القدس في فبراير.. الاحتلال يستهدف الأقصى وإبعادات بالجملة
شهد فبراير/شباط الماضي أخطر الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في المدينة الفلسطينية المقدسة، تلك المتعلقة بإبعاد العشرات منهم إما خارج فلسطين ممن حُرروا بصفقة التبادل ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال، أو عن المسجد الأقصى في إجراءات احترازية تتخذها سلطات الاحتلال سنويا قُبيل حلول شهر رمضان.
ففي المسجد الأقصى نفذ أنصار جماعات الهيكل المتطرفة انتهاكات عدّة، كما كل شهر، واقتحمه على مدار الشهر 4518 مستوطنا، وأدّوا الصلوات والطقوس التوراتية، كما رقصوا وغنّوا في الساحات الشرقية الملاصقة لمصلى باب الرحمة.
ومن أبرز الانتهاكات التي نفذها هؤلاء، اقتحام العشرات منهم لتأبين جندي قُتل قبل عام في معارك قطاع غزة، كما اقتحم المسجد الحاخام الثمانيني “دانييل شيلو” وخلال اقتحامه أدى الصلوات برفقة أتباعه، وحرص على الجلوس على إحدى مصاطب المسجد الأقصى في المنطقة الشرقية.
ونشر أحد نشطاء جماعات الهيكل المتطرفة “أرنون سيغال” صورة تضم متطرفين يؤدون طقس السجود الملحمي في الأقصى المبارك، وكتب في منشور له على فيسبوك “وعبدوا الله في جبل القدس الشريف”. كما حشدت جماعات الهيكل أنصارها لاقتحام الأقصى في “عيد الشجرة” الذي وافق يوم 13 فبراير/شباط، ولبى دعوات الاقتحام 300 مستوطن ومستوطنة.
وفي تطور قضائي خطير، أصدرت قاضية بمحكمة الصلح الإسرائيلية في القدس قرارا لصالح مستوطن أبعدته شرطة الاحتلال عن الأقصى بسبب ارتدائه لفائف الصلاة التوراتية “التفلين” داخله.
وقبيل انتهاء إبعاده أصدرت الشرطة قرارا بتجديده لمدة 4 أشهر، إلا أن القاضية ألغت القرار بادعاء أن الشرطة لا تملك صلاحية إبعاد اليهود الذين يمارسون شعائر دينية في الأقصى الشريف إلا في حال ارتكابهم جريمة جنائية.
وتزامنت كل هذه التجاوزات للمستوطنين مع استمرار إحكام قبضة شرطة الاحتلال على الأبواب، ومنعها المصلين بشكل عشوائي ومزاجي من دخوله، كما أعاقت إدخال كتب المنهاج الفلسطيني للمدارس الواقعة داخل المسجد الأقصى.
وليس بعيدا عن استهداف المساجد، يهدد أرييه كينغ نائب رئيس بلدية الاحتلال بالقدس والملقب بعرّاب الاستيطان، باقتحام مساجد المدينة بادعاء أن صوت الأذان يُحدث ضوضاء، وبالتالي ضرورة إجراء اختبارات لقياس ذبذبات الصوت الصادرة عنه، ويأتي ذلك ضمن هجمة جديدة قديمة شنّها هذا المتطرف وغيره على صوت الأذان في المدينة المقدسة.
إبعادات واعتقالات وحرية
وخلال فبراير/شباط، انتهك الاحتلال حرية الحركة لـ72 مقدسيا: 18 منهم أُبعدوا قسرا خارج فلسطين ممن تحرروا في صفقة التبادل، بالإضافة إلى 30 من المصلين أبعدوا عن المسجد الأقصى المبارك لفترات متفاوتة. ويضاف لهؤلاء الكثيرون ممن يتسلمون أوامر إبعاد عن الأماكن المقدسة لكنهم يرفضون الإعلان عن ذلك، وبالتالي يتعثر توثيق حالاتهم.
وأُبعِد آخرون عن مكان السكن أو العمل أو البلدة القديمة أو الضفة الغربية التي جُدد الإبعاد عنها خلال فبراير/شباط لمحافظ القدس عدنان غيث.
وسُلبت على مدار الشهر حرية أكثر من 50 مقدسيا بينهم 9 قاصرين، وحُوّل 17 أسيرا من محافظة القدس للاعتقال الإداري منهم من تم تجديد هذه العقوبة له. كما أصدرت محاكم الاحتلال حكما بالسجن 18 عاما بحق المقدسي محمد الزلباني، و22 أمرا بالحبس المنزلي لمقدسيين.
وعلى صعيد صفقة التبادل التي أُبرمت بين حماس والاحتلال، فقد تحرر بموجبها وعلى 4 دفعات 33 أسيرا من محافظة القدس، 18 منهم أُبعدوا خارج فلسطين ووصلوا إلى العاصمة المصرية، ومن بين هؤلاء 6 أسرى تحرروا سابقا في صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011.
هدم وأوامر إخلاء
لم ينطوِ فبراير/شباط قبل أن تُسجل 24 جريمة هدم جديدة في محافظة القدس، واضطر 6 مقدسيين لهدم منازلهم ومنشآتهم التجارية بأيديهم قسراً، بأمر من قوات الاحتلال.
وعلى صعيد الاستيطان رفضت المحكمة المركزية في القدس الاستئناف الذي قدمته عائلة ذياب على القرار القضائي القاضي بإخلائها من منازلها في “كرم الجاعوني” بالشيخ جرّاح، ويواجه 22 فردا من أبناء هذه العائلة خطر الإجلاء بعد إمهال المحكمة لهم بتنفيذ ذلك طوعا حتى 20 مايو/أيار المقبل.
وأخطرت سلطات الاحتلال أصحاب أراض في حي الصوّانة القريب من المسجد الأقصى بمصادرة أراضيهم “مؤقتا” بادعاء تشجيرها، وذلك بعد أيام من إخطار أصحاب أراضي حي وادي الربابة في بلدة سلوان بالإجراء ذاته.
كما وضعت سلطات الاحتلال اليد على مقبرة الأطفال في بلدة سلوان مدّعية أنها تقع ضمن حدود “الحديقة الوطنية” المحيطة بسور القدس التاريخي.
ولم تسلم البطريركية الأرمنية من الملاحقة ومحاولة وضع اليد على أملاكها بعد إبلاغها من قبل بلدية الاحتلال بإجراء الحجز على ممتلكاتها، وذلك بادعاء وجود ديون طائلة مستحقة عليها لضريبة الأملاك “الأرنونا”.
Source: Apps Support
رفقا بالعصاة.. الكندري يوضح المنهج النبوي في التعامل مع التائبين
وعبر سرد قصص واقعية واستحضار مواقف من السيرة النبوية، يؤكد البرنامج الذي يبث حصريا عبر منصة “الجزيرة 360” أن الرفق ليس خيارا أخلاقيّا فحسب، بل ضرورة مجتمعية لإصلاح النفوس.
وانطلق البرنامج بتجربة شخصية للشاب مصطفى، الذي عانى من رفض مجتمعه بسبب مظهره الخارجي ووشومه رغم إعلانه التوبة، وقال “اتهموني بالتمثيل.. ظنوا أن توبتي مجرد ترند”.
وتكشف قصة مصطفى ثقافة الإقصاء السائدة، حيث يُنظر إلى المذنب باعتباره “ملعونًا” بلا أمل -وفق تعبيره- وهو الأمر الذي يمثل أحد التحديات التي يواجهها خلال محاولته التخلي عن حياته السابقة.
ولم تكن رحلة مصطفى مع التوبة سهلة، حتى بعد انتقاله من ألمانيا إلى مصر، وتحدث في الحلقة عن صدمته حين وُصف بـ”المنافق” لمجرد سفراته الخارجية، وعن تحولاته النفسية بعد عودته، وقال في السياق “حياة بلا قرب من الله فاشلة، حتى لو كنت ناجحًا ماديًّا”.
واستحضر الشيخ الكندري مواقف من السيرة النبوية لتأكيد منهج الرفق، حيث ذكر قصة الصحابي الذي داوم على شرب الخمر، فلم يلعنه النبي صلى الله عليه وسلم، بل قال “إنه يحب الله ورسوله” مؤكدا أن التعامل بالرحمة لا يناقض تطبيق الحدود.
التنمر الإلكتروني
ولم تغفل الحلقة دور وسائل التواصل في تعميق أزمة التنمر، حيث لفتت إلى أن السخرية من المذنبين عبر المنصات الرقمية تُبعدهم عن الدين، وتُغلق أبواب الإصلاح، وحذر أحد ضيوف الحلقة بأن “الكلمات الساخرة قد تُدخل صاحبها النار” مستدلًّا بقوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ”.
وفي شهادات مؤثرة، تحدث أحد ضيوف الحلقة عن معاناته مع “الوصمة الاجتماعية” حيث اعتُبر “منحرفا” لسنوات بسبب أخطاء مراهقته، وقال “الناس تريدك أن تظل مُلصقًا بذنبك.. كأن التوبة سراب” بينما ذكر آخرون كيف دفعتهم السخرية إلى الانتكاسة.
وعرض البرنامج حلولا عملية، أبرزها الحوار الهادئ بدل المواجهة، واستشهد الكندري في هذا السياق بحديث الشاب الذي استأذن النبي في الزنا، فلم يُوبخه، بل حاوره بسؤال “أترضاه لأمك؟” وهو ما انتهى بتغيير مفاهيمه جذريّا عن هذه المعصية الكبيرة.
وأكدت الحلقة أن اليأس من رحمة الله جريمة أكبر من الذنب نفسه، مستشهدة بآيات مثل “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ”. ولخص الكندري الرسالة بقوله “مهما أغلق المجتمع أبوابه، فباب الله مفتوح” داعيا إلى نشر ثقافة التعاطف.
وبينما تُغلَق الأبواب في وجوه العائدين، تبقى “رفقا” صرخة لإحياء القيم النبوية في زمن التشهير الرقمي. والبرنامج لا يقدّم حلولًا وردية، بل يُذكّر بأن الإصلاح يبدأ بخطوة: الرفق قبل القصاص، والحوار قبل الإدانة.
Source: Apps Support
شتم نتنياهو وأعاد ترامب نشر كلامه.. من هو الاقتصادي جيفري ساكس؟
في أكتوبر/تشرين الأول 2024، كان المفكر الاقتصادي الأميركي الشهير جيفري ساكس ضيفا على “اتحاد كامبريدج”، وهي جمعية يديرها الطلاب في جامعة كامبريدج البريطانية، وفي هذا اللقاء تحدث ساكس عن العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية.
وقال في معرض حديثه إنه لا يمكن تعريف الولايات المتحدة الأميركية بأنها دولة ديمقراطية حقا، إذ إن عدد الأميركيين الذين يعرفون قضايا السياسة الخارجية للولايات المتحدة أو الذين يتفقون معها قليل للغاية، وضرب المثل بالغزو الأميركي للعراق باعتباره حلقة في سلسلة قادت فيها الدولة العميقة بالولايات المتحدة عملية تضليل الشعب، إذ إن تلك الدولة -حسب رأيه- كانت تريد الحروب طوال الوقت، وتبيعها للشعب الأميركي من خلال الدعاية الناجحة والمضللة.
On his Truth Social account, Trump just shared a clip of Jeffrey Sachs discussing how Obama and Netanyahu orchestrated wars by scaring the shit out of Americans, and where Sachs calls Netanyahu a “deep dark son of a bitch” because he has embroiled the US in so many wars.
Does… pic.twitter.com/HXavQdDFvd
— Joe Quinn (@SeosQuinn) January 8, 2025
وقد برعت في الوقت نفسه في بيع فكرة الحرب دائما لهذا الشعب، ونجحت في إثارة مخاوفه، حتى إن في عام 2002، عملت مجموعات من الباحثين المتخصصين في العلاقات العامة بالولايات المتحدة بشكل مكثف بغرض تحضير خطة لكيفية تسويق حرب العراق للرأي العام الأميركي.
في سياق هذا اللقاء، أكد أيضا المفكر الاقتصادي حينها أن غزو العراق عام 2003 كان حربا زائفة أشعلها خلف الستار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مضيفا أن نتنياهو قد تلاعب بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ عام 1995 فصاعدا؛ لمحاولة تحقيق أهدافه منذ ذلك الحين، المتمثلة في التخلص من “أنظمة الممانعة” في الشرق الأوسط وعلى رأسها العراق وإيران. وفي إطار حديث ساكس عن نتنياهو وعن محاولاته الناجحة لجرّ الولايات المتحدة الأميركية للحروب والصراعات، قام أيضا بشتيمته.
معادلات جديدة
في يناير/كانون الثاني 2025، شارك الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب قبل أقل من أسبوعين من أدائه لليمين الدستورية المقطع الذي يسب فيه ساكس بنيامين نتنياهو مع ما يقرب من 8.5 ملايين متابع له على منصة “تروث سوشيال”. وقد كان تعامل الصحافة في دولة الاحتلال مع هذا الحدث غريبا، فرغم أن الصحافة الإسرائيلية مشتهرة عادة بتصيُّدها لأي لفظ خارج يتلفظ به مسؤول في أي بقعة في العالم ضد دولة الاحتلال أو رموزها، فإنها في تلك الحالة تعاملت بشكل مختلف تماما.
بحسب “مجلة مومينت” المختصة بالشؤون اليهودية الأميركية وكل ما يتبع ذلك من قضايا بما فيها الصراع العربي الإسرائيلي، فإن مشاركة ترامب لم تتصدر عناوين الأخبار الرئيسية في إسرائيل، ودُفِنت بشكل هامشي بين الأخبار الأخرى في ذلك اليوم، وحتى المعلقون والصحافيون الإسرائيليون الذين علَّقوا على ما حدث مالوا إلى تفسير الأمر باعتباره سوء فهم أو سخرية ودية بين الأصدقاء، وتحدث البعض الآخر في دولة الاحتلال عن أن من المرجح أن ترامب أعاد نشر المقطع لأنه يتحدث عن الدولة العميقة في الولايات المتحدة، وكيف كانت تُثير حروبا عبثية، وأنه لم ينتبه إلى الجزء الخاص بالشتيمة والنقد المتعلق بنتنياهو في نهاية المقطع.
في الواقع، كان نشر هذا المقطع هو حلقة من من حلقات علاقة ترامب بنتنياهو الغريبة والحافلة بالمفاجآت دائما، إذ دائما ما يفاجئ ترامب العالم في هذا الصدد بشكل لا يتوقع أحد إلى أين سيؤول. فبعد فوز دونالد ترامب الكبير في الانتخابات، حذَّر بأشد لهجة بضرورة إعادة المحتجزين الإسرائيليين قبل أن يتقلد منصبه رسميا وإلا سيكون العقاب قاسيا وأن الجحيم سيُصب على الشرق الأوسط.
ثم فجأة، وقبل تقلده للمنصب رسميا بأيام، وجد العالم أن ترامب يضغط على بنيامين نتنياهو، حتى وصف المحللون ما جرى بأن ترامب أجبر نتنياهوعلى القبول بإيقاف حرب الإبادة في قطاع غزة وعقد هدنة مع حركة المقاومة تخلص في النهاية لتحرير المحتجزين.
وعلى جانب آخر، فإن ترامب الذي نشر مقطعا يسب فيه المفكر الاقتصادي جيفري ساكس نتنياهو ويقول إنه يجر الولايات المتحدة لحروب لا علاقة لها بها، هو نفسه الذي عيَّن ماركو روبيو وزيرا لخارجيته، ومايك والتز مستشارا للأمن القومي، وإليز ستيفانيك سفيرة للأمم المتحدة، وهي كلها خيارات تعبر عن التأييد الشديد وربما المطلق لدعم دولة الاحتلال، فضلا عن أنه اختار بنيامين نتنياهو ليكون أول زعيم أجنبي يستقبله في البيت الأبيض.
وفي هذه الزيارة أيضا، أعطى ترامب نتنياهو مفاجأة غير متوقعة منحته دفعة كبيرة على المستوى المحلي، فقد أعلن ترامب في تلك الزيارة عن خطته لقطاع غزة التي تتضمن استحواذ أميركا على القطاع وترحيل الفلسطينيين منه بحيث لا يملكون حق العودة إلى أراضيهم بعد ذلك، ليتحول القطاع إلى ما أسماه ريفييرا الشرق الأوسط بعد تطويره من الولايات المتحدة، وهي الخطة التي احتفى وربما تفاجأ بها نتنياهو ومن معه من اليمين المتطرف، واعتبر نتنياهو ما ذكره ترامب بأنه “أول اقتراح أصيل يسمعه فيما يخص الشأن الفلسطيني منذ سنوات”.
هكذا تشهد علاقة ترامب بنتنياهو تقلبات غير مفهومة، وسواء كان المقطع المصوَّر الذي يسب فيه عالم الاقتصاد نتنياهو مقصودا من ترامب في إطار خطته لاحتواء نتنياهو، أو كان خطأ غير مقصود لأنه لم يشاهد المقطع للنهاية، فإن ثمة احتمال غير ضعيف بأن هذا المقطع هو جزء من سياسة الرئيس الأميركي الجديد في التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بطريقة مختلفة تماما عن سابقيه بحيث يؤسس لعلاقة يقوم فيها بحماية رئيس الوزراء وتقديم الهدايا السياسية له، لكن في المقابل ينتظر من رئيس الوزراء أن يكون مطيعا، وألا يظن أن بإمكانه الضغط عليه في أي لحظة كما حدث مع أي رئيس أميركي سابق، فها هو ينشر مقطعا لو كان جو بايدن هو مَن نشره لقلبت إسرائيل بمؤسساتها وإعلامها الدنيا ولم تقعدها، لكن الرئيس الأميركي ينشره الآن غير عابئ بتوضيح أو تبرير، وكأنه يؤسس لعلاقة تؤيد فيها الولايات المتحدة دولة الاحتلال ربما أبعد من أي إدارة أميركية سابقة، لكن في إطار يكون فيه دونالد ترامب هو السيد الذي لا يفكر أحد في الضغط عليه.
نصير الفقراء وعدوهم السابق
ساكس هو عالم اقتصاد وأستاذ جامعي ذو مكانة عالمية مرموقة، ومؤلف مجموعة من الكتب كانت من الأكثر مبيعا بحسب تعبير موقع الكونغرس الأميركي، بالإضافة إلى كونه واحدا من أهم الرواد على مستوى العالم فيما يتعلق بمجال التنمية المستدامة ومستشارا رفيع المستوى في الأمم المتحدة، كما يشغل منصب مدير مركز التنمية بجامعة كولومبيا.
وقد اختير مرتين من مجلة “تايم” الأميركية باعتباره من أكثر 100 شخصية تأثيرا في العالم، ووصفته بأنه أشهر اقتصادي في العالم، وبحسب وصف صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية فهو أهم اقتصادي في العالم الآن، في حين صنَّفته دراسة أجرتها مجلة “إيكونميست” الاقتصادية البريطانية بأنه من أكثر ثلاثة اقتصاديين أحياء تأثيرا في العالم خلال العقد الماضي.
لدى ساكس العديد من المؤلفات التي حظيت باهتمام أكاديمي واسع، سواء في مجاله الأساسي الاقتصاد أو في المجال السياسي مثل كتابه “عصر التنمية المستدامة”، وكتاب “بناء الاقتصاد الأميركي الجديد: ذكي وعادل ومستدام”، وكتاب “سياسة خارجية جديدة: ما وراء الاستثنائية الأميركية”، وكتاب “عصر العولمة: الجغرافيا والتكنولوجيا والمؤسسات”، كما أن له ثلاثة كتب كانت من أكثر الكتب مبيعا وهي “نهاية الفقر”، و”الثروة المشتركة: اقتصاد لكوكب مزدحم”، و”ثمن الحضارة”. وقد حاز ساكس على جائزة الكوكب الأزرق عام 2015، وهي جائزة تُمنح للجهود المتميزة في مجال البحث العلمي وتطبيقات العلوم التي تحاول المساهمة بشكل فعال في حل المشكلات البيئية العالمية.
لقد بدأ ساكس مساره الفكري الاقتصادي في الثمانينيات والتسعينيات بمجموعة من الأفكار التي أثارت الجدل لتحيُّزها النيوليبرالي الكبير، وتجاهلها مبادئ الاستدامة والعدالة الاجتماعية والتأثيرات الاجتماعية والبيئية، فكان مدافعا صلبا عن الخصخصة الواسعة السريعة والأسواق الحرة وقطع برامج الدعم الحكومية، وإبعاد يد الحكومات تماما عن الاقتصاد.
وقد تهكَّم مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عام 1989 بعنوان “دكتور الاقتصادات المنهكة” على أن جيفري ساكس، الذي لم يبلغ من العمر وقتها إلا 34 عاما، هو بمنزلة إنديانا جونز عالم الاقتصاد، فهو يذهب في جولات مكوكية بين صندوق النقد الدولي ودول العالم الثالث، فضلا عن الدول المتحولة حديثا من الاشتراكية إلى اقتصاد السوق، ليقنع الجميع بنظريته الاقتصادية التي تتضمن ضرورة إجراء إصلاحات السوق الحرة، وإلغاء الدعم الحكومي المصمم لحماية الفقراء، ورفع الضوابط المفروضة على الأسعار، وبيع كل الصناعات المملوكة للدول، مؤكدا أنه رغم التأثيرات قصيرة المدى العنيفة لهذه الخطة المتمثلة في ارتفاع الأسعار ومعدلات الفقر والبطالة، فإنها على المدى الطويل ستنتج دول متعافية واقتصاديات صحية.
خلال تلك الفترة، كان يُنظر إلى ساكس من بعض الخبراء في المؤسسات المالية الدولية باعتباره “راديكاليا مجنونا”، لأنه ينصح الدول الفقيرة بالتوقف عن سداد ديونها، في حين كان ينظر إليه اليساريون باعتباره “رجعيا مجنونا”، لأنه يريد تطبيق سياسات اقتصادية نيوليبرالية متطرفة يمكنها أن تهلك الفقراء في العالم الثالث.
لقد كانت لدى ساكس رحلة طويلة، بدأت من بوليفيا وانتقلت بعد ذلك إلى بولندا وروسيا وحتى أفريقيا جنوب الصحراء، حيث عمل مع حكومات تلك البلدان على وضع تصورات لتسيير الاقتصاد وُصفت عادة بأنها مثيرة للجدل.
وبحسب مجلة “ذا نيويوركر” الأميركية، ربما كانت تجربة ساكس في روسيا هي الأكثر إثارة للجدل، حيث تجاهل التحذيرات الاقتصادية العديدة التي أفادت بأن روسيا ليست مستعدة للتحول الفوري للرأسمالية، ومع ذلك فقد ضغط من أجل تحرير الأسعار بين عشية وضحاها، وخفض الإقراض الحكومي بشكل حاد، وخفض الإعانات المقدمة للمستهلكين والشركات في روسيا، فضلا عن تسريع الخصخصة وبيع الشركات المملوكة للدولة.
وقد أدى برنامج الإصلاح الذي ضغط ساكس من أجل تنفيذه إلى أن تشهد روسيا تضخما كبيرا وتدهورا بالغا في إنتاجها الصناعي، فضلا عن كل التأثيرات الاجتماعية الدرامية كالانخفاض في متوسط الأعمار، وارتفاع معدلات الجريمة والفقر، وانتشار الفساد على نحو قياسي من قِبَل رجال المال والأعمال، والتنظيمات العصابية التي استفادت للغاية من إجراءات صدمة الخصخصة.
لكن ساكس دافع عن سياساته التي دفع بها في روسيا ما بعد الحرب الباردة، ويعتقد أن ما أفشل خططه ليس أفكاره وقتها في حد ذاتها، وإنما سياسات الولايات المتحدة الأميركية التي رفضت أن تفعل مع روسيا بعد الحرب الباردة ما فعلته مع أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، إذ رفضت تطبيق خطة مارشال روسية، بالإضافة إلى الدور السلبي الذي لعبه صندوق النقد الدولي الذي فشل في تقديم الدعم الكافي للروبل، بحسب رأيه.
عموما، إن الإطار النظري الذي قدّمه ساكس للدول في تلك المرحلة وأقنع به الكثير من الزعماء في العالم الثالث هو نظرية العلاج بالصدمة، التي تعني ببساطة أن الاقتصادات في رحلة تحوُّلها من الاقتصاد المتدخل فيه بشدة من الحكومة إلى اقتصاد السوق الحر ستعاني من ألم شديد، وأفضل طريقة لفعل ذلك هو القيام بالإجراءات المؤلمة جميعا في أسرع وقت حتى لا يطول الألم، وهذه الإجراءات الصادمة التي ينبغي أن تحدث بأسرع وقت هي تحرير التجارة، ورفع الدعم، والخصخصة الشاملة، وإزالة ضوابط الأسعار، وغير ذلك من الإجراءات النيوليبرالية.
والواقع أن البلدان التي دفعها ساكس بهذا الاتجاه باقتراحاته فيها لم تشهد الكثير من النجاح بعد ذلك، فبوليفيا ربما كانت أنصع قصصه، حيث انخفض التضخم فيها بفضل نصائحه من 24000% إلى 15% خلال عام واحد، لكن ظلت معدلات الفقر مرتفعة للغاية، والتفاوت الطبقي في ازدياد. أما في بولندا فقد تسببت أفكاره في ازدياد معدلات الفقر والبطالة لدرجات قياسية، وصحيح أن اقتصادها تعافى في النهاية، لكن على حساب الكثير من المعاناة للفقراء، وروسيا كما سبق وذكرنا كانت هي القصة الأفشل تماما من بين قصص ساكس.
كان الفشل الذريع في روسيا وما تبعه من ازدياد مروّع في معدلات الفقر والجريمة فرصة لساكس ليراجع دفاعه الكبير عن السياسات النيوليبرالية والعلاج بالصدمة رغم تحميله ما حدث في روسيا لأطراف أخرى، ومع نهاية التسعينيات وبدايات القرن الجديد كان ساكس قد اختلف تماما على صعيد رؤيته المطروحة، فبدلا من دفاعه المستميت عن تحرير الأسعار والأسواق ووقف برامج الدعم، بات مفكرا تنمويا يهتم ويكرس وقته وبحثه لقضايا الفقر والتنمية، ويتصور في نموذجه التنموي دورا تلعبه الدولة في الاقتصاد، وليس فقط تسريع الخصخصة وإيقاف الدعم عن الفقراء كما كان يقول سابقا، وبدأ أيضا ينتقد برامج المؤسسات المالية الدولية التي تفرض إجراءات التقشف وخفض الإنفاق الحكومي على الدول الفقيرة.
لقد بدأ ساكس يهتم أكثر بالشرائح المتأثرة سلبا بالنظريات النيوليبرالية التي كان يتبنّاها سابقا، ولم يعد ينظر إلى الاقتصاد باعتباره أرقاما مجردة، فلم يعد هذا الشخص المهووس بخفض التضخم ولو على حساب فقد الملايين لوظائفهم وصحتهم وكرامتهم. وبحلول منتصف العقد الأول من القرن الحالي، بات ساكس واحدا من أهم المفكرين التنمويين في العالم، ويساعد الأمم المتحدة في وضع برامج وأهداف التنمية العالمية.
انحياز ساكس لفلسطين
جيفري ساكس، الذي وُلد لعائلة يهودية، قد طوّر آراءه فيما يخص الشأن الفلسطيني على مر السنين، ليصبح شديد الاقتراب من المَظْلَمة الفلسطينية ومدافعا عنها. بالنسبة لساكس، المشكلة بدأت منذ وعد بلفور وقرار التقسيم والاستيلاء على أراضي أصحاب الأرض “الفلسطينيين” عنوة، وبناء دولة عليها دون أن يسألهم أحد عن رأيهم، وبالنسبة له فإن دولة الاحتلال منذ ذلك الوقت تقف أمام أي حل سياسي حقيقي يمنح الفلسطينيين أبسط حقوقهم في إقامة دولة لهم.
كان جيفري ساكس ناقدا شديدا لدولة الاحتلال، وتحديدا رئيس وزرائها وتياره خلال فترة الحرب السابقة، ويرى ساكس أن الولايات المتحدة الأميركية بقيادة الرئيس جو بايدن قد تورطت في سياسة إبادية تدعم الحرب والسياسات المروّعة لدولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. بالنسبة لساكس فإن اللوبيات الإسرائيلية شديدة النجاح في الولايات المتحدة الأميركية، فهي تشتري -حسب رأيه- ولاء ومواقف أعضاء الكونغرس وسياسة الولايات المتحدة الخارجية بالتبعية بمبالغ زهيدة، وينعكس هذا بعد ذلك على دعم أميركي بتريليونات الدولارات لدولة الاحتلال.
بالنسبة لساكس أيضا فإن الأمر لن يتغير في عهد ترامب عن سياسة بايدن الداعمة لحرب الإبادة على الفلسطينيين، فهو يرى أن نتنياهو الذي دفع بالولايات المتحدة إلى الكثير من الصراعات في العقدين الماضيين ما زال قادرا على التأثير على السياسة الأميركية، ويبدو من وجهة نظر ساكس أن الرئيس الأميركي الجديد سيسير على الخط نفسه الموالي لنتنياهو وطموحاته، ووفقا لرأيه أيضا فإن ترامب حين لعب دورا في إيقاف الحرب علقت عليه الكثير من الآمال للدفع بالسلام، لكن مع خطته التي تفتقد إلى الواقعية والقانونية التي أعلنها حول غزة فإنه قد جنى كراهية العالم للولايات المتحدة الأميركية.
Source: Apps Support
الاحتلال يهدم منازل بمخيم نور شمس بطولكرم ويجبر الآلاف على النزوح
هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي عددا من المنازل وأجبرت الآلاف على النزوح من مخيمي نور شمس وطولكرم، في حين دعت حركة حماس إلى التدخل الدولي والفوري لوقف انتهاكات الاحتلال.
فقد دفع جيش الاحتلال، صباح السبت، بجرافات عسكرية جرفت طرقات وهدمت جدران 11 منزلا بحي المنشية في مخيم نور شمس شرقي مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية منذ 21 يوما.
وذكر رئيس اللجنة الشعبية في مخيم نور شمس، نهاد الشاويش، في اتصال هاتفي مع الأناضول، أن عدة جرافات عسكرية اقتحمت حي المنشية وشرعت في تجريف طرقاته، وبدأت في هدم 11 منزلا تمتد من ساحة المخيم مرورا بحي أبو بكر الصديق وحي الجامع وصولا إلى حي المنشية.
وأوضح الشاويش أن الاحتلال أجبر الساكنين في محيط مخيم نور شمس على إخلاء منازلهم، بحجة تنفيذ تفجيرات ضخمة.
ولفت إلى أنه من غير المعروف ما الذي يفعله جيش الاحتلال داخل المخيم أو ينوي فعله، لكن تُسمع بين الحين والآخر أصوات إطلاق نار وتفجيرات.
وأفادت اللجنة الإعلامية في مخيم طولكرم باستشهاد 13 شخصا، وإصابة عشرات آخرين، جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على المخيم، وتدمير المنازل والبنية التحتية.
وأضافت اللجنة أن 11 ألفا أجبروا على إخلاء منازلهم بمخيم طولكرم، وأن 5 آلاف آخرين أجبروا على إخلاء منازلهم بمخيم نور شمس؛ وأوضحت أن الاحتلال يدمر ويحرق المنازل في المخيمين، بهدف شق الطرق وتغيير معالمهما.
وتعليقا على عمليات الهدم والتهجير في مخيمات الضفة، حذرت حركة حماس من عواقب استمرار الصمت الدولي على “جرائم حكومة الاحتلال الفاشي بحق شعبنا” وعمليات النزوح القسري وهدم المنازل في مخيمات الضفة المحتلة.
ودعت الحركة الأمم المتحدة ومؤسساتها إلى تحرّك فوري وفاعل لوقف انتهاكات الاحتلال المروعة والمستمرة للقوانين الدولية.
وتؤكد حماس في بيان أن الإرهاب الممنهج الذي يمارسه الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين، ليس سوى محاولة يائسة وفاشلة، لن تفلح في كسر إرادة المقاومة لدى شعبنا، بل ستزيده تمسّكا بأرضه، وإصرارا على مواجهة الاحتلال وإفشال مخططاته كافة، وفق بيان الحركة.
وفي منطقة نابلس، أفادت مصادر للجزيرة بأن قوات الاحتلال اقتحمت بلدات بيتا وقصرة وتل وبيت دجن في المحافظة الواقعة شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وفي جنين دفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي بآليات عسكرية مدرعة باتجاه المدينة. وأفادت مصادر محلية، للجزيرة، بأن جرافات الاحتلال أغلقت المدخل الرئيسي لمخيم جنين بالسواتر الترابية، وانتشرت الآليات العسكرية في عدد من أحياء المدينة.
ومنذ 40 يوما يواصل الجيش الإسرائيلي عدوانه على شمال الضفة مستهدفا مدينة جنين ومخيمها، ومدينة طولكرم ومخيمها لليوم 34، بينما يواصل اقتحام مخيم نور شمس لليوم الـ21.
ويأتي توسيع العمليات العسكرية شمال الضفة الغربية بعد تصعيد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، منذ بدء الإبادة بقطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 927 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف شخص، واعتقال 14 ألفا و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
Source: Apps Support