ترامب يطارد جائزة نوبل للسلام: كيف يمكنه تحقيق المستحيل؟
يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحصول على جائزة نوبل للسلام، ورغم أن هذا الطموح قد يبدو للبعض سخيفًا، فإن سعيه لتحقيقه قد يشكل أفضل فرصة أمام الولايات المتحدة لإظهار أي اهتمام حقيقي بحقوق الفلسطينيين في غزة.
يواصل ترامب دعمه المطلق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتمدًا على استراتيجيته التي تهدف إلى سحق حركة “حماس” وإجبارها على الاستسلام. غير أن القصف والحصار لا يهدفان فقط إلى تحرير الرهائن، بل يشملان أيضًا تجويع وقصف المدنيين الفلسطينيين، حيث إستشهد نحو 600 فلسطيني خلال أقل من أسبوع.
كان من المتوقع أن تؤدي المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار إلى إطلاق سراح الرهائن المتبقين لدى “حماس” مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وإنهاء دائم للقتال. إلا أن الحكومة الإسرائيلية غيرت شروط الاتفاق من جانب واحد، مطالبة بالإفراج عن الرهائن وتفكيك “حماس” دون الالتزام بوقف دائم للحرب، وهو ما رفضته الحركة خشية استغلال هذا المطلب لاستئناف القصف بلا قيود.
هذا الرفض يعكس مخاوف حقيقية، إذ يبدو أن الهدف الإسرائيلي يتجاوز الرهائن، ويشمل تنفيذ مخطط طويل الأمد للتيار اليميني المتطرف في إسرائيل يتمثل في التهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة. وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ألمح إلى خطط لضم أجزاء من القطاع، ونتنياهو يجهز لغزو بري أوسع، في ظل دعم ترامب للترحيل القسري الدائم لما يقرب من مليوني فلسطيني، وهو ما يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ويمنح نتنياهو الضوء الأخضر للمضي قدمًا في هذا المسار.
عودة السياسي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير إلى حكومة نتنياهو كوزير للأمن القومي بعد انتهاء الهدنة المؤقتة تؤكد هذا التوجه، حيث ما دام أبدى بن غفير رغبته الصريحة في “حل” القضية الفلسطينية عبر التخلص من سكان غزة، وقد تكون غزة مجرد البداية، إذ من المتوقع أن يمتد هذا النهج لاحقًا إلى الضفة الغربية المحتلة.
في ظل هذه الظروف، تبدو فرص التوصل إلى صفقة مع “حماس” ضئيلة، فكيف يمكن للحركة أن تستسلم وهي تدرك أن ذلك يعني اقتلاع شعب بأكمله من أرضه؟ يرى كل من نتنياهو وترامب أن استخدام القوة العسكرية الهائلة والوحشية قد يفرض الخضوع على “حماس”، وهي الاستراتيجية الإسرائيلية التقليدية. وفعلًا، أعاد ترامب تزويد إسرائيل بقنابل ضخمة كانت إدارة بايدن قد أوقفتها بسبب استخدامها في تدمير أحياء فلسطينية بأكملها.
ألمح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى احتمال فتح تحقيق في جرائم حرب بسبب هذا القصف العشوائي، ما يعرض ترامب نفسه لاحتمال اتهامات بالمساعدة والتحريض، والتي قد لا تؤدي لسجنه فورًا لكنها قد تقيد حركته الدولية، حيث قد تمنعه الدول الأعضاء في المحكمة من السفر بحرية.
حتى الآن، لم تظهر “حماس” أي نية للاستسلام لهذه الاستراتيجية، كما أن الدول العربية المجاورة رفضت الانخراط في تكرار “النكبة” الفلسطينية، ويظل السؤال الأكبر: هل سيدرك ترامب في وقت ما أن الحل الدبلوماسي هو المخرج الوحيد من المأساة التي وعد بإنهائها؟
حاليًا، لا يزال ترامب متمسكًا بدعمه لإسرائيل، لكن شخصيته المتقلبة لا تسمح بالتنبؤ، والثابت الوحيد أنه يتبع مصالحه الشخصية أولًا.
وهنا تكمن أهمية جائزة نوبل للسلام، فإذا أراد ترامب أن يُعرف بـ “سيد الصفقات”، لن يكون ذلك من خلال دعم جرائم الحرب الإسرائيلية. ترامب وحده قادر على الضغط على نتنياهو لتغيير مساره، فرغم اعتماد إسرائيل على الدعم العسكري الأميركي، تجاهلت طلبات بايدن لوقف القصف والتجويع، لأنها كانت واثقة من دعم الحزب الجمهوري، الذي أصبح اليوم مرادفًا لترامب.
سبق وأن لعب ترامب دورًا حاسمًا في التوصل إلى الهدنة المؤقتة التي دخلت حيز التنفيذ قبيل تنصيبه، ويمكنه أن يفعل ذلك مجددًا، لدفع إسرائيل نحو مسار أكثر إنسانية.
البديل الأفضل يبقى حل الدولتين، وهو قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، لتعيشا بسلام، فيما يرفض الجانب الإسرائيلي خيارات أخرى كالدولة الواحدة ذات الحقوق المتساوية، أو استمرار الاحتلال ونظام الفصل العنصري.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أكد أنه لن يطبع العلاقات مع إسرائيل، خطوة يحرص عليها ترامب، دون وجود دولة فلسطينية، كما أن السعودية والإمارات تشترطان وجود دولة فلسطينية للمساهمة في إعادة إعمار غزة.
قد تبدو فكرة حصول ترامب على جائزة نوبل للسلام مستبعدة، لكنها ليست أكثر غرابة من منحه للهنري كيسنجر، الذي شارك في جرائم حرب ومجازر عديدة لكنه كوفئ لاحقًا لتوقيعه اتفاق سلام مع فيتنام وسحب القوات الأميركية.
رغم صعوبة توقع أن يتحول ترامب إلى داعم حقيقي للقضية الفلسطينية، إلا أن طموحاته الشخصية قد تقوده إلى هذا المسار. ومن المفارقات المؤلمة أن أفضل أمل للفلسطينيين أمام حكومة إسرائيلية تتجاهل القانون هو استغلال رغبة ترامب في نوبل، لإقناعه بفعل الصواب لأسباب أنانية بحتة.
Source: بوابة الفجر
من تحالف ناشئ إلى عملاق دولي.. كيف أصبحت “بريكس” تهديدا حقيقيا للهيمنة الغربية؟
في محاولة للحد من نفوذ “بريكس”، لجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى استخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط سياسي واقتصادي. فرض تعريفات جمركية على واردات من دول “بريكس” كان رسالة واضحة مفادها أن واشنطن لن تسمح لأي تحدٍ لأنظمتها المالية والتجارية أن يمر دون رد.ورغم التحذيرات من الاقتصاديين حول تأثيرات هذه السياسات على المستهلك الأمريكي، إلا أن ترامب يراها وسيلة ضغط ضرورية للردع والسيطرة على اللاعبين الجدد. هذه المواجهة المفتوحة تضع العالم على مشارف صراعات تجارية قد تعيد رسم خريطة الاقتصاد الدولي.تشكل “بريكس” تحديًا وجوديًا للغرب، ليس فقط عبر أرقام اقتصادية أو مشاريع مالية، بل عبر رؤية استراتيجية تعيد تشكيل النظام الدولي نحو تعددية القطبية. التوسع المستمر للمجموعة ورفضها الخضوع لهيمنة الدولار يبرزان كخطوات جريئة في اتجاه عالم أكثر توازنًا، حيث لا مركز وحيد للسلطة.مواجهة واشنطن لهذا التحالف ليست فقط معركة تجارية أو مالية، بل صراع على شكل النظام العالمي ذاته ومستقبل العلاقات الدولية. في هذا السياق، يبدو أن “بريكس” ليست مجرد تكتل جديد، بل إعلان بداية عصر جديد قد يعيد رسم خريطة القوة العالمية بالكامل.وفي ظل هذه الديناميكية المتسارعة، ستظل “بريكس” في بؤرة اهتمام الجميع، بين من يحذر من مخاطر انقسامات جديدة في النظام الدولي، ومن يرى فيها فرصة لإعادة التوازن الاقتصادي والسياسي العالمي بعيدًا عن احتكار قوة واحدة.
Source: بوابة الفجر