أن يقوم ترامب بهذه التغييرات الشاملة في السياسة الخارجية الأميركية بهذه السرعة بعيدا عن المسار الذي رأى النور بعد 1945.
تغييرات جوهرية
ونقل وورد عن فيكتوريا كوتس نائبة رئيس الأمن القومي والسياسة الخارجية في المؤسسة البحثية المحافظة هيريتيج، قولها “الأمر ليس أن ترامب تخلى عن نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، بل الحقيقة أننا لم نعد نعيش في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وعلينا أن نقبل أن المشهد الجيوسياسي تغير”.
أما بالنسبة لريتشارد هاس الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية والمسؤول البارز في الإدارات الجمهورية السابقة، فإن ما يجري جعل سمعة الولايات المتحدة تتعرض لهزة كبرى في عيون الحلفاء.
كما نقلت الصحيفة عن تشاك هيغل، السيناتور الجمهوري السابق الذي خدم في منصب وزير دفاع في إدارة باراك أوباما، تأكيده أن ما يجري “هو تحد خطير لأساس النظام العالمي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية”، وأضاف “لم أشعر قط بمثل هذا القدر من القلق بشأن مستقبل هذا البلد والعالم كما أشعر بذلك الآن”.
في المقابل، أوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي براين هيوز أن قيادة الرئيس ترامب خلقت أول فرصة للمحادثات مع روسيا منذ سنوات لأجل إيجاد حل سلمي وإنهاء الحرب، وقد فعل ذلك بعد أربعة أسابيع فقط من توليه منصبه.
نتائج مثمرة
كما أكد جاستن لوغان مدير دراسات الدفاع والسياسة الخارجية في معهد كاتو -وهو مركز أبحاث ليبرالي في واشنطن-، أن الوقت قد حان لكي يتصرف زعيم أميركي بطريقة تقنع الأوروبيين بالاهتمام بمنطقتهم بشكل أكبر.
وتابع “ترامب يحقق رؤية أميركية تعود إلى دوايت أيزنهاور الذي كان قلقا في عام 1959 من أن موقف أوروبا اللامبالي تجاه أمنها يحوّل العم سام إلى عم مغفل”.
وتابع الكاتب ألكسندر وورد أن مسؤولين في إدارة ترامب يقولون إن نهجه الجديد أنتج انتصارات مبكرة، حيث أدى الحديث عن السيطرة على قناة بنما إلى دفع رئيس بنما خوسيه راؤول مولينو إلى التخلي عن مبادرة الحزام والطريق الصينية، مما قلل من نفوذ بكين في نصف الكرة الغربي.
كما أنجح حديثه عن إخراج سكان غزة من القطاع اجتماعات مثمرة مع زعماء الشرق الأوسط.
وكشف الكاتب أن جون بولتون -مستشار ترامب السابق للأمن القومي قبل أن ينقلب عليه- قال إن الرئيس لا يملك أيديولوجية متماسكة بما يكفي لتفكيك النظام العالمي. وتابع “هذه وجهة نظر رجل واحد، ولكن لسوء الحظ هو الرئيس”، وخاطب حلفاء الولايات المتحدة قائلا “فقط اصمدوا”.
Source: Apps Support