«ديكتاتورية المستنيرين»
هذا الكتاب أسهل كثيراً من اسم كاتبته، فعنوان الكتاب «ديكتاتورية المستنيرين» واسم الكاتبة «أولغا تشيتفيريكوفا». لن يحفظ كثيرون اسم المؤلفة الروسية، لكن مضمون الكتاب حظيَ بتغطياتٍ صحفية واسعة، كما تنافستْ مواقع عديدة على عرض ملخصات ومقتطفات منه.
صدرت الترجمة العربية لكتاب «ديكتاتورية المستنيرين» في عام 2022، وقد مثّل صرخةً فكريةً في وجه موجة ثقافية عالمية مُدارة، يقوم عليها رأسماليون عالميون كبار من أجل النيْل من عقائد العالم المستقرّة لصالح ما تراه الكاتبة «دِين جديد» هو «اللادين».
وحسب الكاتبة، فإن هناك «جماعات تنويرية متطرفة» تهدف إلى السيطرة على العقول والقلوب لغايات سياسية واقتصادية، وهؤلاء استخدموا كل وسائل الاتصال المدهشة في عالم اليوم، لتحويل رؤاهم التي يزعمون أنها ضد الأيديولوجيات المغلقة.. إلى أيديولوجيا أخرى بديلة، وهم إذْ يقودون هجوماً لا دينياً على عقائد العالم، يرون الدين، لا سيما المسيحية والإسلام، عقبةً في وجه ذلك الهجوم. ليست الكاتبة الروسية أول مَن تناول التنوير الراديكالي، أو المدّ اللاديني الذي يتجاوز التنوير الراديكالي، فقد سبق آخرون إلى نقد ذلك منذ عصر التنوير الأوروبي، والثورة الفرنسية، والموجات الفكرية في القرن العشرين.. لكنها ربما نجحت في أن تصل بصراخها الفكري إلى مستوى غير نخبوي من القراء والمتابعين. بين كتاب «جدل التنوير» لماكس هوركهايمر وتيودور أدورنو، وكتاب «ديكتاتورية المستنيرين».. أكثر من ثلاثة أرباع القرن، لكن هناك ما يجمع الكتابيْن معاً في سياق واحد، وهو إعلاء العقل وتبجيله وتوقيره.. دون عبادته. في عام 1944 كان هوركهايمر وأدورنو من رواد مدرسة فرانكفورت الفلسفية، وقد رسّخا في العالم نظرياتِهما النقدية. كانت رؤيتهما أن عصر التنوير قد فشل، ووصل إلى الستالينية والفاشية والنازية، ومن ثم يجب نقد الفلسفات التي قادت إلى ذلك وإلى نحو مائة مليون قتيل في الحربين العالميتين وبعض الحروب المتناثرة. لم يكن العالم محظوظاً بالقدر الكافي بحركة التنوير الواسعة التي انتقلت في البداية من الشرق الإسلامي إلى الغرب الأوروبي، ثم عادت في العصر الحديث إلى الشرق من جديد. إذْ لم تتوقف الحروب هنا أو هناك، ولما عادت أفكار التنوير من الغرب إلى الشرق جاءت مع مدافع الاستعمار، حيث قتلَ الأوروبيون عشرات الملايين غرب الأطلسي، وحولوا ملايين الأحرار إلى عبيد في شرق الأطلسي. ثم لما بدأ عصر التحرر الوطني، تجاوز الساسة الثوريون الغاية.. من نبذ الاستعمار إلى نبذ الحضارة الغربية، وإنجازاتها الكبرى في العلم والحياة. ثم إن بعضهم اختار الماركسية ليحارب من فوق صهوتها، ومع الشيوعية غرقتْ بلدان في مقولات ديكتاتورية البروليتاريا والصراع الطبقي.. لتدخل في أتون حرب أهلية فكريّة.
واليوم.. يشهد العالم موجة جديدة من التطرف التنويري أو بالأحرى الهجوم اللاديني. ومن المثير أن البعض لا يدركون أن غياب الدين ليس خطأ عقائدياً فقط.. بل إنّهُ يؤدي إلى غياب قواعد اللعبة بأكملها، فما إن تختفي معايير الحرام والحلال، والدنيا والآخرة، والجنة والنار.. حتى تختفي قواعد السلوك الاجتماعي، فلا يبقَ منها إلا نزر يسير لا تدركه الأبصار. الغزو اللاديني لا يمثل حرباً على الإيمان فحسب.. بل يمثل تهديداً للسِّلم المجتمعي. وفي قولةٍ واحدةٍ: الإلحاد خطر على الأمن القومي.
Source: مركز الاتحاد للأخبار
المكسيك .. و«سياحة الطهي»
في سوق بمدينة مكسيكو، انهمك اثنان من السياح لاقتناء بعض مستلزمات الطهي، في إطار تجارب جديدة للسفر، تتضمن إعداد أطباق مكسيكية، تحت إشراف متخصصين في هذا القطاع الذي تتميز فيها المكسيك، والذي يجعلها وجهة لما يمكن تسميته «سياحة الطهي»، خاصة أن الكلفة مغرية، بالقياس إلى أهمية تقاليد الطعام المكسيكي المُدرجة على قائمة «اليونسكو» للتراث الثقافي غير المادي. وفي ظل التوجه نحو التجارب الجديدة في مجال السفر والسياحة، تشهد دروس الطبخ ازدهاراً ملحوظاً.
وتُعدّ المطاعم جزءاً أساسياً من «سياحة الطهي»، وهي قطاع سياحي يبلغ حجمه في الوقت الحالي 11.5 مليار دولار على مستوى العالم، ويتوقع أن تنمو بنسبة 20% سنوياً حتى عام 2030. وفي إطار التدريب على الطهي، توجد دورات على مدى ثلاثة أيام، من خلالها يتعلم الطلاب إعداد وجبات مثل التاماليز الخضراء، ودجاج مولي، ونوعين من الصلصة، وتورتيلا الذرة الزرقاء. التدريب على الطهي يتضمن أيضاً دروساً في أنماط الزراعة، حيث تُزرع الذُّرة والفاصوليا والقرع معاً كأساس للطعام المكسيكي، وهناك أطعمة أدخلتها إسبانيا إلى المكسيك، تعتمد على محاصيل القمح والزيتون والعنب واللوز.
وفي مقهى مجاور، تذوق السياح – الطلاب الشوكولاته المكسيكية، وناقشوا أهمية الكاكاو الذي كان يُعد عملة للتبادل، وهو الآن مكون أساسي في العديد من الصلصات المكسيكية. وأحياناً يشارك الطلاب في معارض الطبخ ليبدأوا شوي الطماطم والثوم والفلفل الحار، بغية تحضير أنواع معينة من الصلصة الحمراء. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)
Source: مركز الاتحاد للأخبار